“إمّا ضم وإمّا تطبيع”… – نضال حمد
عنوان مقالة وشعار سياسي سخيف وأقل من سكر خفيف أطلقه سفير الامارات العربية المتحدة في الولايات المتحدة الأمريكية. عرف عن هذا السفير علاقاته الممتازة مع الصهاينة وصداقته مع سفير الكيان الصهيوني في واشنطن. كما أنه من السفراء العرب الثلاثة الذين حضروا مؤتمر ترامب للاعلان عن صفقة القرن حيث صفق له…
السياسة الامارتية ليست سياسة صبيانية ولا عشوائية بل هي سياسة رسمية اعتمدتها الامارات حيث وضعت كل بيضها في سلة أمريكا و(اسرائيل).. الشعار المعلن إما ضم وإما تطبيع هو فعلا شعار يليق بسياسة تطبيع القطيع. شعار يجيء مراً ليزيد من مرارة الشعب العربي الفلسطيني بسبب خيانات الحكومات العربية تباعاً وبالذات الخليجية منها بعد مصر والأردن وسلطة العار الفلسطينية.
الشعار الامارتي يجيء مسموماً ولذر رماد التطبيع والتنسيق المستمر مع الصهاينة في عيون العرب والفلسطينيين .. هو كذب ورياء ونفاق .. استهتار بعقول العرب وأولا بعقول الفلسطينيين والامارتيين ثانياً.. الشعب الامارتي كما كل الشعوب العربية سوف لن يقبل بالتطبيع وسيأتي يوم يعلن فيه رفضه لسياسات حكامه وتبعيتهم للمحتلين الصهاينة وللأمريكان.. ..
بكل وقاحة تحط الطائرات الامارتية في مطار اللد الفلسطيني المحتل، المسمى مطار بنغريون. بحجة شحنها مساعدات للفلسطينيين، يقول الفلسطينيون انهم لا علم لهم بها ولا يريدونها عبر تل ابيب والكيان الصهيوني. فيما يقول المراقبون أنها تفرغ ما تقول عنه مساعدات لتحمل الاسلحة والذحائر الى جماعة حفتر في ليبيا. كما كتب الأديب الفلسطيني الكبير رشاد أبوشاور في مقالة له بعنوان (وأفتضح سر المساعدات الامارتية) نشرت مؤخرا..
للعلم قبل شهور قرأت تصريحا لوزير خارجية حفتر عن عدم ممانعة حفتر التطبيع مع الكيان الصهيوني. فيما قبل أيام ورد في وكالات الانباء كلام مشابه لرئيس وزراء محمية حفتر عن اقامة علاقات مع الصهاينة. هذا لا يعني أن جماعة طرابلس التي مرجعيتها اردوغان وقطر اخوان أفضل من جماعة حفتر التي مرجعيتها السعودية ومصر والامارات. هذه الدول كلها من خليفة اسطنبول الى حكام السعودية والامارات كلهم شاركوا ويشاركون في دمار الوطن العربي.. لقد جزئوا ليبيا وقسموها وخربوها باسم حليفين أمريكيين، يتصارعان في ليبيا والبلاد العربية على من يقدم ما تبقى من الكعكة العربية للأمريكان والصهاينة. حلف السعودية والامارات ومصر والكيان الصهيوني، وحلف تركيا وقطر وأذنابهما. كلهم بالنهاية حلفاء أمريكا.
ما كتبه السفير العتيبة بلسان خيانة واضح، ولسان استسلام ونفاق لا يقل نفاقا عن نفاق ترامب ونتنياهو ليس مجرد مقالة لأنها في حقيقة الأمر ترجمة صريحة وعلانية لتوجهات الامارات التحالفية مع الكيان الصهيوني، على حساب قضية وحقوق شعب فلسطين.. فحين يذكر أن بلاده صنفت “ح ز ب ا ل ل ه” منظمة ارهابية وشجبت تحريض “ح م ا س”، يعني هذا أن بلاده تعتبر “ال م ق ا وم ة” ارهاباً وتعتبر الكفاح العربي والفلسطيني ضد العدو الصهيوني اجراماً وعملاً ارهابيا خارجا عن القانون.. أقصد قانون أمريكا والكيان الصهيوني ..
حين يرى وزير وسفير الامارات أن هناك امكانية لعلاقات أكثر حرارة بين الامارات والكيان الصهيوني.. فإن هذا كله يعني أن الامارات دخلت اسطبل داوود الصهيوني.. وانها ماضية بلا التفات لخطورة ما تفعله على العرب والفلسطينيين وعلى شعب الامارات أيضا.. بدأت الامارات منذ فترة تلعب دورا خطيرا على حساب القضية الفلسطينية وحقوق شعب فلسطين، من خلال التطبيع العلني واستضافة الوفود الصهيونية في ابو ظبي ودبي. كذلك عبر مشاركتها في حروب ارهابية تدميرية في سوريا وليبيا واليمن والعراق، لتفتيت وتدمير الدول الوطنية والقومية العربية، تلك الدول التي طالما احتضنت الحركة الوطنية الفلسطينية وثورة شعب فلسطين.. وشاركت بشكل أو آخر في المواجهة ضد الصهاينة.
سفير ووزير الامارات يريد مستقبلا أفضل للصهاينة ..
لذا ينصحهم “إمّا ضم وإمّا تطبيع”… زمان كانت نصائح العرب “اما دولة في الضفة والقطاع وإما تطبيع”… كل ما تقوم به أنظمة التطبيع العربي معادي لأمن ومصالح ومستقبل أمتنا العربية ولقضية فلسطين خاصة..
ثم إن أخذ سلام أو استسلام السلطة الفلسطينية كحجة للتطبيع هو فعلا خيانة عربية.. خيانة أسوأ وأوقح من خيانة التطبيع سواء بالسر كما في حالة بعض الأنظمة العربية أم علانية كما تفعل الامارات وقطر وعمان والبحرين والسعودية ..
سبق هؤلاء الى الاستسلام والتطبيع مع الصهاينة كل من النظامين المصري والأردني .. حيث أقاما معاهدات واتفاقيات سلام مع العدو وتطبيع علاقات دبلوماسية وأمنية وسياسية واقتصادية والخ ..
خيانات الانظمة العربية لا تحصى ولا تعد ولا تغتفر … قطر التي تحاول فضح الامارات والسعودية عبر فضائيتها الجزيرة كانت أول دولة خليجية تطبع مع الصهاينة ويجول ويصول فيها “الاسرائيليون” من أصغر صهيوني الى شمعون بيريز واستقباله الحار في أسواق الدوحة .. خصصت مشيخة قطر اخوان برامج الجزيرة للتطبيع مع الصهاينة وأفرزت طوابير من المتصهينين العرب مثقفين ومفكرين وصحافيين واعلاميين وسياسيين، هؤلاء الذين استخدموا لتمرير التطبيع ونهج الاستسلام العربي وتدمير البلاد في ربيع صهيون العربي.. هؤلاء الذين أساءوا ولازالوا يسيئون لفلسطين وللأمة يفعلون ذلك مقابل حماية عروشهم وكروشهم.. من أجل مستقبل أفضل وأمتن “لاسرائيل” الكيان الصهيوني الذي يحتل فلسطين…
كانت وكالات الأنباء العربية والعالمية ذكرت مؤخراً نقلا عن صحيفة “يديعوت أحرونوت الإسرائيلية” أن مقالة وزير الدولة وسفير الإمارات لدى واشنطن يوسف العتيبة التي نشرها في الصحيفة الجمعة الفائت، والتي دعا فيها “إسرائيل” إلى الامتناع عن الضم المقترب والمخطط له في شهر تموز/يوليو القادم، لقيت أصداء دولية واسعة. انها ببساطة خدمات مجانية للمشروع الصهيوني.
بعد مشاورات وتوصيات وتدخلات وتعديلات على النص ومضمونه بما يرضي الصهاينة، وافق العيتبة على نصائح المختصين اليهود الصهاينة في امريكا وفي الكيان الصهيوني. فنشر مقالته التي عنونها “إمّا ضم وإمّا تطبيع”: “من مبادراتنا تجاه “إسرائيل” أننا صنّفنا حزب الله منظمة إرهابية وشجبنا تحريض حماس”، ورأى أن “هناك إمكانية ضخمة في علاقات أكثر حرارة بين أبو ظبي وتل أبيب”.
هذه لغة خيانية واضحة ولا تحتاج لترجمة أو لشرح .. هي نفس اللغة التي جعلت من ايران عدوا ومن الكيان الصهيوني صديقا وشقيقا… وهي اللغة التي يمليها الصهاينة على قطعان المستسلمين والمطبعين العرب والمسلمين.
نعيش في عصر أنظمة يحكمها ساقطون يبتكرون أحدث اساليب الانحطاط في السقوط والخنوع والخيانة. ويرتضون بيع ضمائرهم وأنفسهم مقابل بقاءهم على عروش من ورق .. لكنهم يجهلون إما يتجاهلون حقيقة مفادها أن الشعوب حين تهب ستنتصر وهي كالنار ستحرق كل من يقف في طريقها.
نضال حمد في 15-06-2020