المرحوم سعيد شريدي – سعيد المارونية – نضال حمد
المرحوم سعيد شريدي – سعيد المارونية – بقلم نضال حمد
لماذا كانوا يلقبونه بسعيد “المارونية”.
ماذا تعني “المارونية” لازلت لغاية اليوم لا أعرف ولا أعرف أيضاً سبب اللقب. فقد جرت العادة وربما لازالت بين أهالي الصفصاف اطلاق الألقاب على الناس …
كل ما أذكره أنهم كانوا يستخدمون اللقب أكثر من اسم العائلة. وهكذا هي الحياة الصفصافية يحيا ويموت الانسان بلقبٍ لم يختره لنفسه بل اختاره له الآخرين. مثلاً أطلق على عائلتي لقب “النعيم” ولازال اللقب مستخدماً منذ ما قبل نكبة شعبنا واحتلال الصفصاف وكل فلسطين.
ما هو سبب اللقب هذا لا أعرف ربما هناك بينكم وبينكن من يعرف أو تعرف سبب ذلك. ومن المؤسف فعلاً أنه غاب عن بالي سؤال والدي أو كبار العائلة عن سبب اللقب الذي يخصنا وعن أسباب الألقاب في فلسطين بشكل عام وعند أهل الصفصاف بشكل خاص.
أتذكر المرحوم سعيد من أيام الطفولة شاباً قوياً، شجاعا، ضاحكاً، محبوباً من أهل بلدته الصفصاف.
كان يقضي الكثير من وقته في أيام الشباب والفتوة في مقهى أو محل والدي ” أبو جمال حمد” على الشارع الفوقاني قرب عيادة الوكالة حالياً. كان يقع المحل بالقرب من محل ابو ناجي (فوزي سعد) وقرب عيادة الوكالة وغير بعيد عنه محل الخياط القاضي من طيطبة وصالون الحلاقة لصاحبه أحمد موسى وهو أيضا من بلدة طيطبة ودار الحاجة سكرة ونجلها العزيز مصطفى “هربجت” في حيّ عكبرة. وبعد المحل بمسافة قصيرة كان موقع الصاعقة والسور، وصولاً الى حي البركسات، ومقابل السور كانت مدارس الانروا قبية والفالوجة ومدرسة البنات مرج ابن عامر أيضاً، ثم عيادة “ال ج ب ه ة ال ش ع ب ي ة” حيث كان يصول ويجول الراحل أسعد الضرير، أحد أعلام مخيمنا. وكانت حدود المدرسة عند حي العتيق أو كم الطوارئ، واذكر أنه عند أول الحي كان هناك مقر للهلال الأحمر الفلسطيني، فيما لازال في ذاكرتي جميل بائع الكتب والمجلات وعربته الشهيرة في ذلك الحي.
في مقابل المحل كما يعرف بعضكم أو غالبيتكم كان هناك بستان “اليهودي”، الذي أصبح بعد مجيء الثورة الفلسطينية قاعدة لحركة فتح. أذكر ذلك البستان جيداً لأنه لغاية سنة ١٩٨٢ كان بستان الطفولة، حيث كنت مع أقراني وأصدقائي من الأطفال والفتية نقوم بجولات وصولات فيه تحت أشجار البرتقال والحمضيات. وكنا بالطبع نلتهم ما تيسر من الفاكهة هناك. أما الآن فالبستان لا وجود له إلا في ذاكرتنا ومع ذكرياتنا، حيث أصبح حياً سكنياً عامراً.
كان سعيد شريدي صديقاً حميماً لابن عمتي الشهيد علي سليم أيوب الذي استشهد مع الصفصافي محمد على اليوسف – أبو عامر – في مستعمرة المنارة بعملية فدائية سنة ١٩٧٣ . كانا دائمي الحضور في دكان والدي أو مقهاه إن صح التعبير، ففي المحل كان يملك والدي ألعابا للتسلية مثل البلياردو والفليبرز وغيرها. لقد حضرت وشاهدت في طفولتي “طوشات” يعني اشكالات عديدة بين الشباب الذين كانوا يلتقون ويلعبون البلياردو والفليبرز هناك. من بينها طوشة بين الصديقين الحميمين سعيد وعلي رحمهما الله. تعاركا ولاحقا بعضهما على طول الشارع ثم عادا معاً يداً بيد وكأن شيئاً لم يكن.
سنة ١٩٩٠ قمت بزيارة الى ليبيا حيث التقيت هناك بالمرحوم ابراهيم خليل – أبو فادي – وهو ابن عمتي رحمهما الله. في ذلك الوقت علم سعيد بأنني موجود في طرابلس الغرب فدعاني مع أبي فادي على الغذاء. كان كريماً وصادقاً ومحباً لابناء بلدته. وقال لي أنت من ريحة عمي أبو جمال ومحله ومن ريحة مخيمنا عين الحلوة. اثناء اللقاء ظهرت روح سعيد المرحة، صاحب النكتة التي لم تفارقه، قال لنا أنه في سنوات سابقة كان في طرابلس الغرب يملك سيارة قديمة يستخدمها في تحركاته وصادف مرة أن أوقفه شرطي سير ليبي، وسأله هل زامور السيارة يعمل (يزمر) فكان رد سعيد فكاهياً ” كل شيء بالسيارة يزمر إلا الزامور” فضحك الشرطي وقال له اذهب مع السلامة. وضحكنا نحن أيضاً. كان ذلك اللقاء آخر لقاء جمعني مع سعيد شريدي الذي توفي فيما بعد.
رحمه الله
نضال حمد