أمسيةٌ عُكاظيّةٌ في حيفا – آمال عوّاد رضوان
أقامَ نادي حيفا الثقافي والمجلس المِليّ الأرثوذكسيّ الوطنيّ- حيفا “أمسيةً عُكاظيّةً شِعريّةً”، في قاعة مار يوحنا المعمدان الأرثوذكسيّة في حيفا، وذلك بتاريخ 29-10-2015 وبحضورٍ كبيرٍ وواسعٍ مِن حيفا والجليل والمثلث، ضمّتْ أدباءَ وشعراءَ ومُهتمّينَ وذوّاقينَ للكلمةِ الشعريّة، وهذه هي الأمسيةُ العُكاظيّةُ الفصليّةُ الثانية، وقد استضافتْ كلّا مِن المُشاركين: إياس يوسف ناصر، ليليان بشارة منصور، حسين جبارة ودانا بشارة، وتولّتْ عرافةَ الأمسيةِ كوليت حدّاد، وأضفت الفنّانة روزان بولس بصوْتها العذب الشّجيّ لمسةً شعريّة إضافيّة، لتكتملَ الكلمةُ بالنغمة، وبصوتٍ واحدٍ غنّى الحضورُ مُهنّئين ليليان منصور بميلادِها، خلالَ التقاط الصور التذكارية!
مداخلة العريفة كوليت حدّاد: إياس يوسف ناصر من قرية كفرسميع شاعر ومحاضر للّغة العربيّة في الجامعة العبريّة في القدس. أنهى بتفوُّق دراسته للّقب الأوّل، وللّقب الثّاني في الأدب العربيّ والأدب المقارن في الجامعة العبريّة، وهو على وشك إتمام رسالة الدّكتوراه في الشّعر العربيّ القديم. حصل على تسع جوائز لتفوُّقه الأكاديميّ، مِن بينها جائزة رئيس الجامعة العبريّة.
صدر ديوانه الأوّل “قمحٌ في كفّ أنثى” عام 2012، عن المؤسّسة العربيّة للدّراسات والنّشر- بيروت. وقد كتب عن الدّيوان غير واحد من النّقّاد المحلّيّين. أقامَ أمسياتٍ شعريّةً عديدةً، وشارك في لقاءاتٍ أدبيّةٍ كثيرة، في مختلف النّوادي والمراكز الثّقافيّة في البلاد. يكتبُ القصيدةَ العموديّةَ والشّعرَ الحُرَّ أيضًا، ويتناولُ شعرُهُ موضوعاتٍ اجتماعيّةً مُهمّةً، كمكانةِ المرأةِ واضطهادها في المجتمع الشرقيّ، والانتماء إلى الوطن، وقداسةِ الإنسان وحرّيّتِهِ، هذا إلى جانب قصائد غزليّة كثيرة، يحاولُ فيها أنْ يتّخذَ الحُبَّ دواءً للأوجاع الإنسانيّةِ على مستوياتٍ مختلفة. صدر له قبلَ أيّامٍ ديوانَهُ الثاني “قبلةٌ بكامل شهرزادها”، عن منشورات مؤسسة الأفق- حيفا.
حيفا/إياس يوسف ناصر: حيفا الحبيبةُ.. أيَّ شِعرٍ في فمي/ أهدي إلى عينيكِ بعدَ غيابي؟!/ قد ذقتُ من شفتيكِ أطيبَ قبلةٍ/ وشَمَمْتُ في كفّيكِ عطرَ شبابي/ ونثرتُ شَعرَكِ فوق نهرِ قصائدي/ فتخمّرتْ في كرْمِها أعنابي/ فلتعذريني.. إنْ هجرتُكِ مرّةً/ من لي سواكِ بعودتي وذهابي!
كمان/إياس يوسف ناصر: في غابةِ الموتِ الدّغيلةِ/ لستُ أطلبُ/ غيرَ ما يحكي الكمانْ!/ لا أقرأُ الأخبارَ/ عن جسدي ولا/ أرمي شِباكَ الـحدسِ/ كي أصطادَ جرحي/ في صُداحِ البرلمانْ!/ لا شيءَ يعنيني/ سوى لغةِ الكمانْ/ في الحزنِ مهتمٌّ أنا/ في نشوةِ الهذيانِ مهتمٌّ أنا/ في بيدرِ القتلى/ المحاصرِ بالمكانْ/ في الرّيحِ إنْ شَبِعَتْ/ نُواحًا/ عند نافذة الثّكالى/ في انصداعِ الرّوحِ/ مهتمٌّ بأن أرتادَ قلبي/ مرّتينِ/ لأطمئنَّ عن الطّفولةِ/ في ترانيم الكمانْ/ هيهاتَ نصغي/ لو هنيهاتٍ/ إلى لغةِ الكمانْ!/ هيهاتَ نَعلمَ أنّ/ أعماقَ السَّكينةِ/ في دواخلِنا/ رهينةُ إمتحانْ!/ هيهاتَ نَعرفَ أنّ/ في أعماقِنا/ شيئًا طفوليًّا/ رفيفًا/ أو وريفًا/ مثلَ ظلِّ السّنديانْ/ لا شيءَ يعنيني/ سوى وطني/ أنا وطني/ صديقي/ أو قريبي/ أو غريبي/ لا فرقَ عندي/ حين أسمعُ/ صوتَ قلبي/ في مناجاةِ الكمانْ!/ لا يبقَ شيءٌ/ قد يراودُني/ إذا ناجيتُهُ/ غيرُ الحقيقةِ/ أنّني إنسانْ!
صورة الله/إياس يوسف ناصر: وطني.. ليس ترابًا وحجرْ!/ وانتسابي.. لا لبَكْرٍ أو مُضَرْ!/ كلُّ ما في الأمرِ أنّي شاعرٌ/ ريشتي قلبي.. وأوراقي البَشَرْ!/ وبلادي.. رحلةٌ لا تنتهي/ مع صدى الإنسانِ في كهفِ القدرْ/ ربّما كنتُ حزينًا مرّةً/ ربّما كنتُ سفيرًا للقمرْ/ ربّما عشتُ طويلًا مع فتًى/ يَرضعُ الشّمسَ.. ويغتالُ المطرْ/ ربّما قد أخبَرَتْني حلوةٌ/ عن صديقٍ كان شكلًا للأثرْ/ ربّما صادقتُ ظلّي حينما/ يُورِقُ القيظُ على خدِّ الشّجرْ/ وطني.. ليس خطابًا عاقرًا/ من سياسيٍّ.. ولا محْضَ خبرْ!/ وطني.. ليس حدودًا بعدَها/ تنتهي الدّنيا.. وينسدُّ النّظرْ/ وطني الكونُ.. وأهلي كلُّهم/ صورةُ اللهِ.. وأصنافُ البشرْ!
لستُ يوسُفَ يا أبي!/ إياس ناصر: همّتْ.. هَمَمْتُ.. فغلّقتْ أبوابَها/ وتمايلتْ نحوي تحدِّثُ: “هيتَ لكْ”!/ تلك الصبيّةُ.. إذ رأيتُ عيونَها/ حدّثتُ قلبي.. أنْ أتى من كمّلَكْ/ من أين تبتدئُ الأنوثةُ يا تُرى؟!/ مِن وجهِها؟! مِن كحلِها؟! ما أجهَلَكْ!/ في كلِّ شبرٍ.. ألفُ لغمٍ للهوى/ فارأَفْ بنفسِكَ.. ليس يَرجعُ من هَلَكْ!/ شفتانِ غارقتانِ في عسلَيْهما/ ونوارسُ النهدينِ.. تَصدَحُ في الفَلَكْ/ وعليهما نافورتانِ كحربةٍ/ في الدربِ قد وقفتْ لتطعنَ مَن سَلكْ/ سارتْ إليَّ.. وأسقطتْ فستانَها/ فتطايرتْ فوقي النيازكُ في الحَلَكْ!/ بل أفرغتْ كلَّ الأنوثةِ في فمي/ وتفوّهتْ: “إني أحبُّ مُقبَّلَكْ”/ “أشعِلْ فتيلَ الحبِّ في أعماقِنا/ مرِّرْ على كلِّ الحدائقِ أنمُلَكْ!”/ “وابذُرْ عليَّ.. بذورَ قمحِكَ كلَّها/ وابعثْ إلى حقلِ السنابلِ منجلَكْ”/ “لم تَبقَ في هذا الوجودِ مساحةٌ/ إلّا لتبنيَ.. فوق صدري منزلَكْ”/ أينَ النبوءةُ؟! لا أراها