أمن (إسرائيل) مسؤولية عربية . !-بقلم : عادل أبو هاشم
أمن (إسرائيل) مسؤولية عربية . !-بقلم : عادل أبو هاشم
ثلاثة أسابيع مرت على العدوان الصهيوني على قطاع غزة خاض فيها العدو المباريات الدموية والعمليات العدوانية الضارية ضد أطفال و نساء و شيوخ ومساجد و مستشفيات القطاع بجدارة وامتياز لتحقيق حالتي الرعب والاحباط في الوطن العربي ، ونحن نخوض ــ وبجدارة وامتياز ايضا ــ المباريات الكلامية وبيانات الشجب والاستنكار والادانة لتثبيت حالتي الرعب والأحباط في الأمة العربية .!
رفعنا شعار انا استنكر اذن انا موجود .!
ورفع العدو شعار انا اقتل اذن انا موجود .!
لهذا كان الفشل والأخفاق هو البند السري في حروب العرب وسلامهم .!
ولأننا أمة لاتحترم إلا موتاها ، فقد اراد العدو ان تسدي لنا خدمة بقتل المزيد من الفلسطينيين حتى يلتقي قادة العرب .!
صحيح اننا نعيش في عصر المستنقعات ، والجهود العربية المبذولة للخروج منها تدعو إلى الرثاء وتثير الاشمئزاز إلى أقصى حد .!
وصحيح أيضا ان الأمة العربية تتخبط بسياسات مرعبة أدخلت في عقولنا بان السياسة هي الاختيار بين السيء والأسوأ ، وادخلت مبررات للتخلي عنى واجباتنا الوطنية متكئين على مقولة تصف السياسة بفن الممكن . !!
ولكن هل يشفع ذلك بان يصبح أمن اسرائيل مسؤولية عربية تحت شعار الواقعية التى تعمقت وتعممت بشكل يثير اليقين بان أمن اسرائيل هو فعلا مسؤولية عربية .؟!
كيف اصبحت قضية أمن اسرائيل محسومة وغير قابلة للنقاش .؟ !
الم يكن هدف ” المبادرة المصرية ” المحافظة على أمن وسلامة اسرائيل و تصب في مصلحة الاحتلال رغم ما أعلنه البعض من ان ” المبادرة المصرية ” هى للمحافظة على سلامة وأمن الفلسطنيين.؟!
الم يقل المعلق العسكرى الإسرائيلى ” رون بن يشاى ” : ” مصر تعمل لصالحنا ” .؟!
( للنذكير فقد صرح وزير التجارة والصناعة الصهيوني بنيامين بن أليعيزر لإذاعة جيش الاحتلال في أعقاب الزيارة التي قام بها إلى مصر برفقة رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو ولقاءه بالرئيس المصري في 3 / 5 / 2010 م بأن حسني مبارك بمثابة كنز استراتيجي بالنسبة لإسرائيل ) .!
كيف نجحت إسرائيل فى حملتها الدعائية ، وأصبح الجميع يبارك ذبح 1.8 مليون إنسان ” معظمهم أطفال ونساء محاصرون من كل الجهات ” ، ويتحدثون فقط عن حق إسرائيل فى الدفاع عن نفسها لدرجة القتل .؟!
( صحيفة أمريكية نشرت فى صفحتها الأولى صورة لجنود صهاينة يقفون خافضى الرؤوس شاعرين بالقلق وهم يسمعون صفارات الإنذار ، وتجاهلت أنه فى اللحظة نفسها أطلقت سفينة إسرائيلية قذيفتها على أربعة أطفال كانوا يلعبون على شاطئ غزة قتلوا جميعا بلا رثاء، وفصلت محطة تليفزيونية مراسلها لأنه هبط مفزوعا يحاول تدليك قلب أحدهم، وتم أيضا فصل مذيعة أخرى لأنها روت كيف يجلس الإسرائيليون فى مستوطنة ” سيدروت ” فوق تل مرتفع ليستمتعوا بمشاهد ضرب غزة ) .!
أما من لم يحسم أمرة في الوطن العربي فعليه ان يواجه تهم المزايدة والحماقة والخيال و التشكيك ، والخروج عن الموضوعية ، وعدم القدرة على استعياب المتغيرات الدولية ، وعدم فهم النظام العالمي الجديد ، وعدم الاستفادة من دروس حرب الخليج وماحصل في البوسنة وكوسوفو والصومال وافغانستان ورواندا و الشيشان ومايقع في ليبيا و سوريا و اليمن .! حتى وصل الأمر ببعضهم إلى الشماتة بالدم الفلسطيني . .!!
وإلى متى سيستمر الفلسطينيون في تعداد شهدائهم حتى يستيقظ القادة العرب .؟!
واذا كانت المذابح اليومية في فلسطين هى لتأكيد النظرية القائلة بان السلام يزهق ارواحا أكثر من الحرب ، فهل هذا يعنى بان الفلسطينيين يكرهون السلام لدرجة انه لابد من إبادتهم .؟!
وكيف وضع العرب انفسهم بين خيارين احلاهما مر :
بين سلام يفضي إلى حروب ، أو حرب تفضي إلى السلام .؟!
وكم يجب ان تقتل اسرائيل من الفلسطينيين كى يستقر السلام وتسود الرفاهية والطمأنينة المنطقة .؟!
وهل يمكن أن ندرك العربدة الإسرائيلية في بلاد العرب طوال ستة عقود ونحن نتسابق بإطلاق قنوات العهر الفضائية .؟!
ان المراقب لكل الممارسات الاسرائيلية منذ احتلالها للارض العربية وبعد اتفاق اوسلو وإلى هذه اللحظة يكتشف بوضوح ودون ان يكون هناك مجال لأى شك ان هذه الممارسات عملت باستمرار على اعتبار ان العرب هم الطارئون في هذه المنطقة ، وان اسرائيل هى الاحق والأولى بأخذ كامل المكانة والهيمنة والسيطرة في الشرق الاوسط ، وبدءا من مذبحة دير ياسين التى ارتكبتها اسرائيل عند تأسيها ، مرورا بمجزرة قانا التى نفذتها في الذكرى المئوية لها وانتهاء بالمجازر والمذابح التى ترتكب هذه الأيام ضد اطفال ونساء وشيوخ قطاع غزة ، نجد دور الثقافة التى يعتمدها حكام صهيون المتسمة بالعنف والتى سادت كل مراحل تكوين اسرائيل والتى تنظر إلى العرب على انهم أمة أوجدت للقتل فقط .. !
تدرك إسرائيل أن فشلها يكمن فى وجود غزة وأهلها ، مجرد وجودهم فقط يمثل خطرًا على مستقبلها ، فهي تعلم جيدًا أن وجودها لن يكون آمنا إلا إذا أبادت أهل البلاد الأصليين عن بكرة أبيهم ، واستولت على فلسطين بكامل حدودها التاريخية ، وقد تعلمت الدرس جيدًا من تجارب الاستعمار الاستيطانى السابقة ، فقد نجح البيض فى أمريكا لأنهم أبادوا الهنود الحمر، ونجحوا فى أستراليا لأنهم استأصلوا السكان الأصليين ” الأبوريجين ” ، بينما فشلت فرنسا فى الجزائر والبيض فى جنوب إفريقيا لأن السكان الأصليين بقوا وصمدوا وواصلوا التمسك بأرضهم .
إن مطالبة اسرائيل بالالتزام بتعهداتها ، والكف عن قتل الفلسطينين لن تجدي نفعاً ، فكم طالبنا .. وكم تحدثنا .. وكم أصدرنا بيانات مشتركة ومتفرقة في هذا الشأن دون ان تستجيب اسرائيل لأية مطالب أو حديث .؟!
الأمة العربية والإسلامية بحاجة ماسة إلى ان يذهب القادة العرب إلى ما هو ابعد من بيانات الشجب والاستنكار ، نحن بحاجة إلى ان يضع القادة العرب البوصلة في اتجاهها الصحيح أولا ، ومن ثم يبدأ العمل الجاد والمثمر لمواجهة كل التحديات وعلى كل المستويات ، وان نتحرر من نظرية ان العرب ظاهرة صوتية فقط ، ولن يخسر القادة العرب شيئا لو جربوا ــ مرة واحدة فقط ــ الاحتكام إلى ضميرهم بدل الواقعية التي اعتقدوا ان فيها طريق الخلاص من قضية العرب الأولى .!
الجامعة العربية ، و منظمة التعاون الإسلامي موعد تفعيلهما هو الآن ، وليس في زمن آخر لا يبق فيه سوى الأطلال ، وسخرية شعوب العالم من عجزنا وانبطاحنا .!
وإلا فإن دورهم آت ، جماعيـًا أو فرادى ، لتبقى “إسرائيل” على الرافعة الأمريكية هي المسيطر وهي المهيمن ، هي من يقتـني السلاح المدمر ، وهي من يستخدمه ، ولا تكتف بذلك بل تعلن أنها تمتلك من السلاح النووي و ما هو أشد فتكـًا وتدميراً.!
فما لدى الكيان الصهيوني من أسلحة نووية وبيولوجية وكيميائية لم يعد سرًا ، ومع ذلك فإن هذه الفضيحة لا تثير أحدًا من جماعة الشرق الأوسط الكبير ، لا سياسيـًا ولا عسكريـًا .!
وكأن هذه الأسلحة مجرد حمامات سلام “تحلق في فضاء الجيران” والمنطقة كلها تـنثر الورود والياسمين في خدمة التسوية الموعودة .!
أشك بأن أعداءنا ” عباقرة ” .. كل ما في الأمر أننا نحن “العاجزون” ..!!