ابراهيم خليل -أبو فادي- إعداد نضال حمد وموقع الصفصاف
يطيب لي أيها الأحبة أن أواصل معكم أحاديثي المكتوبة والمنشورة هنا عن شخصيات وناس من مخيمنا عين الحلوة وعن أقارب وأصدقاء ورفاق وزملاء وجيران ومعارف، تعرفونهم ويعرفونكم. منهم الأموات ومنهم الأحياء ومنهم الأقارب ومنهم الجيران. كما منهم الأخوة والرفاق والأصدقاء والزملاء. جمعنا بهم وجمعهم بنا المخيم وحاراته وعائلاته وبيوته وأزقته ومدارسه ومحلاته وحكاياته وتاريخه وذكرياته.
في هذه الحلقة سأحدثكم عن شخص صفصافي غادر مخيم عين الحلوة قبل عشرات السنين ليستقر في ليبيا. فعاش فيها حتى مماته، إذ رحل عن عالمنا في الغربة والشتات العربي قبل سنوات. إنه إبن العمة أبراهيم خليل –أبو فادي- . أما لمن لا يعرفونه أدلهم على عائلته، فهو شقيق المرحوم أبو محمد خليل “يصطفلوا” وعائلته كانت في المخيم تلقب بدار “الصوص”. وهي من عائلات الصفصاف المعروفة.
أدرك حقيقة أن قليلين منكم يعرفونه خاصة جيلي والجيل الأصغر مني سناً. لكن الأكبر مِنا سناً يعرفونه خير المعرفة، فقد كان في الستينيات شاباً من شباب الصفصاف والمخيم المتوهجين، الثائرين والمناضلين. عرفه أقرانه من رفاق الحارة والمدرسة والنضال والكفاح، ضمن طلائع شباب ومنتسبي حركة القوميين العرب، فأفواج الفدائيين الأوائل الذين سافروا الى مصر عبد الناصر لتلقي التدريب العسكري هناك.
ابراهيم خليل منذ بداية الستينيات بدأ حياته وشبابه في النضال القومي العربي والوطني الفلسطيني. فكان منذ القرن الفائت فدائياً متطوعاً مع أفواج الفدائيين في حركة القوميين العرب، الذين تدربوا لأجل تحرير فلسطين كل فلسطين. ولم يتدربوا لأجل أي شخص أو تنظيم وفصيل أو حركة وحزب وجبهة، فكل تلك التنظيمات تأسست لأجل تحرير فلسطين، فمن حاد منها عن الهدف المقدس انتهى وزال… ومن سيحيد عن درب التحرير الكامل والعودة سوف يصبح في خبر كانَ، تماماً كما حصل ولازال يحصل الآن مع كثيرين سواء أفراد أو جماعات وتنظيمات ودول وأحزاب وحركات وحكومات. ففلسطين هي جنة المؤمنين بتحريرها وهي بنفس الوقت جهنم للذين يخذلونها ويخوننها.
في مرحلة مبركة جداً وصل الخال ابراهيم الى قناعة بأن عليه أن يغادر لبنان الى ليبيا لإيجاد فرصة عمل بغية تأمين حياة أفضل له ولعائلته، سافر الى هناك وعمل. ثم عاد الى لبنان ليتزوج من إبنة خالته. فأنجبا الأولاد كلهم وبلا استثناء في ليبيا.
كما اسلفت أجبرته متطلبات الحياة أن يسافر الى ليبيا وأن يستقر في طرابلس الغرب طلباً للقمة العيش. خلال حياته ووجوده هناك بقي ملتزماً بالعمل النضالي والقومي. كما كان منزله مفتوحاً لكل أهل الصفصاف والأقارب. فقد كان رجلاً يحب أهله وناسه وشعبه ومخيمه وبلدته، كما كان كريماً، شهماً، محترماً ومحبوباً كما صديقه الحميم ورفيق غربته هناك وإبن بلدته الصفصاف، وجاره في مخيم عين الحلوة وفي العاصمة طرابلس الغرب، المرحوم سعيد محمد شريدي الذي كان يعرف بإسم سعيد المَرنيّة.
زرته في طربلس مرتين بداية تسيعينات القرن الفائت وتعرفت عليه عن قرب، خاصة انني لم أكن أعرفه بشكل جيد من المخيم بسبب فارق السن الشاسع بيننا، ومن ثم سفره يوم كنت أنا لازلت طفلاً. هو إبن عمتي علياء أحمد حمد (بنت جدي أبو محمود النعيم) رحمهم الله. يومها رافقني في زيارة الى منزل صديقه، الأخ الراحل سعيد شريدي في طرابلس، فقد كان ذلك اليوم يوماً لا ينسى مع سعيد وروحه المرحة وذوقه المطبخي الرفيع. سألني سعيد كثيراً عن والدي وأخباره واستعاد ذكريات محل الوالد في المخيم، حيث كان مقره الدائم هو ورفاقه من الشباب في ذلك الوقت.
اكتشفت في ابن عمتي ابراهيم خليل عندما التقيته إنساناً حنوناً، شهماً، طيباً، محباً ومضيافاً. قضيت معه ومع عائلته وفي ضيافته بعض الأيام. ثم غادرت ليبيا عائداً من حيث جئت وبعد ذلك لم نلتقِ أبداً… ولن نلتقي على هذه الأرض فقد رحل عن عالمنا تاركاً خلفه السيرة الحسنة والذكريات الجميلة.
زوجته هي ألطاف سليم أيوب -أم فادي- ابنة عمتي المرحومة خديجة أحمد حمد، زوجة المرحوم سليم علي أيوب، مختار بلدة الجش في فلسطين المحتلة قبل النكبة… أما بلدة الجش فهي جارة الصفصاف حيث يفصل بينهما الشارع العام المؤدي الى صفد وسعسع وعكا وحيفا.
اخوته : المرحوم أحمد خليل -أبو محمد يصطفلوا-، الأستاذ حسين خليل – أبو شادي- والأستاذ محمود خليل – أبو علاء- وشقيقته هي الأخت عائشة خليل زوجة الأستاذ المرحوم محمد سليم أيوب -أبو خلود- شقيق أم فادي..
13-02-2015
تم التعديل في السابع من كانون الثاني 2022