الآثار الاقتصادية لانقطاع التيار الكهربائي علي مصر – د. عادل عامر
الآثار الاقتصادية لانقطاع التيار الكهربائي علي مصر – د. عادل عامر
. أن أزمة الكهرباء في مصر هي مثال صارخ على عقود من سوء الإدارة بقطاع الطاقة وهي واحدة من أكبر التحديات التي تواجه البلاد. كذلك البنية التحتية المتهالكة التي تديرها الدولة غير قادرة على تلبية عبء الطلب المتزايد في الكهرباء مع ارتفاع عدد السكان ونقص الغاز الطبيعي في السنوات الأخيرة مع تراجع الإنتاج المحلي مما أدى إلى فشل الدولة في الوفاء بالتزاماتها .لان الكهرباء خلال الفترة من (15 – 12 – 2012) وحتى (12 – 9 – 2014) داومت على الانقطاع بسبب عدم العمل بكامل طاقة المحطات الكهربائية الموجودة وتوقف أكثر من 12 محطة كهرباء عن العمل بالكامل، إضافة إلى نقص الوقود خاصة المازوت والغاز بصورة متكررة يؤدى ذلك الي توقف المحطات عن العمل، زيادة الأحمال على المحطات الكهربائية فضلا عن زيادة استخدام الكهرباء بسبب الحر الشديد وهو مما يعمل على زيادة استخدام أجهزة التكييف والتبريد وغيرهما، لذا فإن الآثار الاقتصادية لانقطاع الكهرباء كانت واضحة أكثر على المناطق الصناعية بالكامل والفنادق والقرى السياحية والمستشفيات، وكذلك المصانع الكبيرة مثل مصنع مجمع الالومنيوم بمنطقة (نجع حمادي) في محافظه قنا، حيث يقوم بسداد فاتورة كهرباء شهريا تبلغ (122 مليون جنيه) اى نحو (1.144) مليار جنيه سنويا، ونجد أن الحكومة أعلنت عن توقف إنتاج مصنع الالومنيوم يوميا (4 ساعات) وهذا يكلف المصنع خسائر يومية تبلغ (15 مليون جنيه) اى ما يعادل (4500 مليون جنيه) اى (4.5 مليار جنيه سنويا) على الأقل وهذا بالنسبة لمصنع واحد فقط.وأنه بمراجعة بسيطة للخسائر الاقتصادية للمناطق الصناعية بلغت مليار جنيه خلال الستة أشهر الماضية عن انقطاع الكهرباء نجد أن الخسائر المبدئية لمدينة العاشر من رمضان نتيجة توقف معظم المصانع وعدم العمل بالطاقة الكاملة للمصانع بسبب انقطاع الكهرباء وكذلك الخسائر الناجمة عن احتراق معظم خطوط الإنتاج نتاج اهتزاز قوة الكهرباء بينما تبلغ الخسائر المبدئية لمدينة برج العرب نتاج ذات الأسباب السابقة ما قيمته (1.5 مليار جنيه)، أيضا فإن خسائر مدينة 6 أكتوبر بلغت مالا يقل عن (3.5 مليار جنيه) لأنها هي الأكثر انقطاعا للكهرباء برغم وجود (مدينه الإنتاج الاعلامى بالمدينة) بينما تجاوزت الخسائر للمنطقة الصناعية لشبرا الخيمة الـ(600 مليون جنيه) بسبب انقطاع الكهرباء وتأثر الإنتاج، وقد توقفت مصانع كثيرة عن العمل واستغنت بعض المصانع عن جزء كبير من العمالة بسبب انقطاع الكهرباء لفترات طويلة مما أثر على جودة المنتجات وكذلك عدم الالتزام بالمواعيد اللازمة، لتسليم الطلبيات أو الشحن للخارج.و أنه بمراجعة شاملة لمعظم خسائر المصانع والمناطق الصناعية نجد أنها قد تخطت حاجز الـ(100 مليار جنيه) خلال الأشهر الستة الماضية، أما الفنادق والقرى السياحية فان انقطاع الكهرباء قد أثر على حركه الإشغال بما يبلغ نحو (30%)، وبالنسبة للمستشفيات نجد إنها تكبدت بسبب انقطاع الكهرباء خلال الأشهر الستة الماضية تمثلت في خسائر بشرية ممثلة في وفاة عدد كبير من المرضى خاصة الأطفال في الحضانات ووفاة آخرين في غرف العناية المركزة فضلا عن خسائر مادية نتاج انقطاع الكهرباء وفساد معظم الآلات والمعدات وتأخر علاج البعض مما كلف الدولة حوالي (25 مليار جنيه) خلال الـ(6 أشهر الماضية).و حلا لهذه المشكلة والخسائر المتراكمة إلى أننا لابد أن نفكر في إيجاد طرق بديلة لتوفير الطاقة اللازمة للمصانع كثيفة استخدام الطاقة وتوفير الطاقة بالكامل للقرى والنجوع بالكامل عن طريق (البون جاز) والعمل على أن تعمل جميع اليفط والإعلانات في جميع الشوارع والمحلات وكذلك أعمدة الإنارة بالطاقة الشمسية. أثار الانقطاع الجزئي للتيار الكهربائي، اليوم الخميس، لفترة تجاوزت الـ6 ساعات، ردود فعل غاضبة نتيجة توقف المصانع عن العمل خلال ورديات العمل الصباحية، مما خلف خسائر تقدر بـ 45% جراء تراجع حجم الإنتاج، وتسريح بعض المصانع لورديات العمل الصباحية، مما دفع الصناع لمطالبة الحكومة بفتح باب الاستثمار في الطاقة أمام القطاع الخاص. بننتج ٩٪ كهرباء من السد العالي (مصادر مائيه) – بننتج ٩٠٪ من محطات حرارية ( مولدات ) – لدينا ٥4 محطة توليد بها ٢٣٠ وحده توليد – ١٧محطه منها تعمل بالمازوت ( مشتقات بترول ) تمثل ٣٠ ٪من إجمالي المحطات – ٣٦محطه منها تعمل بالغاز بنسبه ٧٠٪ تقريبا – تكلفه الإنتاج بالغاز ارخص طبعا من الإنتاج بالمازوت بنسبه ١٠ : ٧ – ارخص تكلفه إنتاج للكهرباء بالطاقة النووية وتمثل نصف تكلفه الغاز ( وده مش عندنا)
– قدره إنتاج شبكتنا المصرية يفوق ٣١ آلف ميجا وات لا ننتج منها سوي ٢٣ ألف علي أفضل تقدير
– اعلي معدل استهلاك رصد أثناء اعلي ارتفاع للحرارة كان ٢٨ ألف – لدينا شركه قابضه تتشكل من ١٦ شركه ٦شركات تنتج الكهرباء و٩ شركات توزعها وشركه نقل – مطلوب من وزاره البترول تورد يوميا ٢٣ ألف طن مازوت و٥٠٠ مليون قدم مكعب غاز
– الدول المصدرة للغاز ( المسال) هي روسيا والجزائر وقطر ( شركه جازبروم الروسية / سونارتك الجزائرية / قطر جاز ورأس جاز القطرية – المنصه التي تعيد الغاز المسال الي غاز موجوده لدي دوله النرويج ( شركه هوج ) – لدينا ٥،٩ مليار دولار ديون في مجال الطاقة لشركات عالميه – الشركة الروسية ترفض التعامل مع دول تدعم الطاقة مثلنا – قطر قطعت إمدادنا بالغاز بعد ثورتنا علي الإخوان
– المحطات الجديدة حال إدخالها الخدمة ( العين السخنه / شمال الجيزة ) سوف تضيف ٢٤٠٠ ميجا وات كمان بحيث تتجاوز قدرتنا ٣٣ ألف ميجاوات
ثانيا:- أسباب انقطاع التيار الكهربي وسوء الخدمة
– إرهاب الأخوان أدي الي فقد ٢٤٠٠ ميجا وات في الفترة الاخيره بعد تفجير بعض المحطات وخطوت الضغط العالي وخطوط الغاز – الحر الشديد وارتفاع درجه الحرارة أدي الي زيادة الطلب ٤٠٠ ألاف ميجا وات زاد وأصبح العجز ٦٤٠٠ ميجاوات ( ٢٤٠٠ بسبب الإخوان + ٤٠٠٠ بسبب درجه الحرارة)
– الروتين الحكومي وإجراءات التسليم والتسلم بين وزارتي البترول والكهرباء عطل الإنتاج أيضا واضطر الرئيس يتدخل – ديون الشركة المصرية للغاز لشركه هوج النرويجيه جعلها ترفض التعامل معنا – ديوننا لدي الشركات العالميه كترت وذادت – توقف التعامل مع قطر بعد ثوره ٣٠ يونيه
– سرقات التيار الكهربي المنتشرة والمستغله لحاله غياب الدولة طوال الثلاث سنوات الاخيره – سؤ الاستهلاك من قبل الجمهور طبعا – سوء أداره الطاقة علي مستوي الجمهورية وعدم تنظيم استخدامها – دعم الطاقة الذي يتسبب في استسهال استخدامها بشكل متردي كما يتسبب في رفض شركات عالميه التعامل معنا مثل الشركة الروسية
– قله العملة الصعبة المطلوبة للاستيراد للغاز والمازوت تجعلنا نتوسع في تصدير الغاز الذي لدينا حيث إن السياحة متوقفة بسبب الإرهاب الاخواني كمصدر مدر وأساسي وكبير للعملة الصعبة
– التوسع في ترخيص المقاهي المكيفة علي مستوي الجمهورية
– ملايين من حالات الاعتداء علي الأراضي الزراعية وأبراج تم بناؤها استغلالا لغياب ألدوله وتوصيل الكهرباء لها ثالثا :- حلول مقترحه للاشكاليه
– تحويل ١٧ المحطات التي تعمل بالمازوت الي العمل بالغاز – غلق المحلات في العاشرة مساءا صيفا وفي الشتاء ٨ مساءا بشكل مبدأ ( طبعا عدا الصيدليات ومحلات الاطعمه وأماكن الترفيه )
– رفع الدعم تدريجيا وده خلاص ماشيين فيه – إنتاج الكهرباء من الطاقة النووية مستقبلا
– تنشيط عمليات التنقيب عن الغاز ومحاوله الاكتفاء الذاتي منه – عوده السياحة كمصدر مدر للعملة الصعبة سوف يقلل حاجتنا لتصدير إنتاجنا من الغاز للحصول علي العملة الصعبة وطبعا دا مشروط بالقضاء علي الإرهاب ونشر ثقافة أهميه السياحة للبلد
لان لخاسر الأكبر هو مصانع إنتاج الحديد والزجاج والألمونيوم والصناعات الثقيلة، وغيرها من الصناعات المعدنية، نظرا لارتباط إنتاجها برفع درجة حرارة أفران الصهر مرة واحدة في تاريخ تشغيلها، وانخفاض التيار الكهربائي يصيبها بالبرودة، مما يؤثر علي إنتاجها مستقبلًا بانخفاض نسبة الإنتاج 25%، تتقلص مع الوقت وعلى فترات زمنية طويلة.
أن الحكومة حررت أسعار الطاقة، وهو ما يلزمها بفتح باب الاستثمار في مجالات الطاقة أمام القطاع الخاص، والسماح لها بنقل إنتاجها من الطاقة عبر خطوط الشبكة القومية مقابل رسوم وضرائب، وتحصيل رسوم وضرائب على المعدات وعمليات نقل الطاقة. بتعديل تشريعي، يسمح للقطاع الخاص بالاستثمار في الطاقة ويفصل شبكات الاستهلاك الصناعي عن شبكات الاستخدام المنزلي، فقد آن الأوان أن ترفع الحكومة الوصاية عن تصنيع الطاقة، وتشرك القطاع الخاص في عمليات التوليد. بتحويل المصانع للعمل بالفحم، بدلا من الطاقة الكهربائية لتفادي معوقات الانقطاع المستمر للتيار الكهربائي، وتقليص حجم الخسائر التي تتعرض لها المصانع، وتطبيق معدلات الأمان العالمية في حالات الاستخدام، و بإلزام مصانع الأسمنت بإنشاء شبكات التغذية الخاصة بها، ورفع أحمالها من خطوط التغذية الرئيسية للمنازل والمصالح والهيئات الخدمية. لان مصانع الاسمنت تستخدم كميات كبيرة من الطاقة الكهربائية المدعمة دون أدنى حق، حيث تلتزم بالمستويات العالمية للأسعار دون تقديم تخفيضات نظير الطاقة المدعمة وأدت هذه الأزمة إلى تأثر شبكات المحمول بهذه الانقطاعات خاصة في الأيام القليلة الماضية.?? ? و أن أكثر من 85% من عدد المحطات الخاصة بالشبكة مرتبطة بشبكة الكهرباء مما يؤثر على جودة الخدمات ، وانه تم تفعيل خطة زيادة عدد المولدات الكهربائية في المحطات، ودعم المحطات التي تقع فوق أسطح المباني ببطاريات إضافية و زيادة عدد المحطات التي تعمل بالطاقة الشمسية، على مستوى الجمهورية.
هذا وقد أشار الجهاز القومي لتنظيم الاتصالات إلى خطة شركة فوافون في وسائل الإعلام، موضحا أن الشركة بادرت بتخصيص مبلغ 400 مليون جنيه مصري بصورة عاجلة للحد من آثار الانقطاع الكهربائي. تعتمد السياسات الحكومية الحالية على فكرة ترشيد الاستهلاك حتى الحد الأدنى، وتخفيض دعم الدولة على السلع والخدمات ولذلك تعاظمت ظاهرة انقطاع التيار الكهربائي وشاعت حتى أصبحت صداعا دائما في رؤوس المواطنين، فقد بات ملحوظا أن الدولة تخفض الدعم على السلع والخدمات بطريقتين:
الأولى هي التخفيض المباشر وفيه تزيد من قيمة الخدمات والسلع وهو ما ظهر جليا في زيادة أسعار البنزين والكهرباء والغاز، والثانية عن طريق تقليل المعروض من هذه السلع وبالتالي إتاحة كمية أقل من الكمية المطلوبة ما يؤدى إلى تخفيض الدعم دون إعلان، فلو قلنا مثلا إن الكهرباء تستخدم 125 مليون لتر وقود ويؤدى انقطاع التيار إلى تقليل هذه الكمية بمقدار العشر، وإذا أخدنا في الاعتبار أن الحكومة رفعت أسعار الكهرباء بتخفيض الدعم إلى ما يقرب الربع فأصبح 27.4 مليار جنيه بعد أن كان 38.7 مليار جنيه فإذا أضفنا العشرة بالمائة التي توفرها الدولة فبذلك نستنتج أن الدولة رفعت 35 % من الدعم منهم 25 % أعلنت عنهم، و10 % لم تعلن عنهم، وبذلك يصبح قطع التيار الكهربائي بمثابة الباب الخلفي لتخفيض الدعم تمهيدا لإلغائه تماما.
هنا لا يمكن أبدا أن نصف تصرفات الحكومة بالحكمة والرشاد، لأنها بتلك التصرفات المريبة لا تطعن مبدأ الشفافية في مقتل فحسب وإنما تتجنى على حق المواطن في الحياة الكريمة وتوفير سبل الراحة للمواطنين، لكن خلاف كل هذا فإن سياسية الحكومة التي تبتغى منها التوفير ربما يكون نتائجها عكسية تماما عما تريده الحكومة، فعلى مدى سنوات من انقطاع الكهرباء في مصر حدثت بعد الآثار العكسية التي أضرت بالاقتصاد المصري، وربما تكون هذه الأضرار قد كلفت الحكومة أضعاف ما وفرته، وهنا نحاول أن نرصد أهم هذه الآثار السلبية لانقطاع الكهرباء وأضرارها على الاقتصاد الوطني.
1- الإضرار بالزراعة وجفاف الترع وزيادة أسعار المحاصيل قد يفاجأ البعض إذا ما علموا بأن انقطاع الكهرباء يؤثر سلبا على الزراعة أو تدفق سريان المياه في الترع، لكن هذا ما أقر به محافظ الجيزة منذ أيام حيث في إحدى جولاته الميدانية وفيه قال المحافظ لأحد المواطنين بعد أن اشتكى إليه من نقص المياه إن نقص المياه يعود إلى أن ماكينات الري الكبيرة التي تغذى الترع تعمل بالكهرباء، وحينما يتم قطع التيار الكهربائي تجف هذه الترع ويقل ضخ مياه الشرب، ولك أن تلاحظ بعد هذا التصريح شكاوى الأهالي والفلاحين المتجددة حول جفاف ترعهم ونقص مياه الشرب منذ العام 2012 في كل من السويس والإسماعيلية وبورسعيد والغربية والشرقية والفيوم وغيرها من محافظات مصر، ولا يعنى جفاف الترع والقنوات المغذية للأراضي الزراعية سوى أن المحاصيل تتأثر بالسلب، وهو ما يؤدى تلقائيا إلى نقص المحصول وبالتالي إلى زيادة الأسعار، ليعيش المواطن مكتويا بانقطاع التيار الكهربائي مرة بعد مرة.
2- إهدار العملة الصعبة في استيراد المولدات والمراوح والكشافات التي تعمل بالشحن تحاول مصر جاهدة أن تقلل الفارق في الميزان التجاري، عبر تخفيض استهلاكها من العملات الصعبة وزيادة مواردها منها في ذات الوقت، وإذا ما واجهنا أنفسنا بالحقيقة المرة التي تؤكد أننا تقريبا لا نصنع شيئا فسنعرف اى سلعة جديدة يستوردها المصريون تعمق الفجوة بين مواردنا من العملات الصعبة وما نستهلكه منها، وفى ظل انكماش الحركة السياحية وضعف الصادرات الزراعية فإن مواردنا من العملات الصعبة تقل بشكل كبير، ولهذا لا تحتاج مصر بابا إضافيا لتستنفذ فيها رصيدها من العملات الصعبة، لكن أزمة انقطاع الكهرباء بشكل مستمر أجبرت المصريين على التكيف مع هذه الظاهرة، وسنة بعد سنة تنامت ظاهرة استيراد المولدات الكهربائية والأجهزة المنزلية التي تعمل بالشحن مثل المراوح والكشافات والراديوهات وغيرها من الأجهزة التي ترهق ميزانية البيت المصري من ناحية كما تستنزف رصيدنا من العملات الصعبة يوما بعد يوم.
3- تلف الأجهزة الكهربائية وإهدار أموال الأسرة في تصليحها أو استبدالها تعتمد قوة السوق على حجم حركة المبيعات والمشتريات وكلما زادت هذه الحركة نمت قوة السوق وتعاظمت، ولذلك يعتبر الكثير من الاقتصاديين أن رفاهية الشعب ليست ترفا حكومية أو منه لكنها أساس من أسس النهضة الاقتصادية فكلما زادت السيولة النقدية في أيدي الناس انتعشت حركة البيع والشراء ونمى السوق، لكن للأسف ما يحدث الآن بسبب انقطاع الكهرباء المستمر يستنزف أموال الأسرة المصرية عبثا، فتكرار انقطاع الكهرباء يؤدى إلى تلف الأجهزة الكهربائية ما يؤدى إلى إحدى النتيجتين الضارتين بالاقتصاد المصري، الأولى هي أن يتم استنزاف أموال الأسرة المصرية في مصاريف إصلاح هذه الأجهزة، والثانية أن تتلف هذه الأجهزة تماما فيتم استبدالها بأخرى، ما يبدد أموال الأسرة من ناحية ومن ناحية أخرى يستنزف رصيد مصر من العملات الصعبة التي سنستورد لها بديلا للأجهزة التالفة، وهو ما يقلل فرص ادخار الأموال واستثمارها سواء عن طريق الأفراد أو المؤسسات.
4- زيادة الطلب على الوقود لزيادة استعمال المولدات تعانى مصر من أزمة وقود حقيقية، بل أن انقطاع الكهرباء في الأساس يعود إلى نقص في الوقود، لكن ما تظنه الحكومة أنه سبيل لتوفير بعض الأموال ربما يصبح وبالا عليها، فقد أدى انقطاع الكهرباء المتكرر إلى استعانة بعض المؤسسات والشركات بل والأفراد بمولدات الكهرباء التي تعمل بالوقود، ونتيجة لانتشار هذه المولدات زاد الطلب في الآونة الأخيرة على الوقود وكلما يزيد عدد مرات انقطاع الكهرباء يزيد أيضا طلب الناس للوقود ويزيد من ظاهرة بيع الوقود في السوق السوداء، كما تزيد حالات تهريب الوقود نتيجة جشع البعض من ناحية وحاجة الناس من ناحية أخرى.
5- تعطيل المصانع والورش تتمتع بعض الشركات والمؤسسات بملاءة مالية مناسبة تمكنها من الاعتماد على المولدات الكهربائية في حال انقطاع التيار الكهربائي، لكن بعض الورش الصغيرة والمصانع والمحاجر لا تتمتع بهذه الإمكانية ولا تملك السيولة المالية المناسبة لشراء مولدات كهربائية تغنيها مصائب انقطاع الكهرباء ولهذا تتعطل الكثير من الورش المصانع الصغيرة والمتوسطة كما تتعطل أفرع الشركات المرتبطة إليكترونيا بالفرع الرئيس كما في حالة فروع شركات الاتصالات،
وبناء على هذه “العطلة” يخسر السوق المصري عدد ساعات إضافية تزيد من حالة الركود ويفشل أصحاب المصانع والورش في تسليم بضائعهم والانتهاء من أعمالهم في الوقت المحدد، وهو ما يزيد أيضا من حالة الركود لأن ما يقرب من ربع ساعات العمل يضيع في انتظار عودة الكهرباء.
6- تدمير السياحة وهروب سياحة “العائلات” العربية تتميز مصر بقدرتها على جذب طبقات اجتماعية عديدة في قطاع السياحة، ففيها سياحة الـ 5 نجوم، وفيها السياحة العلاجية، وفيها ما يمكن أن نطلق عليه سياحة الطبقات المتوسطة، فكثير من السائحين الذين يأتون إلى مصر يغريهم رخص أسعار الفنادق وأماكن الإقامة والمواصلات بالمقارنة بما هو موجود في البلاد الأخرى، ويكفى أن تعرف أن المبلغ الذي من الممكن أن يقيم به سائح ما في فندق خمس نجوم في القاهرة أو شرم الشيخ أو الغردقة هو ذاته المبلغ يدفعه ليقيم في فندق ثلاث نجوم في لبنان، ولأن السياحة في مصر لا تعرف “الكتالوجات” أصبح هناك الكثير من السائحين العرب والأجانب يفضلون الإقامة الطويلة في مصر، فتراهم يتملكون شققا وفيلات وشاليهات بالقاهرة وشرم الشيخ والساحل الشمالي والغردقة، وكثير من العائلات العربية تملكت شققا في أحياء القاهرة والجيزة وذلك ليستمتعوا بالخصوصية وليتمكنوا من الإقامة فترة طويلة، وللاستثمار أيضا عن طريق تأجير هذه الأماكن في الأوقات التي يتواجدون فيها خارج مصر، ما يؤكد أن السياحة في مصر أصبحت سياحة واستثمار في آن واحد، لكن للأسف لا تضع الحكومة مثل هذه التفاصيل في سبيل توفيرها لحنة من الجنيهات بقطع التيار الكهربائي، والذي يتسبب في هروب السائحين من الفنادق والشقق، فمن الصعب أن يأتي سائح لكي يستمتع ويجد التيار الكهربائي مقطوعا ويعيش بلا تكييف أو مصعد أو حتى مياه.
7- – تعطل حركة البيع والشراء في المنشآت المعتمدة على الأنظمة الإليكترونية بعد طول تخلف عن أنظمة العمل الحديثة بدأت الكثير من الشركات المصرية مؤخرا في الاعتماد على أنظمة الربط الإليكتروني بين فروعها وبعضها البعض أو بين فروعها والمركز الرئيسي، بل أن كل شركات الاتصالات ومعظم محلات الملابس ذات الماركات العالمية ومعظم الصيدليات الكبيرة وشركات البريد السريع والتحويلات المالية وغيرها من المؤسسات التجارية العاملة في مصر أصبحت تعتمد على هذا النظام بما ييسر التعامل على المواطنين ويخدم نظام المحاسبات المالية والضرائبية، لكن للأسف بدلا من أن تصبح هذه الظاهرة الجديدة خدمة مضافة إلى الجمهور أصبحت بفعل انقطاع الكهرباء المتكرر وبالا على الجمهور، فعند انقطاع التيار الكهربائي تتعطل كل أجهزة الكمبيوتر وتفقد الاتصال مع المقرات الرئيسية، فيقطع العملاء بين نارين الأولى هي الانتظار وخصم أكثر من ساعة من أعمارهم في انتظار الكهرباء أو ترك الفرع الذي ذهبوا إليه من أجل الذهاب إلى فرع آخر، وهو ما يهدر الوقت ويكلف الدولة الكثير في الضغط على المرافق واستهلاك الوقود اللازم للتنقل.
8- تصدير صورة سلبية عن البنية الأساسية المصرية أمام المستثمرين الأجانب تخيل أنك مستثمر أجنبي، وأنك أتيت إلى مصر من أجل بحث فرص الاستثمار ومشاهدة الوضع على أرض الواقع، وحينما وصلت إلى الفندق الذي تريد الإقامة فيه اضطررت إلى الانتظار حتى يتمكن عامل الاستقبال من تسجيل بياناتك، وبعد انتظار ساعة كاملة والانتهاء من إجراءات التسجيل والصعود إلى الغرفة للراحة فوجت بعد ساعة أو ساعتين بأن أجهزة التكييف توقفت وأن حرارة الغرفة ارتفعت بشكل لا مثيل له، ويتكرر الأمر في كل شبر تتخطاه قدمك في مصر، حتى حينما تريد أن ترى صورة جوية لمصر في الليل فبدلا من أن تجد ذلك المشهد التقليدي لأنوار القاهرة وفى منتصفها النيل مبهرا ستجد مدينة يحتلها الظلام نصفها بالتناوب مع النصف الآخر، فكيف أن كنت تنوى مثلا أن تستثمر في مجال السياحة أن تأمن على أموالك، أو لو كنت تريد أن تستثمر في مجال الصناعة أن تغامر ببناء مصانع وصرف مرتبات وأن تعلم أن نصف وقتك سيذهب سدى، حاول مرة أخرى أن تقلب الموقف ولتتخيل نفسك مسئولا حكوميا للتفاوض مع المستثمرين، فهل ستقوى ظاهرة انقطاع الكهرباء موقفك التفاوضى مع المستثمرين أم ستضعفه؟.
9- فقدان الثقة في مؤسسات الدولة من أهم عوامل النهضة أن يكون الشعب قادرا على الحلم، ولا تقوى الشعوب على الأحلام إلا حينما تثق في قيادتها، وبدون هذه الثقة يصبح الحديث عن “النهضة” مجرد شعارات بالية، ولدينا على هذا مثالين واضحين، فالشعب المصري فقد الثقة في حكم الإخوان يوما بعد يوم، ونتيجة لهذا أطاح بهم من فوق سدة الحكم دون أن يجفل، في حين أن نفس هذا الشعب وثق في قيادة 30 يونيو ثقة تامة فلم تؤثر فيه أكاذيب الإخوان ومن تشيع إليهم، واستطاع أن يهزم كل من عادوه برغم تأمر العديد من دول العالم عليه، لكن مخطئ من يظن أن هذه الثقة أبدية أو أن الشعب المصري سيظل محتفظا بثقته الدافعة إلى أبد الآبدين، ولا أقصد هنا أن الشعب سيثور من أجل انقطاع الكهرباء، أو أنه سينقلب على الحكومة لهذا السبب، فهذا أهون الشرور، والمشكلة الحقيقية من وجهة نظري هي أن الشعب ربما يعود إلى حالة اللامبالاة التي سكن فيها على مدار الثلاثين عاما الماضية، فيصبح الحديث عن “النهضة” كلام على ورق، وتصبح الدعوة للمشاركة المجتمعية دافعا للسخرية بدلا من المشاركة.
10- ضياع فرص الاستفادة من الأموال المهدرة 11- في عالم الاقتصاد إن لم تتقدم خطوة إلى الأمام فهذا معناه أنك تتراجع خطوة إلى الخلف لأن كل من حولك يتقدمون وأنت في مكانك متصلبا، وبالطبع إن تراجعت خطوة فهذا معناه أنك تتراجع خطوات، لأنك بهذا التراجع تفسح المجال لغيرك ليتقدم ولمن هو أنى منك أن يساويك، وبالتالي تعظم الفارق بين وضعك الحالي ووضع منافسيك، وهذا ما يفسر التأخر الذي عانت منه مصر مؤخرا مقارنة بدول أخرى كانت في الذيل وأصبحت في القمة، ويبدو للأسف أن حكومتنا الغراء لا تعترف بهذه القاعدة بدليل أنها اختارت آت تضر بالزراعة وأن تستنزف مواردها من الاحتياطي وأن تضر بالسياحة وتساهم في هروب سياحة العائلات العربية و شيوع فقدان الثقة في مؤسسات الدولة وتصدير صورة سلبية عن البنية الأساسية المصرية أمام المستثمرين الأجانب وتعطيل حركة البيع والشراء في المنشآت المعتمدة على الأنظمة الإليكترونية من أجل أن توفر بضعة ملايين بقطع الكهرباء التي رضي الشعب المصري بزيادة أسعارها ولم ينبس ببنت شفة. بوجهٍ عام يُقصد بالأمن القومي كتعريف أَوًّليٍّ أو كلاسيكي تلك الأمور والقضايا المتعلقة بحماية الدولة وبقائها وضمانة أمن حدودها المحيطة، وكذلك الفضاء التابع لها جوًّا وبحرًا لو كانت هذه الدولة تمتلك شواطئ على البحار المفتوحة، ويُدخل بعض علماء الإستراتيجية الدولية- مثل ليدل هارت- قضية الحفاظ على المصالح الحيوية للدولة حتى تلك التي تقع خارج الحدود، مثل منابع نهر النيل بالنسبة لمصر، وتأمين مصادر المياه للدولة.
كاتب المقال
دكتور في الحقوق و خبيرفي القانون العام
ورئيس مركز المصريين للدراسات السياسية والقانونية والاقتصادية