الحاج اسماعيل وبرقية الانسحاب من جنوب لبنان 1982
لماذا لغاية اليوم لم تنشر قصة قرار الانسحاب الفلسطيني من جنوب لبنان امام الغزو الصهيوني صيف سنة ١٩٨٢؟
الحاج اسماعيل قائد فتح والقوات الفلسطينية اللبنانية المشتركة في الجنوب اللبناني. قال يومها بأن برقية وصلته من القائد العام أبو عمار (والأخير مات ولم ينفِ ذلك)، فيها أمر بالانسحاب من الجنوب بدون قتال… اضاف أنه يحتفظ بها في جيبه.
جاء كلام الحاج اسماعيل في معرض رده على الذين اتهموه بالتخاذل والهروب من أرض المعركة.
وذلك بعد فراره وترك المقاتلين بدون دعم صاروخي في معركة علمان الشهيرة شرق/شمال مدينة صيدا. ليتبين فيما بعد انه كان على علم بان الصهاينة سوف يصلون الى نهر الاولي وربما أبعد من ذلك…
في علمان شرق النهر المذكور دارت معركة عنيفة جدا مع الدبابات والجنود الصهاينة، تكبد خلالها العدو خسائر فادحة، كما استشهد فيها عدد كبير من المقاتلين الفلسطينيين واللبنانيين.
جرت المعركة يوم ٧ حزيران / يونيو ١٩٨٢ بدون الدعم الصاروخي والمدفعي الذي تم الاتفاق عليه بحضور الحاج اسماعيل بصفته قائد القوات المشتركة في الجنوب اللبناني. إذ أنه فر الى البقاع عبر جزين تاركا خلفه المقاتلين بلا قيادة والمخيمات الفلسطينية في الجنوب في قتال اسطوري ومواجهات ملحمية مع دبابات وطائرات وبوراج وجنود الاحتلال.
رفض ياسر عرفات محاسبة الفار الحاج اسماعيل وأي من الضباط الذين فروا وانسحبوا من أرض المعركة بدون تقديم الاسباب ولاشرح ذلك. فكان ذلك سببا اضافيا من اسباب انشقاق حركة فتح فيما بعد.
بعد انشقاق فتح وحصار طرابلس ١٩٨٣ وتوجه عرفات من هناك مباشرة الى مصر كمب ديفيد المعزولة والمقاطعة عربياً والى حسني مبارك. ثم الى الملك حسين والأردن في خيار سياسي استسلامي واضح لا غبار عليه، قدمه بدقة الفنان الخالد الشهيد ناجي العلي في كاريكاتور صور خلاله عرفات وهو رافعا يده مستسلما مسلما، بينما أطال قليلا اصبعيه اللذان مثلا شارة النصر، عادة عرفات المحببة بعد عادة التقبيل.
عندما وقعت قيادة ياسر عرفات اتفاقية اوسلو لسلطة الحكم الذاتي المحدود وغزة واريحا أولا سنة ١٩٩٣ في اوسلو ثم ١٩٩٤ في واشنطن.. كان الحاج اسماعيل خيار عرفات الأول فاختاره قائدا للقوات الفلسطينية الامنية، التي دخلت الى غزة وأريحا بترتيب مع جيش الاحتلال الصهيوني والادارة العسكرية الصهيونية.. تلك القوات التي تشبه الى حد كبير شخصية الحاج اسماعيل، عملت في التنسيق الأمني مع الاحتلال.
بعد ذلك تمت ترقية الحاج اسماعيل الى أعلى المراتب العسكرية والتنظيمية في حركة فتح والمنظمة والسلطة.
ربما الحاج اسماعيل الذي اضاف جبر على اسمه سيكشف قبل موته عن برقية عرفات بتاريخ ٦/٦/١٩٨٢ والتي لازالت في جيبه…
نضال حمد- فيسبوك في ١٥/٦/٢٠٢٠.