الأستاذ الشهيد ضرار أبو القاسم – نضال حمد
الكثيرون منا أي من طلبة مدرسة حطين في مخيم عين الحلوة لا بد أنهم يتذكرون الأستاذ الهادئ والمحبوب، الراحل ضرار أبوالقاسم، الفلسطيني من صفورية، الذي ولد بعد النكبة بسنتين أو أكثر قليلا في مخيم نهر البارد. ربما تاريخ ولادته يعود للعام 1950 أو 1952..
فكما غالبية عائلات فلسطين والجليل أجبرت عائلته على النزوح من بلدتها صفورية مع بقية سكان البلدة سنة 1948 عقب احتلال العصابات الارهابية الصهيونية الغازية لصفورية. إستقرت عائلة أبو القاسم في مخيم نهر البارد قرب طرابلس في الشمال اللبناني. مع العلم أن هناك قسم من العائلة استقر في سوريا ومخيماتها. من تلك العائلة برز بشكل خاص وكبير الفنان المسرحي الفلسطيني الكبير والرائد عبد الرحمن أبو القاسم. يعتبر الفنان الراحل أبو القاسم من مؤسسي المسرح العربي والفلسطيني في الشتات… وكان وسوف يبقى من أهم الفنانين المسرحيين في العالم العربي.
يقول الأستاذ عبد سرحان – أبو نزار وهو صديق وزميل للمرحوم الأستاذ ضرار “أن والد الأخير رحمه الله توفي في عمر مبكّر، فقامت والدته بالاشراف على تربيته”.
نعم لقد أشرفت والدته القديرة على تربيته وتنشئته هو وشقيقته “ندى” التي هي أكبر منه سنّا… أما زوج شقيقته ندى فهو سبب الخلاف الذي أدّى الى وفاة الأستاذ ضرار في حادث مؤسف ومأساوي.
كان يسكن في منزل بمخيم عين الحلوة في حي لوبية – حطين، مقابل المسجد، وغير بعيد عن مدرسة حطين القديمة في حي عرب غوير حيث هناك حصل الإشكال الذي أودى بحياة أستاذنا المهذب والخلوق والمحبوب، ضرار أبو القاسم وكذلك بحياة زوج شقيقته الذي تسبب في الإشكال وفي الفجيعة.
انتمى المرحوم الأستاذ ضرار الى أسرة فقيرة، كادحة، ثم أصبح مُدرساً في مدارس الاونروا، بعد انهائه المرحلة الثانوية في منطقة طرابلس. ففي هذا الصدد يقول الأستاذ عبد سرحان أن الأستاذ ضرار “كان زميلاً وصديقاً ورفيقاً”، أذكر أنا من خلال سنوات دراستي التكميلية في مدرسة حطين الجديدة مقابل طلعة جبل الحليب في مخيمنا عين الحلوة أنهما أي الأستاذين عبد سرحان وضرار أبو القاسم درّسا مادة الرياضيات في مدرسة حطين الجديدة.
كان الأستاذ ضرار عضواً في تنظيم “ج.ش.ت.ف” وللتاريخ أقول أنه في تلك الفترة الزمينة من عمرنا المخيمي والنضالي كان معظم أساتذتنا ينتمون للشعبية. كل من درس في مدرسة حطين يعرف ذلك، إذ يكفي جردة حسابية بالأسماء سيكتشف الانسان تلك النسبة. كما كان هناك معلمون في المدرسة ينتمون لفصائل فلسطينية أخرى لكن الأكثرية كانت للشعبية.
كان أستاذنا ضرار أبو القاسم رحمه الله انساناً محترماً، ملتزماً ومناضلاً، طيّب الروح، ومخلصاً في التزامه. ففي هذا الصدد قال لي الأستاذ عبد سرحان: “كانت له علاقات ايجابية مع زملائه المعلمين، وطلابه، انتهت مسيرته مبكراً بعد الحادث الإجرامي الذي ارتكبه زوج شقيقته. انتمى الى منظمة المعلمين الفلسطينيين وكان من نشطائها المتحمسين”.
أذكره أستاذاً هادئاً، حسن اللباس والهندام، إنسان أنيق، قصير القامة، متزن ومهذب ونحيف، نعم فقد كان مهذباً كثيراً ومعلماً محبوباً من طلبته وتلامذته في مدرسة المخيم.
كل ما أذكره أنه في يوم من الأيام في المخيم لم أعد أذكر أيضا في أي سنة أو شهر، توفي بعد شجار نشب بينه وبين شخص شبيح (زوج شقيقته) الذي كان ينتمي لتنظيم فلسطيني مسلح في المخيم وكان شبيحاً أرعناً على ما يبدو. في تلك المرحلة كانت للأسف في تنظيماتنا نوعيات سيئة كما كانت توجد فيها نوعيات مشرفة ومثل العملة النادرة. يبدو أنه كان مخموراً أو محششاً أو لا أعرف كيف كان بالضبط في ذلك اليوم الأسود. فخلال الاشكال والعراك بالأيدي مع أستاذنا ضرار، الذي حاول نجدة ومساعدة شقيقته، قام الشخص المذكورعلى ما يبدو بسحب قنبلة يدوية، أدت في النهاية الى الانفجار فصرعته وصرعت معه أستاذنا الطيب والخلوق والمحبوب. رحم الله استاذنا ضرار الذي ذهب ضحية التشبيح والتخلف وفوضى السلاح في زمن الثورة. تلك الثورة التي وهب حياته لأجلها وعمل في صفوفها بكل قناعاته.
الرجاء ممن يعرفون أو يملكون معلومات أكثر عن الأستاذ ضرار وعن تلك الحادثة المأساوية أن يزودوننا بها.
ملاحظة:
الصورة المرفقة مع المقالة هي للفنان الراحل عبد الرحمن أبو القاسم، إذ تعذر العثور على صورة للأستاذ ضرار أبو القاسم. إذا توفرت صورته لدى أي منكم-ن أرجو ارسالها لي.
نضال حمد في التاسع عشر من نيسان 2022