في ذكرى رحيل رفيقنا الأمين طلعت يعقوب – نضال حمد
١٧ – ١١ – ١٩٨٨
في ذكرى رحيل رفيقنا الأمين طلعت يعقوب
السابع عشر من تشرين الثاني – نوفمبر 1988 يوم استشهاد القائد الفلسطيني الصلب طلعت يعقوب – نافذ يعقوب – أبو طارق- الأمين العام ل “ج ب ه ة ا ل ت ح ر ي ر ا ل ف ل س ط ي ن ي ة”.. على إثر نوبة قلبية لم يعرف سببها لغاية اليوم في الجزائر العاصمة، عقب انتهاء أعمال المجلس الوطني الفلسطيني الذي عقد هناك.
وهب حياته منذ الطفولة وحتى الممات للقضية الفلسطينية وكان من طلائع الثوريين والفدائيين الفلسطينيين الذي فجروا العمل الفدائي الفلسطيني بداية الستينيات من القرن الفائت. كما كان من أصغر القادة الفلسطينيين سناً.
مناضل صامت ومقاتل خلوق، انسان هادئ، عرفناه رجلاً يوم عز الرجال. عاش في مخيمات شعبه في الضفة الغربية والأردن ولبنان وسوريا، كان منزله المستأجر والذي بالكاد كان يجد ثمن تسديد فاتورة ايجاره الشهرية يقع في أحد أفقر أحياء مخيم اليرموك. ويوم صادرت أجهزة الأمن سيارته لم يستسلم للضغوط والابتزاز، كي يغير ويبدل موقفه السياسي، ويوم تآمر عليه بعض الفاشلين والمتساقطين بإسم القرار الفلسطيني المستقل، برزت استقلاليته من قلب مخيم الشهداء مخيم اليرموك ومن قلب دمشق. رفض أن يكون تابعا لسياسات الدولة المستضيفة ورفض أيضا أن يكون تابعا أو دمية لدى القيادة المتنفذة في المنظمة التي كانت على خلاف تام مع كثيرين في الساحتين العربية والفلسطينية. فكان العقاب بأن عملوا جميعهم على شق الجبهة بواسطة ضعفاء نفوس وباحثين عن وهم الشهرة والمناصب. لكنه صمد ومعه رفاقه الأوفياء المجربين الصلبين وحافظوا على موقفهم السياسي وأنتماؤهم العربي الفلسطيني وبعدهم الأممي.
عاش طلعت يعقوب متقشفا وزاهدا في حياته لا يعرف التبذير ولا يؤمن بالمبذرين. لم يبحث في حياته عن ثروة كان كل همه ثورة تعيد الأرض وتحرر الانسان وتبني الأوطان. عاش ورحل نظيفا، شريفا، منتميا لكل فلسطين، ثائرا، فدائيا ومناضلا مبدئيا، صاحب قيّم وثقافة ملتزمة لا تهادن ولا تلين. مخلصاً لرفاقه الجرحى والأسرى والشهداء. حافظاً للعهد وصائناً للأمانة الثقيلة.
بقي حتى آخر أيام حياته ملتزما بالثوابت الفلسطينية وبالمبادئ والأسس التي انطلقت على أساسها الحركة الفدائية التحررية الفلسطينية. سجل موقفه العلني قبل وفاته بقليل رافضا التنازلات والانحراف والانجرار وراء الوهم والوعود الأمريكية.
رحل عن عالمنا ولم يكن يملك مالا ولا أملاك ولا سيارة ولا بيت، يوم وفاته وجدت عائلته نفسها بدون ميراث مادي، لكنها ورثت إرثاً عظيماً، سمعة ومواقف وقيّم واحترام ومكانة طلعت يعقوب بين شعبه ومناضلي أمته العربية…
نعاه رفيق دربه وقائد الثوريين واليساريين الفلسطينيين الحكيم “ج و ر ج ح ب ش” بالدموع وبكلمات العهد والوفاء، كما نعاه كل المؤمنين بعروبة فلسطين وبثورة شعبها.
كان طلعت يعقوب قائداً شعبيا، فدائياً، لذا أحبه وجله وأحترمه وقدره رفاقه الأوفياء. عاش حياته كفدائي مناضل، إبن قواعد ومعسكرات ومخيمات بين أهله ورفاقه، مثلهم تماما، جاع وعانى وكافح وتحمل الخيانات والردات والانشقاقات والمؤامرات وانحراف وسقوط بعض من تسلقوا على أضرحة شهداء الجبهة والثورة.
عرفته عن قرب في لبنان وعشت وناضلت معه خلال سنوات من الكفاح والصبر والصمود والتضحيات. سوف يبقى طلعت يعقوب حاضرا معنا وسنعيد رفاته من مقبرة مخيم اليرموك التي نبش قبور شهداءها دواعش الزمن الحديث. ومنهم قبر الشهيد أبو يعقوب. سنعيده الى العباسية مسقط رأسه في فلسطين الكاملة.
نحن رفاقك يا أبا يعقوب على العهد والوعد.
المجد والخلود لرفيقنا أبو يعقوب وعلينا الوفاء.
نضال حمد في 16-11-2020