أدموزك وتتعشترين في الجامعة العربيّة الأمريكيّة-آمال غزال
حفل توقيع ديوان”أدموزك وتتعشترين” للشاعرة آمال عوّاد رضوان أقامه منتدى الأديبات الفلسطينيّات في جنين (مدى)، بالتعاون مع قسم الصحافة واللغة العربيّة والإعلام في كليّة الآداب في الجامعة العربيّة الأمريكيّة، في مدرّج كليّة العلوم والتكنولوجيا في الجامعة العربيّة الامريكيّة في جنين، بحضور نخبة من الأديبات والأدباء والمهتمّين بالشأن الثقافيّ بمحافظة جنين، ومجموعة من طلاب وطالبات اللغة العربيّة والإعلام في الجامعة، ووفد من النادي النسائيّ الأرثوذكسيّ/ عبلين، وقد تولّت العرافة الكاتبة حنين أمين من مخيّم جنين، ومداخلات كلّ من: د. محمد دوابشة عميد كليّة الآداب في الجامعة الأمريكيّة، والكاتب فراس الحاج محمد حول آمال عوّاد رضوان في المشهد الفلسطينيّ، وكلمة عائدة أبوفرحة رئيسة منتدى الأديبات الفلسطينيات “مدى”، وكلمة الشاعرة آمال غزال رئيسة قسم الآداب والمكتبات في وزارة الثقافة، وتقديم درع تكريم للشاعرة آمال عوّاد رضوان، ومداخلات للكاتبات دلال عتيق وإسراء عبوشي ومداخلات الحضور، وكانت قراءاتٌ شعريّة للمحتفى بها، وإجابات على تساؤلات طرحها الحضور، حول صعوبة العنوان والنحت اللغويّ، ودوْر الأسطورة في نصوص الديوان، وهل الشعر هو مَهربٌ ومُسَكّن للشعراء، وما سرّ التميّز في لغة الحبّ المغايرة في نصوص آمال رضوان ومن هو الملهم الحقيقيّ، وهل الرجل الشرقيّ يهيمن على فكر آمال رضوان، وهل استُنزفت طاقة آمال الإبداعيّة في أدموزك وتتعشترين، في بناء علاقة متكاملة مقدّسة وإنسانيّة آدميّة بلغةٍ شعريّة روحيّةٍ معنويّة، أم ما زلت معبّأة بطاقة شعريّة للخروج بمنجز شعريّ أرقى؟ ومن ثمّ تمّ التقاط الصور التذكاريّة أثناء توقيع الديوان!
مداخلة عريفة الحفل حنين أمين: أرحّب بالحضور الكريم مع حفظ الأسماء والألقاب، أهلا بكم تحت ظلال شجرة الشعر والإبداع في هذا الوطن الواحد، الشجرة العظيمة التي اختارت أرضًا خصبة هي قلوب مرهفة، فنبتت أغصانها خضراء، وأينعت وتفتحت أزهارها، مختلفة ألوانها، يجمعها سحر الإبداع والجمال، فما فائدة بائع الورد، إن لم يقتن الورد أحد يُقدّر الجَمال؟ وما فائدة الأقلام، إن لم يكتب بها أحد؟ وما فائدة الكلمة، إن لم تُقرأ وتُسمع؟
(آمال عوّاد رضوان) سماء شعر تلألأت فيها معالم النجاح والإبداع والتميّز، وها هي تمطر على أرض في اشتياق دائم لحرفها ديوانها الجديد “أدموزك وتتعشترين”، بعد أن أمطرت الساحة الأدبيّة بثلاثة إصدارات شعريّة: بسمة لوزية تتوهّج عام 2005، وسلامي لك مطرًا عام 2007، ورحلة إلى عنوان مفقود عام 2010، وإصدارات أخرى في القراءات النقديّة والبحث والمقالات. هي شاعرة كنعانيّة من عبلّين الجليليّة في فلسطين، اتخذت من مهارة النحلة في التنقل من زهرة إلى زهرة منهجًا، لتجني منها رحيقًا تحيله إلى شهد خالص ألا وهو الشعر.
(دكتور محمد دوابشة): تتسابق الكلمات وتتزاحم العبارات، لتنظم تاجَ شكر نتوّج به هذا الصرح العظيم الذي احتضن هذا اللقاء، والذي كان له السبق في ركب العلم والتعليم، وبذل الجهود في تسليط الضوء على لوحات الأدب والجمال دون أن ينتظر العطاء، فاستحقّ أن يرفع اسمه عاليًا كعنوانٍ للتميّز، فنستمع لمداخلة دكتور محمد دوابشة؛ عميد كليّة الآداب في الجامعة العربيّة الأمريكيّة، وقراءة في ديوان “أدموزك وتتعشترين”.
(مدى): عنوان لطوق من زهرات تربّت كلّ بتلة على الأخرى، يَجمعها التميّز وتحيا فيها روح الإبداع. (مدى) منتدى الأديبات الشاعرات الكاتبات المخضرمات الشابّات، هنّ فراشات ينظرن إلى نور الإبداع بشغف وحب واتّقاد دائم، يُحلّقن بجناحين من صدق في العمل وتفان في الجهد، ويتزيّنّ صانعات للجمال من خيوط ألم وأمل. فأترككم مع كلمة رئيسة منتدى الأديبات الفلسطينيات (مدى) السيدة عايدة أبو فرحة.
(فراس حج محمد): عضو اتحاد الكتاب الفلسطينين من مواليد 30 تموز 1973 في نابلس، درس الأدب الفلسطيني الحديث في جامعة النجاح الوطنية. هو كاتب وناقد وشاعر فلسطينيّ عشق الحرف، حتّى باتت رؤاه أطيافًا تشكّلت فيما بعد على هيئة قصائد ونصوص صيغت بمختلف الطرق، ولأنّ “الكلمة رصاصة، وليس كلّ الرصاص صالحًا لإتمام المهمة” ، أصدر اثني عشر كتابًا، ونشر في العديد من الدول العربيّة، ويُحدّثنا عن آمال عوّاد رضوان ودورها في المشهد الثقافيّ الفلسطينيّ.
مداخلة عائدة أبو فرحة: بسم الله الرحمن الرحيم . أسعد الله أوقاتكم وأهلًا وسهلًا بكم. في البداية لا بدّ لي أن أحيّي هذا الصرح العلميّ العظيم برئيسه ومساعديه وهيئته التدريسيّة والعاملين جميعا، ولا يسعني إلّا أن أقدّم الشكر والاحترام والتقدير لكم لأسباب عدّة، أهمّها أنّكم منارة للعلم، وتجمَعون الوطن بشقيه في هذا الصرح، وتهتمّون بتخصّصاتٍ عديدة ومتنوّعة، كما تولون اهتمامًا عظيمًا للنشاطات المجتمعيّة، وتهتمّون بالمواهب والإبداعات وقضايا عدّة لا منهجيّة، وتتفاعلون مع كلّ فئات المجتمع، فنحن في منتدى الأديبات الفلسطينيات نشكركم وننحني إجلالًا لكم، بعد محاولتي بأن أوفي هذه الجامعة العظيمة حقها بالشكر والتقدير. اسمحوا لي أن أنتقل إلى بيت القصيد عنوان الحفل، إلى الظاهرة الإبداعيّة الفريد نوعها، إلى الكاتبة التي امتلكت الجرأة والخيال الواسع، والتي جمعت بين الحداثة والأصالة، إنّها الكاتبة والشاعرة آمال عوّاد رضوان من الجليل، من الرئة الأخرى من الوطن. أرحّب بشمسنا أجمل ترحيب، وبنجومها النادي النسائي الأرثوذكسيّ عبلين، والضيوف الكرام، والطلبة الأعزاء. أرحّب بكم وأحيّيكم. لا أريد التحدّث عن ديوان “أدموزك وتتعشترين”، وما يحويه من قصائد شعريّة جميلة جمعت ما بين الخير والحب والجمال، قصائد مستوحاة من الأسطورة السومريّة، ممثّلة بإله الخير دموزي، والأسطورة البابليّة ممثلة بإلهة الحب والخصب والجَمال عشتار. عزيزتي آمال عوّاد رضوان، حبّي لكِ غلالا.
مداخلة د. محمد دوابشة: سلام يليق بكم فردًا فردا. باسمي وباسم الجامعة وأعضاء الهيئتين الإداريّة والتدريسيّة في كلية الآداب أرحّب بكم أجمل وأحلى وأرقّ وأرقى ترحيب، أرحب بكم وبهذه القامات الثقافيّة الأدبيّة والصحافيّة على أرض الجامعة العربيّة الأمريكيّة في جنين.
أنا في الواقع شاكرٌ وعاتبٌ، شاكرٌ للأستاذ سعيد أبو معلّا المحاضر في قسم الصحافة والإعلام في الجامعة الذي تعرفونه جيّدًا بنشاطه، وعاتبٌ عليه، لأنّني لم أرَ هذا الديوان “أدموزك وتتعشترين” بحُلّتِهِ إلّا يوم أمس، وكان من المفترض أن يكون بين يديّ على الأقلّ قبل أسبوع!
حقيقة أنا لا أجاملُ في القضايا الأدبيّة، والمجاملة هي نفاق، خاصّة فيما يختصّ في أدبنا، فكثيرًا ما يأتي إلى مكتبي بعض الشعراء الناشئين الذين أحترمُهم جدّا، ويهديني ديوانًا أو عملًا أدبيًّا، فأنظرُ ما فيه في البداية، وأقرأ في صفحاته الأولى صفحتيْن وثلاثًا وأربع، وبصراحة، لا أجد لا شعرًا ولا نثرًا، فأضعُهُ جانبًا. ولكن يا سيّدتي آمال، أنتِ أسرتِني بهذا الديوان حقيقة. هو ديوان يستحقّ الاهتمام به، ولكن أيضًا عليه بعض ما عليه.
بصراحة، الديوان يمكن أن يُدرَسَ من عدّة جوانبَ فنّيّة، ومنذ زمن طويل حقيقةً، لم أقرأ هذه الجرأة الواضحة لكاتبة أنثى، فأنتِ جعلتِني أن أكون من المناصرين للمرأة!
بالنسبة للديوان حقيقة يُدرَسُ من زاويتين:
الزاوية الأولى: وكنت أتمنّى أن يكون معي متّسعٌ من الوقت، ليُدرَسَ النصُّ المحيط أو النصّ المُوازي، وتداخل الألوان مع المرأة والرجل والعلاقة الحميميّة بينهما في وسط الطبيعة والزهور والطيور، وهذا انعكاس لِما جاء في داخل الديوان، فحقيقة هناك جهد مبذول، وأنا أشكر الفنّان محمد شريف الذي صمّم الغلاف، فكلّ الاحترام للفنّان. الغلاف يعكس ما في النصّ، وأنا أعدكم وأعد الشاعرة آمال عوّاد رضوان بأن تكون هناك دراسة وافية شاملة عن هذا الديوان، وتُنشرَ في أحد المجلّات العلميّة الأدبيّة في العالم، لأنّه حقيقة يستحقّ.
نأتي إلى النصّ الخارجيّ وتداخُل الأدوات، أمّا بالنسبة للعنوان، فربّما أختلفُ نوعًا ما مع الشاعرة، فنحن الآن بصراحة، عالمنا العربيّ غيرُ ميّال للقراءة، وهذه حقيقة، وأنا مع أن نُبسّط الأمور، لكن بحيث لا تُفهم بشكل مباشر، وأن يكون فيها نوع من الإيحاء والرمز، فأنا أدركُ المغزى الذي تريده الشاعرة للعنوان “أدموزك وتتعشترين”، ولكن نحن أيضًا أصحابُ رسالة، فلو كان العنوان عشقيّات وحدها فيكفي. ويحضرني في هذا المقام محمود درويش وبحثه مدّة ستة أشهر عن عنوان “كزهر اللوز أو أبعد”، إلى أن أشاره عليه أحد الكتّاب والنقّاد اللبنانيّين، فلا نتعجّل في اختيار العنوان. وأذكر أيضًا الكاتبة الأردنيّة سناء شعلان وكتابها “أعشَقُني”، فالكلّ كان يقرأه “اِعشقني”، فكتبتْ نصًّا توضيحيًّا يقول: الرواية عنوانها أَعشقُني وليس اِعشقني! ولنكن واقعيّين، فثقافتنا محدودة ولا نطالع ولا نقرأ، وأنا معنيٌّ بهذا الديوان أن يصل إلى الكلّ وأن يفهمه، لذلك أنا مع التبسيط، ولكن كما قلت أيضًا، فيه نوعٌ من الأمل والحُلم والتخييل والخيال والحياء.
أمّا بالنسبة لقصائد الديوان، وما أدراكم ما القصائد! نعم، كان من الممكن أن يُدرَسَ هذا العنوان وهذا الديوان “أدموزك وتتعشترين” أوّلًا دراسة أسلوبيّة، والأسلوبيّة واضحة فيه، فتُشكر الشاعرة آمال عوّاد رضوان على ذلك، إذ لها أسلوبٌ خاصّ، ما يُميّزه فيه طرافة وجدّيّة وحداثة ملتصقة بها، وقضيّة أخرى، دراسة أسلوبيّة إحصائيّة، والجرس الموسيقيّ وهذا واضح للأسلوبيّة الإحصائيّة، ويمكن أن تكون أيضًا دراسة لصورة الأنثى في الديوان، والنصّ الموازي في الديوان أو النصّ المحيط في الديوان، والتكرار بأبعاده كافّة في الديوان يمكن أن يُدرَس، وهو ظاهرة ملحوظة، وما يميّز هذا التكرار أنّه تكرار غير نسخيّ، وإنّما كلّ تكرار يضيفُ شيئًا سواء كان دائريًّا أو مُسطّحًا أو … إلخ، بغضّ النظر.
وهناك قضيّة أخرى، هي أدوات الاستفهام هي ظاهرة، فهل هذه الأدوات تعكس الأنثى وهي تستفهم ولا تجد الإجابات مثلا؟ وكذلك التشبيه رائعٌ جدًّا وممتاز، فالأنثى كانت بتفاصيلها؛ بلونها وشعرها وطولها وعشقها وأنوثتها، وربّما أرادت الشاعرة أن تنتصر للأنثى؟! أنا معها في هذا الجانب، وكنت أتوقّع أيضًا أن يكون الانتصار بأساليب أخرى!
الموضوع الثاني الذي طرحه الديوان ولا يمكن فصله عن الأوّل هو الرومانسيّة الحالمة والخيال، يعني القصائد فعلًا يعيش فيها الإنسان، وللأسف، لم أتمكّن من قراءة كلّ القصائد، ولكن حين كنت أقرأ القصائد، كنت أعيد قراءتها مرّتين وثلاث، وفي كلّ مرّة يلفت نظري شيء مختلف، فهل أرادت الشاعرة أن تُركّز على هذا أم على ذاك؟ على النتيجة؟ على بداية القصيدة أم على نهايتها؟ وهذا ما يُحسَب حقيقة لها، فكما قلت إنّ الموضوع الثاني متعلقٌ بالأوّل، ويجعل الإنسان يعيش أفكار ومخيّلات، فهذا الديوان غارق في الخيال والمشاعر والأحاسيس والعواطف الجياشة، فمثلًا تقول ص12:
فِي عَبِيرِ نَهْدَيْكِ .. أَسُووووووحُ
فيُمْطِرَانِنِي شَوْقًا .. يَتَّقِدُنِي
وَأَذْرِفُكِ .. عِطْرًا مُتَفَرِّدًا
وهناك قضيّة أخرى وتُحسَبُ لها في مجتمعنا، حتّى ولو لم يتّفق بعضنا معها، هي الجرأة الواضحة ودون ابتذال، فنحن لا يوجد لدينا هذا، ومن وجهة نظري، هذا من الخطأ الشائع أن نقول: هذا أدبٌ ذكوريّ وهذا أدب نسويّ، فالأدب هو أدب، فلماذا مسموح لهذا أن يكتب، ولذاك أن لا يكتب؟ وهذا ما يجعلني أقول ما قاله نزار قباني، عندما اتُّهِمَ في شعره وقيل له: هل تريد أن تحرّر المرأة بهذا الشعر؟ قال: ببساطة، في أيّ أسرة عربيّة، لو كان هناك عندها ابنان، وارتكب الابنان نفس الخطأ، فهل سيعاقبان نفس العقوبة؟ طبعًا لا، فهذه ينزل عليها الغضب، وذاك يُطبطب على ظهره! فهذا هو واقعنا وهذا هو مجتمعنا.
وقضيّة أخرى طرحها الديوان هي التساؤلات الكثيرة، فهل ذلك يُدرَس من باب الأسلوبيّة؟ الأسلوبيّة الإحصائيّة هي التي تجيب عن مثل هذا التساؤل، وأحيانًا لا توجد إجابات، فكنت أتوقّع أن أقرأ في القصيدة أكثر، وإذا بالقصيدة انتهت! وهنا تأتي مسؤوليّة المتلقي ودوره، وهذا بحاجة إلى وقت، وليس فقط إلى ساعات.
وهناك أيضًا البحث عن المجهول، والخوف من المجهول أيضًا ما لمسته في القصائد، وأحيانًا أجد الأنثى تسوح في دائرة وفي فراغ، وهذا الأمر أدّى إلى كثرة التساؤل، وأدّى إلى كثرة أدوات النفي أحيانًا، لذلك؛ نجد الديوان مليئًا بالشيء والشيء المضادّ، وهذا بحاجة لتفسير نقديّ وجهدٍ كبير، لذلك وكما قلت: الديوان “أدموزك وتتعشترين” يستحقّ منّا الكثير، وأنا تعهّدت أمامكم أن يكون له صدر يليق بكم في القريب العاجل، فهذا حقيقة ما استطعت أن أقرأه في القصائد الأولى من الديوان، فأشكركم على حسن استماعكم، وأهلا وسهلا بكم مرّة ثانية.
مداخلة فراس الحاج محمد: آمال عوّاد رضوان وحضورها في المشهد الثّقافيّ الفلسطينيّ:
عند الحديث عن المشهد الثّقافيّ على امتداد التّاريخ الفلسطينيّ الحديث نجد أن للمرأة المبدعة حضورَها المتميز واللافت للنّظر، حضوراً يستحقّ المناقشة والتّأمُّل، ووضعَه في سياقه الثّقافيّ الّذي يجب أن يكون عليه. فثمّة شاعرات وروائيّات وباحثات ومترجمات أغنين الحركة الثّقافيّة الفلسطينيّة، من سلمى الخضراء الجيوسي وفدوى طوقان وسميرة عزّام وسحر خليفة، وصولا إلى الحضور النّسائي الحالي في المشهد الثّقافيّ الفلسطيني من سلمى جبران وهيام قبلان وفاطمة ذياب، وبالتأكيد الشّاعرة والنّاشطة الثّقافيّة المتوهّجة دائما في صلب العمل الثّقافيّ المتنوّع الشّاعرة آمال عوّاد رضوان. لا شك في أنّ الحديث عن حضور الشّاعرة آمال عوّاد رضوان في المشهد الثّقافيّ الفلسطينيّ سيكون طويلا – لكنّني سأختصرُ- نظرا لتعدُّد نشاطات الشّاعرة في التّأليف الشّعريّ، وما يصاحبه من أنشطة داعمة من أمسيات شعريّة، وحفلات إطلاق الكتب والمشاركة في النّدوات ذات العلاقة وإغناء المشهد الثّقافي العامّ، والشِّعريّ على وجه الخصوص، ويكتسب حضور الشّاعرة آمال عواد رضوان أهميّة خاصّة كونها من الأصوات المميّزة في فلسطين، ولا تتوانى عن المشاركة بالأنشطة الثّقافيّة التي تنظمها المنتديات والمراكز الثّقافيّة في الشقّ الثّاني من فلسطين، لتكون جزءا أصيلا من مشهدنا الثّقافيّ المتنوّع الّذي لا يعترف بالتّقسيمات الزّمنيّة الاحتلاليّة ولا يخضع لشروط الاحتلال المُكَنْتِنَة للحالة الفلسطينيّة الجغرافيّة والسياسيّة.
أنجزت الشّاعرة آمال عوّاد رضوان إلى الآن أربعةً من الدّواوين الشّعريّة، لن يكون آخرها ديوان “أُدَمْوِزُكِ وَتَتَعَشْتَرين”، فقد سبقه عدّة إنجازات شعريّة لاقت قبولا لدى النُّقاد والقرّاء، وهي: بسمةٌ لوزيّةٌ تتوهّج، وسلامي لك مطرًا، ورحلةٌ إلى عنوانٍ مفقود، كما أن للشّاعرة كتاب مقالات، وفي مجال البحث الاجتماعي فقد أعدّت كذلك كتابا بعنوان “سنديانة نور أبونا سبيريدون عوّاد”، وكتابا في التُّراث الثّقافيّ الفلسطينيّ، بعنوان “أمثال ترويها قصص وحكايا”، وقد شاركت مؤلفين آخرين بتأليف كتب مهمّة، لها قيمتها الإبداعية وهي “الإشراقةُ المُجنّحةُ” لحظة البيت الأوّل من القصيدة، ويشكّل الكتاب شهادات لـ 131 شاعراً من العالم العربيّ، وكتاب “نوارس مِن البحر البعيد القريب”/ المشهد الشّعريّ الجديد في فلسطين المحتلّة 1948، والكتابان بالاشتراك مع الشّاعر محمّد حلمي الرّيشة، رئيس بيت الشّعر في فلسطين، وأمّا الثّالث، فكتاب “محمود درويش/ صورة الشّاعر بعيون فلسطينيّة خضراء”، وشاركها في الإعداد والتّحرير غير الشّاعر الرّيشة أيضا الشّاعر ناظم حسُّون.
هذا الإنجاز المتعدّد والمفتوح الأفق على الشّعر وعلى التّجارب الشّعريّة المعاصرة، منح الشّاعرة أفقا شعريّا متحرِّرا من القوالب الشِّعريّة القديمة، وجعلها تكتب القصيدة بتقنيّات مختلفة، ليست تلك القصيدة السَّهلة المباشرة العاطفيّة المستندة على البوح الأنثويّ الفجّ، ولكنّها القصيدة الحيويّة الدّافعة للقراءة والتّأمّل، وتفتح مجالات واسعة من الرّؤيا والتّأويل في الدّراسات النّقديّة أو المقالات الانطباعيّة الّتي أنجزت حول هذه التّجربة الإبداعيّة. ولا شكّ في أنّ هذا الإنجاز الشّعريّ بخصوصيّته الإبداعيّة قد التفت إليه النّقاد فكتبوا عن المنجز الإبداعيّ للشّاعرة آمال عوّاد رضوان، فتناول تجربتها الإبداعيّة نقّاد من فلسطين والعالم العربي، أذكر منهم على سبيل المثال لا الحصر أ.د. فاروق مواسي، والدّكتور محمّد خليل، والأستاذ عبد المجيد جابر، وعلوان السّلمان، كما أعدّ الشّاعر الإيرانيّ جمال نصاري كتابا عن الشّاعرة باللّغة الفارسيّة بعنوان “بَعِيدًا عَنِ الْقَارب”. ويتبع ذلك الحضور النّقدي الّذي تجاوز المقالات الانطباعيّة إلى الاحتراف النّقديّ ترجمة العديد من القصائد إلى اللّغة الإنجليزيّة والطليانيّة والرومانيّة والفرنسيّة والفارسيّة والكرديّة.
ولم يقتصر حضور الشّاعرة آمال عوّاد رضوان على الشّعر تأليفًا واشتباكًا نقديّا وترجمة، بل امتدّ نشاطها ليشمل مجالات ثقافيّة أخرى، فهي صحفيّة وناشطة ثقافيّة، ومحرّرة في موقع الوسط اليوم، وتشارك في الأنشطة الثّقافيّة الّتي تعقدها المؤسسات والنّوادي الثّقافيّة، كنادي حيفا الثّقافيّ والمجلس الملّيّ الأرثوذكسيّ الوطنيّ، واتّحاد الكرمل للأدباء الفلسطينيين ومنتدى الحوار الثّقافيّ، وغيرها، لتترك بصمتها في كلّ لقاء سواء كان ذلك في إدارة اللقاء أو تقديم أوراق نقديّة، أو إعداد التّقارير الصحفيّة الّتي تعرّف بتلك الأنشطة. واستكمالا للحديث عن هذا الجانب في شخصيّة الشّاعرة آمال عوّاد رضوان الثّقافيّة دخولها إلى عوالم الكتاب والمؤلفين عبر حوارات أدبيّة وفكريّة موسّعة، فحاورت العديد من الكتّاب كما حاورها كثير من الصحفيين والكتّاب، وهذا النوع من النّشاط الثّقافيّ لا يستطيعه أي مثقّف أو كاتب لما له من أسس وقواعد وأصول، ليس أدناها أهمية صوغ الأسئلة وإدارة دفّة الحوار، وإنّما المعرفة العميقة بالكاتب وميّزاته الإبداعيّة، وإشكاليّاته الفكريّة والجماليّة، لذلك فإنّ لكل حوار خصوصيّتَه ومجاله حتى وإن تكرّر مع الكاتب نفسه مرّتين أو ثلاثة.
كلّ ذلك النّشاط الثّقافيّ للشّاعرة آمال عوّاد رضوان جعلها حاضرة بقوّة في المواقع الأدبيّة الإلكترونيّة الرّصينة، وفي متون الصحف والمجلّات العربيّة، لتكون علامة ثقافيّة بارزة في الصّحافة والملاحق الثّقافيّة التي توثّق الحركة الثّقافيّة المعاصرة عربيّا وفلسطينيّا، وصوتا شعريّا باذخ الإحساس إبداعيّ الجمال. بكلّ تأكيد لم نؤدِ كلّ الحقّ في التّعريف بالحضور الثّقافيّ المتميّز للشّاعرة والكاتبة والصّحفية والنّاشطة الثّقافيّة آمال عوّاد رضوان، ولكن كما قال الأسلاف: ما لا يُدركُ كلّه لا يترك جلّه، مع تمنياتنا للشاعرة والصديقة آمال عوّاد رضوان بالتوفيق والألق الدائم والحضور الجماليّ البهيّ.
مداخلة آمال غزال: سلام يليق بحضوركم الأبهى. أتقدّم بشكري الجزيل للجامعة العربيّة الأمريكية بأسرتها التدريسية وكافة موظفيها والعاملين بها، والشكر للدكتور محمد دوابشة، والشكر موصول للجندي المجهول أ. سعيد أبو معلّا الذي رافقني خطوة بخطوة لإتمام هذا المهمّة.
يابسة سماواتي! قالت فأعلنت انتصار الأمكنة، ولن تسلّم جوفها لليأس، ولغيلان دونكي خوت. لن تتراءى كليْل الغربة في الأرض الفقيرة بالأغنيات والعشق، بل سيشتعل في طهر روحها نار الحبّ، ونور الحياة، لتسترق زهزة لوز متوهّجة في ساعة انتظارٍ على رصيف يمتلئ بالمارّة، فتحملنا إشراقاتها المُجنّحة في رحلة إلى عنوان مفقود يتوشّح بالمجهول الأنيق، له رائحة المكان الأخير، ونسيم حيفا وآهات الجليل، وبكاء أشلائنا الممزقة على خرائب الأحلام .
كنا نتساءل: متى سنختلس العشق من أرواحنا الجافة؟ فتأتي الإجابة المتأنّية الهائمة بطعم ولون ممتزجٍ بحكايا وهمس على لسان عشتار؛ عشتارُ التي جمعت أناقة الحرف ولبّ المعنى، لتجدل لنا العشق قصائدَ ملفوفة بالحرير، عشتار التي أنجبت من حبّها للحلم والشعر مناهجَ تُدرّس للحالمين، فسلامي لك مطرًا أيّتها الشاعرة الصديقة آمال عوّاد رضوان، ودَعي سلامك لنا شعرًا، أمطرينا وتعشتري في جبّ أرواحنا كما تشائين، ولأنّ الإبداع يستحقّ الاحتفاء والتكريم، فنقدّم درعًا تكريميًّا للشاعرة آمال عوّاد رضوان، ونشكرها ونشكر كلّ من حضر، وسمح لقمر سعادتنا أن يكتمل، وكم وددنا لو نطرّز من خيوط الشمس التي لا تأفل كلماتِ عرفان وجميل، على الجهود المبذولة لنجاح هذا اللقاء..