الانتخابات الصهيونية وتصفية الحسابات المبكرة – اكرم عبيد
في الحقيقة كل الدلائل والمؤشرات تؤكد ان حكومة رئيس وزراء العدو الصهيوني بدأت بالعد التنازلي السريع لانهيارها وسقوطها قبل انتهاء ولايتها بعدما تعمقت الازمة والخلافات العاصفة بين اطراف الائتلاف الذي فقد الثقة بين اعضائه وخاصة بعد مسلسل الانتقادات الحادة من وزراء في الحكومة مثل ليبيد وزير المالية وليفني وزيرة العدل لسياسة رئيس الحكومة الصهيونية نتنياهو .
وكان هذا السبب المباشر لاقالة كل من ليبيد وتسيبي ليفني مما ادى الى انهيار الحكومة الثالثة والثلاثين بعد اتهام رئيس وزراء العدو نتنياهو بأنه يقود ” اسرائيل ” الى الهاوية وانه يتصرف بلا مسؤولية قومية بعدما وضع مصالح الجمهور ” الاسرائيلي ” في اخر سلم اولوياته.
وفي هذا السياق قرر رئيس وزراء حكومة الاحتلال الصهيوني حل الكنيست الصهيوني التاسعة عشرة بعد تصويت معظم الكتل النيابية يوم الاربعاء الماضي باغلبية ” 84″ صوتا من اجل اجراء انتخابات مبكرة في 17 اذار من العام المقبل .
وقد اشارت صحيفة هارتس الصهيونية ان رئيس وزراء العدو نتنياهو فقد الامل بتشكيل تحالف جديد لاسترار حكومته حتى نهاية ولايتها بعد انهيار محادثاته مع وزير المالية يائير ليبيد بعدما تعمد ابتزازه ووضع عدة شروط تعجيزية لاحراجه امام قطعان المستوطنين وفي مقدمتها التنازل عن قانون الاعفاء الضريبي والموافقة على ” قانون القومية اليهودية ” وتجميد خطط الاستيطان ” لكن ليبيد رفض شروط نتنياهو الذي أفقد حكومته الثالثة عوامل بقائها واستمرارها لان النواظم السياسية والاقتصادية والدينية كانت هشة بسبب عدم انسجام القوى المشاركة في الائتلاف الحكومي المتناقضة بالأساس فيما بينها والتي تعتبر الفرصة اليوم ستسمح لها بتصفية الحسابات مع اللبكود وزعيمه نتنياهو .
لهذا السبب اثقلت الازمات المتلاحقة حكومة نتنياهو وفي مقدمتها قانون الموازنة والضريبة وقانون ما يسمى “قومية الدولة اليهودية ” العنصرية وفشل تحقيق وعوده الانتخابية السابقة وفي مقدمتها تحقيق اي تقدم اقتصادي أو أمني للشارع الصهيوني كما عمق الخلافات مع الادارة الامريكية الحليف الاستراتيجي للكيان الصهيوني مما وسع دائرة العزلة على الكيان الصهيوني وخاصة بعد العدوان على غزة والجرائم والانتهاكات بحق الفلسطينيين في الضفة الغربية المحتلة وخاصة في القدس بعدما افشل المفاوضات مع السلطة الفلسطينية واطلق الرصاصة الاخيرة على مشروع ما يسمى حل الدولتين لالتهام المزيد من الاراضي الفلسطينية المحتلة من اجل استيطانها وتهويدها وخاصة في القدس مما اضعف مكانة الكيان الصهيوني على الصعيد الدولي فتزايدت الاعترافات الدولية بالدولة الفلسطينية وخاصة معظم البلدان الاروبية والتي كان اخرها الاعتراف الفرنسي والتي قد تلعب دوراً مهماً في اوساط بعض القطعان الصهيونية الى جانب الادارة الامريكية لحجب الثقة عن تجمع الليكود بشكل عام بسبب مواقفه اليمينية العنصرية المتطرفة وعن نتنياهو زعيم هذا التجمع بشكل خاص .
هذه اهم الاسباب المباشرة وغير المباشرة لانهيار حكومة العدو الصهيوني بقيادة المجرم نتنياهو الذي يحاول الفوز في الانتخابات البرلمانية في اذار المقبل لكن مستقبله السياسي قد يتعثر لاسباب كثيرة من اهمها :
معظم الاحزاب والقوى اليمينية الصهيونية فقدت الثقة بنتنياهو وفي مقدمتها الحراديم بسبب عدم الوفاء بالتزاماته لها لانه ببساطة سيقفد عامل المناورة مع القوى الاخرى .
ثانياً : لقد تولدت الرغبة لدى زعماء اليمين الصهيوني المتطرف وفي مقدمتهم نقتالي بينت زعيم ما يسمى ” البيت اليهودي ” و افيجدور ليبرمان زعيم ما يسمى ” اسرائيل بيتنا “ الذين رفضا التحالف في قائمة واحدة مع نتنياهو لان كل واحد منهما يتطلع لمنافسته على رئاسة مجلس الوزراء .
ثالثاً : لقد استشعرت ما يسمى القوى العلمانية الصهيونية الخطر مع تزايد دور ومكانة اليمين العنصري الصهيوني المتطرف وخاصة ” الحريديم ” في المشهد السياسي الصهيوني العام .
لذلك فان هذه القوى تحاول اعادة النظر في اليات عملها لتجميع صفوفها من اجل استثمار اصوات انصارها للدفاع عن وجودها خاصة بعدما تراجع دورها ومكانتها في الانتخابات السابقة وقد تتحالف مع بعض قوى اليمين الصهيوني العنصري المتطرف مثل نقتالي بينت زعيم ما يسمى ” البيت اليهودي “ او ليبيد .
لذلك فان حمى التنافس بين القادة الصهاينة سيدفعهم لاطلاق المزيد من التصريحات الانفعالية العنصرية المتطرفة لتحقيق بعض المكاسب الشعبية والانتخابية والتي وصل بعضها حد المطالبة بفرض الترانسفير على الفلسطينين وتشريدهم من الاراضي المحتلة عام 1948 الى معازل اوسلو بالاضافة لتفجير المسجد الاقصى ويناء ما يسمى ” الهيكل الثالث ” المزعوم .
وهذه التصريحات والسلوك الاجرامي العنصري ليس غريباً ولا مستغرباً على مجرمي الحرب الصهاينة وخاصة بعدما اكد الصحفي الصهيوني نحاميا شتراسلر من صحيفة معاريف الصهيونية الذي وصف رئيس وزراء حكومة الاحتلال الصهيوني نتنياهو بانه ” اشد عناصر اليمين تطرفا ,
كما تعمدت صحيفة هارتس الصهيونية التحريض بشكل معلن على على نتنياهو و رفعت شعار تحت عنوان ” عدم التصويت ضد نتنياهو انقاذ لاسرائيل ” واضافت اذا فاز نتنياهو مجدداً قي الانتخابات فان ” مستقبل اسرائيل في خطر ” واكدت الصحيفة ان حكومة نتنياهو الحالية ” هي الأسوأ في تاريخ ” اسرائيل ” لانه من الصعب تحديد ولو انجاز واحد لهذه الحكومة التي كانت اضرارها اكثر من منافعها وخاصة بعدما كانت سياستها الخارجية والامنية انتحارية “
لذلك فان المرحلة المقبلة ستحمل في طياتها الكثير من التطورات المتسارعة في المشهد السياسي الصهيوني والذي قد يضع بداية النهاية لتجمع الليكود الذي قد يتفكك ويتشظى ليطوي مستقبل المجرم نتنياهو على مزابل التاريخ وخاصة بعد الانشقاقات التي حصلت في صفوفه والتي كان اخرها انشقاق موشيه كحلون وهذا يعني ان الرصيد الجماهيري لليكود بدأ في الانحسار وخاصة بعدما تعمقت الازمة الاقتصادية واعتماد سياسة الحرب والعدوان لحل مشاكل الكيان الصهيوني الذي غرق في المزيد من الازمات المزمنة بسبب سياسات اليمين الصهيوني العنصرية اليمينية المتطرفة الانتحارية .
ومع ذلك ستبقى استطلاعات الرأي تتارجح وتتاثر بالاحداث خلال المرحلة القادمة حتى الوصول لموعد الانتخابات البرلمانية والتي قد تحمل المزيد من المفاجأت في تاريخ الكيان الصهيوني المصطنع في فلسطين المحتلة .
وبالرغم من الفشل والهزائم والازمات المتلاحقة سيبقى نتنياهو رئيس وزراء حكومة تيسير الاعمال حتى موعد الانتخابات في اذار العام المقبل وسيحاول استثمال هذه الفترة الزمنية القصيرة واستغلالها بقوة لتحقيق مكاسب انتخابية للفوز في الاغلبية البرلمانية وتشكيل الحكومة المقبلة وفي مقدمتها اتخاذ المزيد من القرارات لبناء المستعمرات في الاراضي الفلسطينية المحتلة وخاصة في القدس وقد يرفع من منسوب التوتر والاعتداءات على قوى المقاومة خاصة على الفلسطينين لحد شن عدوان جديد كما حصل في العام 2012 عندما كان يقود حكومة تسير اعمال قبيل الانتخابات عام 2013 خاصة ان السلطة الفلسطينية تحاول في هذه المرحلة التوجه لمجلس الامن للحصول على الاعتراف الدولي بإقامة الدولة الفلسطينية وإذا اصطدم هذا القرار بالفيتو الامريكي سيتم التوقيع على بعض البروتوكولات الدولية الجديدة وفي مقدمتها الانضمام لمحكمة الجنايات الدولية وقد يرد المجرم نتنياهو على هذه الخطوات بإغتبال بعض القادة الفلسطينين لتعميق الانقسام وشقة الخلافات او القيام بعدوان جديد وجرائم حرب تستهدف الفلسطينيين تحت الاحتلال او في غزة ليسترد بعض ماء وجهه المسفوح تحت اقدام المقاومين الفلسطينيين في الحرب السايقة عام 2014 ويعزز المزيد من فرص الفوز على حساب الشعب الفلسطيني وكل الاحتمالات ستكون مطروحة حتى موعد الانتخابات البرلمانية الصهيونية وإن غداً لناظره لقريب …