من ذاكرة الطفولة والمخيم، الشهيد علي الحوراني – نضال حمد
كان الفدائي بالنسبة لجيلي من الأطفال الفلسطينيين كائناً مقدساً، مختلفاً، مميزاً وفريداً.. كان الممثل الشرعي والوحيد ولازال، لسان حاله رشاشه وصوته صوت الشعب وصرخته صرخة الأمة وحكايته حكايتنا كلنا ودربه دربنا جميعا و شعلته هي التي انارت لنا الدرب وحددت لنا الأهداف. كان للفدائي معسكرين يعرفهما خير المعرفة، معسكر الأعداء ومعسكر الأصدقاء والحلفاء. لم يكن الفدائيون في ذلك الزمن الشفاف والجميل يؤمنون بالتكتيك والبرامج المرحلية فيما يتعلق بالكفاح. فقد كان برنامجهم تحرير فلسطين واستراتيجتهم تثوير الجماهير حتى العودة والتحرير. أما الآن يا عمنا علي الحوراني، أيها الفدائي الأصيل لقد غدونا في زمن آخر لا استراتيجية فيه ولا تحديد لمعسكر الأعداء. وحتى معسكر الحلفاء والأصدقاء بالرغم من محدوديته، هناك من يريد تدميره وتخريبه.
كان الفدائي في الزمن الأول عنواناً للمخيم وللثورة وللنضال وللانتفاض ضد الظلم والعنصرية والقمع والاحتلال والعدوان، وكان المثال الذي يحتذى به لكل أطفال المخيم. فكنا كأطفال في ذلك الوقت نتمنى أن نكبر بسرعة لكي نصبح فدائيين، تماماً مثل الكبار الذين كنا نعتبرهم مرآتنا وقدوتنا على طريق العودة الى فلسطين والنصر والتحرير… كذلك على درب الانعتاق من ظلم ذوي القربى الذين كانوا بدورهم يرهقون شعبنا وسكان مخيماتنا، ويلاحقون الفدائيين ويعتقلون من كل يتنفس حرية ويتنفس هواء نقي فلسطيني ويزجون بهم في السجون وأقبية التحقيق.
الشهيد الفدائي على الحوراني من بلدة الصفصاف، ولد فيها سنة 1936 أي قبل النكبة، مما يعني أنه خرج مع عائلته لاجئاً الى لبنان كما كل من بقي حياً من أهالي الصفصاف يوم سقوطها وتعرضها لمجزرة مروعة على أيدي العصابات اليهودية الصهيونية في الثامن والعشرين من شهر تشرين الأول من سنة 1948.
في بدايات العمل الفدائي الفلسطيني في مصر والأردن وسوريا ولبنان والضفة والقطاع قبل احتلاهما صيف سنة 1967، التحق علي الحوراني بالمجموعات الفدائية الأولى، التي أسست للعمل الفدائي المقاوم. وكان من أوائل الفدائيين الذي نقلوا وأوصلوا السلاح الى المخيمات الفسلطينية في لبنان، التي كانت تتوق للانعتاق ولأخذ دورها في مسيرة التحرير والعودة والكفاح المسلح. تابع نضاله فدائيا في المواقع المتقدمة على جبهات القتال فخاض معارك أيلول الأسود في الأردن. ثم تابع نضاله في جبهات القتال في الجنوب اللبناني مع بداية العمل الفدائي الفلسطيني هناك. وبقي كذلك الى أن استشهد في غارة صهيونية على موقع للفدائيين الفلسطينيين في النبطية في الجنوب اللبناني سنة 1972.
المجد والخلود لشهيد الصفصاف ومخيم عين الحلوة وشهيد فلسطين كل فلسطين من الناقورة حتى أم الرشراش… وعلينا الوفاء للشهداء عبر مواصلة الصبر والصمود والثبات على الموقف الوطني وعلى ادانة ومواجهة ورفض الاستسلام والهزيمة والتطبيع والخيانة.
في العاشر من كانون الثاني 2021
نضال حمد مدير موقع الصفصاف
الشهيد علي الحوراني – من ذاكرة الطفولة والمخيم … نضال حمد