ياسين معتوق عضو القيادة المركزية ل “ج ت ف”: الانتفاضة الفلسطينية خيار وطني
معتوق: الانتفاضة الفلسطينية خيار وطني
ضمن سلسلة من اللقاءات التي جمعتنا مع قادة وكتاب فلسطينيين وعرب، التقينا في تونس مع الرفيق والصديق ياسين معتوق، الكاتب والمحلل السياسي الفلسطيني، عضو المكتب السياسي لجبهة التحرير الفلسطينية. وقد تحدثنا عن فلسطين وانتفاضتها وعن العراق ومقاومته المتصاعدة، لقد قدم ابو ابراهيم في هذا الحوار موقفه كفلسطيني ناضل طوال سنين عمره من أجل تحرير فلسطين، فقال عن السياسة الجارية في بلادنا كلمة حق كان يجب ان تقال، وعرف ما نتج عن سلام أوسلو تعريفا صحيحا، وطالب بأن يكون الحوار الوطني شاملا وكاملا، وأكد على ضرورة استمرار الانتفاضة الفلسطينية كخيار وطني لا بديل عنه في ظل حالة الاحتلال التي يتعرض لها شعب فلسطين، كما تطرق الحوار لما يدور في العراق المحتل. حاولنا أن ندخل مع الرفيق ياسين عوالم العرب من بواباته المشتعلة ودخلنا فعلا إلى هذا الوطن الكبير من تلك البوابات الكبيرة، بوابة الانتفاضة والمقاومة والحرية في كل من فلسطين والعراق. وفيما يلي نص الحوار:
* ما الذي تريده الانتفاضة؟
كما هو معلوم و معروف الانتفاضة هي شكل من أشكال النضال الوطني الفلسطيني، هذا الشكل فيه مشاركة جماهيرية أوسع بعد الانتكاسة التي منيت بها منظمة التحرير الفلسطينية ومؤسساتها في الاجتياح الصهيوني لبيروت عام 1982. وحالة الرحيل للمقاتل الفلسطيني التي ترتبت عن هذا الاجتياح يعني رحيله الى منافي جديد،الانتفاضة في كل الأحوال أهدافها واضحة لا تحتاج إلى التأويلات وخاصة أنها عمل جماهيري واسع وفيه من العطاء وفيه من الشجاعة وفيه من البطولة في مواجهة آلة التفوق العسكري الصهيوني القمعية الإرهابية.
الانتفاضة بأهدافها لا تختلف عن النضال الوطني الفلسطيني منذ انطلاقة الثورة المعاصرة،وباعتبار أن الانتفاضة ببرنامجها المفتوح كعمل وطني جماهيري، جماعي، أهدافها كما قلت هي أهداف كل أشكال النضال الوطني الفلسطيني الذي ابتدعه وابتكره الشعب الفلسطيني على مدار السنوات السابقة هو تحرير فلسطين وإقامة وطن فلسطيني مستقل على التراب الوطني الفلسطيني بعيدا عن كل الحزلقات السياسية التي يتمتع فيها البعض، أن حدود 67 حدودها، ففلسطين وحدة جغرافية بحدودها التاريخية، نناضل من اجل أن نحرر هذا الوطن ونقيم دولتنا المستقلة ونقرر مصيرنا على هذه الأرض.
* هل المقاومة هي خيار الانتفاضة الوحيد، أحيانا يشعر المرء أن هناك عدم التقاء وصدام صامت بين برنامجي المقاومة وحكومات السلطة الفلسطينية؟
عندما انطلقت الثورة الفلسطينية المعاصرة طرحت الكفاح المسلح أسلوبا أساسيا ورئيسيا لأن المشكلة التي تشكل إشكالية في هذه المرحلة بالذات هو غياب الفهم الحقيقي لجوهر الصراع الفلسطيني الصهيوني أو العربي الصهيوني، فلسطين انتزعت بقوة السلاح سنة 1948 بمؤامرة دولية، وجاءت عصابات مسلحة إرهابية بدعم الاستعمار البريطاني آنذاك، وبدعم دولي أوروبي إمبريالي أمريكي وأقامت ما يسمى بالوطن القومي لليهود بناء على وعد من بلفور وزير خارجية الاستعمار البريطاني في ذلك الحين.
وشرد شعب بأكمله، أقتلع من أرضه، ويعيش في حالة لجوء، كيف يمكن أن يعود الى أرضه بدون أن يمارس كل خيارات النضال وعلى رأسها الكفاح المسلح،هنا يمكن أن نستحضر مقولة الرئيس جمال عبد الناصر رحمه الله،أن ما اخذ بالقوة لا يسترد بغير القوة.
لو أخذنا بعين الاعتبار وبصورة جدية هناك اتجاه داخل الساحة الفلسطينية لم يكن يمتلك من وضوح الرؤية في هذا الصراع مع العدو الصهيوني الذي يحتل فلسطين، وكان في الحقيقة هذا الاتجاه يطرح مجموعة من الشعارات بلا وعي أحيانا وأحيانا أخرى بوعي لأهداف تكتيكية يريد أن يوظفها في مسار الحل. واضح نحن تجربة فريدة، هذه التجربة للثورة الفلسطينية المعاصرة أولا شهدت مجموعة من الأخطاء غير مسبوقة في ثورات سابقة، صحيح هناك ثورات قامت واندثرت أو انتهت لفترات محددة ولكن هناك ثورات قامت وانتصرت،الشعب الفيتنامي كانت لديه ثورة وجبهة تحرير جنوب فيتنام كانت تتشكل من حوالي 22 حزب، تبدأ بالحزب الشيوعي وتنتهي عند البوذيين،ورغم ذلك كان هناك برنامج مشترك جوهره تحرير فيتنام وإقامة وطن فيتنامي موحد وانتصرت الإرادة الفيتنامية.
المشكلة أنه نحن في وقت مبكر بين الانطلاقة في 1965 والظهور العلني للثورة الفلسطينية بعد نكسة حزيران 1967، وحتى ما جرى أو حل بالثورة الفلسطينية عام 1970 و1971 في الأردن أحداث أيلول، في هذه الفترة بالذات، سنة أو سنتين ما بعد هذا التاريخ،بدأت بعض القوى أو أصحاب اتجاه محدد داخل الساحة الفلسطينية يبحثون عن حلول سلمية لا ترتيب البيت الفلسطيني والاستعداد للمزيد من تصعيد المقاومة أو تصعيد النضال المسلح،صحيح أن هناك خط يقول أن الكفاح المسلح ليس هو الأسلوب الوحيد،ولكن هناك أسلوب آخر هو المفاوضات،إن المفاوضات تحتاج إلى قوة،أنت تستطيع أن تقاتل وتفاوض،كما فعل الفيتناميين أو كما فعلت كل الثورات التي سبقت.
* هناك من يقول أننا لسنا على أرضنا؟ ب
العكس نحن على أرضنا الضفة الغربية وقطاع غزة فيهم ثلث الشعب الفلسطيني هناك في الضفة والقطاع أكثر من ثلاثة ونصف مليون فلسطيني، وفي لبنان وفي المهجر كان في ذلك الحين ما يساوي الثلاثة مليون ونصف المليون فلسطيني. أنا أرى أن الشهب الفلسطيني صحيح يعيش في أماكن متباعدة نسبيا بسبب اللجوء والتشرد وبسبب النكبة،كما في سوريا ولبنان أو في الأردن وفي فلسطين،ولكن الشعب الفلسطيني بمكوناته الديموغرافية الإنسانية هو شعب واحد يقيم على أكثر من بقعة،على أكثر من ارض جغرافية،لكنه شعب واحد بطموحاته، بأهدافه وبأحلامه هو شعب واحد موحد لا أحد يستطيع أن يجزأ الشعب الفلسطيني. نكبة ال48 جعلت البعض أن يكون أو بعضنا أو جزء من هذا الشعب أن يكون في الخارج.
اليوم الشعب الفلسطيني يقوم بالانتفاضة في الضفة والقطاع والمخيمات الفلسطينية في لبنان وسوريا يساعد هذه الانتفاضة بمزيد من تصعيد الكفاح المسلح أو تصعيد العمليات. في ذلك الوقت عندما قام الكيان الصهيوني باجتياح لبنان لضرب البنى التحتية للثورة الفلسطينية كانت الانتفاضة الرد العملي على هذا العدوان. اذا نحن شعب واحد موحد،لا يمكن لأحد أن يأتي ويقول لك أنا على أرضي أو لست على أرضي.
* من يمثل هذا الشعب حاليا في ظل تغييب منظمة التحرير الفلسطينية؟
تغييب منظمة التحرير الفلسطينية ليس فقط لجزء من هذا الشعب في الداخل أو في الخارج، هذا التغييب يشمل الشعب الفلسطيني، أنت الآن إذا أردت أن تبحث من يمثل هذا الشعب،هذا الشعب كانت له قياداته الوطنية على مر التاريخ، سواء اتفقنا أو اختلفنا مع بعض القيادات،بمعنى في مراحل سابقة في زمن الاستعمار العثماني أو فيما بعد البريطاني، خرجت قيادات من صفوف الشعب الفلسطيني كنا نطلق عليها تسميات محددة إقطاع وشبه إقطاع ولا ادري ماذا أيضا، لكن كان له قياداته الوطنية بغض النظر عن الاتفاق أو الاختلاف مع هذه القيادات.
في المرحلة اللاحقة فيما بعد، الشعب الفلسطيني أيضا أنتج حركة وطنية فلسطينية، هذه الحركة الوطنية كانت مؤطرة في قوى سياسية من حركة القوميين العرب إلى البعث إلى الشيوعيين والأخوان المسلمين إلى كثير من الحركات السياسية الوطنية.
وفيما بعد نكسة حزيران بدأت الفصائل تتشكل، بمنتصف الستينات بدأت تتشكل فصائل مسلحة من رحم هذه الحركة الوطنية السياسية أو إلى جانبها،فصائل لتمارس الكفاح المسلح من أجل تحرير فلسطين. جاءت نكسة حزيران جاء الظهور العلني،هذه الحركة الوطنية تبلورت بمجمل فصائلها في إطار الممثل الشرعي والوحيد للشعب الفلسطيني الذي كان هو منظمة التحرير الفلسطينية،الوطن المعنوي الذي تأسس عام 1964 كوطن معنوي للشعب الفلسطيني.
ولازالت منظمة التحرير الفلسطينية تشكل الوطن المعنوي للشعب الفلسطيني في أماكن اللجوء والشتات. الآن المشكلة في الازدواجية،هناك اتجاه في المنظمة اختار ما يسمى بمسار التسوية وبناء عليه جاءت سلسلة من المفاوضات نتج عنها ما يسمى باتفاق اوسلو.
اتفاق اوسلو نتج عنه ما يسمى بالسلطة الفلسطينية،هذه السلطة التي خضعت بالكامل لإرادة الاحتلال أو لإرادة وضغوط الولايات المتحدة الأمريكية وبعض الرجعيات العربية،هذه الفئة التي أطلقت على نفسها السلطة الفلسطينية انتزعت صلاحيات وسلطة منظمة التحرير الفلسطينية الوطن المعنوي للشعب الفلسطيني بمعنى استطاعت أو قامت بتنفيذ الاملاءات الصهيونية الأمريكية بتغييب م ت ف وإلغاءها. بمعنى أن هي ألغت الجزء الأكبر من الميثاق القومي لمنظمة التحرير الفلسطينية، هي ذوبت مؤسسات «م.ت.ف» من اللجنة التنفيذية والمجلس الوطني والمجلس المركزي في إطار ما يسمى بالمجلس التشريعي، ذوبت الدوائر التي كانت تقوم بمهام الأعلام والثقافة الخ ..
«م.ت.ف» لم يبق منها إلا مجرد شعار و«م.ت.ف» بما تبقى حتى الآن من دوائر تابعة لها قليلة ومحدودة هي الآن مهمشة تحتاج في الحقيقة على ضوء المأزق الراهن لما وصل إليه أصحاب مشروع التسوية بحاجة أن تقف الآن كل القوى الوطنية المخلصة أمام هذا المأزق الراهن، وذلك يكون برد الاعتبار لمنظمة التحرير الفلسطينية وإعادة هيكلتها وصياغتها من جديد كممثل شرعي ووحيد للشعب الفلسطيني وعلى رأس رد الاعتبار هو إعادة رد الاعتبار للميثاق القومي وإعادة صياغة هياكل منظمة التحرير الفلسطينية.
* ما هي المفاوضات النهائية وما هو المطلوب تحقيقه في تلك المفاوضات؟
المفاوضات النهائية المعني فيها هي المفاوضات كلها، كل المفاوضات الراهنة ليس لها أي معنى المفاوضات الراهنة غزة و أوسلو وحتى الآن أكثر من 11 سنة يتم التفاوض على الانسحاب بضعة كيلومترات من هذه المدينة أو العودة إلى تلك المدينة ورفع حاجز وإعادة انتشار هنا أو هناك ويطلقون عليها انسحابات،ليس هناك انسحابات.
ما بين اوسلو وحتى الآن وقع حوالي 30 اتفاق إضافي طابا 1 وطابا 2 ولقاءات شرم الشيخ و العقبة وبروتوكول الخليل وورقة ميتشل وورقة تينت وزيني،كل هذا كجزء من مفاوضات لترتيبات أمنية،إعادة انتشار هنا أو إعادة انتشار هناك،خارج بضعة كيلومترات،وحولوا القضية الفلسطينية في هذه المفاوضات المضيعة للوقت، حولوها الى مسألة حدود وصراع على حدود،هنا كلم واحد وهناك نصف كلم. المفاوضات الحقيقية هي المفاوضات النهائية حول القضايا النهائية التي حتى الآن لم يجري التفاوض عليها أو الاشتباك فيها،وهي حق العودة والقدس والحدود والمياه والمستوطنات،وهذه القضايا الجوهرية هل هناك أفق أو هناك برنامج بآفاق واضحة وموضوعية وواقعية مطروحة على الشعب الفلسطيني وفصائله الوطنية في الداخل والخارج لتقول كيف تفكر هذه الحكومة أو غيرها بالتعاطي مع هذه المشاكل الرئيسية، ليس هناك.
* هل الحكومات الفلسطينية مخولة ولها صلاحيات التحدث باسم الشعب الفلسطيني كله أينما كان وهي حكومات انتخبها المجلس التشريعي الفلسطيني،الذي بدوره تقادم بسبب مرور وانتهاء الفترة الزمنية القانونية على انتخابه؟
حال الشعب الفلسطيني حال كل شعوب المنطقة العربية أو كل شعوب العالم الثالث والدول النامية،من هي الحكومة التي تمثل شعوبها بشكل ديمقراطي في الشرق الأوسط؟ ليست هناك قوى تمتلك القوة سواء قوة السلاح أو قوة المال والدعم الخارجي هي التي تنصب نفسها ممثل.
بالنسبة للمجلس التشريعي أنت محق لقد انتهت مدته والمفترض أن تكون جرت انتخابات أوسع واشمل من الانتخابات الأولى التي انتخبت المجلس الحالي ولكن أين هي الانتخابات التذرع بأن الوضع الأمني لا يسمح، ياسر عرفات منتخب من الشعب؟ نعم منتخب من الشعب،لكن أيضا كرئيس للسلطة منتخب انتهت صلاحياته،أيضا ليست هناك إمكانية كما يقال في ظل الظروف الأمنية المعقدة أن تجري انتخابات ولكن إذا أردت أن تقول أن شخصية كياسر عرفات لازال يتمتع بشرعية ثورية،شرعية التاريخ،هذه الشرعية الثورية التي اكتسبها ياسر عرفات بفعل الثورة المعاصرة وتحالفاتها والزخم الذي شهدته لا يتمتع بها الكثيرين،لا نريد أن نظلم احد بعضهم كان له مثل هذه الشرعية في مرحلة سابقة قبل أن يتنازل هو عن هذه الشرعية.ويحرق هذه المرحلة لصالح خطوات أخرى مختلفة.
معظم الذين يتحدثون باسم الشعب الفلسطيني ليست لهم هذه الشرعية الثورية ولا الشرعية الدستورية ولا القانونية،هم فقط بفعل موازين القوى، بفعل توازنات القوى الراهنة يمارسون سلطة الحديث باسم الشعب الفلسطيني.
* ما هو مستقبل المنطقة بعد احتلال العراق؟
العراق ملف فُتِح في زمن تشهد فيه المنطقة أسوأ مراحل التردي والانحطاط، المنطقة التي تشهد الآن مزيد من العربدة الإمبريالية الأمريكية وتشهد في هذه المنطقة تخاذل أكثرية الأنظمة العربية الرسمية اتجاه القضية الفلسطينية، وحق الشعب الفلسطيني في تحرير أرضه وعودته وتقرير مصيره ولم تكتف بهذا وإنما كانت أدوات في التآمر على قطر عربي شقيق آخر تحت شعارات واهية وخبيثة منها إسقاط طاغية وديكتاتور في العراق، منها امتلاك العراق سلاح دمار شامل منها و منها الخ ..
كانت شعارات معروفة للعالم كله، ولكن الجوهر ليس هذا هو، إذا كان نظام صدام حسين ديكتاتوري،فما هي الأنظمة المحيطة به وأين هي النظم الديمقراطية التي توفر الديمقراطية لشعوبها،إذا كانت المعادلة هكذا،وإذا كانت المعادلة سلاح دمار شامل،أين هو سلاح الدمار الشامل؟ الآن الأمريكان مضى على احتلالهم العراق عدة أشهر وهم يبحثون عن أسلحة الدمار الشامل، أين هو سلاح الدمار الشامل؟
إذن احتلال العراق له أهداف مختلفة عن أهدافه التي طرحت والتي كانت معلنة، احتلال العراق من وجهة نظري له أسباب أخرى تماما مختلفة:
أولا: في زمن العولمة التي تريد الولايات المتحدة الأمريكية فرضها على العالم كدولة أحادية القطبية في قيادة العالم بعد أن فشل مشروع الشرق الأوسط الجديد في المنطقة تحديدا،هي كانت ترتب العالم على طريقتها. المشكلة في الشرق الأوسط ومشكلة العراق جاءت بعد أن خاضت الولايات المتحدة حروب أخرى في القوقاز والبلقان وفي أفغانستان، وهذا كجزء من سياسة الهيمنة والسيطرة على العالم لأهداف استراتيجية بعيدة سواء النفط أو الثروات أو غيرها. العراق ومنطقة الشرق الأوسط كانت على جدول أولويات الولايات المتحدة الأمريكية توفيرا لأمن الكيان الصهيوني، والعراق كان دولة فتية نامية ربما كان يمكن أن يشكل قوة أإقليمية يحسب لها حساب، للجم الاندفاع الصهيوني أو بالمعنى يشكل نوع من التوازنات مع القوة التدميرية الصهيونية.
* ما هي انعكاسات احتلال العراق على الوضع الفلسطيني وكذلك على سوريا ولبنان وإيران؟
المشروع الأمريكي كان واضحا لا يحتاج إلى تأويل، هم عندما قالوا أنهم جاءوا إلى العراق ليبقوا، لأنهم جاءوا إلى العراق بهدف تقسيمه وإعادة صياغة خارطة جديدة للمنطقة، هذه الخارطة الجديدة للمنطقة هي بالمعنى الأدق تقسيم دول المنطقة إلى دويلات صغيرة مسيطر عليها تبقى تحت الهيمنة والوصاية الاقتصادية والأمنية والسياسية للإدارة الأمريكية ومن ثم إسقاط في مرحلة لاحقة النظام الإسلامي في إيران وإعادة خارطة المنطقة من جديد،هذا هو الجوهر عندما قالوا صياغة خارطة جديدة للمنطقة قالوا أنهم يحتلون العراق ويقسموه ومن ثم يلتفتون للدول الأخرى،الآن هذا المشروع اصطدم في الواقع بعقبات لم تكن حسابات الولايات المتحدة أو كانت في حساباتها واستهانت بها،اصطدمت أولا بموقف تركي حاسم رافض لقيام كيان كردي في شمال العراق وهذا متفق عليه تركيا من المؤسسة العسكرية ومرورا بالأحزاب الإسلامية أو حتى العلمانية، هي اصطدمت جنوبا لأنها غير قادرة على تشكيل كيان شيعي علماني أو كيان ذو أكثرية شيعية علمانية تشكل راس حربة في اختراق النظام الإيراني، واصطدمت بإرادة من الحوزات العلمية والمراجع الدينية وان الكيانية التي يمكن أن تقوم في الجنوب يجب أن تكون إسلامية على الطريقة الإيرانية هذا عامل آخر.
العامل الثالث الذي اصطدم به المشروع الأمريكي، اصطدم بحجم المقاومة التي نتجت والتي لم يكن يتوقعها بعد سقوط النظام. وهذه المقاومة جعلت القوات الأمريكية والإدارة الأمريكية تبدأ الغوص في رمال العراق المقاوم.
هذا على المستوى الإقليمي كانوا يعتقدون “نسقط النظام العراقي ونحتل العراق”، فالمقاومة الفلسطينية باعتبار ان النظام العراقي كان حليفها أو كان يساند أو كان يقدم الدعم، تنهار المقاومة الفلسطينية والفصائل الفلسطينية وبالتالي تصبح القضية الفلسطينية سهلة الحل على الطريقة الأمريكية ومن ثم يتفرغون ألى سوريا و لبنان،خاصة أنهم بدئوا بمقدمات، وبمحاولات الضغط على سوريا ولبنان إعلاميا عن طريق إشغال سوريا ريثما ننتهي من الوضع الفلسطيني ثم نعود لسوريا.
هذه لعبة انكسرت، جاءت المقاومة الفلسطينية لتقول للولايات المتحدة يبدو أنكم بلهاء لا تفقهون،لا تعلمون،ولا تعرفون الشعوب بشكل جيد المقاومة الفلسطينية جاءت وصفعت المشروع الصهيوني، قالت للولايات المتحدة الأمريكية أن نحن لا تخيفنا القوات الأمريكية الموجودة الآن على أرض العراق لأننا نحن أصحاب حق وأصحاب قضية لا يمكن لنا إلا أن نقاتل من أجلها.
وهنا كان الانعكاس أيضا لأن الولايات المتحدة الأمريكية بدأت بالتراجع إلى حد ما من الضغط على سوريا ولبنان،ولقد كانت العمليات الأخيرة التي خاضها حزب الله في مزارع شبعا بجنوب لبنان بطولية وكانت أيضا هي رسالة موجهة للإدارة الأمريكية والكيان الصهيوني أن احتلال العراق ووجود القوات الأمريكية على أرض العراق لا تخيفنا. نحن نستطيع أن نواجه المشروع الإمبريالي الصهيوني.
* حدث تطور هام في ملف الأسرى والمخطوفين بين حزب الله وإسرائيل، هل حزب الله سيمضي حتى النهاية في مطالبته بإطلاق سراح الأسرى الفلسطينيين والعرب،وخاصة القدامى منهم، مثل رفيقكم سمير القنطار وكذلك نائل البرغوثي وسعيد العتبة وغيرهم بالإضافة لأسرى الـ48؟
أرى أن حزب الله عودنا على المصداقية وعندما كان حزب الله يطرح قواعده في مثل هذه الحركة كان يلتزم بها ولقد عودنا على أن يحقق أهدافه أو الجزء الأكبر منها،ربما في مراحل سابقة كانت الظروف غير مؤاتية لأن يحقق حزب الله كامل أهدافه في عمليات تحرير الأسرى أو غيره. لكن اليوم حزب الله ينطلق أولا من رصيد شعبي لبناني عربي وإسلامي ثم هو ينطلق من أرضية وحدة وطنية لبنانية بين كل أطياف اللبنانيين السياسية والطائفية، مضافا إلى ذلك أن حزب الله اليوم أيضا ينطلق من رصيده في تحرير جنوب لبنان من الاحتلال، أذن حزب الله ينطلق اليوم من مواقع أقوى في التفاوض حول موضوع الأسرى بوساطة ألمانية من ذي قبل. اعتقد أن حزب الله صادق تماما.
* كيف تنظرون لنشاطات الجاليات والمؤسسات الفلسطيني في المهجر،خاصة أنها بمعظمها متمسكة بحق العودة ولا تخول أحدا التنازل عنه أو التفاوض عليه؟
في ظل المفاوضات والتنازل الذي يقدم في هذه المفاوضات من الجانب الفلسطيني وخاصة حول حق العودة، هناك قناعة مطلقة لدى النخب ولدى أبناء الشعب الفلسطيني ولذلك انبرت الآن مجموعة من النخب الوطنية والمثقفة والتقدمية والديمقراطية من أبناء العشب الفلسطيني في لبنان وسوريا والأردن والمهجر خارج الوطن العربي،انبرت إلى تأسيس لجان جماهيرية بجهود ذاتية غير ممولة للدفاع عن قضية اللاجئين وحق العودة، حق اللاجئين من أبناء الشعب الفلسطيني في العودة،ومثل هذه هناك مركز حق العودة في لندن،هناك عائدون وهناك لجنة حق العودة وهناك أكثر من شكل،وهذه الأشكال من وجهة نظري عليها أن تبتعد عن الارتباط بالقوى السياسية الراهنة وتأثيراتها وتبقى مجرد لجان جماهيرية عليها أن تمارس دورها باستقلالية وبحرية كاملة و تستفيد من كل إمكانية بين أيديها سواء دعم من أصدقاء أو سواء بإقامة نشاطات أوسع واشمل واكبر عن حق العودة وهذا يحتاج إلى تشجيع ليس فقط أبناء المخيمات بل أبناء الجاليات أيضا في الخارج،من خلال بدل المزيد من الجهد من أجل دعم هذه الأشكال حتى نضرب نظرية التوطين أو الوطن البديل أو غيره من المشاريع الصهيونية التي لا تعترف أو لا ترغب بحق عودة اللاجئين الفلسطينيين إلى وطنهم.
تونس – نضال حمد – موقع الصفصاف الالكتروني – وقفة عز –