الأستاذ محمد حسن سليم أحمد بلشه – الحنون – إعداد نضال حمد وموقع الصفصاف
بطل حكايتنا لهذا اليوم هو الأستاذ الصفصافي – محمد حسن سليم أحمد بلشه – الملقب ب”الحنون” وهو من مواليد بلدة الصفصاف الجليلية الفلسطينية قضاء صفد في الثالث عشر من شهر شباط – فبراير 1938. والده المرحوم حسن سليم أحمد بلشة ووالدته المرحومة فاطمة محمود شريدي. له شقيق أكبر منه سناً هو الشهيد مرعي حسن بلشة، الذي استشهد يوم سقوط بلدة الصفصاف بأيدي العصابات الصهيونية الغازية، وكان ذلك في 28-29 أكتوبر – تشرين الأول 1948، ضمن شهداء مجزرة الصفصاف.
للأستاذ الحنون حسن بلشة أيضاً شقيق أصغر منه سناً هو المرحوم أبو سامر، الناشط السياسي المعروف في مخيم عين الحلوة ومخيمات لبنان. فهل هناك في مخيمنا من لا يعرف سليم بلشة – أبو سامر-؟… لقد كان أشهر من نار على علم، وكان من أنشط نشطاء الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين في لبنان. فعندما نذكر الجبهة في المخيم لا بد أن ذكر سليم بلشة، ودفاتر التبرعات وبيانات الجبهة وملصقاتها وأدبياتها والخ. تلك الأشياء التي يحملها دائما ويجول بها على أهالي وبيوت المخيم لتأمين التبرعات للجبهة.
درس أستاذنا حسن بلشة في مدرسة الصفصاف وبعد النكبة ونزوح عائلته الى لبنان ومكوثهم في المخيم سكنت العائلة في بداية اللجوء في مخيم الطوارئ المعروف بكمب العتيق في عين الحلوة. أكمل تعليمه في لبنان كما درس المرحلتين الابتدائية والتكميلية في مدرسة الأمريكان الشهيرة بمدينة صيدا اللبنانية.
في سنة 1958 تم توظيفه في مدارس وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين في منطقة عدلون اللبنانية الساحلية بين مدينتي صيدا وصور. فيما بعد انتقل للتعليم في مدارس مخيم عين الحلوة ومنها مدرسة حطين المتوسطة التكميلية. خلال سنوات التعليم في المدارس حصل على ليسانس من جامعة بيروت العربية. بقي في مدارس الانروا من سنة 1958 حتى تقاعده سنة 1999. في سنة 1970 تزوج من المرحومة فطوم السعدي من بلدة طيطبا وأنجبا 8 من الأولاد اثنان من الذكور وست من البنات. لم يغادر مخيم عين الحلوة وبقي يسكن فيه ولازال يسكن هناك في حارة الصفصاف حتى يومنا هذا. في شبابه انتمى كما غالبية المعلمين في تلك الحقبة من الزمن لحركة القوميين العرب فالجبهة الشعبية.
تقول ابنته ناهد لقد اطلق عليه لقب الحنون لأنه كان محباً للآخرين وحنوناً على الجميع من الأقارب والمعارف والجيران. أتذكر أنه عندما اقتنى سيارة لم يَرُد أي جار دق بابه حتى بعد منتصف الليل، فكان يذهب معهم بسيارته لايصال المريض الى المستشفى، ثم يعود الى البيت وفي الصباح يتوجه الى عمله في المدرسة.
ربطته علاقة صداقة قوية مع المرحوم أحمد خليل – أبو محمد يصطفلوا- وكذلك مع أشقاء زوجته الأستاذ محمد سعدي – أبو شوقي ومحمود سعدي – أبو لؤي وأحمد سعدي – أبو سمر. كما مع الأستاذ أبو خالد شريدة أحمد سعيد، الأستاذ رياض الطافش، الأستاذ وحيد إبن المرحومة أم وحيد جارتنا وجارة دار الطافش.. مع الأستاذ محمود نايف صبحة – أبو احسان والأستاذ محمد اليوسف – أبو حسان والأستاذ الشاعر محمود صالح صبحه – أبو شوقي والأستاذ فوزي شريدي، الأستاذ فلاح الصالح، الأستاذ صالح حمد – أبو عماد وشقيقه الأستاذ صلاح حمد – أبو أشرف والأستاذ جمال شريدة والأستاذ خليل كردية -أبو شادي والأستاذ علي جبر – أبو اشرف والأستاذ خليل شريدي وآخرين…
عندما أصبت بداية هذا الشهر بوباء كورونا اللعين تحدث معي عبر الهاتف أخي طارق حمد “أبو علي” في الدنمارك، وذهب بنا الحديث وعاد الى المخيم والمدرسة والأساتذة وشهادة البريفيه، التي قدمناها أنا وطارق بعد انقطاع لبعض الوقت عن الدوام في المدرسة بسبب وجودنا لبعض الوقت في مواقع متقدمة بالجنوب اللبناني وعلى حدود فلسطين المحتلة. في المكان الذي كان طارق يقدم فيه الامتحانات كان من ضمن الأساتذة المراقبين الأستاذ محمد الحسن الملقب “بالحنون” كما عمي المرحوم علي حمد “أبو حسين” والد طارق. المهم لم يعرف طارق الإجابة على أحد الأسئلة، وبحكم الصفصفة والانتماء لبلدة واحدة طلب من الأستاذ مساعدته، لكن جواب الحنون كان التالي: ” إعتمد على نفسك”. يعني أخلاقه المهنية أبت ارتكاب أي خرق قانوني.
قبل سنوات عديدة أرسل لي الأخ والصديق شامان العلي المقيم حالياً في غرب ألمانيا، وهو من مخيم النبطية وسكن مع عالئته المشردة والمهجرة من المخيم المذكور، الذي دمرته الطائرات الصهيونية، سكن لفترة من الزمن في مخيم عين الحلوة، وكان من لاعبي كرة القدم المعروفين على صعيد المخيم، ومن الذين عشقوا الدبكة الشعبية الفلسطينية وبرع في أدائها وتقديمها هو وإخوته ومنهم صديقي وأخي عفيف العلي في برلين. شامان هو رفيق سنوات التجربة البولندية، أرسل لي صورة لصفهم في مدرسة من مدارس المخيم، ربما مدرسة حطين بعد الغزو سنة 1982، وفي الصورة هو وزملائه ومنهم الأخ والصديق أبو عماد الرفاعي مع الأستاذ الحنون، وكانت في خلفية الصورة بالصف صورة ملصق للشهيد القائد الفلسطيني الميداني في جبهة التحرير الفلسطينية نادر قدري فزع – أبو كفاح فهد الذي كتبت عنه قبل أيام قليلة.
قالت لي إبنته ناهد أنه بعد التقاعد رفض الانتقال من مخيم عين الحلوة وكانت كلماته الشهيرة: “لا أترك عين الحلوة إلا بالعودة إلى فلسطين”. وأنا بدوري أتمنى له مديد العمر ووافر الصحة والعودة الى الصفصاف وكل فلسطين عما قريب.
أعداد نضال حمد وموقع الصفصاف
19 شباط – فبراير 2022