أوروبا أوروبا إستيقظي… – نضال حمد
بعد عدة عقود من العيش مع الأوروبيين من جنوب القارة إلى وسطها فأقصى شمالها، أعتقد أن الدول الأوروبية فيها تنوع كبير جداً سواء بين المناصرين والمعادين لنا كفلسطينيين. المواطنون العادييون وبسطاء الناس، يتم تضليلهم من قبل السياسيين والحكومات ووسائل الإعلام بكل أشكالها.
يمكن القول أن هناك اختلافًا نسبيًا في الأرقام والأحجام حسب كل بلد. على سبيل المثال، تتباين نسبة دعم الفلسطينيين بشكل كبير في النرويج مقارنة بنفس النسبة في بولندا. في النرويج يتفهمون القضية الفلسطينية. أما في بولندا فمعظم الناس مؤيدون “لإسرائيل” أو ليس لديهم فكرة عما جرى ويجري في فلسطين المحتلة منذ سنة 1948 وحتى يومنا هذا. أليس من العجب العجاب أن معظم الشعوب الجاهلة بالقضية الفلسطينية هي شعوب الدول الاشتراكية سابقاً؟ شخصياً لا أتعجب وأسترغب ذلك لأن الأنظمة الاشتراكية كانت مكروهة من شعوبها. على اأقل في بولندا حيث عشت فترة من الزمن في ذلك الوقت. فبولندا كانت جزءًا من مجموعة الدول الاشتراكية التي ساعدت منظمة التحرير الفلسطينية على محاربة الاحتلال “الإسرائيلي”. ثم بعد انهيار المعسكر الاشتراكي أصبحت من أهم حلفاء الولايات المتحدة في اوروبا والناتو والعالم، وشاركت قواتها في احتلال العراق وافغانستان وعمليات أمريكية – أطلسية أخرى في العالم.
إن وسائل الإعلام في بولندا، تعد كلها تقريباً مؤيدة “لإسرائيل” ومعادية للفلسطينيين، باستثاء مجلة “ليموند ديبلوماتيك” النسخة البولندية وهي مجلة شهرية يسارية. وموقع “سترايك” على وسائل التواصل الاجتماعي. عندما تتحدث مع البولندي عن فلسطين والاحتلال الصهيوني يبدي تعاطفه الفوري معك وغالبيتهم يبدئون بشتم “اليهود”، فتقول له الصهيونية حركة يهودية عنصرية استعمارية ورأسمالية امبريالية، ينقز من الكلمتين الأخيرتين، لأنهما تذكرانه بالشيوعية والاشتراكية وبحلم الانضمام لأوروبا الغربية الرأسمالية وللإمبريالية الأمريكية. ترجع وتشرح لها القصة كلها وتخبره بأن تاريخ بولندا تحت الاحتلال شبيه الى حد كبير بتاريخ وحاضر فلسطين تحت الاحتلال. فيعيد لعن اليهود… وهكذا دواليك. لكنه لا يفعل أي شيء لأجلك يكتفي باللعنة ثم يدخل أو متجر ويشتري برتقال “يافا” المسروق من بيارات وبساتين الفلسطينيين المحتلة في يافا المحتلة. هذا ينطبق على الأاكثرية فيما هناك أقلية ملتزمة بالتضامن معنا وفاعلة وناشطة أيضا. على كل يختلف مستوى الوعي والمعرفة بالنزاع العربي الصهيوني واحتلال فلسطين من قبل العصابات اليهودية الصهيونية الاستعمارية التي نشأت في أوروبا وجاءت إلى فلسطين بمساعدة الأوروبيين وخاصة بريطانيا القوة الالغاشمة والمستعمرة.
الإعلام الأوروبي الذي يسيطر عليه الرأسماليون الاستعماريون والصهاينة المعادون للشرق العربي والإسلامي ، يفعلون للأسف ما يفعلونه بالمواطنين الأوروبيين العاديين ويدمرون عقولهم. لكن لا يزال هناك ملايين الأوروبيين الذين يدعمون فلسطين ونضال شعبها.
بعض الأوروبيين عندما تقول لهم أن إنحياز وكذب حكوماتهم وازدواجية المعايير ليس أكثر من نفاق تمارسه انظمتهم ووسائل اعلامهم. يقولون لك لاتخلط موضوع فلسطين والصهاينة بموضوع اوكرانيا وروسيا والناتو.
يا عامة الأوروبيين!
أكثر من٧٢ سنة ودولكم وحكوماتكم وإعلامكم وسياسييكم وحتى مهرجانات أفلامكم والفيفا أيضاً، إنحياز تام الى جانب الاحتلال الصهيوني في فلسطين .
كل هذا ولا تفكرون بوقفة مع الذات للمراجعة وسؤال أنظمتكم: لماذا؟
ما يجري في أوكرانيا مرعب جداً وقد تتمدد الحرب إلى أوروبا والعالم.
ربما فلسطين ستدفع ثمنا لذلك من جديد، مثلما دفعته بعد الحربين العالميتين الأولى والثانية.
كيف؟
عبر تهجير وترحيل عشرات أو مئات آلاف يهود أوكرانيا الى فلسطين المحتلة للاستيطان فيها، بغية تعزيز التعداد السكاني الاستيطاني والعسكري وقوة العمل وجيل الشباب في دولة الاحتلال “اسرائيل”. فهذا حلم كل صهيوني. كما أن هذا يعني قضم وسرقة واحتلال واستيطان المزيد من أراضي فلسطين المحتلة.
بعد كل هذا العرض للحالة الأوروبية أقول أنني متفائل لأن شياطين السياسة والإعلام المؤيدين “لإسرائيل” سوف يختفون في النهاية مرة واحدة وإلى الأبد. ربما هي مسألة وقت كما وجود الاحتلال الصهيوني في فلسطين.
نضال حمد
28-02-2022