الأستاذ ديب أبو حمدة و”أم الفهود” و”أم جرجورة”… – بقلم نضال حمد
الأستاذ المرحوم ديب محمود أبو حمدة الرفاعي.
مواليد صفد في فلسطين المحتلة.
توفي في ذكرى النكبة 15-5-1995
قال لي الصديق الاعلامي الفلسطيني في فضائية الميادين زاهر أبو حمدة أن قريبه الأستاذ ديب أبو حمدة كان ينتمي لفلسطين الكاملة بدون انتماء للفصائل… كان يقول “أنا تنظيمي فلسطين”.. الله الله وهل هناك تنظيم أجمل وأفضل من هذا التنظيم الجامع؟.
عندما سألت صديقي زاهر أبو حمدة عن تاريخ وفاة الأستاذ ديب، أجابني بأنه لا يستطيع نسيان تاريخ موت الأستاذ ديب لأنه ترافق مع ذكرى يوم النكبة في 15 أيار 1995.
الأستاذ ديب أبو حمدة كان واحداً من مجموعة من المعلمين الفلسطينيين الذين علموني في مدارس مخيم عين الحلوة وتركوا انطباعات مختلفة في حياتي. كما وأثروا على تكويني ثقافياً وتعليمياً في مرحلة الطفولة في المدرستين الابتدائية والتكميلية.
اشتهر الأستاذ ديب أبو حمدة بعصاته الغليظة التي كان يطلق عليها اسم “أم الفهود”. لقد عرفها كل طلابه في الصفوف المدرسية التي علمها خلال سنوات طويلة. لكن ليس التلامذة والطلبة كلهم يدرون أن “أم الفهود” وشقيقتها العصاة الثانية “أم جرجورة” كانتا من صنع يدي المرحوم، والد صديقنا زياد الخطيب من بلدة الرأس الأحمر. فقد كانت تجمعه بالأستاذ ديب أبو حمدة علاقة صداقة قوية. هذه المعلومات زودني بها رفيق وزميل المقاعد الدراسية من المدرستين قبية الابتدائية وحطين التكميلية، الأخ زياد الخطيب.
لازال صديقنا وأخينا أبو فواز -أديب الشهابي- وهو أحد أنجب تلاميذ صفنا يتذكر “أم الفهود” ووقعها على يديه وكفيه. مثلما نحن وزملائه نتذكر إثرها على أكفنا وأيادينا وربما بعضنا يتذكر وقعها واثرها على مؤخرته.
لا زلت أذكر أن المرحوم الأستاذ ديب أبو حمدة كان مدخناً شرهاً وشخصية مهيبة ولها حضورها وسطوتها على الصف والطلبة وفي المدرسة. فقد كُنا نهابه ونحسب له حساباً. كما كان بدروه قاسياً ولا يتهاون مع تلامذته وطلابه المتكاسلين أو المشاغبين.غالباً ما كان يتعامل معهم بقسوة وشدة. لكنه كان بنفس الوقت مُعلماً مُقدراً وأستاذاً محترماً. ربما حرصه على أن نخرج متعلمين ونستفيد من مدرستنا ومادته التعليمية مادة العلوم، جعله يمتاز بأسلوبه التعليمي الترهيبي الذي نتذكره كلنا. ربما أيضاً هذا هو السبب في تذكرنا له و”لأم فهوده” و “لأم جرجورته” اللتان “أكلتا من أيادينا شُقَف” كما يقول مثلنا الشعبي المخيمي. كما إننا نتذكرهما مع مفاتيح الأستاذ أبو ياسين رحمه الله، فهو مربي صفنا في مدرسة قبية الابتدائية، نتذكر مفاتيحه التي كان ينقر بها على رؤوسنا “على الطلعة وعلى النزلة”. مثل ما يقول مثل شعبي مخيمي آخر.
في جوابه عن سؤالي كيف تتذكر أستاذنا ديب أبو حمدة، أجاب الأخ والصديق وزميل مقاعد الدراسة محمود ابراهيم من مدينة يوتيبوري السويدية، مكان إقامته منذ سنوات طويلة بأن الاستاذ الفاضل ديب أبو حمدة كان مدرساً لمادة “العلوم” وأنه كان من المدخنين المدمنين.”.
كما لازال محمود بالرغم من عشرات السنين في المنافي الاسكندنافية يتذكر أن منزل أستاذنا أبو حمدة كان يقع في طلعة (الصاعقة)، قرب منزل محمد مبارك ابن عم أخينا مبارك غازي، الذي يعيش أيضا في المنفى السويدي في مدينة لاندس كرونة منذ عشرات السنين.
يذكر محمود آخر سنة في المدرسة التكميلية وآخر احتفال لنا بعيد المعلم. كانت الاحتفالات بعيد المعلم مناسبات للطلبة لاشهار المواهب وإظهارها في المدرسة والمخيم. يومها كنا احتفلنا بعيد المعلم ولم يكن الأستاذ ديب أبو حمدة حاضراً. فقد أهديناه لوحة، أرسلناها له الى منزله والسبب أنه كان مريضاً وغاب في ذلك الوقت فتره طويلة عن المدرسة والتدريس.
أديب الشهابي قال لي: كانت عادة في الأستاذ ديب أبو حمدة أن يضرب بعصاته الغليظة “أم الفهود”، مثل عادة الأستاذ أبو ياسين لما كان ينقر على رؤوس التلاميذ بمفاتيحه الشهيرة.
هذا يذكرنا كما قال محمود ابراهيم وكما أذكر أنا أيضاً بالأستاذ الصفصافي المرحوم محمود يونس. فقد كان مشهوراً بحبه للعصيّ المصنوعة من البلح. كما كان التلميذ الذي يحضر له عصا من هذا النوع يكون أول ضحاياها وضحاياه، يعني أول من يأكل قتله بالعصى المذكورة. كما أننا لا ننسى مؤشر “جنرال الفالوجة والانروا” المرحوم المدير عبد المجيد كريم. كذلك مؤشر المدير كايد ميعاري لكن أبي وائل لم يكن حاداً كما الآخرين الذين ذكرناهم. من المعلمين الناريين كان هناك السهل الممتنع، الصديق والرفيق الأستاذ الصفصافي محمد اليوسف – أبو حسان- رحمه الله، كان صاحب شخصية قوية وبنفس الوقت فكاهية ومزيحة وكان التلاميذ يحبونه ويهابونه في آن واحد وكان يقطن مقابل مدرسة حطين الجديدة عند جبل الحليب. ونتذكر أيضاً سطوة وهيبة الاستاذ المرحوم محمد سليم ايوب (الجشي) ابن عمتي في مدرسة قبية الابتدائية.
ربنا سوف يكون لهذه القصة تتمة في المستقبل.
اعداد نضال حمد وموقع الصفصاف
في 14-1-2-2021