أنا وأمي وصبرا وشاتيلا وأيلول الحزين…
نضال حمد:
ما رأيته لم يكن حلماً إنما تواصل روحي مع والدتي.
سألتها ولا أدري إن سمعت سؤالي أو لم تسمعه ..
أين ومتى تنامين؟ أين تقيمين الصلاة؟
كيف تعجنين الصبر؟
كيف تزيدين الارادة الفولاذية فولذة؟
كيف تملكين كل ما ملكت ولازلت تملكين من صبر؟
كيف تملكين كل ما ملكت ولازلت من صبرٍ اعتلا الصبر؟
أي إرادة هي إرادتك؟ … قوة الحياة في زمن الموت .. ارادة الاستمرار في زمن الفناء … نية الصمود في زمن الانكسار والهزائم المتتالية … الخروج من المذبحة والدخول من جديد في دوامة أخرى، فمن مجزرة الى مجزرة عشنا حياتنا بحثاً عن نجاة.. نخرج من الموت لنعد الى المعركة للحفاظ على الأطفال الصغار في وقت كان يقتل فيه الصغار قبل الكبار.
ترى بماذا فكرت عندما وصلك نبأ موتي؟
إنهرتِ؟ بكيتِ؟ صرختِ؟ صدمتِ؟
ترى كيف استقبلت النبأ وكيف تعاملت مع القلب وتصاعد خفقانه؟
بماذا فكرت؟ أرأيتني مثلما كنت طفلاً في ساحة الدار ومن ثم صبياً شقياً في الجارة وتلميذاً أحب مدرسته؟؟؟
أنا يا أمي لم أمت .. لم أماك في تلك اللحظة بلباسي الأبيض والأسود؟
ربما {ايتني فلم تقتلني المجزرة في المخيمين .. أما الذي مات فهو صديقي محمد والذي جرح كنت أنا، بينما الخبر ذهب بين الناس معكوساً، فصرت أنا الميت ال- شهيد – وصارى محمد هو الجريح الحي.
في مثل هذا اليوم كانت المجزرة مستمرة ودفن الضحايا المدنيين الابرياء وهم أحياء أو بعد أن قطعوا بالسواتير والسكاكين والبلطات وصاروا أشلاء … وضع حداً لحيواتهم بلا شفقة أو رحمة، كان الموت سيد المكان، وكانت الدماء في كل مكان هناك، وكان مسلسل الرعب يدور باخراج اسرائيلي وبرعاية وحماية الجيش الاسرائيلي وتحت اشرافه. كما كانت عصابات ومجموعات الفاشييين اللبنانيين من القوى والمنظمات المرتبطة باسرئايل يقتلون وكان الجيش الصهيوني يساعدهم بكل ما احتاجوا على مدار مل أيام المجزرة من ١٦ الى ١٨ ايلول ١٩٨٢.
نضال حمد – موقع الصفصاف – وقفة عز
18-9-2023