الشهيد ماجد ابراهيم محمود بليبل 1958 – 1982 – نضال حمد
ولد الشهيد ماجد ابراهيم محمود بليبل في مخيم عين الحلوة للاجئين الفلسطينيين سنة 1958 من القرن الفائت. درس وتعلم في مدارس المخيم الابتدائية والمتوسطة كما كل أبناء وبنات المخيم في سنوات ما بعد النكبة الفلسطينية العظمى واللجوء القسري الى لبنان والاقامة في المخيمات. مثله مثل الآلاف من الشباب الفلسطينيين انضم ماجد الى صفوف الثورة الفلسطينية أولاً عبر جبهة التحرير الفلسطينية وثم في صفوف الجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين، التي نعته وتبنته يوم فُقِد شرقي مدينة صيدا في حزيران يونيو سنة 1982 اثناء الغزو الصهيوني للبنان، وخلال بداية احتلال مخيم عين الحلوة ومحاصرة بيروت الغربية. في ذلك الوقت انتشرت ميليشيا آل الجميل وعصابات الفاشيين اللبنانيين من عملاء الاحتلال الصهيوني في كل المناطق التي احتلها الصهاينة، فعاثوا فيها قتلا واعتقالا واغتيالا وتفجيرا. وكانوا يصطادون الفلسطينيين على الحواجز التيارة وينقضون عليهم في أماكن سكنهم في صيدا وضواحيها، مثلما فعلوا مع العديد من الناس، ومنهم الأستاذ علي أبو خرج العضو القيادي في الجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين. وقصته مثل قصة ماجد بليبل، أختطف وفقدت آثاره منذ ذلك الوقت. على الأرجح أنه تم اعدامه مثلما على ما يبدو تم اعدام الصديق ماجد بليبل وربما تكون نفس المجموعة القواتية الانعزالية الفاشية هي التي قامت باعتقال واختطاف وتصفية الاثنين.
ماجد بليبل هو نجل الأستاذ والمربي الجليل ابراهيم بليبل من بلدة طيطبا في الجليل الأعلى الفلسطيني المحتل، والذي تعرفه مدارس المخيم حيث تخرجت أفواج التلاميذ من صفوفه المدرسية. كما أسلفنا فقد نجله ماجد بعد أن سيطر الاحتلال الصهيوني على مدينة صيدا ومخيم عين الحلوة. يبدو أن قدر نجله قاده الى شرق صيدا ليتم توقيفه واعتقاله أو اختطافه فقط لأنه فلسطيني. فمنذ ذلك الوقت اختفت آثاره ولم يعد الى حضن العائلة. هناك من يقول أن القوات اللبنانية التابعة لبشير الجميل هي التي اختطفته وربما قامت فيما بعد بتصفيته. تماماً كما فعلت مع آلاف المفقودين والمخطوفين اللبنانيين والفلسطينيين. على كل حال فإن عائلة ماجد مازالت لغاية يومنا هذا تجهل مصيره وما حل به منذ حزيران – يونيو 1982. لكن الأرجح أنه تم اعدامه وتصفيته من قبل عصابات بشير الجميل عملاء الكيان الصهيوني.
كان ماجد يكبرني بخمس سنوات ورغم ذلك كانت تربطنا علاقة صداقة قوية، تمتنت من خلال صداقة جمعت مجموعة من شباب مخيم عين الحلوة، كلهم تقريباً أكبر مني سناً فأنا ورفيق عمري “أبو علي” كنا الأصغر سناً بينهم جميعاً. وبمناسبة الحديث عن أبي علي، فقد كان ماجد بليبل هو الشخص الذي قام بايصال من حي الصباغ الى الفيلات قرب مخيم عين الحلوة ثالث أيام الغزو وكان وقتها أبو علي مصاباً بشظايا قذيفة اطلقتها دبابة صهيونية. وكانت تلك هي المرة الأخيرة التي شاهد فيها صديقنا وأخانا ورفيقنا المفقود – الشهيد – ماجد بليبل.
سأذكر من مجموعة الأصدقاء تلك فقط الأصدقاء الذين فارقوا الحياة خلال كل تلك السنوات الماضية، من هؤلاء ابن عمتي فريد محمد طالب حمد الذي كان أول المتوفين في الثامن من أيلول سنة 1979، ثم ماجد ابراهيم بليبل الذي فقد في حزيران 1982. وختاماً عبد الرؤوف الرفاعي الذي سافر الى السويد طلباً للجوء السياسي لكن السويد قامت بعد فترة من الزمن بترحيله وتسفيره الى لبنان في تسعينيات القرن الفائت. فعاد مجبراً الى مخيم عين الحلوة حيث إغتيل فجر ذات يوم أثناء خروجه من المسجد بعد تأديته صلاة الفجر. بالاضافة لأصدقاء آخرين لازالوا على قيد الحياة لكن كل واحد منهم موجود الآن في جهة من جهات العالم.
سنة 1978 في شهر آذار وعند بداية الاجتياح الصهيوني لجنوب لبنان عقب عملية الشهيدة دلال المغربي، كان ماجد بليبل مع مجموعة من الرفاق في جبهة التحرير الفلسطينية وهم أبو سعد نسب وكمال السالم وابو عبيدة وليد وآخرين، عائدين من صور الى صيدا حيث تعرضوا لاطلاق نار في منطقة مفرق عدلون من قبل زوارق أو كوماندوس صهيوني، مما تسبب في حادث سيارة قوي أدى الى وقوع جرحى بينهم. وفي اليوم التالي تعرض في نفس المكان للاغتيال القائد العسكري والسياسي في جبهة التحرير الفلسطينية جهاد حمو في نفس المكان تقريباً. في ذلك اليوم من شهر مارس – آذار 1978 كتب لماجد ورفاقه عمر جديد وحياة جديدة.
كنا نقيم الحفلات في غرفة ابن عمتي المرحوم فريد رحمه الله، في شقة العائلة في حي الحاج حافظ أو حي الدكتور وليد قصب حسب سكانه وزواره وجيرانه. وحي الصديق فريد حمد حسبما كنا نراه نحن أصحابه ورفاقه وأصدقاؤه في ذلك الزمن الشبابي بالتوقيت الصيداوي. وكنا نتسكع في المنطقة ونقضي أوقاتاً كثيرة هناك الى أن توفي فريد. ثم توزعنا كل في اتجاه. وقبل وبعد وفاة فريد سنة 1979 كنا نقضي أوقات العيد في استراحة صيدا وفي القلعة البحرية وبحر العيد في صيدا. ولازالت هناك بعض الصور من تلك الفترة من الزمن مع ماجد بليبل ومع الدبسي ومع عماد والمرحوم نمر أبو إياف وعلي خليل ابن العمة رحمها الله.
28-4-2021