الدكتور مراد اليسع من المغرب يكتب عن فلسطين العربية
بعد مشاهدتي للمقابلة التي أرسلتم إلي عبر الفيديو عن مجزرة صبرا وشاتيلا، عادت بي الذاكرة إلى سنوات العمل الطلابي، حينها كنت شابا مفعما بالحيوية. غير أن هذا النوع من الحيوية لم يكن مرحبا به في بلدنا مطلع الثمانينيات من القرن الماضي.
بُعيد المجزرة الرهيبة التي تعرض لها الشعب الفلسطيني كنت قد التحقت بكلية العلوم في جامعة فاس سنة 1983، كان الجو مشحونا، لكن الطلبة كانوا مستعدين لتقديم كل أشكال التضحية. أستحضر أنه في كل أمسية من أمسيات هذه الأيام لم تَخلُ ساحات الحي الجامعي من التجمعات والحلقيات، لقد كنا طلابا يملؤهم التحدي والإرادة القوية في التغيير. حلم التغيير لم يكن يتوقف على حياتنا اليومية كمواطنين، ولكنه يمتد إلى الحلم بتغيير كامل المجتمع، وتجاوزنا بحلمنا الرغبة في تغيير العالم بأسره.
ومع هذا الحلم بالتغيير كانت القضية الفلسطينية الشرارة التي تلهب حماستنا.
هذا الشعب الحر المقدام سيظل بالنسبة إلي رمزا لكل الشعوب التواقة للحرية والانعتاق. وعندما التقيت المناضل نضال حمد ورفيقه علي نصر الله في الاستوديوم (مركز تعلم اللغة البولونية للطلبة الأجانب) بلودز، كانت بالنسبة إلي لحظة إحياء للذكرى، ولحظة فخر بمقابلة ناجين من مجزرة صبرا وشاتيلا.
لن أنسى ما حييت الأيام والأماسي والليالي التي قضيتها مع هؤلاء الأشخاص الشرفاء والشجعان، هذا الزمن المنفلت يبعث في كل مشاعر الألم والمعاناة، وكم أتمنى لو لم يحدث كل هذا الألم، لكنها مشيئة القدر.
أتمنى أن يحفظ التاريخ هذه الذاكرة الفلسطينية الموشومة بالتضحيات.
سأتقاسم دائما مشاعر التضامن مع كل المضطهدين في هذا العالم، ولاسيما مع كل أخ لي ولدته فلسطين.
فلسطين حرّة حرة إن شاء الله، وصوتي سيصل إلى كل ضمير حي.
الدكتور مراد اليسع – الجديدة – المغرب