اتفاقية أوسلو في ميزان الضرورات والمحظورات – د./ أيوب عثمان
شهدت قبل البارحة الخميس 14/9/2017 في قاعة الهلال الأحمر الفلسطيني – تل الهوا، مؤتمراً لمركز مسارات عنوانه “كلفة الانقسام”، وكنت قد شهدت – قبلها بيوم واحد الأربعاء 13/9/2017 – في جمعية المهندسين الفلسطينيين، ندوة بعنوان “هل كانت أوسلو ضرورة؟”،
ولأنني أرى أن الأفضل والأقوم والأعدل لمركز مسارات أن يعقد مؤتمراً عنوانه “كلفة أوسلو” بدلاً من “كلفة الانقسام”، لا لشيء إلا لأن الانقسام 2007 وما سبقه وما تلاه من سلبيات كبيرة وخطيرة إنما هي جميعها أبناء وبنات اتفاقية أوسلو التي ينبغي لنا أن ندرك حقيقتها فنضعها في ميزان الضرورات والمحظورات.
فإذا كانت القاعدة الشرعية تقضي بأن “الضرورات تبيح المحظورات”،
وإذا كنا نستهدي بهذه القاعدة الشرعية في الإقبال على تصرفاتنا الحياتية والاجتماعية أو الإدبار عنها، مستخدمين تعبير “الضرورات تبيح المحظورات”، لإقناع أنفسنا أو غيرنا بسلوك لم نكن نقبله إلا إذا كان ضرورة تبيح لنا ما هو محظور،
فقد رأيت – من أجل الوصول إلى نتيجة واضحة ومقنعة لا مجال لردها أو حتى للكلام في شأنها – أن أُيسِّر الأمر فأضع المحظورات الوطنية الفلسطينية (أولاً) على شكل أسئلة (ثم) نرى – في محاولتنا للإجابة عنها – إن كان ما كان في أوسلو حيالها ضرورة لا يمكن الاستغناء عنها أم لا.
أولاً: أليس التفريط في الأرض هو أمر محظور؟ بلا، التفريط في الأرض محظور، وحيث إن أصحاب أوسلو قد فرطوا في الأرض تفريطاً مخجلاً ومعيباً، إذا تنازلوا عن 78% من أرض فلسطين، وحيث إنهم في هذا التفريط قد انتهكوا المحظور، فإن اتفاقية أوسلو لم تكن ضرورة، أبداً.
ثانياً:هل التفريط في الكرامة الوطنية أمر محظور أم لا؟ نعم، التفريط في الكرامة الوطنية أمر محظور ومحظور ومحظور، وحيث إن أهل أوسلو قد فرطوا في الكرامة الوطنية بدليل أن الرئيس عباس رباعي الصفة والمسؤولية (رئيس السلطة والدولة والمنظمة وفتح) ومهندس أوسلو قال: ” إن السلطة باتت توفر للاحتلال خدمة خمس نجوم وتعفيه من التزاماته”، وقال:” أنا قاعد تحت بساطير الإسرائيليين” وقال: “أنا أترأس سلطة بلا سلطة”…إلخ، فليس بعد مثل هذا التفريط في الكرامة الوطنية تفريط، ما يعني أن أوسلو لم تكن ضرورة وطنية، بل كانت استجلاباً لخزي وعيب وعار وتفريط في الكرامة الوطنية، حيث ينسى الرئيس أو يتناسى المثل العربي القائل:” تجوع الحرة ولا تأكل بثدييها”، والأثر العربي الشهير القائل: لا تسقني ماء الحياة بذلة… بل فاسقني بالعز كأس الحنظل/ ماء الحياة بذلة كجهنم… وجهنم بالعز أطيب منزل”.
ثالثاً: أليست الحرية ضرورة، وأليس الاستقلال ضرورة، وأليست الشورى (الديمقراطية) ضرورة؟! بلا. إن الحرية ضرورة وواجب، والاستقلال ضرورة وواجب، والديمقراطية ضرورة وواجب، ولكن هل وفرت أوسلو هذه الضرورات كي نقول إن أوسلو كانت ضرورة؟! لا، لم توفر أياً من هذه الضرورات.
رابعاً: أليس الإتيان بأي فعل يُغَيِّب الاتحاد ويصنع الانقسام ويسقط الوحدة هو أمر محظور؟! بلا، إن كل فعل يُغَيِّب وحدتنا ويصنع الانقسامات بيناً هو أمر محَّرم ومجَّرم ومحظور، لكن ما بالنا إذا كانت أوسلو سبباً مباشراً في انقسامنا وتقسيمنا حين انقسمنا على أوسلو التي كانت أيضاً سبباً مباشراً للانقسام الكارثي عام 2007، والذي دخل الآن عامه الحادي عشر، ما يدفعنا إلى التساؤل:”هل كانت أوسلو ضرورة تبيح هذا المحظور وتسمح لقيادتنا بانتهاك هذا المحَّرم؟! الإجابة بداهة هي “لا”.
خامساً: أليس هَدْم ما أنجزه شعبنا على مدار عقود هو أمر محظور؟ بلا. إن هدم ما تم إنجازه على مدار عقود هو فعل محظور ومحرم ومجرم ومدان. أما أوسلو، فقد هدمت منظمة التحرير الفلسطينية حين أصبحت بعد أوسلو ملحقاً بالسلطة وذيلاً معلقاً فيها، لا سيما وإن ياسر عرفات نفسه كان يستدعيها ويعلي شأنها وقتما أراد وكان يخفيها وقتما أراد حيث كان يرفع لواءها في وجه من كان يعارضه ويعترض عليه، وحينما كانت الأمور سالكة كانت السلطة دوماً هي الرأس والمنظمة هي الذنب. فإذا كان ذلك كذلك، هل يصح القول إن أوسلو كانت ضرورة تبيح لقيادتنا انتهاك ما هو محرم وسلوك ما هو محظور؟! الإجابة، لا، بكل المقاييس والاعتبارات وبكل مباشرة ووضوح.
سادساً: هل الإقبال – إن لم يكن الركض – نحو أي أمر دون الإعداد له جيداً ودون دراسته على نحو مستفيض هو أمر من المحظورات أم لا؟! نعم، ولكن ما بالنا بأصحاب أوسلو الذين وعدوا شعبنا بأكل المن والسلوى ولبس الحرير وسكن القصور دون حتى أن يفهموا المثل الفلسطيني الشعبي القائل ” قبل ما تفصل قيس”، فكانت النتيجة كارثية كما رأينا وكما الآن نرى وكما سنرى. وعليه، فهل كانت أوسلو ضرورة تبيح لقيادتنا أن تلقي بنا في مهاوي الردى كما نحن الآن؟! الجواب بالحتمية “لا”.
سابعاً: أليس من المحظورات أن نجعل من عدونا صديقاً دون أن يعترف على الأقل بمسؤوليته عن جرائمه ضدنا ودون أن يتخلى عن عدوانيته علينا؟! بلا. إن هذا أمر محظور تماماً، لكن أصحاب أوسلو اعتبروا عدونا صديقاً وجعلوه حبيباً واستمتعوا بدفء احتضانه وتبادلوا القبلات الساخنة معه وتناولوا المأكل والمشرب معه على بساطه وقاموا حتى بمواساته وتعزيته سواء في قتلاه أو في موتاه. وبناء على ذلك، هل كانت أوسلو ضرورة تبيح للقيادة انتهاك هذا المحظور؟! لا، أبداً لم تكن.
ثامناً: أليس من المحرمات والمحظورات أن نهادن من يقاتلنا ويحاصرنا ويقتلنا ويعتدي بمستوطناته على أرضنا فيُهَوِّدها؟! بلا، ولكن هل كانت أوسلو ضرورة تبيح لقيادتنا أن تنتهك ما قضينا العمر ونحن نفهم أنه من المحرمات؟! لا، لم تكن.
تاسعاً: هل التنازل عن حقنا في العودة إلى ديارنا التي هجرنا بالقوة منها أمر محظور أم لا؟ نعم، إن التنازل عن حق العودة أمر محظور ومجرم ومحرم، فما بالنا إذا كان من خطط لأوسلو وهندسها ووقع عليها قد تنازل هو عن هذا الحق؟ وعليه، فهل كانت أوسلو ضرورة تبيح اختراق هذا المحظور وانتهاك هذا المحرم؟ لا، لم تكن.
عاشراً: هل يتساوى الاعتراف الفلسطيني بحق إسرائيل في الوجود بالاعتراف الإسرائيلي بمنظمة التحرير الفلسطينية ممثلاً للشعب الفلسطيني؟! الجواب، لا. لايتساويان، فإذا كنا نحن نعترف لإسرائيل التي احتلت أرضنا وهجرتنا بالقوة منها – بحقها في الوجود، فأين سيكون مكاننا نحن؟ وهل كانت أوسلو ضرورة تجعل أصحابها لا يفهمون إن كان هذان الاعترافان متساويين أم لا؟! وأليس محظوراً ومجرماً هذا الاعتراف الفلسطيني دون اعتراف إسرائيل بمسؤوليتها عما ارتكبته بحقنا من جرائم؟! وعليه، فما الضرورة التي جعلت قيادتنا تؤمن بأن اعترافنا بحق أعدائنا في الوجود يساوي اعترافهم بمنظمة التحرير الفلسطينية ممثلاً لنا؟!
أحد عشر: أليس محظوراً على أهل الوطن وأصحاب الحق أن يربطوا اقتصادهم باقتصاد محتلهم؟! بلا. إن هذا الأمر من المحظورات. وعليه، فما الضرورة التي دفعت أهل أوسلو إلى انتهاك هذا المحظور؟ لا ضرورة، ألبتة.
ثاني عشر: هل شطب ما عاش شعبنا عليه وغناه وحفظه شعراً وقصصاً وأمثلة وحكايا أمر محظور أم لا؟! نعم، إنه محظور ومحرم ومجرم، فإذا كان ذلك كذلك، فكيف يكون شطب المواد التي تحكي في الميثاق عن الكفاح المسلح ضرورة؟ كيف أجازت قيادتنا لنفسها أن تفرض علينا أن نُلغي أو أن ننسى أو أن نتناسى موروثاً غنائياً ثورياً سكن أعماقنا ها نحن نشير إلى بعض منه:
-
ثوري ثوري يا جماهير الأرض المحتلة.
-
لا بنسالم ولا بنساوم على حبة رملة.
-
قسما ما تفلت يا عدوي من إيد الثورة والشعب.
-
طالع لك يا عدوي طالع من كل بيت وحارة وشارع.
-
أنا يا أخي آمنت بالشعب المضيع والمكبل وحملت رشاشي لتحمل بعدنا الأجيال منجل.
-
طل سلاحي من جراحي يا ثورتنا طل سلاحي ولا يمكن قوة في الدنيا تنزع من إيدي سلاحي
لقد كبَّتْ قيادتنا قربة شعبنا توقعاً لسحابةٍ جفَّتْ. فلم تأتِ.
ثالث عشر: أليس من المحظور والمحرم والمجرم أن تنهي منظمة التحرير الفلسطينية النزاع المسلح مع دولة الاحتلال دون أسس؟! بلا، إن هذا محظور ومجرم ومحرم ، ولكن ما الضرورة التي دفعت القيادة إلى انتهاك هذا المحظور؟ لا ضرورة، أبداً، والجدير ذكره أن هذا السلوك الفلسطيني المشين هو الذي دفع الأردن إلى التوقيع على اتفاقية وادي عربة ثم الدول العربية إلى الهرولة نحو إسرائيل، كما نرى اليوم، مع أبلغ الأسف وأشده.
رابع عشر: هل اعتراف الواقع تحت الاحتلال بالمحتل أمر محظور أم لا؟ نعم، إن ذلك أمر محظور، وعليه، فما الضرورة التي دفعت قيادتنا إلى الاعتراف بمحتلنا، لا سيما وإن حركة حماس وحركة الجهاد الإسلامي والجبهة الشعبية والجبهة الديمقراطية وجبهة التحرير العربية قد رفضت جميعها الاعتراف بأوسلو، ما يعني أن الانقسام الفلسطيني حوَّل أوسلو إنما هو انقسام في أبشع صوره. وعليه، فلا ضرورة لذلك الاعتراف أبداً، إلا إذا كان صنع التفكك العربي والانقسام والتشطي الفلسطيني مطلباً!!!
خامس عشر:هل أقصت أوسلو أهلنا المقيمين في أراضي 48 وهمشتهم؟! نعم لقد أقصتهم وهمشتمهم. وعليه، فما الضرورة التي دفعت أصحاب أوسلو إلى إقصاء وتهميش أهلنا في أراضي 48؟ لا ضرورة، ألبتة.
سادس عشر: أليس محظوراً علينا أن نشوه بأيدينا وبتصرفنا مشروعنا الوطني الفلسطيني؟! بلا، إن هذا محظور ومحرم ومجرم، ولكن قيادتنا شوهت مشروعناً الوطني من خلال أوسلو التي حولت قضيتنا الوطنية من (قضية تحرر) إلى (مسألة استقلال) ومن (قضية عودة) إلى (مسألة دولة) ومن (قضية وطن) إلى (مسألة سلطة)، لا سيما وإن قضيتنا هي في الأصل (قضية عودة) لا (مسألة دولة) كما أنها (قضية تحرر) لا (مسألة استقلال) و(قضية وطن) لا (مسألة سلطة). ولكي نثبت صحة ما نقول، فإننا نطرح سؤالاً علنا نجد له جواباً:”هل عبرت (دولة فلسطين الحالية) أو (السلطة الفلسطينية القائمة) عن مشروعنا الوطني؟! الإجابة هي أنه لا دولة فلسطين الحالية ولا السلطة الفلسطينية القائمة عبرت أي منهما عن مشروعنا الوطني الفلسطيني. وعليه، فما الضرورة التي دفعت قيادتنا إلى قبول أوسلو التي شوهت مشروعنا الوطني؟ لا ضرورة، أبداً.
سابع عشر: أيجوز تحويل الرأس إلى ذنب والقائد إلى تابع و مقود ؟! من المحظور أن يستحيل الرأس ذنباً والقائد مقوداً وتابعاً؟ أما أوسلو فقد حولت الرأس وهو منظمة التحرير الفلسطينية (الممثل الشرعي الوحيد للشعب الفلسطيني) إلى ذنب ومقود وتابع. وعليه، فهل من ضرورة وطنية دفعت أهل أوسلو إلى تجاوز هذا المحظور؟ لا ضرورة، ألبتة.
ثامن عشر: أليس محظوراً أن تحول قيادتنا حركة تحرر وطني عملاقة حتى على المستوى الدولي إلى سلطة تحت الاحتلال؟ بلا، وعليه فما الضرورة التي جعلت أصحاب أوسلو يحولون حركة كبيرة بحجم حركة فتح إلى سلطة تحت الاحتلال؟! لا ضرورة، أبداً.
تاسع عشر: هل من المحظور علينا أن نفكك وحدة أراضينا، أم لا؟! نعم، إن ذلك أمر محظور، وعليه، فما الضرورة التي دفعت القيادة إلى أن تقبل أوسلو التي فرضت بشكل مباشر واقعاً مؤلماً هو تقسيم الأرض الفلسطينية 1967 إلى مناطق ABCوهو أمر صار واقعاً جديداً ومزعجاً، حيث يطالب المستوطنون اليمينيون بضم مناطق C إلى السيادة الصهيونية باعتبار ذلك جزءاً من حل الصراع.
عشرون: أليس من المحظور خلق سلطة فلسطينية لتكون خادماً للاحتلال؟! بلا، إن خلق سلطة فلسطينية لتكون وكيلاً أمنياً للاحتلال هو أمر محظور، لا سيما وإن إسرائيل ما كانت تستطيع الانسحاب وما كانت في نفس الوقت تستطيع ضم السكان الفلسطينيين إليها لأنها كانت – إن ضمَّتهم – ستتحول إلى دولة ثنائية القومية، وهو ما كان يعني انتهاء إسرائيل كدولة يهودية. وفوق ذلك، فإن إسرائيل لم تكن تستطيع إبقاء الاحتلال دون حل لأن ذلك يبقيها دولة محتلة كما يجعلها دولة فصل عنصري، ما يشكل إيذاء لها. وعليه، فقد كانت أوسلو مخرجاً لإسرائيل من كل ذلك، إذا، ما الضرورة لأوسلو؟ لا ضرورة قط.
واحد وعشرون: هل يجوز لفصيل أن يتفرد بالقرار فيفرض الإجماع على المجموع الفلسطيني؟! طبعاً، لا يجوز. وعليه، فما الضرورة التي دفعت قيادتنا إلى التفرد في قرار قبول أوسلو دون الاستفتاء الشعبي عليه؟! لا ضرورة، أبدا.
اثنان وعشرون: هل الاستيطان في أرضنا المحتلة أمر محظور أم لا؟ نعم، إنه محظور. وعليه، فما الذي دفع القيادة إلى الركض نحو أوسلو، تاركة الاستيطان يتغول على أرضنا ويتلوى كالأفعى في بطنها كما يشاء دون إلغائه نهائياً أو وقفه أو تجميده؟! وفوق ذلك، ما الذي دفع قيادتنا إلى فتح قناة سرية، تلغي بهدوء تام وسرية متناهية القناة التفاوضية التي كان يقودها الدكتور/ حيدر عبد الشافي الذي أصر في كل الجولات التفاوضية على ضرورة إنهاء الاستيطان أو وقفه كي يكون للسلام فرصة في التقدم. إذاً، فإن عدم اهتمام قيادتنا بموضوع الاستيطان في اتفاقية أوسلو إنما كان جريمة أو عجزاً وفشلاً. وعليه، فإن أوسلو بكل تفاصيلها لم تكن ضرورة أبداً، على المستوى الوطني. أَما تذرع القيادة بالقول إن أمر الاستيطان قد تُرك لحسن النية الإسرائيلية، فإن هذا يعبر عن جهل سياسي، على أقل ما يمكن وصفه.
ثلاث وعشرون: ما الضرورة التي دفعت القيادة الفلسطينية إلى قبول أوسلو التي لم يرد في أي من بنودها السبعة عشر لفظ “الانسحاب الإسرائيلي من الأراضي الفلسطينية”، كما لم يرد فيها لفظ “الأرض المحتلة”، الأمر الذي منح إسرائيل 78% من الأراضي الفلسطينية؟! لا ضرورة أبدا، لكنه الفشل والعجز والجهل السياسي، إذا أردنا أن نعطي أفضل الأوصاف!!!
أربع وعشرون: هل من ضرورة أوجبت على قيادتنا أن توافق على عدم استخدام تعبير “أرض محتلة”، في اتفاقية أوسلو وهو الأمر الذي دفع مادلين أولبرايت – بعد اتفاقية أوسلو بشهر واحد فقط – إلى القول:” لا يجوز أن نتحدث الآن عن شيء اسمه أرض محتلة بعد أن توافق الطرفان المتخاصمان على عدم استخدام مثل هذه الأوصاف والتعبيرات؟! لم تكن هناك أدنى ضرورة لذلك، إلا أن ذلك كان ركضاً نحو فشل سياسي كبير ومتسارع يدفع شعبنا – وسيظل يدفع – له أثماناً باهظة.
خمس وعشرون: أليس التنسيق الأمني مع عدونا الذي يحاصرنا ويحتل أرضنا ويواصل عدوانه علينا هو أمر محضور؟! بلا. إن التنسيق الأمني مع العدو هو في صدر المحظورات الوطنية وعلى رأسها. فإذا كان هذا صحيحاً، فكيف وافقت قيادتنا على التنسيق الأمني الذي يصر مهندس أوسلو عباس على وصفه بأنه “مقدس مقدس مقدس”؟! وإذا كان المحلل السياسي الإسرائيلي لصحيفة معاريف “جاكي خوجي” يصف التنسيق الأمني بأنه ذخر وطني لإسرائيل وأن وقفه ينذر بمشاكل كبيرة لها، فهل من ضرورة دفعت قيادتنا إلى الموافقة على هذا الأمر المشين؟! وإذا كان المحلل السياسي نفسه يصف التنسيق الأمني بأنه الاسم السري للتعاون الأمني على أعلى مستويات بين أجهزة السلطة وجيش الاحتلال ومخابراته في ملاحقة نشطاء المقاومة، فما الضرورة الوطنية التي دفعت قيادتنا إلى الموافقة على هذا الأمر المستبشع والمخزي والمستشنع؟! لا ضرورة أبداً، لكنه العجز والجهل والفشل، إن لم يكن أمراً آخر نجهله.
أما آخر الكلام، فهل نبقى في دائرة أوسلو أم نخرج منها؟ سؤال يحتاج إلى جواب!!!
بقلم: الدكتور/ أيوب عثمان
كاتب وأكاديمي فلسطيني
رئيس “جمعية أساتذة الجامعات – فلسطين”