الانحباز لخيار الشعب
بقلم: نضال حمد
أيهما أفضل للإنسان الفلسطيني الوطني، العربي، المسلم أن يكون رجلاً لدولة إسلامية، في أضعف الإيمان تقول لا لأمريكا و”إسرائيل”، وتعد لهما ما استطاعت من قوة وعتاد وعدة..أم أن يكون رجلاً للأعداء متمثلين “بإسرائيل” وأمريكا؟..
أيهما أفضل الرجل الذي رفض شق فتح ومنظمة التحرير الفلسطينية حين سنحت له الفرصة بذلك عدة مرات، وحين اعتبرته قواعد فتح شيخ الحركة الوحيد بعد وفاة الختيار الوحيد ياسر عرفات مسمماً بسموم الأعداء والأشقاء العدوانيين..
أيهما أفضل للفلسطيني أن يكون ابناً للمخيم والقواعد وجيل التحرير… ابناً لمخيمات العزة والكرامة والصمود والتألق والعطاء والشهداء، لمخيمات النبطية، تل الزعتر، جسر الباشا، ضبية، جنين، بلاطة رفح، جباليا، البريج، عين الحلوة، صبرا وشاتيلا، اليرموك، الوحدات والزرقا .. أم من المنبوذين؟.
أيهما أفضل للفلسطيني أن يكون أخاً للفلسطيني الذي لم تلده أمه… أخاً لكل فلسطيني أينما حطت به النكبة وحيثما شرده اللجوء، أم ان يصبح عبداً ومملوكاً للصهاينة من اليهود وغير اليهود؟؟ وأن يغدو مدافعاً عن الخطأ والغلط، وأن يعمل كل ما بوسعه من أجل تخريب البيت الفلسطيني الذي كان دائما بيتاً يتسع لكل الفلسطينيين؟؟
أيهما أفضل أن يكون الإنسان مع شعبه وأمته ملتزما بحق عودة أهل المخيمات إلى كل فلسطين، بعد سنوات العمر الطويلة وأعوام الثورة والعنفوان، حيث الفدائي الأول والخيمة الأولى والمغارة الأولى والكهف الأول والبندقية الأولى، وحيث الحياة بكرامة وشجاعة وصدق وإيمان، وانتماء للتراب الفلسطيني ولقمصان الشهداء التي غدت رايات من لا قمصان لديهم هذه الأيام وقبل العيد، كي يردوا البرد والجوع عن أطفالهم؟؟..
أيهما أفضل الانحياز لخيار الشعب الفلسطيني كما فعل رجل شجاع وشيخ فتحاوي مقاوم أصيل فضل المنفى القرطاجي على القصور الغزية والضفاوية، فضل البقاء مع اللاجئين الفلسطينيين على الالتحاق بركب المهزومين والمستسلمين..
أيهما أفضل أن يعترف الإنسان بخطأ ارتكبه أو مجموعة أخطاء اقترفها، والاعتراف بالخطأ فضيلة، كما علمنا الأدب العربي وكما علمتنا الأخلاق العربية الحميدة. أم أن يصر الإنسان على غلطته ويتابع ارتكاب الأخطاء الكبيرة والصغيرة والحاسمة والمصيرية؟
طبعاً الأفضل للشخص وللذين هم من حاشيته ومقربين منه واليه، وكذلك للآخرين الذين تعنيهم أخطاؤه، أن يعترف بالخطأ وأن يقف وقفة رجل شجاع ويواجه نفسه في المرآة قبل ان يواجه شعبه على الشارع. ويقول لنفسه ثم لشعبه وبعد ذلك لامته، أنا أسف فقد ضللت الطريق وأخطأت، وها أنا أضع نفسي بين أيديكم، حتى نبحث معاً عن مخرج من هذه الورطة وذاك المأزق.
طبعاً الأفضل ان يتسلح الإنسان بالشجاعة خاصة إذا كان مسئولاً عن أمة ووطن وقضية. وكلنا يذكر كيف وقف الفاروق خليفة المسلمين وأمير المؤمنين عمر بن الخطاب يستمع بصمت للإعرابي الذي قال له ” والله يا عمر لو رأينا فيك اعوجاجا لقوّمناه بحدّ سيوفنا “.
للأسف نحن في زمن لا يوجد فيه قادة أو رجال يبحثون عن رضا الله والأمة، بل هناك قادة ورجالات حكم يبحثون عن رضا البيت الأبيض والكنيست الصهيوني في القدس المحتلة.
وهذه الفئة من الناس لا يمكنها أن تعيد بهاء القدس ولا إشعاع النور في فلسطين. كما لا يمكنها أن تقاتل أو تدافع عن حقوق شعب فلسطين، ولا أن تسترد ما ضاع من أراضي وأملاك أمة العرب.
الذي يجعل هذا الزمن الفلسطيني أقل سوداوية وجود بعض القادة الذين حافظوا على كرامة وسمعة الفدائي الفلسطيني، فدائي الأغوار وجرش وعجلون والجولان وجنوب لبنان وبيروت ومخيمات المقاومة، فدائي الثورة المستمرة والمقاومة الملتهبة، فدائي البندقية وغصن الزيتون، الكلمة والطلقة، الصرخة والقنبلة، الموقف والصلابة، الثبات والتكتيك الذي لم ولا يؤدي للتفريط ثم الاستسلام كما حصل في سلام شجعان أوسلو وأخواتها.
قبل حلول العيد السعيد بأيام نسأل من جديد: أيهما أفضل أن يكون الإنسان مع الفدائي ضد التاجر والحرامي، ومع المقاوم ضد المساوم، ومع المجاهد ضد المهادن، ومع المقاتل ضد المقاول، ومع المفاوض حين يمتمسك بالثوابت أم مع المفاوض المفرط بالثوابت.. مع المتأوسلين أم مع المقاومين، ومع الصهاينة والأمريكان أم مع كل من يقول فلسطين لأهل فلسطين ولا لكيان ” إسرائيل “..؟؟؟
تاريخ النشر : 2006-12-30