أنواع التنظيمات الإرهابية في سيناء – الدكتور عادل عامر
فقد أعقب أحداث ثورة 25 يناير عام 2011 في مصر حالة غياب أمني تام في سيناء، كما أسهمت تداعيات ثورة 17 فبراير من نفس العام في ليبيا، وسقوط مخازن الأسلحة التي كان يقتنيها نظام القذافي في أيدي الثوار، في توفير كميات منوعة لا حصر لها من الأسلحة المتطورة مختلفة الأشكال والأنواع، تم تهريبها إلى سيناء عبر الطرق والدروب الصحراوية والطرق الموازية للبحر المتوسط من أقصى الحدود الغربية المصرية، مرورا بالطرق المتاخمة لسواحل المدن الشمالية المصرية، وأشارت تقارير أمنية إلى أن كميات كبيرة من هذه الأسلحة تم إدخالها إلي قطاع غزة عبر الأنفاق التي تشرف عليها حركة حماس، كما تم تخزين كميات أخري من هذه الأسلحة داخل مخازن ضخمة أقيمت في محيط مدينة رفح المصرية. من جانب آخر أوجد الصراع الدموي الذى أعقب أحداث الثورة السورية، قناة ثنائية، أتاحت حرية التنقل للكثير من العناصر الجهادية من جنسيات مختلفة بين سيناء والأراضي السورية للمشاركة في الصراعات الدائرة هناك وبالعكس، ما أتاح خبرات قتالية إضافية للعناصر المتواجدة على أرض سيناء.
وعقب الثورة المصرية أيضا حققت جماعة الإخوان المسلمين سيادة وتواجدا كبيرا على الساحة السياسية، سواء خلال حكم المجلس العسكري الذى تولي إدارة شئون مصر عقب رحيل مبارك، او خلال فترة حكم محمد مرسي التي دامت لمدة عام.
خلال فترة حكم المجلس العسكري صدرت كثير من قرارات العفو عن الكثير من المحكومين في قضايا إرهابية، من الموجودين داخل السجون المصرية أو من الهاربين خارج مصر وسمح لهم بالعودة إلى مصر والتوجه إلى سيناء.
هذه القرارات كانت تصدر بضغوط كبيرة من جماعة الإخوان المسلمين على المجلس العسكري الحاكم، سواء من خلال قدرتها على الحشد الجماهيري الواسع وتنظيم المظاهرات بالتعاون مع العديد من الكيانات الإسلامية الأخرى، أومن خلال سيطرة الجماعة على غالبية مقاعد البرلمان الذى تم انتخابه في أواخر عام 2011، بالتحالف مع نواب حزب النور السلفي، وبعد فوز مرسي بمنصب الرئاسة وجلوسه على مقعد رئيس مصر، تواصلت عمليات المدد للعناصر المسلحة في سيناء، أصدر المزيد من قرارات العفو عن أعداد إضافية من المحكومين في قضايا إرهابية وكانوا يقضون فترات محكوميتهم داخل السجون المصرية. وكان لافتا، خلال هذه الفترة، جنوح جماعة الإخوان المسلمين إلي إجراء مصالحات وإقامة تحالفات واسعة مع كافة الكيانات السلفية الموجودة على أرض سيناء، بعد عقود طويلة من الاختلافات والتباينات الفكرية والمنهجية، وصلت إلى حد العداء!.. وفى أعقاب ثورة 30 يونيو في مصر، وإنهاء فترة حكم الإخوان، اشتعلت الأحداث الإرهابية في سيناء، ومنها انتقلت إلى عدد من المدن المصرية من بينها العاصمة المصرية القاهرة، ولا تزال مشتعلة.
عقد الإرهاب في سيناء، بدأ في عام 2004 بعد فترة كمون دخلت فيها جماعات العنف المتسترة بالدين في مصر، بعد مواجهات دامية شهدها عقد التسعينيات من القرن الماضي بين أجهزة الأمن، وبين أعضاء التنظيمين الأبرز والأكثر شهرة، خلال تلك الفترة، وهما تنظيم الجماعة الإسلامية وتنظيم الجهاد.
غالبية تلك العناصر كانوا ممن شاركوا في عمليات مقاومة الاحتلال الروسي لأفغانستان (1979 ـ 1989) ، إلي جانب عناصر تنتمي لجماعات جهادية من دول إسلامية شتى كان المصريون في مقدمتهم، عاد أغلبهم وشاركوا في تنفيذ حوادث إرهابية منوعة في مصر، شملت تنفيذ عدة تفجيرات في عدد من ميادين القاهرة وقاموا بتنفيذ حوادث اغتيالات ومحاولات اغتيال ضد وزراء ومسئولين تنفيذين سياسيين ورموز فكرية ومواطنين مصريين وأجانب وأفراد شرطه، وكانت القاهرة وعدد من محافظات الصعيد مسرحا للمواجهات الدامية التي دارت بين أجهزة الأمن وتلك العناصر، وكان حادث الأقصر في عام 1997 الأكثر دموية وعنفا، وقتل خلاله أكثر من 60 شخصا بينهم 3 مصريين والباقي من السياح الأجانب.وكان تنظيم الدولة الإسلامية أو ما يعرف بـ”داعش” أطلق الخميس الماضي مقطع فيديو يدعو المقاتلين إلى المشاركة بكثافة في الهاشتاغ الذي أطلقه الاثنين في خطوة تثبت تورط التنظيم في الحوادث الإرهابية التي تشهدها شبه جزيرة سيناء. إن “الهاشتاغ نوع من أنواع الإرهاب المعنوي الذي يستخدمه التنظيم الإرهابي المتطرف، وإن حديثه عما يسمى بغزو سيناء هو تهديد ليست له قيمة، لأن أكثر تلك التهديدات تكون مجرد ‘شو إعلامي’ فقط”. إن تنظيم “داعش” يمتلك أدوات الحرب النفسية ويجب ألا ننصاع وراءها، لانها “ألاعيب جماعة الإخوان الإرهابية” .وتعد هذه المرة الأولى التي يعلن فيها تنظيم “داعش”، تدخله في سيناء بشكل معلن. واللافت في الدعوة، مشاركة “أنصار الشريعة” في ليبيا، التي كانت قد أعلنت مبايعة “داعش” خلال وقت سابق، في الترويج للهاشتاغ، وهو ما يدلل، وفق نشطاء، على خطة التنظيم في جمع مقاتليه بالمنطقة في سيناء لتحويلها إلى إمارة إسلامية جديدة له. وتحولت مواقع التواصل الاجتماعي في مصر إلى ساحات قتال لفظي بين المصريين و”الدواعش”. واستنفر التنظيم لجانه الإلكترونية في الهاشتاغ في محاولة لدفع أكبر عدد من أنصار تنظيم “الدولة الإسلامية وأتباعها” من الخلايا النائمة إلى التفاعل معها. وقال أبو مصعب المقدسي: “بـاختصار شديد يا أحباب دولة الخلافة الإسلامية.. أروا الله من أنفسكم خيرًا في هذا الوسم سيناء عرين الموحدين”. وحاول “الدواعش” حشد المغردين ضد الجيش المصري عبر بث فيدوهات قالوا إنها “لتعذيب سيناويين”. في المقابل دشن النشطاء المصريون هاشتاغا بعنوان “سيناء مقبرة الإرهابيين”. وقالت مغردة “سيناء عرين الموحدين، نصائح لمجاهدي مصر؛ الطريق إلى الجنة لا يبدأ من سيناء بل من عند الصهاينة.. يا جبناء”. ويحقق الجيش انتصارات ساحقة أسفرت عن اعتراف التنظيم الإرهابي “داعش” بتفوق الجيش والشرطة في حربهما للقضاء على جماعة أنصار بيت المقدس الإرهابية في سيناء. خرجت الجماعات المسلحة في سيناء الى الواجهة من جديد ، حيث ألقت العملية العسكرية التي يقوم بها الجيش المصري الضوء على تلك الجماعات بوصفها ” الخطر الأكبر ” الذي تواجهه الدولة المصرية وإسرائيل . ففي الوقت الذي تحرص الحكومة المصرية المؤقتة على الدفع بكل طاقتها لضمان ” أمن سيناء ” من الجماعات التي تصفها بـ ” الارهابية “، فانها تواجه قتالا من نوع مختلف وخاصة لما تتمتع به تلك الجماعات من مميزات تجعلها قادرة على مقاتلة الجيش المصري وتشكيل تحديا كبيرا له .
التنظيمات الجهادية في سيناء
( 15 ) تنظيماً من “الجهاد العالمي”، بينها ( 4 ) تنظيمات هي الأبرز وتتركز في نشاطها على تنفيذ هجمات ضد الجيش الإسرائيلي عند الحدود وإطلاق صواريخ باتجاه الأراضي الإسرائيلية، كما أنها نفذت هجمات ضد قوات الأمن المصرية في سيناء ، وهذه التنظيمات الأربعة هي :-
• أنصار بيت المقدس • مجلس شورى المجاهدين في أكناف بيت المقدس • التكفير والهجرة
• جيش الإسلام
يمكن رصد 5 مجموعات من التنظيمات السلفية الجهادية تحارب الجيش والشرطة في سيناء
• الرايات السود• بقايا تنظيم الجهاد• التوحيد وتنظيم السلفية الجهادية• منظمة أنصار الجهاد
• جيش الجلجلة
وهذه التنظيمات التي تشير إليها أصابع الاتهام في عمليات اختطاف وقتل عناصر الجيش والشرطة ، كما تعتبر مسئولة عن عمليات تفجير خط الغاز المصري ، وهى تتخذ من مناطق الجبال الوعرة والوديان والمغارات ملاذات آمنة لعناصرها التي تتنقل بين الأراضي المصرية وقطاع غزة .
وتنقسم الجماعات الإسلامية المنتشرة بمنطقة وسط وشرق سيناء إلى 6 جماعات
• الجماعات السلفية :-
وهى جماعات منتشرة بطول سيناء وعرضها، وينتهج أعضاؤها منهجا سلميا لا يميل إلى العنف، بالإضافة إلى الجماعات الجهادية التي ترفع راية الجهاد في وجه الكيان الصهيوني، ومعظم هذه الجماعات مرتبط فكريا أو تنظيميا بجماعات جهادية فلسطينية، .
• الجماعات التكفيرية :-
وهى جماعات تنتهج فكرا متشددا، وتتركز بالمنطقة الحدودية، خاصة مركزي رفح والشيخ زويد، بالإضافة إلى منطقة الوسط، ويقوم فكر هذه الجماعات على مبدأ الجهاد ضد الكفار، وتصنيفهم للكفار يشمل كل من لا يقيم شرع الله .
• الخلايا النائمة :-
حيث إنها جماعات إسلامية غير محددة الفكر بشكل واضح، إذ تنتهج خليطا من الأفكار السلفية والجهادية والتكفيرية، لكن معظمها لا يعمل بشكل تنظيمي حتى الآن، ولا يوجد بينها رابط فكرى أو تنظيمي، وإن كان من السهل تنشيطها ودفعها للعمل المنظم بمجرد وجود من ينظم أفكارها أو يوفر لها الدعم، سواء من ناحية التمويل أو التدريب، وهى حسب وصف أعضاء فى جماعات سلفية أخطر أنواع التنظيمات إذ يمكن استغلال أعضائها بسهولة في تنفيذ عمليات ضد أي أهداف داخل سيناء أو خارجها، وترصد ” خريطة هذه الجماعات بمختلف أنواعها في منطقة شبه جزيرة سيناء من خلال التحقيق التالي:
• جماعة ” أهل السنة والجماعة”
ظهر تنظيم “السنة والجماعة” في سيناء عام 1979 علي يد “ف. ح. إ” الملقب بـ – أبو إسلام – وكان اسمها في البداية “الجماعة السلفية في سيناء” إلي أن تغير اسمها الآن إلي “أهل السنة والجماعة” وذلك علي يد الشيخ” أسعد البيك “أحد مؤسسي السلفية في سيناء، وقد بدأت جماعة “أهل السنة والجماعة” في مسجد عمر بن عبد العزيز بالعريش حيث تكونت من الشباب الذين يترددون علي المسجد للصلاة ثم انتقل نشاطهم واجتماعاتهم بعد أن ضيق عليهم الأمن إلي مسجد النور، ثم ضيقت عليهم بعد ذلك مباحث أمن الدولة حثي توقف نشاطهم بعض الشيء بسبب الضغط الأمني والاعتقالات والتعذيب لهم ،وكان ل”جماعة أهل السنة والجماعة” اتجاه عدائي في العهود السابقة قبل ثورة 25 يناير تجاه الجهات الأمنية في سيناء بسبب ما كان يحدث لهم قبل الثورة ولكنهم أعلنوا الهدنة والمصالحة مع المسئولين بعد أن جاء الرئيس “محمد مرسي” اقتناعا منهم بأنهم سيستطيعون الحصول علي حقوقهم في الفترة القادمة بأي وسيلة ولكنهم سيبدءون بالطريقة السلمية وقد سعوا لإقامة الشريعة من خلال تكوين “لجان شرعية” لفض المنازعات بين الناس بسيناء ،في ظل عدم اعترافها بقانون البادية الذي تحتكم له قبائل سيناء والمعروف باسم “القضاء العرفي” وهو ما تسبب في نزاع بينهم وبين قضاة العرف ما زال مستمرا حتى اليوم.
• تنظيم “التوحيد والجهاد”
حسب احد أعضاءه فان أول ظهور لجماعة “التوحيد والجهاد” كان في العراق و فلسطين ثم اعتنق عقيدتهم البعض من الجهاديين في سيناء نظرا لوجود هذا التيار في فلسطين وقطاع غزة بسبب وجود علاقات قوية بين قطاع غزة وبعض القبائل في سيناء ويعتنق أعضاء جماعة “التوحيد والجهاد “عقيدة أهل السنة والجماعة، وأصول السنة والعقيدة ويقسمون الإسلام إلي أمرين علي حسب قولهم أولهما الأمر بعبادة الله وحده لا شريك له والتحريض علي ذلك والموالاة فيه وتكفير من تركه وثانيهما النهي عن الشرك في عبادة الله، والتغليظ في ذلك، والمعاداة فيه وتكفير من فعله وبالتالي هم يميلون ناحية الأمور التكفيرية في الدين وقد بدأ التنظيم نشاطه بـمنطقة “وسط سيناء” وقرى “الشريط الحدودي” وأعلن التنظيم عن نفسه في مدينة “العريش ” و يتبنى أعضاءه أفكاراً قائمة على تكفير الحاكم الذي لا يطبق شرع الله، وتنسحب على من دونه من أركان نظام حكمه، وصولا إلى قاعدة المجتمع البعيدة عن شرع الله، ونشطت هذه الجماعات في عقد التسعينيات.
القاعدة تحصل على حماية القبائل
القاعدة تستغل فراغ السلطة وتستغل القبائل والبدو في المناطق التي تتواجد فيها للحصول على الحماية . أحد أساليب عمل مقاتلي ألقاعدة أيضا هي التزاوج من القبائل وسكان المنطقة لتعزيز الحماية والحصول على مناصرين جدد .
“الدعوة السلفية” الأكثر انتشاراً ومركزها مدينة العريش
هي أقدم الجماعات الإسلامية وأوسعها انتشارا بمختلف مناطق سيناء، وتنتهج الجماعات السلفية الفكر السلفي السلمي المعروف فى أنحاء الجمهورية، ويحظى هذا التيار بشعبية كبيرة بين بدو سيناء نظرا لاقترابه من الطبيعة البدوية التي تميل إلى التدين والزهد والتقشف، وتتدرج أفكار هذه الجماعات من الوسطية إلى التشدد، لكنها لا تقبل حمل السلاح والقتال، لكنهم يدعمون القضية الفلسطينية بصور أخرى مثل جمع التبرعات، ونقل البضائع والمواد الغذائية عبر الأنفاق، وصولا إلى نقل السلاح.
جماعات ” السلفية الجهادية “
وتنتشر جماعة ” السلفية الجهادية” فى نطاق مدينتي رفح والشيخ زويد وتتلقى تدريبات عسكرية شبه منتظمة وتنقل السلاح للجهاديين الفلسطينيين وتضم جماعات تتبنى أفكار تنظيم القاعدة، لكنها لا تتصل بها تنظيميا، وتقترب أفكار هذه الجماعات من فكر الجماعة الإسلامية فيما يخص الجهاد باعتباره الفريضة الغائبة عن حياة المسلمين، “والهدف من الجهاد إقامة الدولة الإسلامية، وإعادة الإسلام إلى المسلمين،
النمو السريع والواسع للجماعات الإسلامية الجهادية في مصر :-
جاء هذا النمو في شكل ثلاث تنظيمات رئيسية هي : –
• الجماعة الإسلامية• وتنظيم الجهاد• وجماعة التكفير والهجرة
كانت الجماعة الإسلامية أكثرها نفوذاً وأوسعها انتشاراً، حتى قدر البعض عدد أعضائها نهاية التسعينيات بما يقرب من 40 ألف عضو، عددها الان 74 الف في حين يأتي في المرتبة الثانية تنظيم الجهاد الذي بلغ عدد أعضائه في نفس الفترة ما يقرب من 6 آلاف عضو، عددة الان 9 الاف وأخيراً تنظيم التكفير والهجرة الذى يعتبر الأصغر بالمقارنة مع الجماعتين السابقتين حيث بلغ عدد أعضائه ما يقرب من ألفي عضو و الان وصل الى 6 الاف.
عوامل أدت إلى قوة الجهاديين فى سيناء وظهور تهديدهم :
• التدريب على الأعمال القتالية من خلال خبرات مروا بها في أفغانستان والشيشان .
• يمتلكون سلاح بنوعيات كبيرة ومتطورة للغاية .
• طبيعة تضاريس سيناء القاسية تعلي من روحهم القتالية .
• الحالة الاقتصادية لبعض العناصر الشاردة من القبائل وهى ليست أصيلة فى سيناء .
• إهمال الدولة للتنمية فى سيناء .
• الأحداث الجارية التى تمر بها مصر من عدم استقرار .
• انزلاق جيل كامل من المصريين إلى حالة من اليأس والإحباط والغضب، مع انهيار المشروع القومي عقب هزيمة السادس من يونيو عام 1967 ،ناهيك عن فجاجة التحولات التي شهدتها البلاد وموجات الهجرة إلى دول الخليج ، بالإضافة إلى القبضة الحديدية التي أدت إلى قمع وتهميش المعارضة السياسية ابان حكم السادات ومبارك .
المنطقة الشمالية : الأخطر في سيناء
أن قوة الجماعات الجهادية الإسلامية تقوم على قبائل سيناء التى تخفيهم وتمدهم بالسلاح والذخيرة وبناء عليه فالجيش لا يستطيع مهاجمة القبائل ولذلك عملية المهاجمة تطول وهذا هو مصدر القوة التي تعتمد عليه تلك الجماعات.
دور جهاز الأمن العام الإسرائيلي “الشاباك” في سيناء
شكل ” الشاباك ” لواء كوماندوس استخباري مهمته الأساسية إحباط هجمات تنفذها “منظمات جهادية” ضد إسرائيل وتخصص لها موارد كبيرة تفوق حتى المخصصة لوحدات “الشاباك” التي تعمل في الضفة الغربية، وذلك كجزء من العمل للتصدي للهجمات من سيناء على إسرائيل. تم تكليف الشاباك بمهمة قيادة المجهود الأمني من أجل إحباط عمليات على طول الحدود الإسرائيلية – المصرية، فيما تم تكليف شعبة الاستخبارات العسكرية (أمان) بجمع المعلومات الاستخباراتية في سيناء “بواسطة المراقبة من بالونات وكاميرات تم نصبها على طول الحدود وترصد ما يحدث داخل سيناء ومن خلال صور تلتقطها الأقمار الاصطناعية” بالاضافة الى بناء سور ارتفاعة 10 متر وطولة 266 كم وتكلفتة 6 مليار دولار ويفرض منطقة عازلة بالنار مسافتها في داخل مصر 5كم ملحق بة طائرات بدون طيار
نقاط القوة والضعف لدى جماعات سيناء :
هؤلاء الجهاديين ليس لهم قوة عددية على أرض الواقع وإنما هم مجموعات مختلفة ، وآخرون يرون أن خطورة هؤلاء تكمن فى نوعيات الأسلحة التى يرفعونها فى وجه الجيش المصري واجهزتة الأمنية. الجهاديين فى سيناء لديهم وهن في القوة من الناحية العددية بينما القوة لديهم تكمن فى التسليح والتنظيم القبلي وهذا ليس وهما فهؤلاء جاءوا من أفغانستان وتدربوا على الأعمال القتالية التي كانت تمارس ضد الاتحاد السوفيتي .
كيف تخطط إسرائيل لمواجهة ” جهادي سيناء ” :
الخبراء العسكريون الإسرائيليون يرون أن خير وسيلة للدفاع أمنيا هو التعامل بتكتيك أمني عالي حتى لا تقع خسائر كبيرة, من خلال الأجهزة المخابراتية أو ما يسمى بالعيون التى تجمع معلومات عنهم ومن ثم يتم اقتناصهم, فضلا عن طرق أخرى لمداهمة جهادي سيناء .
تأثيرات تنظيم القاعدة في سيناء: 1) العداء الشديد للقاعدة تجاه الإخوان المسلمين :- الأمر الذى ينذر بمواجهة من نوع فريد بين الإخوان المسلمين، القوة السياسية الكبرى في البلاد ، وبين تنظيم القاعدة ، الذي دائما ما كان يحاربه النظام السابق بقوة وضراوة، فى الوقت نفسه الذى كان يضيق فيه على جماعة الإخوان المسلمين، والآن ربما يتحول الصراع إلى مواجهة بين ما يسمى ” الإسلام الوسطي والإسلام الجهادي ” في مصر.
2) وجود تنظيم القاعدة في أي دولة يمثل تحدياً واضحاً لأي حكومة :- لكون التنظيم دائما ما يستهدف المواطنين الغربيين (الهدف المفضّل للقاعدة)، وهو أمر يؤدي إلى الإضرار بقطاع السياحة الذي يقوم عليه الاقتصاد المصري، بما في ذلك اقتصاد سيناء حيث تقع أبرز المنتجعات السياحية المصرية.
3) موقف تنظيم “أنصار الجهاد” من الأمور الداخلية المصرية، :- يشكّل تحدياً كبيرا، ربما لا يقل خطورة عن تحدي الارتباط الخارجي “بالقاعدة”، كونه يمسّ النسيج الوطني المصري، وتحديداً العلاقة بين المسلمين والأقباط ، حيث أوردت الجماعة على موقعها الإلكتروني مواقف واضحة في شأن العلاقة مع الأقباط، وهي مواقف تختلف إلى حد كبير مع مواقف الإخوان وحتى السلفيين، حيث أعلن التنظيم “أنه يجب على الأقباط أن يدفعوا الجزية للحكام المسلمين، في ظل الدولة الإسلامية في مصر “.
4) التنظيم من الناحية الفكرية لا يقبل بأي فكر غير جهادي :- حتى ولو كان إسلاميا، كالإخوان والسلفية، فكيف بالتيارات الفكرية غير الإسلامية، كالليبرالية والاشتراكية والقومية، فلا شك في أنه لن يقبل بفكرة وجود هذه التيارات أصلا.
5) وجود تنظيم “أنصار الجهاد” :- أحد نماذح القاعدة – فى سيناء هو أن التنظيم سوف يجعل من سيناء قاعدة ينطلق منها لشن هجماته على إسرائيل، الأمر الذى قد يؤدي إلى أن تتخذ إسرائيل هذا الأمر ذريعة للدخول إلى عمق سيناء بحجة القضاء على هذا التنظيم، وحماية حدودها، فى وقت يعد فيه الأمن المصرى فى سيناء” متراجعا” ، إضافة الى المشاكل الداخلية، والاضطرابات السياسية، التي لم تشهدها البلاد من قبل، الأمر الذي يمكن أن يضع مصر في مواجهة مع إسرائيل، في ظل ظروف صعبة جدا تمر بها البلاد.
تداعيات محتملة على مصر وأمنها القومي بسبب الجماعات المسلحة
أ . إن انتشار هذه الجماعات الجهادية في سيناء يؤكد المقولة التي تقول: إن هذه المنطقة خارج نطاق السيطرة الأمنية، وبالتالي فهي أصبحت تمثل تهديدًا للأمن المصري، وأمن دول الجوار، وعلى رأسها إسرائيل.
ب . إن عدم القضاء على مثل هذه التنظيمات المسلحة قد يفتح الباب لعودة التيارات الجهادية من جديد في مصر.
ج . ثمة مخاوف من أن يكون هنالك تنسيق بين التنظيمات الجهادية في سيناء، ومثيلاتها الأخرى في المنطقة مثل “القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي” من أجل الإطاحة بالأنظمة الموجودة في المنطقة، وخاصة الأنظمة الإسلامية التي قامت عقب الثورات العربية في كل من مصر وليبيا وتونس؛ لأنها من وجهة نظرهم “أنظمة تقدم صورة مضللة للإسلام، وهي أخطر على الإسلام من الأنظمة العلمانية” كما تقول هذه التنظيمات.
التأثيرات المحتملة لظهور تنظيم “أنصار الجهاد” في سيناء
في ظل الربيع العربي، ظن الكثيرون أن الثورات العربية قد كتبت بداية النهاية للقاعدة، وأن القاعدة فى طريقها إلى الزوال والاختفاء، لأن الثورات السلمية العربية أثبتت بما لا يدع مجالا للشك فشل الفكر الجهادي والقاعدي، حيث استطاعت هذه الثورات السلمية أن تحقق في وقت وجيز ما فشلت فيه التيارات الجهادية والقاعدة على مدى ثلاثين عاما، من تغير لبعض الأنظمة العربية، والتي استعصت على كل التيارات الجهادية في المنطقة العربية. وزاد من صحة هذا الظن الضربات الفكرية القوية التي وجهت إلى تنظيم القاعدة قبل قيام الثورات العربية، والمتمثلة في المراجعات الفكرية، التي قام بها العديد من التيارات الجهادية في المنطقة العربية، والتي بدأت من مصر على يد الجماعة الإسلامية، ثم تبعتها مراجعات تنظيم الجهاد المصري، ثم انتقلت إلى العديد من الدول.
عقب الثورات العربية، تواجد النشاط الكبير لتنظيم القاعدة في شمال إفريقيا حيث نشط تنظيم “القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي”، ثم تبعه ظهور جديد للقاعدة فى سيناء، تحت مسمى “أنصار الجهاد في سيناء”، حيث أثار ظهور هذا التنظيم الكثير من المخاوف، منها على سبيل المثال، عودة العنف الديني المسلح من جديد، وكذلك عودة العمليات الإرهابية التي عانتها مصر فترة طويلة من الزمن، بعد أن تم القضاء عليها. وقد تمثل الظهور الإعلامي الرسمي للقاعدة فى مصر، من خلال بيان صدر عن جماعة أطلقت على نفسها ” جماعة أنصار الجهاد فى سيناء”، وهو بيان مبايعة لزعيم تنظيم القاعدة أيمن الظواهري.
نماذج تنظيم القاعدة
تنظيم “أنصار الجهاد فى سيناء” هو أحد نماذج القاعدة ، وتنظيم القاعدة في الآونة الأخيرة لم يعد هو تنظيم القاعدة وقت تأسيسه، حيث إن مسمى القاعدة المنتشر في عدد من دول العالم ليس تنظيماً واحداً وتحت قيادة واحدة، وإنما هناك ثلاث صور أو أشكال للقاعدة هي:
1. القاعدة الأم (المركزية) : – وهى التنظيم الأصلي الذي أسس تحت مسمى “الجبهة الإسلامية العالمية لجهاد اليهود والصليبيين” الذي كان يقوده أسامة بن لادن، ومن بعده أيمن الظواهري.
2. فروع القاعدة :- وهى التي صدر أمر بإنشائها بأمر مباشر من أسامة بن لادن، والمثال الوحيد لها هو “تنظيم القاعدة في جزيرة العرب”، حيث يعد امتداداً فكرياً وأيديولوجياً لتنظيم القاعدة المركزي.
3. نماذج القاعدة :- وهى الصورة الثالثة من صور القاعدة، والتي يندرج تحتها تنظيم “أنصار الجهاد في سيناء”، وهى تلك التيارات المنتشرة فى عدد من الدول الإسلامية، وتنتهج نهج القاعدة وتعد أسامة بن لادن زعيماً روحياً لها، ولكنها لم تنشأ بأمر من بن لادن، وليست لها أي علاقة بالقاعدة الأم، وأشهر الصور على هذه النماذج هي “القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي” . بعد حادث الأقصر خمد الصراع بين أجهزة الأمن وبين تنظيم الجماعة الإسلامية، بعدما أعلنت الجماعة عما أطلق عليه المراجعات الفكرية، التي تضمنت إقرارا بخطأ استخدام العنف والتزاما بسلوك الدعوة السلمية.
أما تنظيم الجهاد فقرر ـ آنذاك ـ تحويل نشاطه إلى ما وصفه قادة التنظيم من مواجهة العدو الداخلي إلى مواجهة العدو الخارجي (أي خارج مصر)، وتحالف قائد تنظيم الجهاد أيمن الظواهري مع زعيم تنظيم القاعدة أسامة بن لادن، وشكلا ما عرف بالجبهة العالمية لقتال اليهود والصليبين، وفي مرحلة تالية أقدمت قيادات تنظيم الجهاد من داخل السجون بمصر على طرح مباردة سموها “وثيقة ترشيد العمل الجهادي”، أعدها مؤسس تنظيم الجهاد، والمنظر الأول ومفتي الجهاديين في مصر الدكتور سيد إمام الشريف الشهير بالدكتور فضل، وأطلق متابعون وصف الجيل الأول على أعضاء التنظيمات الإسلامية المتشددة الذى نشأ في سبعينيات القرن الماضي وتصاعدت أنشطتهم بقتل السادات في حادث المنصة، بينما أطلقوا وصف الجيل الثاني على التنظيمات المتشددة التي نشأت في عهد مبارك خلال عقدي فترتي الثمانينيات والتسعينيات.
الجيل الثالث
المتابعون أطلقوا وصف الجيل الثالث من التنظيمات الإسلامية المتشددة على العناصر التي أسست للفكر المتطرف في سيناء، من خلال تكوين تنظيم التوحيد والجهاد، وقاموا بتنفيذ سلاسل التفجيرات المتتابعة في سيناء خلال سنوات 2004 و2005 و2006. هذا الجيل وكما قرر قادته في التحقيقات أنهم اقتدوا بأسامة بن لادن وبفكر وأسلوب تنظيم القاعدة في تنفيذ عملياتهم ـ دون أن يبايعوه ـ فقد تأثروا بالأحداث التي كانت سائدة في تلك الفترة، ومن بينها الممارسات الإسرائيلية ضد الشعب الفلسطيني في الأراضي المحتلة، وما ووصف بالحرب على الإرهاب التي أعلنتها الولايات المتحدة في أعقاب أحداث 11 من سبتمبر عام 2001، والتي تضمنت الحملة العسكرية الواسعة على أفغانستان ثم احتلال العراق عام 2003 .
هذا الجيل من العناصر الجهادية المسلحة اتسم عن الجيلين السابقين باتخاذ الأسلوب العنقودي في تجنيد العناصر المنتمية وفى إصدار التكليفات، ضمانا لعدم كشف كافة خلايا التنظيم إذا ما سقطت إحدى المجموعات في أيدي أجهزة الأمن، وهو ما كشفت عنه التحقيقات مع أعضاء تنظيم التوحيد والجهاد، حيث استغرقت عمليات البحث والتقصي التي قامت بها أجهزة الأمن ما يقرب من عامين، إلى أن توصلت إلى كافة خلايا التنظيم.
كاتب المقال
دكتور في الحقوق و خبيرفي القانون العام
ومدير مركز المصريين للدراسات السياسية والقانونية والاقتصادية
عضو والخبير بالمعهد العربي الاوروبي للدراسات الاستراتيجية والسياسية بجامعة الدول العربية