الاغتيالات مستمرة في مخيم عين الحلوة … جميل زيدان شهيدا
الاغتيالات مستمرة في مخيم عين الحلوة … جميل زيدان شهيدا
بقلم نضال حمد
يبدو انه ممنوع علينا ان نحظى بيوم هادئ لا موت فيه ولا قتل ولا اغتيالات ولا تصفيات او انفجارات …
ويبدو انه كتب على الناس في مخيم عين الحلوة ان يدفنوا أبناءهم بصمت مع أن دوي القنابل وأزيز الرصاص اعلى من صمتهم وأقوى من سكوتهم.
لا الصمت ينفع ولا السكوت يجدي مع مخطط معد لتصفية شباب المخيم ولتسريع وصول النار الى قلب الدار. ولا وقت للسكوت ولا وقت للصمت فإما أن ترفعوا أصواتكم عالية ومدوية لتكن أقوى من أصوات الانفجارات والرصاص الذي يحصد الناس او ان تبقوا كما انتم حتى اليوم رهائن للمقنعين، وللذين يرسمون بدماء شبابكم خارطة مستقبل المخيم وبقية مخيمات لبنان. فالاغتيالات مستمرة وفي تصاعد وفي كل فرصة تحصد شاب من شبابنا الذي يحرص على أمن المخيم واستقراره وسلامة سكانه.
اليوم العاشر من آذار – مارس الجاري تناقلت وسائل الإعلام وصفحات التواصل الاجتماعي خبر استشهاد واغتيال الصديق جميل زيدان، رفيق الحارة والمدرسة والمخيم. جميل قضى اليوم برصاص مجهولين في مخيم عين الحلوة المختطف من قبل عصابات القتل والفتنة.
قبل ايام قليلة نشر جميل صورة له وهو يزور قبور الشهداء والاقارب في مقبرة المخيم. وكتب هناك التالي : حاسس حالي كئيب رحت زرت اهل القبور رحمهم الله ……
يبدو انه كان يعبد طريقه الى هناك من حيث لا يدري .. جميل ابن الشهيد، ابن الحارة، ابن المخيم، ابن الصداقة التي لا تموت يموت اغتيالا بايدي مجهولين في قلب اكبر مخيمات شتاتنا الفلسطيني في لبنان. سوف تسجل القضية كما سابقاتها ضد مجهول وتوضع في احد المكاتب على رف سيعلو فوقه الغبار مع الأيام.
مطلوب البدء بوضع خطة جديدة خطة شعبية لمواجهة هذه الجرائم المتكررة في مخيم عين الحلوة. ومطلوب من الفصائل بالرغم من انها جزء من المشكلة إما بانخراط بعضها في التصفيات او بسبب قلة حيلة وعجز بعضها الآخر، ان تقوم بحملة توعية وبعقد لقاءات وندوات موسعة مع أهل المخيم كي يتفقوا على برنامج يكون صالحا لإنقاذ المخيم ولمواجهة ظاهرة الاغتيالات والتفجيرات والمقنعين.
كان جميل زيدان مثله مثل كل ابناء جيله، جيلنا شخصا عاديا عجنته الحياة في المخيم. انضم الى صفوف جبهة التحرير الفلسطينية في عين الحلوة و بقي فيها سنوات طويلة ثم اختار الالتحاق فيما بعد بحركة فتح. بعد تشرد أعقب غزو لبنان سنة 1982 وإقامة في دول عربية عديدة استقر جميل في عين الحلوة مخيم اهله وناسه وشعبه.
في اجتياح عين الحلوة سنة 1982 قاتل جميل مع الشهيد عبد حمد و الشهيد حاتم حجير ووالده جمال زيدان الذي استشهد في هذه المعركة التي خاضها ابطال جبهة التحرير الفلسطينية ورفاقهم من الفصائل الفلسطينية الأخرى وأبناء المخيم، وقاتلوا فيها قتال الابطال وتصدوا للدبابات الصهيونية الغازية وأوقعوا بها إصابات مؤكدة.
بالرغم من خلافنا في موضوع جبهة التحرير الفلسطينية بعد انشقاق الشهيد أبو العباس ومن معه عن الجبهة التي كان يقودها الأمين العام الشهيد طلعت يعقوب.. ومن ثم التحاق جميل بفتح، لكن علاقتي به بقيت علاقة صداقة ومحبة وانتماء للمخيم ولفلسطين.
اذكر انه يوم حصلت الاشتباكات العنيفة والمؤسفة قبل سنوات وقد كانت الأعنف بين عصبة الأنصار الإسلامية وحركة فتح في مخيم عين الحلوة، اختار جميل زيدان ان لا يشترك بأي اقتتال داخلي واعتكف في بيته بالمخيم.
لن انسى زيارته الاخيرة لي في بيتنا بمخيم الحلوة قبل سنوات حيث جاء يسلم علي بعد سنوات من الفراق والغربة. ولا طلاته اليومية على الفيسبوك التي سوف نفتقدها بدء من هذا اليوم.
الذين اغتالوا جميل زيدان هم انفسهم الذين اغتالوا كل شيء جميل في مخيم عين الحلوة.
الذين اغتالوا جميل هم الذين يغتالون اليوم الوحدة الوطنية والنسيج الاجتماعي في المخيم. وهم الذين يعملون في خدمة مشاريع معادية للشعب الفلسطيني وللامة العربية. مشاريع تيئيس اهل المخيمات من اجل تهجيرهم وشطب حقهم بالعودة الى فلسطين. وهم بالتأكيد لهم مشغليهم وارتباطاتهم مع أجندات من خارج المخيم.
اقول بالفم الملآن السلاح في المخيمات فقد مهمته الرئيسية لذا مطلوب تنظيمه وتصويبه وتصحيح مساره او سحبه .. تنظيمه يعني ضبطه وتصويبه يعني ان يعرف حامله من هو العدو ومن هو الصديق. وتصحيح مساره يعني ان يكون سلاحا مقاوما يقاتل الصهاينة واعوانهم لا ان يقتل ابناء المخيمات. يبدو ان هذا السلاح المنفلت في مخيم عين الحلوة لم يعد لاجل تحرير فلسطين ومقاومة الصهاينة واعوانهم، ولا لحماية المخيمات من مجازر بحجم مجزرة صبرا وشاتيلا، ففي كل يوم هناك اغتيالات وتصفيات، اي مجازر صغيرة الحجم. هذا السلاح صار سلاحا موجها لحصد ابناء المخيمات. والسلاح الآخر الصامت والساكت والذي يكتفي بالإدانة والشجب وإطلاق الرصاص في الأفراح والأتراح هذا السلاح ايضا يجب ان يفعل في مواجهة وتعقب المقنعين والقتلة والمأجورين وإلا ما هي مهمته في المخيم؟؟
لا املك يا صديقي جميل سوى ان اقول لك وداعا وسلم على رفاقنا الشهداء.
*مدير موقع الصفصاف
هذه الصورة للرفيق والصديق جميل زيدان خلال تظاهرة لنصرة مخيم عين الحلوة تحت الاحتلال الصهيوني. التظاهرة جرت في مثل هذه الايام من شهر آذار – مارس سنة 1984 في مخيم شاتيلا. جميل في الصورة هو الشخص الذي يهتف محمولا على الأكتاف. اليوم وبعد30 عاما على التظاهرة استشهد جميل زيدان غدرا وبرصاص قتلة مأجورين في مخيم عين الحلوة بلبنان.. في المخيم الذي وهب حياته ونفسه لأجله في الطريق الى فلسطين الحرة..
هنا
https://www.facebook.com/asdikaa.nidalhamad
أرشيف سنة 2013 وما قبلها