الذكرى الثانية لرحيل والدي أبو جمال حمد – نضال حمد
الذكرى الثانية لرحيل والدي أبو جمال حمد رحمه الله
في مثل هذا اليوم قبل سنتين وفي مثل هذه الساعة علمت بوفاة والدي المرحوم أبو جمال حمد – محمد أحمد حمد – في مخيم عين الحلوة. ولم أستطع السفر في نفس اليوم للمشاركة في جنازته. لكنني وصلت المخيم في اليوم التالي. لأبيت للمرة الأولى في حياتي في منزلنا دون أن يكون الوالد حاضرا في الغرفة المجاورة.
رحل الوالد بعد رحلة حياة حافلة بالمشقة والكد لأجل مستقبل أفضل لأطفاله. لطالما كنت فخورا به وبعصاميته وشهامته وجرأته وحرصه على قول الحق وإعلاء صوته.
كان من الذين يتحدثون مباشرة ولا يحب أسلوب المراوغة. ربما صفاته تلك خلقت له بعض المتاعب مع من لا يحبون الحقيقة والحق. فهذه الصفة التي أورثنا إياها نحن أبنائه هي برأيي من أجمل الصفات ولكنها أيضا من أصعبها، ومن يدري ربما تكون حسنة من حسنات الانسان في حياته وربما أيضاً بعد مماته.
أذكر والدي رجلاً مسالماً وطيباً و محباً ومقدراً وكان يحترم الآخرين لكنه كان أيضا من نوع الرجال الذين لا يقبلون الضيم والضعف والاستغلال. كان صاحب مبدأ وكلمة وموقف. وكان له حضوره القوي وسط العائلة. فهو شخص لم يعرف المهادنة والمراوغة. ومع أطفاله كان شديدا لكنه بنفس الوقت كان حنونا جداً. لم أشاهد والدي باكياً في حياته ولو مرة واحدة طوال سنوات عمري. لكن بعد اصابتي في حصار بيروت 1982 في يوم الأيام خبرتني المرحومة عمتي علياء أحمد حمد – أم أحمد خليل – أنني كنت سبباً في بكاء والدي واعترفت أنها أول مرة في حياتها ترى والدي باكياً.
أما أنا فقد ورثني أبو جمال هذه الصفة لكنها مع الأيام أخذت تزول بعد عدة صدمات على إثر رحيل وموت أو استشهاد بعض الأصدقاء والمقربين. ثم زالت تماما يوم وفاة والدي، فعندما اتصلت بي شقيقتي أم ابراهيم – جمانة محمد حمد – في مثل هذه الساعة من يوم 14-12-2018 لتبلغني خبر وفاة الوالد، لا أعرف كيف انهمرت الدموع من عيني خلال حديثنا وبقيت حزينا وأذرف الدمع طوال ذلك اليوم. وكنت أكتب رسالة وداعه ورثاؤه والدموع تواصل انهمارها من عيني. جعلت رسالتي تلك افتتاحية واهداء له في كتابي الأخير (سأصبح نجماً) الذي أهديته له، وكان صدر في دمشق بطبعتين عام 2019.
كنت ولداً مشاكساً جداً وأتعبت قلب والدي كثيراً في حياته وكنت سبباً في عدد من المواقف التي ربما آلمته بسبب مراهقتي ومغامراتي الصبيانية. ربما كان يريدني على غير ما أنا عليه الآن، لم أسمع منه شخصياً في يوم من الأيام أنه كان سعيداً بما وصلت اليه أنا أو أخي جمال. هذا أمامنا أما أمام الآخرين فقد كان فخوراً جداً بنا. تماما كما نحن كنا فخورين به وطناً ومنفى وصفصافاً ومخيماً.
نم قرير العين يا أبا جمال وسلم على كل أهل الصفصاف في العالم الآخر. فنحن على العهد والوعد.
نضال حمد في 14-12-2020