الشهيد عبد حمد رمز مخيم عين الحلوة – نضال حمد
الشهيد عبد حمد
رفيق الطفولة والمخيم والمدرسة والحارة والجبهة والنضال
كي لا ننسى الشهداء وتضحياتهم في زمن الخيانة والسقوط.
كُنا في طفولتنا نلتقي يومياً بحكم القرابة والصداقة والحارة والمدرسة والمخيم.
كان عبد محمد حمد هادئاً، خلوقاً، وسيماً، محباً، صادقاً، صامتاً، قليل الكلام. جمعتنا المدرسة والحارة والمخيم ثم التجربة الفدائية الفلسطينية، منذ بداية نشأتنا وتشكل وعيّنا كفتيّة في أزقة وزواريب مخيم عين الحلوة. ثم أصبحنا فدائيين مع رفاقنا وأصحابنا الآخرين من الحارة والمخيم والمدرسة والعائلة والبلدة.
كان عبد شديد الاهتمام بالمعرفة والقراءة والمطالعة، اهتم بتثقيف نفسه بنفسه، قرأ الكثير من الكتب والاصدارات والسير الذاتية والتجارب الثورية الفلسطينية والعربية والعالمية. برز كمناضل شاب مثقف يملك الوعي والمعلومة. ثم تدرج في المهام التنظيمية داخل صفوف تنظيم جبهة التحرير الفلسطينية في منطقة صيدا وفي مخيم عين الحلوة بالذات.
قبل ذلك وفي بداية التكوين والنشأة خضنا معاً تجربة أولى في مخيم البص قرب صور وفي مواقع متقدمة بالجنوب اللبناني على حدود الشريط الجنوبي المحتل منذ سنة 1978. حيث كنا مجموعة من فتية مخيم عين الحلوة منها رفاق وأصدقاء طفولة سقطوا فيما بعد شهداء مثل عبد حمد نفسه، عبد الرحمن حمد وعامر خليل. بالاضافة لآخرين لازالوا أحياء ويتذكرون تلك المرحلة الأولى من العمر… وكنا التقطنا مجموعة من الصور في آثار مدينة صور قرب مخيم البص. أذكر أن ناشطة ومتضامنة ألمانية كانت تعمل في مستوصف الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين أخذت نسخاً عن تلك الصور، لا أعرف ماذا حلّ بالألمانية لكنني لازلت أتحسر على فقدان تلك الصور التي كانت لدي ولدى الأصدقاء، حيث احترقت في مخيم عين الحلوة اثناء الغزو الصهيوني للبنان سنة 1982. فهي صوري الوحيدة مع الشهيد عبد حمد.
كان عبد حمد يعرف تاريخ فلسطين وتاريخ بلدته الصفصاف والمجزرة التي ارتكبها الصهاينة هناك في ال 28 والعشرين من تشرين الأول سنة 1948. حيث كان من شهداء المجزرة بعض أقرباؤه – أقربائي- ومنهم جده والد أمه، الذي قام الصهاينة باعدامه وهو جريح على مرأى ابنته (زهيا قاسم حمد – أو غازي حمد – ) التي كان عمرها في ذلك الوقت ثمانية أعوام. بقيت تلك القصة عالقة في ذهنه ومحفزاً له على المضي في طريق النضال والتضحية لأجل العودة والتحرير.
يوم اجتاح الجيش الصهيوني الغازي لبنان في الرابع من حزيران – يونيو ١٩٨٢ ووصلت قواته ودباباته الى مخيم عين الحلوة، ثم حاصرت بيروت العاصمة، كان عبد حمد من أوائل الفدائيين الذين تصدوا للدبابات الصهيونية واستطاع اصابة بعضها. حيث سجل التاريخ أن الشهيد عبد حمد كان أول من دمر دبابة صهيونية في مخيم عين الحلوة، ثم استشهد في تلك المواجهة استشهاداً مشرفاً وبطولياً يذكره ويتذكره كل أهالي المخيم في عين الحلوة.
خلال حصارنا في بيروت حضرت العمة أم غازي حمد برفقة والدتي الى بيروت المحاصرة، وفي غرفة بمكتب في بيروت المحاصرة التقيت بهما. عندما علم الرفيق الأمين العام للجبهة الشهيد طلعت يعقوب بوجودهما هناك، جاء اليهما وسلم عليهما وتحدث معهما وقدم التعازي لأم غازي باستشهاد نجلها، قريبي ورفيقنا عبد حمد. كان أبي يعقوب متأثرا كثيراً باستشهاد عبد كما كان فخورا جداً به وبالملحمة البطولية التي سطرها مع رفاقه. ومنهم الشهيد حاتم حجير والشهيدان فيما بعد فهد البني –شربل- وغسان كايد وآخرين. ولازال عبد حمد بدون قبر خاص به لأنه تم دفنه اثناء الغزو في القبر الجامعي لشهداء المخيم ومدينة صيدا في ساحة الراهبات سابقاً وشاحة الشهداء فيما بعد. اعتدت على زيارة القبر الجماعي والقاء التحية على عبد والشهداء في كل زيارة لي الى المدينة.
كما أذكر أن القائد المبدئي والفدائي الشهيد فيما بعد طلعت يعقوب حرص عندما زار مخيم عين الحلوة لأول مرة منذ الرحيل عن بيروت سنة ١٩٨٢ وكان ذلك في النصف الثاني من سنوات الثمانينات من القرن الفائت، حرص على زيارة منزل الشهيد عبد حمد والالتقاء بعائلته، حيث التقى بوالده العم المرحوم أبو غازي حمد وبوالدته العمة المرحومة أم غازي وبشقيقه الشهيد طارق حمد.
نتذكر الشهداء ونتحدث عنهم وعن مآثرهم وسيرتهم لكي تبقى نبراساً لنا وللأجيال القادمة على طريق العودة والتحرير الى فلسطين الكاملة.
المجد للشهداء وعلينا الوفاء
في الصورة الشهيدان الشقيقان عبد وطارق حمد.
نضال حمد في ١٧-١-٢٠٢١