الاونروا في عين العاصفة – أكرم عبيد
بعد جريمة ترامب اعلان القدس عاصمة للكيان الصهيوني ..!
“الأونروا” مؤسسة دولية تابعة للأمم المتحدة تم تأسيسها في الدورة 4 المنعقدة بتاريخ 8 / 12 عام 1949 بموجب القرار الدولي ” 302 ” بعد اغتصاب فلسطين بقوة العصابات الصهيونية المسلحة المدعومة من سلطات الاحتلال البريطاني عام 1948 لتقدم خدماتها للاجئين الفلسطينيين في كل من الأردن وسورية ولبنان والضفة الغربية وقطاع غزة. ويتركز نشاطها على الجانبين التعليمي والصحي، إضافة إلى المعونات الإنسانية والمساعدات الإغاثية. ويتم تمويل “الأونروا” بالكامل من خلال التبرعات الطوعية التي تقدمها الدول الأعضاء في الأمم المتحدة.
ويمثل الدعم الأميركي للمنظمة الدولية نحو 40 % من موازنتها وقد تعمد الرئيس الامريكي ترامب بسبب ازمته الداخلية بعد عام من فوزه بالانتخابات الرئاسية استثمار الظروف الفلسطينية والعربية والاقليمية والدولية الصعبة ليترجم وعوده الانتخابية الى قرارات ميدانية لم يجرؤ احد من الرؤساء الأمريكيين السابقين على اتخاذها واعلن القدس عاصمة للكيان الصهيوني المحتل ونقل السفارة الامريكية من تل ابيب المحتلة الى القدس المحتلة لكسب اليمين العنصري الامريكي المتطرف بالإضافة للوبي الصهيوني في الولايات المتحدة الامريكية للاستقواء على خصومه المعارضين لسلوكه الفردي والعنصري .
ولم يكتفي الرئيس الامريكي بهذا القرار بل تعمد تقليص المساعدة الامريكية المخصصة للأونروا للنصف وربما الغائها بالكامل فيما بعد مع العلم ان الاونروا تعاني بالأساس من أزمة مالية حقيقية نتيجة زيادة متطلبات اللاجئين الذين تضاعفت اعدادهم اكثر من سبعة ملايين لاجئ فلسطيني منذ كارثة النكبة قبل سبعين عاما حتى اليوم وخاصة بعد انخفاض مستوى التمويل في السنوات الأخيرة .
وفي هذا السياق، أشار المفوض العام لـ”الأونروا” السيد بيير كرينبول، إلى أنّ تقليص الإدارة الأميركية لمساهمتها المالية سيؤثر على الأمن الإقليمي في وقت يشهد العديد من المخاطر والتهديدات في الشرق الأوسط خصوصاً في ظل ازدياد “التطرف” كما قال .
لاشك ان وكالة الاونروا تشهد حملة تحريض لم يسب لها مثيل من قبل قيادات الاحتلال الصهيوني وفي مقدمتهم النتنياهو لتحقيق هدف سياسي تحاول سلطات الاحتلال تحقيقه بدعم ومساندة الادارة الامريكية المتصهينة بقيادة الرئيس ترامب لسبب بسيط ان الاونروا تعتبر الشاهد الحي على اعظم جريمة حرب ارتكبتها العصابات الصهيونية في بداية النصف الاول من القرن العشرين ومازالت مستمرة تداعياتها حتى يومنا هذا وخاصة ان الأونروا تمنح صفة لاجئ لكل فلسطيني حتى وإن كان ممن ولد خارج فلسطين المحتلة، وما يترتب على هذا الامر من ازدياد أعداد اللاجئين الفلسطينيين بحسب قواعد الأمم المتحدة التي تحدد “بأن من ترك بيته في عام 1948 في فلسطين هو لاجئ وجميع ذريته لاجئين أيضا.
لهذا السبب ان وجود الاونروا يبقي اللاجئ الفلسطيني دائما وابدا يحذوه الامل بالعودة الى الارض التي تم طرد ابائه واجداده منها بقوة العصابات الصهيونية الاجرامية وانطلاقا من هذه المعادلة اصبحت الاونروا في عين العاصفة الصهيوامريكية لإنهاء خدماتها وتحويل مهامها الى المفوضية العليا للاجئين من اجل شطب وتصفية حق العودة والتعويض الذي استند بالأساس للقرار الدولي 194 الذي ارتبط تنفيذه باعتراف الامم المتحدة بالكيان الصهيوني ومضت حتى اليوم حوالي سبعين عاما من اغتصاب فلسطين ولم ينفذ الكيان الصهيوني هذا القرار الصادر عن الجمعية العامة للأمم المتحدة بتاريخ 11 كانون الاول عام 1948 .
لذلك فان الادارة الامريكية المتصهينة بقيادة ترامب تعمدت استهداف الاونروا بعد اعلان القدس عاصمة للكيان الصهيوني من اجل شطب وتصفية حق العودة للاجئين وتوطينهم حيث هم يقيمون في بلدان الشتات ولتحقيق هذا الهدف لا بد من التمهيد له باستهداف الاونروا والتضييق عليها ماليا لإنهاء وجودها كعنوان اممي لقضية اللاجئين وحقهم في العودة والتعويض عليهم كما اكد القرار الدولي 194.
وقد استجاب الادارة الامريكية بهذا السلوك الإجرامي لدعوات لقيادة سلطات الاحتلال الصهيوني بقيادة النتياهو الذي الح مرارا وتكرار على الامم المتحدة لتفكيك الأونروا ” بزعم عملها على تأبيد الصراع وعدم المساهمة في حله”، وليس ذلك وحسب، فقد كشفت القناة الصهيونية السابعة تشكيل مجموعة ضغط جديدة هدفها الرقابة على عمليات (الأونروا)، والمطالبة بإجراء تغييرات جوهرية على صلاحياتها.
ووصل الأمر بالسفير الصهيوني في الأمم المتحدة، داني دانون، في العاشر من حزيران الماضي، إلى الادعاء في رسالة وجهها لمجلس الأمن الدولي بـ “وجود علاقات بين أفراد في الأونروا وحماس، وأن الأخيرة بدلاً من أن تستخدم المدارس كمراكز للتعليم حوّلتها إلى معسكرات لتنفيذ هجمات ضدّ ” إسرائيل” على حد زعمه.
ووكلنا يعلم ان سلطات الاحتلال الصهيوني استغلت الأزمة المالية لـ “الأونروا” عام 2015 فأصدرت تقريراً يطالب بإنهاء عملها في الضفة الغربية وقطاع غزة بشكل سريع ليظهر بعدها تراجع المانحين بالتزاماتهم -خاصة أمريكا- تماشياً مع رغبة سلطات الاحتلال الصهيوني بالحد من عمل الوكالة ودفعها نحو إنهاء خدماتها.
وفي نفس السياق لم يخف نتنياهو الهدف الرئيسي من وراء هذا المطلب والدوافع الحقيقية له، وهي معروفة عنه وتتلخّص برفض فكرة وجود وكالة خاصة للاجئين الفلسطينيين.
وادعى نتنياهو أنه لا سبب لوجود وكالة خاصة بهم لا سيما أنه تم توطين غالبية اللاجئين الفلسطينيين.
لهذه الاسباب لا بد من التركيز على ضرورة الحفاظ على وكالة الغوث “الأونروا” وفق نص قرار تأسيسها من الأمم المتحدة وبما تمثله من شاهد حي على الجريمة الصهيونية المقترفة بحق شعبنا وما تجسّده من التزام سياسي وأخلاقي من قبل المجتمع الدولي بمسؤوليته عن خلق قضية اللاجئين الفلسطينيين وضرورة حلها، ومنح اللاجئين الفلسطينيين الحماية الدولية المؤقتة التي يكفلها النظام الدولي للاجئين أسوة بغيرهم من لاجئي العالم، حيث ان تفويض الأونروا لا يشمل الحماية السياسية والقانونية التي يكفلها ذلك النظام، وكذلك تشكيل اللجان الوطنية الفلسطينية المتخصصة – في إطار منظمة التحرير الفلسطينية والفصائل الفلسطينية للتصدي للهجمة الامريكية الصهيونية، والدفاع عن حقوق اللاجئين الفلسطينيين والعمل على تحقيق أهدافهم في العودة حسب قرارات الشرعية الدولية وفي مقدمتها القرار الاممي 194.
من هنا نؤكد على اهمية دور وكالة الغوث، ونطالب لجنتها الاستشارية بالتصدي للإعلان الأمريكي بوقف دعمها المالي للوكالة ووضع الخطط الفورية لمواجهة هذه التهديدات بما يضمن استمرار الأونروا في تأدية مهامها وتقديم خدماتها التعليمية والصحية والإغاثية للاجئين الفلسطينيين وفي المقدمة مطالبة منظمة الأمم المتحدة بحماية الأونروا وتقديم الدعم المالي لها بشكل دائم وكاف من أجل استمرارها في تأدية مهامها، ومواجهة التحديات الناجمة عن الممارسات الأمريكية التي انتهكت القانون الدولي وقرارات الأمم المتحدة، والتي تتناغم مع المحاولات “الإسرائيلية” لإنهاء عمل ومهام الوكالة.
وبعد فشل مخططات نتنياهو والأحزاب اليمينية الأوروبية بحل “الأونروا”، تحاول سلطات الاحتلال الصهيوني الآن تمرير خطة من خلال الضغط على الأمم المتحدة تتركّز على وقف عملية “توريث صفة اللاجئ”، بحيث يتساوى أطفال اللاجئين الجدد مع غيرهم من الفلسطينيين ممن لا يحملون هذه الصفة مستقبلاً في خطوة تهدف إلى إنهاء الملفّ تماماً.
وبالرغم من سياسة الضغوط الصهيوامريكية فقد تناقلت وكلات الانباء عن مصادر موثوقة في الاونروا اكدت ان الادارة الامريكية بقيادة الرئيس الامريكي ترامب تتعمد فرض سياسة الابتزاز السياسي على مؤسسة الاونروا واشترطت عليها تغيير المناهج الدراسية في المدارس التابعة لها وخاصة شطب كل ما له علاقة بقضية اللاجئين وحقهم بالعودة والتعويض بموجب القرار الدولي 194 بالإضافة لإسقاط قضية القدس كعاصمة للدولة الفلسطينية والتزام الحيادية لضمات استمرار الدعم الامريكي الذي سيقتصر على ثلاث اقاليم من خمسة خاضعة لعملها وهي الاردن والضفة الغربية المحتلة وقطاع غزة المحاصر .
وقد رد المتحدث الرسمي باسم الاونروا السيد سامي شعشع في تصريح له بان الشروط والاملاءات الجائرة والمشينة التي تحاول ادرة ترامب فرضها على الاونروا هي غير ملزمة للوكالة باي شكل من الاشكال حيث ان مهام الوكالة وخدماتها للاجئين الفلسطينيين محددة بقرار الامم المتحدة رقم ” 302 ” الصادر عام 1949 الذي تأسست بموجبه وهي تابعة للأمم المتحدة وليس للولايات المتحدة الامريكية التي تحاول تسيس مهامها وفرض شروطها عليها بالقوة