الأرض والرئاسة والرئيس سوريّون – ! ثريا عاصي
هل تحول الموقف الاميركي والفرنسي من الرئيس بشار الاسد؟
يتطلب الحديث حول هذه النقطة سؤالاً تمهيدياً عن المعطيات الموضوعية التي تجعلنا نصدق حقا أن الأميركيين والفرنسيين كان لهم أصلاً موقف من الرئيس بشار الأسد وان هذا الموقف تبدّل أو تغيّر. بكلام صريح وواضح، ما هي الأسباب التي تدفع أميركا وفرنسا وهما بالمناسبة دولتان تنتهجان سياسة دولية لا تتميز في بلاد العرب من غربها إلى شرقها، من سياسة المستعمرين الإسرائيليين، إذاً ما هي الأسباب التي حدت هاتين الدولتين إلى أن يكون لهما موقف من الرئيس بشار الأسد هذا من جهة، وإلى إرسال المرتزقة والإمدادات العسكرية والمؤن دعماً لحركة تمرد عسكري في سورية؟
هل يهم الإسرائيليين أن تكون الأوضاع في سورية مستقرة، أن تكون سورية موحدة، مجتمعها الوطني متماسك؟؟ هل يهم المستعمرين الإسرائيليين أن يتنامى مستوى الوعي في المجتمع السوري بحيث يصعب اختراقه من الدول الإستعمارية والرجعية، إلى درجة تجعله لا يحتاج إلى رقابة والمخابرات، فلا خطر عليه من إطلاق الحريات وتطبيق الديمقراطية. كأن البلاد ليست في حالة حرب مستمرة منذ أن رحل عن ترابها المستعمر الفرنسي؟؟ بالطبع لا، هذا كله لا يرضي المستعمرين الإسرائيليين لولا ذلك لما استولوا على الأرض وعلى مصادر المياه ولما رحلوا الناس.
ينبني عليه ان غاية المستعمرين هي ان تتأخر سوريا، ان يتفسخ المجتمع السوري ان تتقسّم سورية، ان تسقط الدولة. هذا في الواقع ما يريده الفرنسيون والأميركيون والإسرائيليون ولا شك في ان موقفهم من الرئيس بشار الأسد هو تعبير عن انزعاجهم من صلابة ووطنية وشجاعة وذكاء هذا الرجل الذي أثبت بالملموس انه وطني سوري قبل أن يكون رئيساً للجمهورية وأنه جندي سوري وليس قائداً عسكرياً فخرياً ! وأن رئاسة الجمهورية في سورية هي كمثل الأرض السورية، فهي سورية وليس من صلاحية الأميركيين أو الفرنسيين النظر فيها!
أما ان الموقف الأميركي والفرنسي من الرئيس السوري تغيّر، فما الذي دعاهم إلى ذلك وما الذي يسمح لنا بأن نصدق كلام المستعمرين والغزاة رعاة الإرهاب وأعداء الشعوب؟ هل يحق لنا بعد ست سنوات من الحرب علينا، سقط لنا خلالها آلاف الشهداء، ناهيك من خسائرنا المادية الكبيرة دماراً وخراباً وعذاباً، أن نأخذ ما يقوله الرئيس الأميركي والوزير الفرنسي على محمل الجد؟
كيف ننسى ان هذا كلام الأميركيين والفرنسيين، ويتلازم مع إنزال أميركي على الأراضي السورية بحجة «محاربة داعش»؟! لماذا يعلن وزير فرنسي للمرة الثانية ان حرب تحرير الرقة بدأت؟ ألا يحق لنا ان نرى انه يوجد في أغلب الظن، علاقة بين الغزو في منطقة الجزيرة والتصريحات حول الرئيس السوري وكأن الغزاة يريدون تطمين الرئيس السوري على مصيره، فهم لا يستهدفونه وإنما جاءوا من أجل معالجة مسألة داعش. عرفنا هذه الخدعة في لبنان عام 1982 حيث غزا المستعمرون الإسرائيليون لبنان، بحجة طرد الفلسطينيين ولكنهم احتلوا البلاد وأقاموا معسكرات التجميع في أنصار وانتهكوا حرمات جميع المنازل في جنوب لبنان وأخذوا نسخاً عن جميع الوثائق في الإدارات اللبنانية، وكادوا أن يفرضوا نظاماً سياسياً في البلاد وكانوا قاب قوسين من توقيع اتفاقية تطبيع بين لبنان ودولة المستعمرين الإسرائيليين.
لن يبدل الرئيس السوري موقفه تجاه المستعمرين، فهو سوري قبل أن يكون رئيساً!
“الديار”