الحاج علي اليوسف – “علي نورا” – أبو محمد – نضال حمد
الذين هم من جيلي وأكبر مني أو أصغر قليلاً كلهم يتذكرون ويعرفون الحاج أبو محمد اليوسف – أو “علي نورا” الاسم الأشهر من نار على علم في حي الصفصاف وفي مخيم عين الحلوة. فمن منكم ومنكن لا يعرفه أو لا تعرفه، لا يتذكره أو لا تذكره، بطوله الفارع وحطته وعقاله وصوته الصادح؟
بل من أيضا من غالبية أهالي المخيم من لا يعرفه ويذكره ويتذكره؟
فكل نسوة مخيم عين الحلوة ورجاله يتذكرون علي نورا من خلال عمله في الإعاشة التابعة لوكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين في لبنان – الإنروا-. حيث كان يعمل هناك في توزيع الإعاشة على اللاجئين. ويتذكرونه أيضا من خلال دكانه الصغير قرب بيته على الشارع الفوقاني في حي الصفصاف، حيث كان ملاصقاً لبستان اليهودي. هذا البستان الذي أزيل عن الوجود بعد الغزو الصهيوني للبنان سنة 1982. ثم تحول إلى حي سكني مليء بالبيوت والمحلات، وإن كان بطريقة غير شرعية حسب القوانين التميزية والعنصرية اللبنانية ضد المخيمات الفلسطينية. فعندما لا تسمح لك الدولة بالبناء والترميم والتوسع مع النمو السكاني الطبيعي وتكاثر الناس داخل الكلم مربع الواحد، وعندما تتركك منذ النكبة سنة 1948 وحتى وقتنا الحالي في علبة السردين الكبيرة، الُمسماة مخيم، حينها ستفعل الناس كل ما يمكن فعله من أجل البناء. أعرف أن هناك من استغلوا الفرصة للاستيلاء على مساحات واسعة من البستان بغية المنفعة الشخصية والتجارية، لكن …
لقد كان الحاج المرحوم “علي نورا” علامة فارقة في حياتنا بالمخيم، بعين الحلوة بشكل عام، لأنه كان رجلاً طيباً وصادقاً ومرحاً وصاحب دعابة ونكتة. كان إنساناً كريماً ومحباً للآخرين، جاراً طيباً وفلسطينياً أصيلا وجليلياً جليلا. كما بنفس الوقت كان رجلاً مكافحاً عمل وجد وكد وتعب من أجل تأمين لقمة العيش لأطفاله.
هناك الكثير من القصص والحكايات والنكت التي تتناقلها أو تناقلتها ألسن أبناء حارة الصفصاف، أهل بلدتنا، وحتى أهالي مخيم عين الحلوة عن العم الراحل الحاج أبو محمد اليوسف – علي نورا-. أسميه بلقبه لأنه جرت العادة في الصفصاف أن ننادي الناس بألقابها ويبدو أن هذه العادة صارت لازمة. فلا أحد يعرف أبو محمد اليوسف إلا “بعلي نورا”.
لطالما اعتز الحاج أبو محمد بإبنه الشهيد، نجله البكر، محمد علي اليوسف – أبو عامر – الذي استشهد في عملية فدائية قرب مستعمرة المنارة سنة 1973. أذكر من طفولتي أنه وإبن عمتي، الشهيد علي سليم أيوب – أبو فراس – أو “علي المختار” نسبة لوالده المرحوم سليم أيوب، مختار بلدة الجش في الجليل الأعلى بفلسطين المحتلة… وكان معهما شهيد ثالث من عائلة “زبيدات” من حي البركسات في مخيم عين الحلوة. كما كان يرافقهم المرحوم “وجيه الجوخ” الذي خرج سالماً وعاد الى المخيم، ثم توفي في وقت لاحق. يوم استشهدوا كان عمري 10 سنوات فقط لا غير وكانوا بالنسبة لي مثالاً للفدائيين وللتضحية وللشهادة وللثورة المستمرة.
كما أن زوجة الشهيد ابو عامر استشهدت في القصف الانعزالي على مخيم عين الحلوة سنة 1985. فيما استشهد نجلهما الشهيد عامر في معارك مغدوشة 1987…. عما قريب سوف أكتب عنهم وعن سيرتهم وشهادتهم المشرفة. رحمهم الله.
الحاج علي اليوسف – “علي نورا” – أبو محمد – نضال حمد
نضال حمد في 24-3-2021