الاستخبارات الانتقائية واستراتيجيات البناء بالإرهاب
المحامي محمد احمد الروسان –
هل كانت الإدارة الأمريكية الديمقراطية تسيّر ومجتمع مخابراتها ووكلائها، من بعض عرب وبعض غرب مجموعات سياحية الى سورية على مدار أربع سنوات وأزيد من دول الجوار السوري مجتمعةً ومازالت؟ هل يسعى مفصل المخابرات الدولية إلى تدمير داعش شرير هوليود، حيث قدر هذا الشرير المتابعه في ايران المجاورة عبر ما يجري في سورية(أشار السيّد حسن نصر الله إلى ذلك في خطابه الأخير في يوم القدس العالمي)، والمتابعة في الجنوب الروسي تماماً حيث تريد أمريكا خلق نزاع ومجازر؟ عندما يعلن مسؤول أمريكي رفيع المستوى أنّ روسيّا تشكل التهديد الرئيس والأول للأمن القومي الأمريكي، فماذا يعني هذا؟ لماذا قرن هذا المسؤول اسم بلاده بروسيّا في هذا السياق؟ هل نصدق ما يروجه بعض الأعلام العربي وخاصةً الأعلام المتسعود بجانب إعلام الرياض، بأنّ هناك تفاهمات مع موسكو في اعادة هيكلة بل هندرة النظام في سورية وليس اسقاط مؤسساته؟ هل نصدق أنّ موسكو لديها تفاهمات من هذا القبيل مع واشنطن وجون برينان، وجيمس كلابر، وسوزان رايس،العاملين في البلدربيرغ الأمريكي؟ أعتقد أنّ هذا هذيان بل هرطقات سياسية استخباراتية أمريكية في الوقت الضائع.
الجميع يستخدم داعش ويوظّفه بشكل جيد، ولا يريد أحد من مجتمع المخابرات الدولية والبعض العربي التابع، إنهاء عصابة داعش وملحقاتها، فنواةّ البلدربيرغ الأمريكي ومن تقاطع معها من أطراف في المنظومة الدولية المعادية للنسق السياسي السوري، ومن يدعمه من الحلفاء كروسيّا وإيران والصين وجلّ دول البريكس الأخرى(منظومة البريكس صارت أكثر وعياً ًلحقيقة ذلك في قمتها الأخيرة في أوفا الروسية)وباقي المقاومات في المنطقة وفي العالم، هذه النواة الولاياتية الأمريكية الأممية وأدواتها في المنطقة، تريد حرباً من زاويتها لا تنهي داعش ومشتقاته والقاعدة ومشتقاتها، بل تعمل على إضعاف هذه الفيروسات وتثبيط نشاطاتهم الإرهابية لغايات إعادة الهيكلة والتوجيه من جديد نحو الآخر(حلفاء دمشق)الداعم للنسق السياسي السوري في أكثر من ساحة وأكثر من منطقة في العالم، مع استنزاف مستمر لسورية الدولة والمؤسسات والقطاع العام والجيش وباقي المنظومة الأمنية، فهذه النواة البلدربيرغية الأمريكية تعي وتعلم أنّ النظام في سورية أقوى من أن يسقط وأضعف من أن يسيطر ويحتوي عقابيل ومآلات التآمر عليه، هكذا تعتقد وتظن والى أبعد الحدود وبشكل مفعم وعميق في التفاؤل في(استراتيجياتها الصامته الجديدة)العاصمة الأمريكية واشنطن دي سي.
حيث الغارات على مجتمعات الدواعش في الداخل السوري تتقلص نوعاً وكمّاً ونتيجةً، والساحات في المنطقة تترابط، وإدارة أوباما تبحث عن شريك حقيقي لمحاربة أبنائها البيولوجيين من الدواعش كفيروسات أنتجتها تماماً، كفيروسات الكورنا وفيروس أيبولا والأيدز ضمن نطاقات وسياقات الحرب البيولوجية، حيث لم تعد تسيطر عليها وقد مسّها الكثير من النصب والإرهاق والتعب.
هناك مفصل أمني نوعي في كواليس المنظومات الأمنية الدولية للبلدربيرغ الأمريكي، مازالت تتبنى الوهابية بشقيها(السياسي والعسكري)عبر السيّد جون برينان، والأخير عمل سنين عديدة في السعودية كمدير لمحطة المخابرات الأمريكية فيها، ومعه بعض زملائه والذي يعمل بعضهم في عمان هذا الأوان، يعتبر جون برينان صاحب مدرسة(عتبة الوقت)كمعيار في بيان الخيط الأبيض من الأسود من فجر العمل الأستخباري، يجهد ناشطا هذا الأوان وبالتنسيق مع رئيس مجمّع الأستخبارات الفدرالي الأمريكي وبعض الأدوات الأمريكية المستحدثة في المنطقة, في محاولة لخلق وتأسيس نسخة متقدمة لمذهبية استخباراتية جديدة في الولايات المتحدة الأمريكية تم البدء في مأسستها لحظة استلامه لمنصبه بديلاً للجنرال ديفيد بترايوس، والأخير تم الأطاحه به بفضيحة نسائية حمراء في المجتمع المخملي عبر جنين الحكومة الأممية(البلدربيرغ)انحيازاً لطرف سياسي ضد آخر في الداخل الولاياتي الأمريكي, تهدف هذه المذهبية التي يراد خلقها أو تخليقها, الى دفع شبكات المخابرات الأمريكية المتعددة, ازاء تغيير أسلوبها الحالي واستبداله بأسلوب مستحدث جديد يقوم على مفهوم:”الاستخبارات الأنتقائية”.
بعبارة أكثر وضوحاً, أي اعداد التقارير الأستخباراتية, التي تعتمد الوقائع والأدلة, التي من شأنها دعم توجهات الأدارة الأمريكية الحالية والقادمة أيّاً كانت ان جمهورية وان ديمقراطية, وفقاً لما أطلق عليه المحافظين الجدد أنبياء القرن الحادي والعشرين: “التقارير المواتية” التي تتيح, تعزيز رؤية وطموحات وتطلعات, القيادة السياسية الأمريكية, ومن ورائها الأيباك الأسرائيلي الصهيوني, ازاء الملف السوري بتشعباته المختلفة معزّزاً بالملف العراقي عبر الدواعش والفواحش, وارتباطاتهما بالساحة اللبنانية, وازاء الملف الأيراني, ومجالاته الحيوية تحديداً, مع اشتباكات مخابراتية انتقائية جديدة, في ملفات: باكستان, الهند, أفغانستان, أسيا الوسطى,…الخ.
ولمّا كانت التقارير الأستخباراتية, ذات العلاقة بالتخمينات والمؤشرات وتقديرات المواقف السياسية, تلعب دوراً رئيسياً ومهماً, في صناعة القرار أولا, ومع نهايات الثواني والدقائق الأخيرة الحاسمة, وقبل صدور القرار, مع ما تؤكده معطيات الخبرة العملية, لعملية صناعة واتخاذ القرار الأستراتيجي, لجهة أنّه كثيراً ما تتضارب التقارير المخابراتية, مع توجهات القيادة السياسية, وخير مثال على ذلك: التطورات الجارية والتي تضمنت, عملية بناء الذرائع ضد سورية, وعلى أساس بنك الذرائع المخلّقة في مطابخ الأطراف الخارجية, ومنها افتراض وجود برنامج نووي سوري بالتعاون مع كوريا الشمالية وإيران، أو إعادة طرح من استخدم غاز الكلور في الداخل السوري, وفي حال فشلت عملية التوقيع على جنيف ايران سيصار الى تكوين ملف خاص حول مسارات التعاون والتنسيق النووية بين الدول الثلاث(كوريا الشمالية وإيران وسورية)وإحالته إلى مجلس الأمن الدولي, مع تصعيدات للحدث السوري خارجياً وداخلياً, مع محاولات جديدة بأداة اقليمية, لأنشاء مناطق آمنة(في حقيقتها هي عازلة على الحدود التركية السورية و/ أو في الجنوب السوري، رغم تقدم الجيش العربي السوري عبر سياسات القضم العسكري في استعادة الجغرافيا السورية من سيطرة الزومبيات الأرهابية بمختلف نسخها وماركاتها وأماكن صنعها وانتاجها, كذلك مشروع الضربة العسكرية ضد إيران الذي ما زال مطروح على الطاولة في غرف البلدربيرغ الأمريكي المغلقة، بالرغم من مفاوضات السداسية الدولية مع طهران, وهو من أبرز النماذج الراهنة لعملية, تضارب التقارير المخابراتية, مع توجهات القيادة السياسية، إن لم يوقع الاتفاق حيث البديل الحرب.
والذي ينشىء السياسات في واشنطن خاصةً والغرب عامةً ليس السياسيين، بل مؤسسات البحث والممولة من قبل رؤوس الأموال المشتركة، وهي مجموعات من صنّاع سياسة غير منتخبين تجاوزا الانتخابات، ويصدرون أوراقاً تصبح أساس التشريعات التي يوقّع عليها(المشرعون)بجانب وجهات النظر التي تكررها وسائل الميديا أو التيّار الرئيس لوسائل الأعلام.
وهنا نلحظ دوراً لمؤسسة بحثية أمريكية Think Tanks تعمل على وضع إستراتيجية متقدمة، لأي إدارة أمريكية قادمة بما فيها الحالية التي فشلت جلّ استراتيجياتها إزاء سورية سوى إستراتيجية الفوضى المتعددة، إنّها مؤسسة Brookings Institution وتحت عنوان “تفكيك سورية” نحو إستراتيجية تقسيم من أجل دولة فيدرالية، عبر مؤامرة تفكيك الجغرافيا والديمغرافيا السورية وإعادة تركيبها، هي مؤشر حقيقي وواقعي وعميق على مدى خطورة واستمرار الإمبريالية الأمريكية الحديثة، امبريالية القرن الحادي والعشرين، عبر أنبياء القرن نفسه: المحافظون الجدد الذين يصنعون(إستراتيجية البناء وبالإرهاب) بالرغم من صفاقاتهم السياسية(أي وقاحاتهم).
وتضيف Brookings : حيث من تداعيات الخطط السابق ذكرها، السعي إلى إنشاء مناطق آمنة لغايات إنسانية، هي في حقيقتها مناطق عازلة، كونها ترى تلك الرؤى أنّ علاج الجرح الأيديولوجي سوف يطول ويطول. والقوّات في هذه المناطق هي قوّات تابعة لواشنطن من قوات الحماية الكردية، وقوات تركية، وأردنية وسعودية، ومجموعات إرهابية سيقدم الدعم لها.
فنمو قوّات حفظ السلام غير التابعة للناتو في سورية، سوف يشوّش على الخطط الأمريكية، فوجود قوّات إيرانية ولبنانية ويمنية وأفغانية وغيرها، كما تشرح هذه المؤسسة البحثية، وبشكل خاص متاخمة لتلك المناطق التي تحاول واشنطن خلقها وتخليقها، على حدود دول الجوار السوري مجتمعةَ وفي العمق السوري، تجعل واشنطن في مواجهة متعددة القوميات، فهي لا تملك الإرادة السياسية لخوضها ولا المصادر.
أحسب جازماً، أنّ تلك الخطّة السابق ذكرها، لا تغدو كونها إلاّ نصباً تذكاريّاً لإرهابيين مجهولين.
وتتحدث المعلومات, أنّ هناك حرب باردة طاحنة, بين شبكات المخابرات الأسرائيلية من جهة, وشبكات ووكالات المخابرات الأمريكية من جهة أخرى, والمنضوية ضمن مجمّع الأستخبارات, ازاء الملفين السوري والأيراني بجانب الملف العراقي, رغم نقاط التوافقات والتساوقات الكثيرة بينهم, والمعلنة للجميع.
وتقول معلومات الخبراء وتؤكد, الحرب الباردة بين المخابرات العبرية والمخابرات الأمريكية, من الصعب التكهن بنتائجها, وذلك بسبب الروابط السياسية الوثيقة, بين النخب السياسية الأسرائيلية, والنخب السياسية الأمريكية, ورغم محاولات مستميتة للكيان العبري سابقاً وحالياً, بالقيام بعملية تغلغل شاملة داخل أجهزة المخابرات الأمريكية, من أجل بناء: لوبي اسرائيلي استخباري نوعي, داخل مفاصل أجهزة المخابرات الأمريكية, لكنها لم تستطع حتّى اللحظة, تحقيق هذا الهدف الفوق استراتيجي, كما تقول وتؤكد معلومات الخبراء الأستخباريين الأمميين, الأمر الذي دفع شبكات المخابرات العبرية, وعلى رأسها الموساد العبري, الى اللجوء لأستخدام عناصر بشرية موثوقة, من الأيباك, والمعهد اليهودي لشؤون الأمن القومي, لمنافسة شبكات مخابرات العاصمة الأمريكية واشنطن دي سي, على احدى أدواتها في الداخل الأيراني, وأقصد منظمة مجاهدي خلق الأيرانية, أو “المنافقون” وحسب التسمية الأيرانية الرسمية, وكذلك منظمة جند الله الأيرانية.
الولايات المتحدة الأمريكية والقوى الغربية, تعمل بقوّة على نشر الفتن, واحداث صراع ايراني – ايراني داخلي وتعميقه, وتدفع بعض الأدوات الغربية والأمريكية, في الداخل الأيراني, على رفع شعارات معادية للنسق بشكل عام, ولثوابت نسق الثورة الأسلامية الأيرانية بشكل خاص, والعمل على الأطاحة بنسق الثورة الأسلامية, واستبداله بنظام علماني – ليبرالي, على غرار الأنظمة الرأسمالية الغربية.
وفي ظني وتقديري أعتقد, أنّ القوى السياسية الأيرانية المعارضة, تمتاز بالضعف لأعتمادها على الدعم الأمريكي, بالأضافة الى عدم تمتعها بالدعم والسند الشعبي الداخلي, الأمر الذي قاد وجعل من هذه القوى, مجرد حركات موجودة في الخارج, وبعض العواصم الأجنبية, ولو حاولنا استقراء ملامح خارطة طريق الصراع الأيراني – الأيراني, الذي تعمل على انتاجه وتسويقه واشنطن, وعبر شبكات مخابراتها وأدواتها, ان لجهة الداخل الأيراني, وان لجهة الخارج الأيراني, لوجدنا أنّ الحركات الأيرانية الدينية, ظلّت أكثر ميلاً للعمل داخل وضمن, ثوابت نسق الثورة الأسلامية الأيرانية, أمّا الحركات العلمانية اليسارية, والليبرالية, والقومية الأجتماعية, عملياً خارج دائرة الصراع والتنافس, فهي موجودة شكليّاً ولا تتمتع بأي وجود عملي ميداني وحقيقي, وبرغم ذلك, ستبقى هذه الحركات مصدراً للخطر على النسق الأيراني الثيوقراطي, اذا ما تحول التيار الأصلاحي, باتجاه الأنضمام والتحالف معها.
وأحسب, أنّ القوّات الأمريكية الأحتلالية العائدة للعراق عبر ملف الدواعش, والتي يراد لها البقاء أمريكياً عبر تفعيل وجودها ووكالة المخابرات المركزية الأمريكية, سوف تستمر بالأستعانة بعناصر زمرة منظمة خلق, لشن العمليات السريّة ضد ايران, وبحزب بيجاك الكردي في شمال غرب ايران.
وتقول المعلومات, أنّه وبعد الأحتلال الأمريكي للعراق, قامت واشنطن وعبر وكالة مخابراتها المركزية, والبنتاغون, وبالتنسيق مع قيادة القوات الأمريكية الموجودة في العراق, بتجميع عناصر حركة مجاهدي خلق, وعلى قرب من الحدود العراقية – الأيرانية, وضمن معسكرين اثنين, وتبع ذلك, قيام هذه الجماعة, بالعديد من العمليات السريّة والأستخبارية المشتركة, مع عناصر وكالة الأستخبارات المركزية الأمريكية, والموساد الأسرائيلي, والقوّات الخاصة الأمريكية, داخل الأراضي الأيرانية.
وصار واضحاً للعيان, أنّ حركة مجاهدي خلق الأيرانية, تخلّت عن عدائها للغرب, ما بعد سقوط الأتحاد السوفياتي, وانخرطت وبشكل عميق في تحالف مع الأدارات الأمريكية, ومضت قدماً في تحالفاتها الغربية, وخاصةً مع المخابرات الفرنسية, والبريطانية (الأم أي سكس), والكندية, والألمانية, على النحو الذي أدّى الى انخراطها في تحالفات, مع كل من يعادي النظام الأيراني, وفي نهاية المطاف, وجدت هذه الزمرة نفسها( منظمة خلق), واقعة في أحضان وكالة المخابرات المركزية الأمريكية, تمارس الجنس الجماعي الأمني معها, ومع جهاز الموساد الأسرائيلي, ومنظمات اللوبي الأسرائيلي:- مثل الأيباك, والمعهد اليهودي لشؤون الأمن القومي, ولجان الكونغرس الأمريكي, ومنتديات ومراكز دراسات, ومنظمات جماعة المحافظين الجدد.
ولأنّه لا ثمة علاقة بين السياسة والتنجيم، حيث الضرورات تبيح المحظورات، فنرى أنّ منظومات المصالح الأمريكية وتوثيق العلاقات الاقتصادية، تدفع بالحكومة الأمريكية كصدى حقيقي للمجمّع الصناعي الحربي الأمريكي والبلدربيرغ، إلى الدخول في إستراتيجية الضرورة.
ومرةّ ثانيةً قامت أمريكا بلعبة تخفيض أسعار النفط رغم خسارتها من الصخر الزيتي، لغايات ضرب روسيّا وإيران وفنزويلا بضربة واحدة مع دفع دول المشيخات العربية لمواصلة ضخ النفط لإغراق السوق، حيث للولايات المتحدة الأمريكية(إستراتيجية صامته)تسعى لتجربتها في المنطقة العربية والعالم، بعد أن فقدت استراتيجياتها الحالية أقدامها بما فيها (إستراتيجية الوقت)التي تراهن عليها الآن في حربها المزعومة على الإرهاب، بأنّ ينتج عن ضرب مجتمعات الدواعش منظومات صديقة لها.
إنّ مضمون(إستراتيجية الصمت الأمريكية)هي وقود بشري، ووسائل جاهلية، تستخدم الدين والمذهب، والقبيلة والاقتصاد والفقر، كقنابل في الحرب العالمية الثالثة أهم من النووي والكيميائي، عبر الصراعات الأثنية والعرقية والقوميات المختلفة في كل المنطقة الشرق الأوسطية لإنشاء دويلات اثنية وقومية متصارعة.
تحاول كل من الولايات المتحدة الأمريكية والسعودية العربية إلى إفلاس روسيّا، من خلال تخفيض سعر النفط، فنتائجها الايجابية على واشنطن كما تعتقد في إطار السياسة والعسكر والاقتصاد والتأثير أكبر من السلبيات وممكن لها في الحد الأدنى وعبر لعبة الطاقة وأسعارها هذه، أن تجعل حياة الروس وإيران صعبة دون التمكن من إنهائها.
حيث الأهداف مزدوجة لكلا العاصمة السعودية والأمريكية، فالسعودية تدفع إيران إلى حالة من الاحتضار والموت البطىء، بسبب خفض أسعار النفط ونوع من العقوبات لدفعها إلى اتفاقات تسعى لها الرياض في جلّ الملفات السوريّة واليمنيّة والعراقية واللبنانية والفلسطينية بما يتفق ومصالحها، وهذا ما تعتقده السعودية ونخبة حكمها السياسية من العائلة المالكة بني أميّه العصر الحديث.
في حين تسعى واشنطن دي سي إلى حالة من توتير العلاقات بين الرئيس فلادمير بوتين، مع النخبة الروسية السياسية الحاكمة والمؤسسات التجارية كركيزتين أساسيتين من ركائزه السياسية الداعمة له ولمنظومة الحكم الروسية، بالرغم من أنّ مفاعيل وتفاعلات هذه الضغوط لن تغير شيء يذكر من آليات استراتيجيات الصراع الروسي الأمريكي التي ينتهجها ويجيد عملها الرئيس فلادمير بوتين، وان كانت تدفعه إلى الميل نحو المزيد من الهدوء والبراغماتية السياسية دون التراجع قيد أنملة في ما يجري في سورية والمنطقة، وعن دعم النسق السياسي السوري والى آخر نقطة ولحظة حياتية.
من جهة أخرى، وفي ظل لعبة تخفيض أسعار النفط التي تلعبها واشنطن والبلدربيرغ الأمريكي(جنين الحكومة الأممية)، فانّ الكثير من أمة اقرأ التي لم تعد تقرأ، وصارت في ذيل القوائم وتطالب بعنف وعبر ثقافة الموت بحق اللجوء إلى العدم من جديد، بعدما أضحى موردها البشري(العرب)مجرد خردة بشرية في مستودعات الأمم وثقافاتهم، ثقافة الديناصورات وجمهورياتهم العرجاء والعمياء، حتّى مملكاتهم ذوات حمل رضيع بالمعنى الآخر، فانّ مستقبل الاقتصاد العالمي يا عرب مرهون بالتطورات في القطب الشمالي وليس هنا، فمع ذوبان الجليد هناك تتعزّز فرص الاستغلال الاقتصادي، حيث المعلومات تقول أنّه ومنذ عام 1979 م خسرت المنطقة أكثر من 45 % من جليدها القاري، والصراع بدأ هناك منذ بدايات التسعينيات من القرن الماضي، صراع ساخن على منطقة القطب الشمالي والتي تضم أطراف من أوراسيا وأميركا الشمالية بمساحات تزيد عن 27 مليون كم مربع، رغم صقوعة وبرودة الطقس، فمن يسيطر على أوراسيا يا عرب يسيطر على قلب العالم.
والجليد يذوب هناك نتيجة الاحتباس الحراري، وتضارب المصالح الإستراتيجية بين الدول المحيطة بالقطب الشمالي تتفاقم بين روسيّا وواشنطن وكندا والنرويج والدنمارك، وتجدر الإشارة إلى أنّه وبتاريخ عام 1996 م قامت الدول الخمس بجانب كل من فلنندا وايسلندا والسويد بتشكيل مجلس المحيط المتجمّد الشمالي، وتقول المعلومات يا عرب، أنّ الصين سوف تنضم وخلال الشهور القادمة اليه كعضو مراقب. ويجري صراع عميق بين الدول الخمس وأخرى حول من يملك سلسلة لومونوسوف الجبلية المغمورة بالماء، وهي على طول مليون ونصف متر مربع، حيث أكّدت الدراسات الأوليّة الجيولوجية أنّ هذه السلسلة الجبلية هي تتمة تركيبيّة للقاعدة القارية السيبيريّة التابعة لروسيّا، امتداد هذه السلسلة الغنيّة بالمواد الأوليّة وبالموارد الطبيعية تقريباً 20 كم مربع في القطب الشمالي لوحده والصراع يجري حولها بين الدول المحيطة بالمنطقة.
الروس عزّزوا وجودهم هناك في استمرار، فهذه المنطقة بالنسبة لهم هي مفتاح المصالح الوطنية والإستراتيجية الروسيّة، ومسألة توسيع الوجود الروسي هناك مسألة أمن قومي روسي، كما أنّه وأبعد من مسألة المواد الأولية في هذه المنطقة، تسعى موسكو إلى تأكيد سيطرة عسكرية لها هناك بصدى سياسي، وهذه تعد أحد أوجه الحرب الباردة الجديدة بفعل الحدث السوري والأزمة الأوكرانية، وتعد ضمانة للأمن القومي الروسي ومجالاته الحيوية.
الفدرالية الروسية بنت مواقعها وعزّزتها في المنطقة القطبية الشمالية خطوة خطوة على مدى عقود يا عرب، وانتم مشغولون(بفلان طويل وفلان قصير) وبتجذير وتبني فكر ابن تيميّة الأقصائي التكفيري، ومدرسة الوهّابية الدين التلمودي الجديد. والهدف يا عرب بالنسبة لروسيّا ليس استعادة تلك المنطقة فحسب، بل تقويتها بشكل نوعي عبر الوجود العسكري والنووي الأستخباراتي.
ومقابل هذا التفاعل الروسي مع مجالات الأمن القومي للفدرالية الروسية قابله نشر واشنطن يا عربان لأكثر من 30 ألف جندي أميركي في ألاسكا لتوسيع الفهم الولاياتي الأمريكي للبيئة القطبية الشمالية وتعزيز وجودها فيها.
وهنا نتساءل التساؤلات التالية يا عرب: هل بدأت العاصمة الأمريكية واشنطن دي سي وعبر نواة دولتها البوليسية العميقة(البلدربيرغ جنين الحكومة الأممية)، بإعادة صناعة برّاداتها السياسية الخاصة ومكعبات ثلجها من جديد، لغايات إطلاق مسارات حربها الباردة الجديدة القديمة مع روسيّا؟ هل مسارات انتاجاتها المخابراتية بدأت في خلق وتخليق مومياءات حكم للعديد من دول العالم الثالث ما بعد مرحلة ما سميّ بالربيع العربي؟
في أي سياق سياسي وأمني وعسكري تجيء تصريحات رئيس هيئة الأركان الأمريكية المشتركة الجنرال مارتن ديمبسي الأخيرة، بخصوص خطط ودراسات العسكريين الأمريكيين لجهة خيارات تفعيل خطة عمل لم يكن يتضمنها جدول الأعمال منذ حقبة الحرب الباردة، عبر تمركزالعسكريين ونشر خطوط الأتصال والاتصالات البحرية بالتنسيق والتشاور مع حلف شمال الأطلسي، بجانب افتتاح طاولة جلسات العصف الذهني ومناقشة تقديم مساعدات عسكرية لسلطات كييف الجديدة بصورة مكثفة؟ ولماذا أكّد وذكّر الجنرال مارتن ديمبسي على أنّ أساس وجود الناتو كحلف هو لتحقيق الأستقرار وقمع (العدوان السوفياتي) الفدرالية الروسية حالياً؟
هل نجحت واشنطن في جعل الأزمة الأوكرانية بمثابة طعنه نجلاء في خاصرة الروسي، رغم استقلال القرم عبر استفتاء شعبوي نزيه وعودتها إلى الحضن الفدرالي الروسي من جديد؟ ولماذا كان الجنون الأمريكي والغربي مركباً ومتعدداً بعد عودة القرم إلى الروسي؟ آلا يمكن اعتبار تسمية كييف رسمياً عضواً في الاتحاد الأوروبي الغربي بمثابة جنون مطبق لا متقطع، والاتحاد الأوروبي هو بمثابة الوجه المدني الناعم لحلف شمال الأطلسي؟ وآلا يمكن اعتبار بريطانيا العظمى ودورها بمثابة حصان طروادة الأمريكي والإسرائيلي في الداخل الأتحادي الأوروبي؟
وهل نحن أمام ريح عقيم هبّت لتحمل معها لفحات تنذر بحرب باردة، من شأنها ومآلاتها أن تجمّد كل التفاهمات والحلول في العديد من الساحات؟ آلا يمكن اعتبار سورية الصاعدة والعراق الساخن وغزّة النازفة وأوكرانيا غير المستقرة والصراع على ثروات أسيا الوسطى، والصراع على القطب المتجمّد الشمالي بمثابة السداسية القاتلة وستكون محور كل الحكاية الباردة؟ من سينتصر على من في النهاية، الجليد السيبيري أم ثلوج ولاية الآسكا؟ وهل لنا أن نكيّف تذكير الجنرال العجوز مارتن ديمبسي بالهدف الذي أنشىء من أجله حلف شمال الأطلسي بمثابة اعلان عداء لنواة الأتحاد الروسي؟ ما هي مديات عدم سماح الأمريكي للروسي بالتمدد في العديد من الساحات؟
هل ستستثمر واشنطن وبلدربيرغها ومجتمع استخباراتها، وبالتعاون مع مجتمعات المخابرات الغربية والإسرائيلية وبعض مجتمعات مومياءات الاستخبار العربي، في استغلال الجمهوريات الإسلامية أو التي يتواجد بها مسلمون لإثارة القلاقل والمشاكل حول روسيّا؟. في المحصّلة ستلجأ الولايات المتحدة الأمريكية وجلّ حلفائها من بعض غرب وبعض مومياءات الحكم العربي بإسناد إسرائيلي لدعم مكثف ومتعدد لكييف عسكرياً وسياسياً ولوجستياً واقتصادياً ودبلوماسياً وإعلاميا، وسوف تزداد العقوبات على موسكو وستجهد أوروبا بالبحث عن مصدر آخر للغاز إن أمكن، وستحسم بقوّة بعض الملفات داخل نواة الإدارة الأمريكية وداخل المجمّع الصناعي الحربي الأمريكي، كونه أي تباطؤ هنا أو تلكؤ هناك سيعني ويشي تقدماً وانطلاقاً روسياً إلى الأمام خاصةً في سورية والعراق وأوكرانيا وان شئت الصراع العربي الإسرائيلي حالياً إلى حد ما ولاحقاً بعمق.
هاتف منزل – عمّان : 5674111
خلوي :
0795615721
سما الروسان في 12 – 7 – 2015 م.
*عضو المكتب السياسي للحركة الشعبية الأردنية*