الإرهابي نتنياهو وسياسة “قلب المفاهيم” – د. فايز رشيد
الإرهابي نتنياهو وسياسة”قلب المفاهيم” – د. فايز رشيد
في حديث صحفي لرئيس وزراء دولة الكيان الصهيوني بنيامين نتنياهو لصحيفة”هآرتس”(الجمعة 4 يوليو الحالي)قال بالحرف الواحد:”إن هوّة أخلاقية واسعة وعميقة تفصل بيننا وبين أعدائنا-يقصد العرب وبضمنهم الفلسطينيين-:هم يقدّسون الموت ونحن نقدّس الحياة،هم يقدّسون القسوة ونحن نقدّس الرحمة”.ليس هناك أذكى من هذا الإرهابي في اتبّاع سياسة”قلب المفاهيم”وتزوير حقائق التاريخ!ليس هناك من هو أقدر من نتنياهو في محاولاته المستمرة في الافتئات على العرب ومحاولته”تحويل الباطل إلى حق”،والعكس صحيح؟من يريد معرفة وحقيقة نتنياهو عليه قراءة كتابه الصادر بالعربية”مكان تحت الشمس”في أوائل التسعينيات،وقد كان لكاتب هذه السطور شرف الرّد على مؤلفه في كتاب”تزوير التاريخ”في الرد على كتاب نتنياهو:مكان تحت الشمس”.نتنياهو إرهابي ويقف على يمين مائير كاهانا الذي اغتالته يد العدالة في أمريكا.نتنياهو أكثر عنصرية من أعتى غلاة المستوطنيين المتطرفين من الصهيونيين ,لكنه يتصور أنه قادر على خداع الآخرين بالكلام المنّمق الجميل في الحديث عن السلام.إن كل محاولاته مكشوفة تماماً وهو لا يخدع سوى نفسه”فيمكن أن يخدع بعض الناس بعض الوقت ,كما أنه يمكن أنه يستطيع أن يخدع كل الناس بعض الوقت، ولكن لا يمكن له أن يخدع كل الناس كل الوقت”.نتنياهو من أكثر السياسيين الصهاينة كَذِباً وانتهازية،ومن أشدهم عداءاً للعرب والفلسطينيين والإنسانية جمعاء.هذا ما يتضح لمطلق قارئ عندما يقرأ كتابه المذكور.
نستطيع التأكيد : أن ما ينفذه هذا الإرهابي البشع يتقاطع تماما مع ما ذكره في كتابه, لذا فمن يريد معرفته على حقيقته , فليقرأ مؤلفه المذكور . كتاب نتنياهو يردد الأسطوانة نفسها ,ويفضح حقيقة تصريحه المذكور في بداية هذه المقالة، بالنسبة لرؤيته لليهودية مقارنةً مع الديانات وكل من هم غير يهود , يقول:”اليهود يشكلون ظاهرةً شاذّة عن نظرية الفيلسوف الإيطالي جيوفاني بتستافيكو حول دورة الأمم في التاريخ –ولادة ،شباب،نضوج،موت،لأن اليهود تلقوا ضربات أكثر من أي (شعب) آخر, ورغم كل ذلك رفضوا الموت…ويستطرد….الحقيقة المدهشة عندما طلب فريدريك الأكبر من طبيبه أن يأتيه ببرهان على وجود الله اكتفى بالقول:إن وجود اليهود هو الدليل على وجود الله”!أي عنصريةٍ أكثر من هذه عندما يضع اليهود فوق الجنس البشري برمته؟وأي عنجهية وصلف وتبجح أكثر من هذا؟ويمضي هكذا في صفحات كثيرة من الكتاب.نتنياهو يُنكر وجود الشعب الفلسطيني”الفلسطيينون خُلقوا من العدم بعد حرب عام 1967″ويعتبر”أن تكوين الأمة يحتاج إلى فترة طويلة فالعملية معقدة”. الشعب من وجهة نظره: ” بحاجة إلى وطن قومي،ولكن الفلسطينيين لم يكونوا ولن يكونوا شعباً فأين يوجد الوطن القومي لهم؟ومن هو الشعب الفلسطيني بالذات الذي سيسكنه؟”. بالنسبة للعرب” يقول: لا يجوز التعامل معهم إلا من خلال القوة”. أما السلام” فهو نوعان “:السلام بمفهومه المألوف, فهو كالسلام بين الدول الغربية, أما السلام الثاني فهو: مع الدول الدكتاتورية ,الدول العربية تخضع لهذا المفهوم، لذا فالسلام معها يجب أن يعتمد على قوة الردع وعدم تقديم التنازلات”.هذا غيض من فيض مما يتفوه به هذا العنصري الكريه في كتابه المذكور.
بالنسبة لمواقف الحكومات التي رأسها بنيامين نتنياهو على الصعيد السياسي , فهي من أشد السياسات الصهيونية تطرفاً وإنكاراًللحقوق الوطنية الفلسطينية وللحقوق العربية.هو يعمل على قاعدة” نعم , ولكن” يتكلم كثيراً عن أهمية السلام والمبادرات السياسية لكنه يفجرّها من داخلها، مفهومه : “إسرائيل ” بالنسبة إليه :”هي أرض (إسرائيل) التاريخية من البحر إلى النهر،باعتبارها جزءاً صغيراً من عموم أرض (إسرائيل)”ويوعز الخلاف بين الحركة الصهيونية وبريطانيا. يقول :” أن الأخيرة اقتطعت أرض الأردن لإقامة دولة فيه،وبذلك اقتطعت بريطانيا أيضاً جزءاً من الوطن اليهودي-يقصد دولة (إسرائيل) الكبرى-“.وهو في أطروحاته السياسية يتفق مع المقولات الصهيونية , وكذلك في إنكاره لوجود الشعب الفلسطيني, الذي يعتبره”أقلية ليس إلا”،يتفق مع المقولات”فلسطين أرض بلا شعب لشعب بلا أرض”، و “أرض الميعاد”وغير ذلك من الأساطير.معلمه الأول جابوتينسكي , ومثله الأعلى مناحيم بيغن ,وأثناء وجوده في الجيش(من 1967-1973)حيث خدم في القوات الخاصة ,ووفقاً للمصادر (الإسرائيلية) ,فإنه كان من بين الذين أعدوا كتيباً صدر باسم قيادة المنطقة الوسطى للجيش (الإسرائيلي) في عام 1973 ووزعته على الجنود ,وجاء فيه”أفضل غير اليهود اقتله وأفضل الأفاعي انزع فمه.الثقة بعربي غير جائزة في أي ظرف حتى لو بدا متحضراً, ويجوز قتل حتى المدنيين الطيبيين من العرب”.وبذلك يلتقي نتنياهو مع تعاليم الحاخامات الصهاينة”العربي الجيد هو العربي الميت”وشعار:”يجوز قتل هذا الطفل العربي لإنك بذلك تعمل علة منع وجود إرهابي مستقبلاً” .هذا غيض من فيض من عقيدة شارون أيضا, الرئيس الأسبق لحزب الليكود وأحد معلمي نتنياهو .
بالنسبة لجرائم دولة الكيان في زمنه، فحدّث ولا حرج , يكفي أن نورد الجرائم والمذابح الحالية التي ترتكبها حكومته بحق الفلسطينيين والعرب ,والعدوان المتواصل على غزة سواء في عدوان عام 2012, أو حالياً، فالشهداء في ارتفاع مستمر بين الفلسطينيين وقد فاقوا 600،والجرحى تجاوزوا الألفين .الكيان يهدم البيوت على أصحابها مثلما حصل مع عائلة حمد حيث استهدفت العائلة ,فمنها من يعتبر مسؤولاً في كتائب سرايا القدس . أبيدت العائلة عن بكرة أبيها ,عائلة الكوارع وغيرها من العائلات الأخرى.من بين الشهداء أطفال صغار وشيوخ ومرضى.كذلك حرق الطفل محمد أبو خضير حيّاً.اعتقال المئات من الفلسطينيين واغتيال العشرات منهم.حرب الكيان ونتنياهو على غزة والفلسطينيين عموماً ستستمر وفقاً لقوال قادة العدو, ولفترة طويلة. الاستيطان وصل في ظل حكومة نتنياهو إلى ذروته.تصريح نتنياهو عن قتل من يعتبرهم”مخرّبين”من الفلسطينيين ,حتى مع استشهاد أهاليهم وزوجاتهم وأولادهم ,يقول أنه” لا أسف على المدنيين إذا كانوا يسكنون مع إرهابيين”. بالنسبة للجرائم الصهيونية فهي أكثر من أن تعدو وأن تحصى ,بدءاً من قبل إنشاء دولة الكيان على أيدي العصابات الصهيونية ,مروراً بإنشائها ,وصولاً إلى هذه اللحظة.كذلك هي اعتداءات الكيان على الدول العربية.جرائم الكيان بحق الفلسطينيين والعرب بحاجة إلى مجلدات لتسجيلها.يكفي أن الأمم المتحدة اعتبرت في قرارٍ لها:”أن الصهيونية شكل من أشكال العنصرية والتمييز العنصري”،وأن إسرائيل كانت من أكبر مؤيدي النظام العنصري الذي استلم الحكم في جنوب أفريقيا لسنوات طويلة ,وامتلكت أفضل العلاقات الاقتصادية والعسكرية معه ,وكذلك مع الأنظمة العنصرية الأخرى. (إسرائيل) لعبت وما تزال دوراُ تخربيباً في الدول العربية, وهي بوضوح تام تؤييد الصراعات الطائفية والمذهبية والإثنية التي تقوم حالياً في بعض الدول العربية،وهي مع تفتيت هذه الدول وتقسيمها إلى دويلات.بعد كل ذلك يأتي نتنياهو ليتحدث”عن تقديس (الإسرائيليين) للحياة والرحمة!” . إنها مهزلة ما بعدها مهزلة.