الأم حين تراها سعيدة بوجودك بقربها
نضال حمد:
قبل أيام عدت من سفرة جمعتني بوالدتي وحرصت في تلك الرحلة أن أبقى بالقرب منها يوميا. بالفعل على مدار ثلاثة أسابيع لم أخرج من البيت إلا عدة مرات وصلت فيها الى صيدا والى شارعي وسوق مخيم عين الحلوة.. والى مخيم برج البراجنة في بيروت مع صديقين بولنديين دعوتهما لزيارة المخيم والتعرف على حياة سكانه ومعاناته خاصة مع أسلاك الكهرباء العشوائية القاتلة.
لم أخرج من الدار إلا نادراً فقد بقيت مع والدتي في البيت طوال الوقت وكنت أرى سعادتها بوجودي بقربها. ربما لأنني منذ أكثر من أربع سنوات لم أزرها. الحق على جماعة كلن يعني كلن وعلى وباء الكورونا ثم الكوليرا وانهيار الليرة والخ.
في اكتوبر تشرين الأول سنة 2019 وتحديداً في السابع عشر منه غادرت مخيم عين الحلوة ووادي الزينه متجهاً الى مطار بيروت فكانت الطريق الى المطار مثل الطريق الى جهنم، مليئة بالزعران والحواجز والحرائق والحجارة وكل ما يعيق التحرك. اقول زعران لان من صادفتهم في طريقي كانوا كذلك. بالنهاية وصلت المطار على متن موتورسيكل – دراجة نارية مدفوعة الثمن. لأن التاكسي توقف على مدخل برج البراجنة قرب المخيم ولم يعد بمقدروه المواصلة. منذ ذلك الوقت لم أسافر الى لبنان إلا في الشهر الفائت.
قبل سفري عائداً الى أوروبا بيوم كنت أجلس مع أمي وأهلي حين مالت علي والدتي وقالت لي: “أنت -سليتني- كثير، يعني ونستني كثير بالثلاث أسابيع الي قعدتها معي هنا”.. كدت أبكي عند سماع كلماتها التي انتشرت في كل انحاء جسدي تسري مع دمي وفوراً عقدت العزم على العودة لزيارتها في المستقبل القريب وعلى المكوث معها لأسابيع أخرى … بالنسبة لها وجود إبنها بقربها علاج طبيعي وعائلي وربما أفضل من شنطة الدواء كلها التي تستخدمها يوميا..
كونوا بقرب ذويكم وكباركم ولا تنسوهم فوجودكم بالقرب منهم ومعهم يخفف عنهم الآلام في شيخوختهم-ن.
نضال حمد
14-7-2023
موقع الصفصاف – وقفة عز