المناضل القدوة منير منصور فلسطيني، مجدكرومي وصفصافي
من هو منير منصور؟ – بقلم: نضال حمد
ولد و ترعرع في بلدة مجد الكروم في الجليل الفلسطيني، فهذه البلدة لا تبعد كثيراً عن مدينة عكا الحاملة لعبق التاريخ الفلسطيني الضارب عميقاً في بحر فلسطين. والدته واحدة من أربع نساء فلسطينيات من بلدة الصفصاف، بقين في فلسطين بعد احتلالها، إذ أنهن كن قد تزوجن من رجال من خارج البلدة. وحين تمت عملية تطهير فلسطين أرض الشعب الفلسطيني من سكانها، على يد العصابات الصهيونية تحت شعار أرض بلا شعب لشعب بلا أرض، كانت الصفصافية فاطمة علي حمد – أم علي – والدة منير في مجد الكروم، إذ لم يمض على زواجها إلا ست سنوات. بقيت في مجد الكروم أما صديقاتها الثلاث فتوزعن على بلدات دير حنا والرينة و الجش.
الحاجة المرحومة فاطمة علي حمد والدة منير منصور
في مجد الكروم ولد المناضل منير منصور الذي لا يعرف التعب، الأسير المحرر، الجليلي الأصيل. فعاش طفولته في ظل حراب الغرباء، الذين سطوا على الديار وشردوا وشتتوا العباد. شَب منير وشبت معه فكرة الثورة، فأختار دربها طريقاً لتنظيف فلسطين من الرجس الذي نجسها. وتابع هذا الطريق صلباً لا يستكين ولا يلين، الى أن وقع أسيراً بيد المحتلين سنة 1972 وذلك اثناء قيامه بمهمة وطنية نضالية. بقي في غياهب السجون الصهيونية لمدة 13 عاماً، أي الى أن حررته المقاومة الفلسطينية في تبادل سنة 1985، الذي أجرته الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين القيادة العامة. لكنهم عادوا بعد خمس سنوات وأعتقلوه من جديد ليمكث في السجن 6 سنوات إضافية، خرج منها سنة 1996 .
بعد نيله الحرية وعودته الى مجد الكروم حيث والده ووالدته وكل عائلته وأهل بلدته وحيث كانت طفولته… وحيث تعلم خلال سنوات شبابه في فيء التين والزيتون وظلال الأشجار الضاربة الجذور في تربة فلسطين، أحب هذه الأرض الت يتلد زعتراً وميريمية ومناضلات ومناضلين، وأفتداها بالدم والروح والمصير، بسنوات شبابه خلف القضبان في السجون..
في بلدة مجد الكروم بدأ منير منصور معاناة من نوع جديد تختلف عن معاناة السجون، إذ حاولوا خنقه عبر الحد من حريته وحصاره، ففرضوا عليه الاقامة الاجبارية في المنزل عدة مرات .. بالرغم من كل تلك الظروف الصعبة والمعقدة إلا أن هذا المناضل صاحب التجربة الطويلة والمريرة في العمل النضالي من خلال 19 سنة قضاها في الأسر.. برهن عن تربيته الثورية، الوطنية والقومية، حين اختار متابعة عملية النضال لأجل فلسطين من خلال قيادته لجمعية أنصار السجين التي تعمل لخدمة الأسرى بدون تفرقة بينهم وبدون تبعية لأي فصيل أو اتجاه سياسي..
في عهد الأسير المحرر منير منصور انطلقت الجمعية واتسعت دوائر عملها ففتحت لها فروعاً ومراكز في الجليل ورام الله. جدير بالذكر أن جمعية أنصار السجين تأسست سنة 1980، من قبل بعض المحامين والأسرى المحررين داخل فلسطين التاريخية المحتلة سنة 1948. تم ذلك في ظل تراجع وغياب كل الجهات والمؤسسات، حيث لم يكن بالامكان معرفة أية مؤسسة تعنى في شؤون الاسرى. لذا جاءت الجمعية تلبية لحاجة تمثلت بايجاد اطار ما يعنى بشؤون الأسرى في سجون الاحتلال. مقرها الأول مدينة الناصرة، واللافت أن رئيسها كان السيد محمد ميعاري. كما وتتألف جمعية انصار السجين من 180 عضوا وهيئة ادارية مكونة من 7 أعضاء، رئيس الجمعية، سكرتير تنسيق، تختاره الجمعية بناءً على توصيات المؤتمر العام.
يقول منير “أبو علي منصور” أن سبب تأسيس الجمعية في الثمانينات من القرن المنصرم هو ازدياد حملات الاعتقال بين صفوف الفلسطينيين هناك، حيث أصبحت أيضاً توجد اعتقالات جماعية، وهذه الجمعية أخذت على عاتقها رفع راية الأسرى والنضال لأجل خدمتهم وتحسين ظروف اعتقالهم وحياتهم.. وفي المقام الأول لأجل حريتهم. كما أنها تتكفل برعاية أسرى الفقراء منهم ودفع تكاليف مكاتب المحاماة والدراسة للذين لا يمكنهم ذلك. وتتبنى الجمعية مئات الأسرى، بالذات أسرى الداخل 48 والأسرى العرب والأطفال والنساء. تعرضت الجمعية لحصار شديد وتضييق مستمر من قبل سلطات الاحتلال. بهدف منع المتبرعين من تقديم العون والمساعدات والتبرعات للجمعية. وكذلك لتعطيل عملها والحد من حرية القائمين عليها.
إحدى الاعلاميات أجرت مقابلة مع منير منصور جاء فيها : ” زرته في مكتب الجمعية في قرية مجد الكروم الجليلية / القريبة من عكا، بداية وعلى مدخل الجمعية، اعتقدت أنني وصلت العنوان الخطأ فقد كانت في المدخل عشرات البطانيات، أجهزة التدفئة، بكميات هائلة، ثلاجات كبيرة ملأى بالتمر … التفت هنا وهناك، حتى رأيته عابراً فنظر إلي وابتسم، وقد أيقن انبهاري.. وقال: أنت في العنوان الصحيح هذه حاجيات مرسلة للأسرى… تجولت قليلاً في غرف الجمعية، فكانت متحفاً فلسطينياً مميزاً، عشرات التحف الفنية، والاشغال اليدوية الفلسطينية، عشرات رسائل الشكر من أسرى، عشرات الهدايا والرسومات واللوحات الفنية من الأسرى، وكميات ضحمة من الملصقات و(بوسترس) التي تمجد بالأسرى وبطولاتهم .
منير منصور في لقاء مع أحد الاعلاميين لخص باختصار شديد تجربة السجن والتحرر بقوله لأحد الاعلامين: ” الأسير يحمل صورة المجتمع الأخيرة، صورة بلدته الأخيرة… وتتجمد معه في السجن ونحن نخرج من السجن، لكن السجن لا يخرج منا “.
تحدث أيضاً عن اعتقاله للمرة الأولى سنة 1972 نتيجة انتماؤه لحركة فتح، وكان عمره 16 سنة، حيث أصيب في احدى الاشتباكات وحكم عليه مدى الحياة قضى منها 13 عاماً في السجن. لكنه تحرر في تبادل 1985 . ثم ما لبث الاحتلال أن أعاد اعتقاله بتهم جديدة سنة 1990. وحكم عليه 6 سنوات منها 4 سنوات إدارية الى أن أطلق سراحه سنة 1996 .
في السجن صقل أبو علي أفكاره وتثقف وتعلم وتعرف على الحياة من جديد. تبلورت أفكاره بفضل مساعدة رفاق الأسر والمعتقل. ولم تمض سنوات العذاب والشقاء دونما قفزة نوعية في حياته، إذ درس خلال فترة أسره الانجليزية والفرنسية. كما أنه اختير سنة 1983 كأصغر موجه عام لحركة فتح في سجن الرملة.
يحرص أبو علي منصور على التكرار دائماً أن أهل الداخل الفلسطيني في مناطق ال48 هم جزء لا يتجزأ من الشعب الفلسطيني والأمة العربية.. وأن لهم ما لها وعليهم ما عليها.. وأنهم يساهمون في معارك الشعب الفلسطيني كالآخرين تماماً، ويرفضون أي تمييز حتى شكلياً وهم كسائر الفلسطينيين يسعون لتحقيق كافة تطلعاتهم بالحرية والانعتاق والاستقلال ويرفضون مشاريع الأسرلة. سائرين على نفس النهج، مدافعين عن هويتهم الفلسطينية وأرض الآباء والأجداد، ثابتين في أرضهم.
الآن يعمل أبو علي في اطار قيادة حركة كفاح التي أسسها مع أسرى محررين سابقين من فلسطين ال 48. كما ويمارس كالعادة دوره الوطني والتعبوي والجماهيري بكل شجاعة وتفاني.
في الختام أذكر هذه القصة التي كانت حصلت معه سنة 2010:
10/11/2009كنت كتبت عن ذلك في
الذي جعلني أعجل في كتابة مقالتي هذه هي الحادثة المفتعلة التي تعرض لها المناضل الوطني الشجاع، الذي لا يعرف الكلل والملل والتعب والوهن، الأسير المحرر منير منصور، رئيس جميعة أنصار السجين و مقرها بلدة مجد الكروم في الجليل الفلسطيني الأشم. إذ قالت وكالات الأنباء أن سلطات الاحتلال الصهيوني في مطار بن غريون بتل الربيع – الواقع قرب مدينة يافا عروس الساحل الفلسطيني. قامت يوم الأحد الفائت الموافق الثامن من الشهر الجاري بتوقيف منصور في المطار حيث كان ينوي السفر مع عائلته وبعض المعارف الى تركيا. أخبره أمن المطار بأن هناك أمراً من وزير الداخلية يمنعه من السفر، علما أن منصور أوضح للجميع أن أمر المنع انتهى من تاريخ 01/08/2009 . ليتضح فيما بعد أن الفذلكات الأمنية لمغتصبي أرض الشعب الفلسطيني اخترعت له أمراً غريباً ألا وهو أن هناك قرارا شفويا من وزير الداخلية يمنعه من مغادرة البلاد.
حقيقة أن المناضل أبو علي منصور معتاد على مثل هذه العرقلات لكن الأمر الأهم في هذه القضية أن الأمن الصهيوني أنزل حقائب العائلة من الطائرة، وأحتجزه وأعاده من حيث جاء، فيما لم يبلغ زوجته بذلك، ليتركها تطير لوحدها الى تركيا. فسافرت هي بلا حقائبها بينما بقي هو على أرض المطار بدون أية نقود، فمحفظته وأمواله كلها كانت مع زوجته. هذه المعاملة تحدث في الكيان الخارج عن قوانين الدنيا كلها، فهم لا يحترمون حقوق الانسان ويخرقونها كل يوم.. ولا يهمهم لا أمم متحدة ولا مجلس حقوق انسان ولا مجلس أمن دولي ماداموا وأمريكا في نفس القطار، قطار القمع والارهاب.
اعادة تحديث وتعديل يوم 28-1-2021
* نضال حمد – مدير موقع الصفصاف