الجاليات والسفارات والجسور المحروقة – نضال حمد
تلعب نوعية السفير أو السفيرة وشخصيته-ها دوراً في العلاقة مع الفلسطينيين، المقيمين في أي بلد توجد فيه سفارة، بغض النظر عن الموقف السياسي المرفوض، الذي يمثله السفير وتمثله السفيرة.
البحث عن حد أدنى من التعاون فيما بين السفارة والفلسطينيين على الأقل في الأمور الجاليوية والثقافية والاجتماعية والرياضية أيضاً ليس سهلاً. خاصة أن لدى السفارات تعليمات بالتدخل في شؤون الجاليات والمؤسسات والجمعيات ومحاولة السيطرة عليها عبر بعض الأفراد المحسوبين على فتح او السلطة أو حتى فصائل المنظمة. أما حركة حماس فلها مؤسساتها ومؤتمراتها وتجمعاتها ولجانها ومساجدها وهي كثيرة جدا جدا في أوروبا).
في أغلب الأحيان تحاول السفارات شراء ذمم وضمائر القائمين على الجاليات والمؤسسات والجميعات واللجان والمراكز. في بعض المرات القليلة يجدون في بعض الدول شخصيات هزيلة وضعيفة أو سحيجة أو ناس مستعدون للعمل معهم لكن هؤلاء ليسوا أكثرية بل أقلية بين الفلسطينيين في أوروبا بالذات. مثل بعض هؤلاء الأفراد تكفيهم “وليمة” أو “شيشة” أو “صورة” مع فلان أو علان من الناس .. صبحان الله في لحظة التقاط الصور والحفلات ينسوون مع من يتصورون وأين يتصورون؟ ولا أحد يسألهم لماذا تتصورون مع ممثلي السلطة ووفودها يا إخوان؟.
مشكلة مفهوم الجالية ومن تمثل مشكلة عويصة مثل مشكلة السفارات. لأن كل ثلاثة أشخاص في غالبية بلدان أوروبا يمكنهم تأسيس رابطة أو جالية أو مؤسسة أو لجنة الخ. وتسمية الجالية بمفهومها العربي غير شكل عن مفهومها لدى الأوروبين وقوانينهم التي تخص تسجيل الجمعيات، لأنها بالنسبة للبلد الاوروبي رابطة مثل أي رابطة للفلسطينيين أو غيرهم. كما أنها لا تمثل سوى الأشخاص المنضويين والمسجلين فيها، الذين لديهم جنسية او إقامة في البلد المذكور ويسددون اشتراكاتهم بشكل دوري وحسب القانون في البلد التي تأسست فيه الجالية.
الفصائل الفلسطينية وبالذات حركتي فتح وحماس منذ سنوات طويلة تحاولان انشاء جاليات وجميعات وتجمعات ولجان واتحادات ومؤسسات وروابط والخ تخضعان لهما. وهما طوال الوقت تتصارعان على جذب الجالية هنا أو هناك. كذلك الفصائل الأخرى أيضا موجودة ولها حضورها في تلك الأطر وإن كانت تحالفاتها متعددة ومنوعة وأحيانا غير مفهومة وحسب البلد والدولة والجالية والمؤسسة والاتحاد.
طبعاً لن يأتي أي مسؤول او رئيس للاتحاد أو للجالية في أي بلد ويقول لك أنا أمثل مجموعة الأعضاء المسجلين في جاليتي أو اتحادي فقط لا غير. بل سيدعي أنه يمثل الجالية يعني بمفهومها العربي الشمولي، أي يمثل الفلسطينيين كلهم أو في أفضل الحالات سيترك التفكير بمن يمثل عائماً ومفتوحا للتأويل.
أقول هذا عن تجربة لأنني سبق وعملت في هذا المجال لسنوات طويلة وواجهت مثل تلك المشاكل والمحطات. لكنني دائما ما كنت أردد وأقول أن الجالية تمثل من هم أعضاء فيها فقط لا غير. وأنها ليست ولن تكون في جيب أحد لا السفارة ولا السلطة ولا غيرهم لأنها ليست حزبا سياسيا ولن تكون كذلك. كما كنت أرفض عضوية أي فلسطيني لا تنطبق عليه الشروط. وبالذات من يرفضون تسديد اشتراكاتهم-ن الشهرية أو السنوية.
أما الذين عادوني وعادوا الجالية فقد كان يتهمونني بوضع “العصي في الدولايب” حين أقول لا عضوية لمن لا يسدد اشتراكه. وبالمناسبة آلاف الفلسطينيين لم يكونوا أعضاءا في الجالية. لأنهم إما رفضوا التسجيل بسبب لا مبالاتهم وانطوائهم وعزلتهم وابتعادهم عن القضية أو لأنهم رفضوا تسديد الاشتراكات أو بتحريض من السفارات والحركات والخ.
باعتقادي سوف تبقى العلاقة بين السفارات والجاليات والمؤسسات الفلسطينية في أوروبا على ما هي عليه الى أن يتم اصلاح وتنظيف البيت الفلسطيني ولا أرى بريق أمل في الوقت القريب.
نضال حمد 9 تموز – يوليو ٢٠٢١