آن تأزف الآزفة – عبدا اللطيف مهنا
بينما كان رئيس الكيان الصهيوني يخطو على السجادة الملكية الحمراء يحف عن يمينها وشمالها صفان بطولها “من ربع الكفاف الحمر” يؤديان له التحية في ساحة الاستقبال الملكية الهاشمية المرحبة، كان بن غفير يجتاح ساحة الحرم القدسي يحف به ربعه من غلاة المستوطنين يحميهم جيش الاحتلال، وشمالاً، في جنين لم تنجلي بعد عن حواريها وأزقة مخيمها، أو عرين فدائييها، دخان ليلةٍ ليلاء من معاركها المعتادة مع قتلة منتصف الليل من مجموعات المستعربين وفرق الدفدوفان ومدججي حرس الحدود، ولم تشيّع شهيديها بعد. وجنوباً، جنوب بيت لحم، يطلق مستوطن بالقرب من “كفار عتصيون” النار في حافلةٍ ليردي فتىً فلسطينياً بزعم نيته الشروع في عملية طعن.
فد يقول قائل وما علاقة هذا بذاك؟!
إنها ذات العلاقة بين اللقاء التطبيعي الاستعراضي المشين والمبتذل في كيبوتس سيديه بوكر في النقب، وملتقيين آخرين سبقاه ومهدا له في شرم الشيخ والعقبة، أضف إليهما كحاشية زيارة موازية قام بها العاهل الأردني لعاهل رام الله.. كما لم يأتِ الاحتفاء الهاشمي بالرئيس الصهيوني على الطريقة التركية، إلا استدراكاً تعويضياً مستوجباً جراء عدم المشاركة في “شو” سيديه بوكر التطبيعي..
وذات العلاقة التي حدت بإجماع كافة هذه الأطراف، مُطبِّعة ومُطبَّع معه وراعٍ أميركي للتطبيع، على إدانة متقارب ومتتالي العمليات الاستشهادية الفلسطينية الثلاث، في بئر السبع، والخضيرة، وبني براك ووصمها بالإرهابية!
.. العمليات الثلاث نذر انتفاضة فدائية، وحتى يمكنكم تسميتها مسلَّحة، يرونها آتية ويتحسَّبون لها ويتحالفون لمواجهتها.. وإن جاز لنا شكرهم فهو على أن سيل مشاهد شائن تهافتهم الانهزامي التطبيعي المستهدف، فيما يستهدف، كي الوعي العربي، ولوثة المسارعة لدفن القضية الفلسطينية، والذي بلغ شأواً استفزازياً وقحاً هو خير مفجّرٍ لصواعقها.. هذا وطنياً، أما قومياً ففي ظل كل هذه المهانات والعار فتخيَّلوا ما سيلاقونه آن تأزف الآزفة!