ألعاب الطفولة:الغميضة، الدقرّة، الغِلَّل، الزقطة، الإكز ووقعت الحرب على.. – نضال حمد
ذكريات وألعاب الطفولة في المخيم – نضال حمد
عندما كنت طفلاً صغيراً كما كل الأطفال في ذلك الوقت من الزمن المخيمي بالتوقيت الشتاتي الفلسطيني، حرصت على مرافقة والدتي عند زيارة الأقارب والجيران والمعارف. في ذلك الوقت كان الناس أقرب لبعضهم البعض،كما وكانت الإلفة والمودة والعلاقات الانسانية أجمل وأمتن مما هي عليه اليوم. فيما كانت الحياة أسهل من الآن وأقل تعقيداً وقسوة وعوزاً وربما فقراً. أقصد حياة الفلسطينيين في المخيمات الفلسطينية المنتشرة على الأرض اللبنانية من الجنوب الى الشمال وحتى الشرق الى الحدود مع سوريا. كذلك أقصد حياة المواطنين اللبنانيين أنفسهم في مدنهم وقراهم وبلداتهم. هذا بالمقارنة مع هذه الأيام حيث أن لبنان منهار اقتصادياً واجتماعياً وسياسياً و و و … بإستثناء نقطة الضوء والنور الأجمل فيه وهي انتصارات المقاومة اللبنانية التي استطاعت هزيمة الصهاينة وتحرير لبنان من المحتلين، بداية من بيروت وصولاً الى مارون الرأس والناقورة وشبعا، بدماء وتضحيات كل شهداء مقاومة لبنان وفلسطين وسوريا وأحرار وشرفاء العرب والعالم.
كنا حين نزور الأقارب والمعارف والجيران نلهو ونلعب مع الأطفال الآخرين. وبنفس الوقت نتعرف على الأقارب كباراً وصغاراً، ذكوراً وإناثاً. فبعد قضاء يوم طويل في الزيارات واللعب واللهو على كل الجبهات وفي البيوت والحارات. كنا نعود الى منزلنا متعبون ومتعبات، مرهقون ومرهقات، سعداء وسعيدات، إخوة وأخوات. نراجع دروسنا و”ننام بلا تهليل” حيث أننا نصحى وننهض صباح اليوم التالي ونذهب الى مدارس المخيم المعروفة وهي حطين، مرج ابن عامر، قبية، الفالوجة، السموع ولم أعد أذكر إذا كانت هناك مدراس أخرى للأنروا في المخيم. كما أنه فيما بعد أصبحت هناك مدرستين خاصتين في المخيم، مدرسة الكفاح للأستاذ منيب فاعور ومدرسة النضال لأستاذ من آل موعد من صفورية. كانتا تقعان في منطقة حي التعمير اللبناني الفقير على الشارع التحتاني، عند مدخل مخيم عين الحلوة.
كانت الحارة التي فيها بيتنا لا تعرف الهدوء بسبب صراخ ولعب ولهو الأطفال، ففي كل بيت من بيوت حارتنا كان يوجد ما بين خمسة الى عشرة من الأطفال. تصوروا أن حارتنا الضيقة والتي فيها حوالي 30 بيتاً بالقرب من بعضهم البعض، مما يعني أنه كان هناك في الحارة أكثر من 150 طفل وطفلة. تصوروا إن قام هؤلاء كلهم باللعب واللهو والصراخ والتحدث بصوتٍ عالٍ في توقيت واحد أو حتى بتوقيت مختلف لكن طوال اليوم. هكذا كانت حياتنا، وكثيراً ما كان أحد كبار السن من رجال الحارة يخرج ويصرخ علينا مطالباً ببعض الهدوء. فنهدأ لبعض الدقائق ثم تعود حليمة لعادتها القديمة.
من الألعاب التي كنا نلعبها ونحن صغار: الغميضة، الدقرّة، الغِلَّل أو الكِلّل والطَسْ، الزقطة أو الزقيطة أواللقيطة أو اللقطة، شد الحبل، “الغولار” أي حارس المرمى في كرة القدم، البلبل و “الشكّة”، رمي عيدان البوظة أو الآيس كريم لتقع فوق بعضها البعض، وقعت الحرب على … وهذه اللعبة التي لعبناها صغاراً عدنا ولعبناها كباراً. لعبة الحرب، كأن الذي كان يقول وقعت الحرب على العراق مثلاً كان يعي ذلك قد دمرت الحرب، العراق وسوريا وليبيا واليمن ولبنان والسودان ولازالت تدمر بفلسطين واليمن والخ. بفعل العدوانات الخارجية والارهابية العالمية الاستعمارية تعاني أمتنا ونحن عانينا منذ الطفولة ولازلنا نعاني حتى الآن.
البنات كن يلعبن نفس بعض اللعب بالإضافة للعبة الإكز، و”الكعاب” التي تقلب على كف اليد، وغيرها من الألعاب الأنثوية. وربما لا تغيب عن بال أحدكم وأحداكن تلك الألعاب المعروفة والمشهورة التي كنا نمارسها مثل كل أطفال جيلنا في سوريا الكبرى التي تشمل سوريا وفلسطين ولبنان والأردن، حيث كان الأطفال يمارسون نفس الألعاب في ذلك الوقت من الزمن العربي، مثل ألعاب: “نط الحبل”، “السبع حجار” ولعبة وأغنية “طاق طاق طاقية، كاقيتين بعلية، رن رن يا جرس .. حول وإركب على الفرس”. وكُنّ البنات يلعبن لعبة نط الحبل و”الحجلة” او “الإكز”.
هذا ما أتذكره وأكيد ما نسيته ربما يكون أكثر بكثير مما تذكرته. لذا فمن منكم-ن يعرف وتعرف ويذكر وتتذكر ألعاباً لم أذكرها أو أتذكرها أنا فلتزودونا بها من فضلكم، مع شرح مسهب، كي يفهم الجليل الجديد معاني تلك الألعاب. ولكي يأخذ فرصة واسترحة من مواقع التواصل الاجتماعي وألعاب الزمن الحديث، ومن الهواتف الذكية، ولكي يتعرف على الألعاب القديمة، الطبيعية والبسيطة، بساطة الناس في ذلك الزمن… الله يا زمن …
نضال حمد – 21-6-2021