إلغاء اتفاق أوسلو والعودة إلى الميثاق وخندق المقاومة المسلحة
إلغاء اتفاق أوسلو والعودة إلى الميثاق وخندق المقاومة المسلحة واجب وطني وقومي وديني وإنساني ويمنع تصفية القضية – د. غازي حسين
ما يجري في الساحة الفلسطينية منذ توقيع اتفاق الإذعان في أوسلو وحتى يومنا هذا يدمي القلب والعقل والضمير والوجدان، حيث قاد حصاد أوسلو المر والمرير إلى تدمير المشروع الوطني الفلسطيني واعتراف قيادة منظمة التحرير بأن 78% من مساحة فلسطين هو للكيان الصهيوني، وأن الـــ 22% المتبقية من فلسطين العربية أراض متنازع عليها بين الفلسطينيين أصحاب الأرض الأصليين وسكانها الشرعيين والكيان الصهيوني الغريب عن المنطقة والدخيل عليها، وتخلت قيادة المنظمة بموجب إتفاق الاذعان عن المقاومة المسلحة ونعتتها بالإرهاب وتعهدت بمعاقبة رجالها وتجريدهم من السلاح والتعاون الامني مع الغدو، كما قدمت الانتفاضة الأولى انتفاضة الحجارة على طبق من ذهب للعدو الصهيوني بعد أن فشل في القضاء عليها.
أعطى اتفاق الإذعان للعدو المجال للاستمرار في الاحتلال ومصادرة الأراضي الفلسطينية وتهويدها وتهويد الخليل والقدس ومسجد بلال بن رباح في بيت لحم وقبر الشيخ يوسف في نابلس وفرض العقوبات الجماعية والاستمرار في قتل الفلسطينيين وإغتيالهم واعتقالهم وممارسة العنصرية والتمييز العنصري والتطهير العرقي بحقهم وإشعال الحروب على غزة ومحاصرتها. ووافقت بعض القيادات الفلسطينية علىى التنازل عن حق عودة اللاجئين إلى ديارهم والدخول في المفاوضات المباشرة والمدمرة مع العدو برعاية الولايات المتحدة الأمريكية العدو الأساسي للعروبة والإسلام والشعب الفلسطيني وجميع الشعوب في العالم. وحمل رئيس اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير «المجلس الوطني الفلسطيني» على إلغاء الميثاق الوطني في غزة عام 1998 وبحضور الرئيس الأمريكي المتصهين بيل كلنتون، وذلك تلبية لإملاء إسرائيلي. ووافقت قيادة المنظمة في المفاوضات الكارثية على تبادل الأراضي في القدس وبقية الضفة الغربية لضم أكثر من 85% من كتل المستعمرات اليهودية الكبيرة في الأراضي الفلسطينية المحتلة عام 1967 إلى الكيان الصهيوني، وضم المعازل العنصرية العربية إلى الأردن أي إلى الوطن البديل للقضاء نهائياً على حق عودة اللاجئين إلى ديارهم وإقامة اتحاد اقتصادي إسرائيلي ـــ فلسطيني ـــ أردني على غرار اتحاد بنيلوكس بين هولندا وبلجيكا ولوكسمبورغ كركيزة أولية لمشروع الشرق الأوسط الجديد وإقامة إسرائيل العظمى الاقتصادية بدلاً من إسرائيل الكبرى الجغرافية وجعلها المركز والقائد لمنطقة الشرق الأوسط تماماً كما خطط تيودور هرتسل مؤسس الحركة الصهيونية ومؤتمر بلتمور الصهيوني ثاني أهم مؤتمر في تاريخ الصهيونية، وكما خطط المستشرق اليهودي الحقير برنارد لويس لمشروع الشرق الأوسط الكبير وتبناه الكونغرس الأمريكي عام 1983 وتطبيقاً لمشروع الشرق الأوسط الجديد لشمعون بيرس والذي ظهر في كتابه بالإنكليزية عام 1993. وحاول مجرم الحرب الرئيس الأمريكي جورج بوش الابن تحقيقه من خلال حربه الهمجية على العراق عام 2003 وحرب تموز 2006 التي شنها العدو الإسرائيلي على لبنان ولكن المقاومة العراقية واللبنانية نجحتا في إفشاله.
إن ما يجري في الساحة الفلسطينية في هذه الأيام أزمة القضية الوطنية التي نتجت عن توقيع الاتفاقات مع فيليب حبيب مبعوث الرئيس الأمريكي رونالد ريغان والتي بموجبها أخرج السفاح شارون منظمة التحرير باجتياحه للبنان عام 1982 بدعم من الولايات المتحدة وتواطؤ الإمارات والممالك العربية التي أقامها الاستعمار وتوقيع إتفاق الاذعان في اوسلو. حوَّل رئيس اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير المنظمة من منظمة مقاومة إلى منظمة سياسية ومقرها تونس. وانقسمت الساحة الفلسطينية إلى برنامجين برنامج المقاومة وبرنامج التسوية برعاية الولايات المتحدة العدو الأساسي للشعب الفلسطيني وحقوقه الوطنية والحليف الاستراتيجي للكيان الصهيوني أخطر وأوحش نظام استعمار استيطاني عنصري وإرهابي في التاريخ البشري.
ويعاني شعبنا العربي الفلسطيني حالياً من الانقسام الحاصل بين الضفة الغربية وقطاع غزة، بين فتح وحماس، بين حكومة الضفة الغربية التي تبنت إبان عهد المتأمرك والمتصهين سلام فياض الحل الاقتصادي للقضية الفلسطينية وفقاً لبرنامج السفاح والفاشي نتنياهو: دويلة حكم ذاتي منقوصة الأرض والسكان والسيادة ومقطعة الأوصال (معازل عنصرية) والقادرة للحياة بفضل السلام الاقتصادي الذي يستمد شرايين الحياة من الهبات والصدقات والمساعدات الأمريكية والأوروبية والسعودية.
ويطرح نتنياهو سلام القوة ويرفض حتى مبدأ حزب العمل الذي غرس مقولة الأرض مقابل السلام في مؤتمر مدريد عام 1991، وبعبارة أوضح يطرح نتنياهوالسلام مقابل السلام والتعايش مقابل التعايش واستمرار التنسيق الأمني بين دولة الاحتلال وأجهزة الأمن الفلسطينية والاعتراف الفلسطيني والعربي بيهودية الدولة لتبرير إقامة دولة الخلافة الإسلامية وإشعال الفتن الطائفية والمذهبية والعرقية والحروب الدينية لتفتيت البلدان العربية وإعادة تركيبها للقضاء على دور العرب في العصر الحديث.
نتجت الأزمة المميتة التي تمر بها منظمة التحرير الفلسطينية من توقيع اتفاقات الإذعان العربية والفلسطينية في كمب ديفيد وأوسلو ووادي عربة وفي التزام الإمارات والممالك العربية التي أقامتها بريطانيا وتحميها الولايات المتحدة بتهويد كل القدس و فلسطين والموافقة على صفقة القرن لتصفيتها وإنهاء الصراع العربي الصهيوني وإقامة شراكة أمنية كما أعلن الإرهابي نتنياهو بين إسرائيل والسعودية وبقية دول الخليج من خلال التحالف السعودية مع العدو وإقامة الناتو العربي.
عمّق الانقسام الجيو سياسي والجغرافي بين الضفة والقطاع وبين فتح وحماس والفصائل المنضوية لهما والمحاصصة «الأزمة السياسية» وتحولت إلى أزمة وطنية وعقائدية ودستورية وتنظيمية ولا يمكن حلها إلا بالعودة إلى طابعها النضالي كحركة تحرر وطني، حركة وقضية شعب يتطلع إلى التحرر والاستقلال وقلع الاحتلال وكيان الاستعمار الاستيطاني العنصري والإرهابي في فلسطين قلب الأمة العربية بالمقاومة المسلحة.
ويستغل العدو الصهيوني الانقسام بين فتح وحماس والخلاف بين برنامجين فلسطينيين وعربيين أبشع استغلال لكي يكمل تهويد فلسطين، كل فلسطين من النهر حتى البحر ويقيم فيها أكبر مركز لليهودية العالمية للسيطرة على المنطقة وعلى بقية بلدان العالم.
وتراهن إسرائيل والولايات المتحدة على تحويل حماس كما حدث مع حركة فتح التي تخلت عن البندقية وألغت الميثاق واعتمدت المفاوضات الكارثية طريقاً وحيداً لحل الصراع. وترغب الدولتان في أن توقع فتح وحماس على الحل النهائي ضماناً لاستمراريته ولخشيتهما من أن يقوم الشعب الفلسطيني بإلغائه كما فعل الشعب اللبناني في اتفاق الإذعان في 17 أيار 1983.
إن رأب الصدع وتحقيق المصالحة والوحدة الوطنية لا يمكن أن يتحقق إلاَّ بالعودة إلى الميثاق الوطني الذي هو بمثابة دستور وقرآن وإنجيل الشعب الفلسطيني وإلى خيار المقاومة المسلحة وتسليح الضفة الغربية وتحرير القدس وكل فلسطين وإقامة الدولة الديمقراطية لكل مواطنيها في كل فلسطين العربية.
لقد شهدت الحركة الوطنية الفلسطينية المعاصرة خلافات وصراعات تنظيمية وسياسية حادة وصلت إلى حد الاقتتال المسلح، ووصلت حالياً إلى أعلى وأخطر مراحلها، مرحلة تصفية القضية وإنهاء الصراع العربي ــــ الصهيوني وهيمنة إسرائيل العظمى الاقتصادية على بلدان الشرق الأوسط الكبير تحقيقاً لبروتوكولات حكماء صهيون وبقية المخططات والقرارات الصهيونية والإسرائيلية وتهويد كل القدس وإعتراف إدارة ترامب اليهودية بها عاصمة لاسرائيل، وذلك للسيطرة على العالم وحكمه ألف عام من القدس عاصمة فلسطين والعرب والمسلمين ومدينة الإٍسراء والمعراج تحقيقاً لخرافة هيرمجدون.
أدى توقيع اتفاقات الإذعان في كمب ديفيد واوسلو ووادي عربة إلى تغوّل الاستيطان وخاصة في القدس المحتلة والقرى والأراضي الفلسطينية المحيطة بها وحول المسجد الأقصى وتحته وصولاً إلى سلوان وتحويل الشعب الاسرائيلي الى شعب إستعماري وعنصري وإرهابي لايمكن على الاطلاق التعايش معه.
تصاعدت عنصرية وفاشية واستعمار وإرهاب الدولة الإسرائيلية والمستعمرين اليهود والشعب الإسرائيلي. وتطالب إسرائيل من القيادة الفلسطينية الاعتراف بيهودية الدولة وبقانون الدولة القومية الاسوأ والخطر والاحقر من قوانين نورنبيرغ العنصرية التي اصدرها هتلر ضديهود الماني الاندماجيين وغير الصهاينة لعزلهم وتهجيرهم الى فلسطين. ويعنى قانون الدولة القومية أن إسرائيل دولة لجميع اليهود في العالم، وإن الأراضي الفلسطينية المحتلة أراض يهودية محررة وليست محتلة، وترحيل الفلسطينيين من أراضيهم المحتلة عام 1948 إلى دويلتهم المزمع إقامتها، وشطب حق عودة اللاجئين إلى ديارهم وإقامة اكبر دولة ابارتايد على كوكب الارض.
وازداد تمسك الشعب الإسرائيلي بالاستعمار الاستيطاني والعنصرية والإرهاب تجاه الفلسطينيين أصحاب البلاد الأصليين وسكانها الشرعيين. وأدى استمرار الاحتلال وتنازل السلطة عن الحقوق والثوابت والمقاومة المسلحة، وإضعافها للمقاومة وثقافتها وللحركة الوطنية وأموال الدول المانحة وضغوط الولايات المتحدة الأمريكية ودول الاتحاد الأوروبي وآل سعود وثاني ونهيان وتدمير العراق وسورية ولينيا واليمن إلى تصاعد الحقد والعنصرية والإرهاب عند الإسرائيليين من أجل الاستيلاء على المزيد من الأرض الفلسطينية والثروات والمياه العربية وتطبيع العلاقات مع دول الخليج وأنطمة الاستسلام والاذعان في كمب ديفيد واوسلو ووادي عربة.
غرست فضائيات الخليج وأنظمة الاذعان مقولات استسلامية في عقول الأجيال العربية الجديدة للموافقة على التطبيع وصفقة القرن وإنهاء الصراع وتصفية القضية .
وتزعم الأحزاب الصهيونية واليهودية العالمية واسرائيل أن فلسطين هي أرض الميعاد، ورسّخوا في برامجهم أن الفلسطينيين يملكون فيها حق الإقامة فقط، ويفقدون هذا الحق عند مغادرتها. وترسّخ هذا التوجه الاستعماري غير المسبوق في حزب العمل وتكتل الليكود والأحزاب الدينية برفض حق عودة اللاجئين إلى ديارهم وإعطاء السلطة الفلسطينية التي ابتكرتها دولة الاحتلال بموجب اتفاق أوسلو والقاهرة السيادة المنقوصة على البشر وليس على الأرض لإخضاعهم للتعايش مع إسرائيل العظمى الاقتصادية كحطابين وسقائين ورعاة لخدمة «شعب الله المختار» كما نصت التوراة وتنص القوانين العنصرية التي سنتها حكومات نتنياهو الفاشية الحليف الجديد لآل سعود وثاني ونهيان وخائن البحرين.
وللمحافظة على هذا الموقف الصهيوني فرضت إسرائيل على السلطة الفلسطينية أن تحافظ أجهزتها الأمنية على أمن المستعمرين اليهود في القدس وبقية الضفة الغربية وعلى الأمن الإسرائيلي الذي يعتبره رئيس السلطة مقدساً.
تعمل السلطة على نشرما يسمى بثقافة السلام ونبذ الكراهية وتعزيز التعايش والتعاون والتنسيق الأمني مع المحتل الإسرائيلي مماأدى إلى إضعاف المقاومة وثقافتها والحركة الوطنية في الضفة الغربية وإجهاض الانتفاضتين الأولى والثانية بعد أن عجزت إسرائيل عن اخمادهما. وتعمل على إخماد نيران الانتفاضة الثالثة بحجة التهدئة للعودة إلى المفاوضات الكارثية والحل الأمريكي لتصفية قضية فلسطين.
إن السلطة غير مستقلة عن دولة الاحتلال والولايات المتحدة الأمريكية وأتباعها من الإمارات والممالك العربية التي أقامتها بريطانيا وتحميها الولايات المتحدة، لذلك لا أمل للشعب الفلسطيني في ممارسة حقوقه الوطنية الثابتة غير القابلة للتصرف إلاَّ بإلغاء اتفاق الإذعان في أوسلو وحل السلطة والعودة إلى الميثاق والمقاومة المسلحة والوحدة الوطنية وإعادة بناء وتطوير وتفعيل منظمة التحرير وأطرها المختلفة على أُسس ديمقراطية بعيدة كل البعد عن الهيمنة الفئوية أو المحاصصة لتحرير فلسطين وإقامة الدولة الديمقراطية لكل مواطنيها في كل فلسطين العربية.والنصر دائماً وأبداً للعوب المناضلة ويجب ان تزول اسرائيل ومصيرها الى الزوال كما زالت النازية من المانيا والابارتايد من جنوب افريقيا.