الراحل أبو أحمد الحكيم – نضال حمد
أبو أحمد الحكيم ذاك الصرح الطبي الفلسطيني في ذلك الزمن من مواليد فلسطين قبل النكبة ب ٤٦ سنة، يعني رجل مثل كتاب التاريخ الوطني، تاريخ لفلسطين الوطن، ولبلدته الكابري حيث رأت عينيه النور سنة ١٩٠٢.
كان الرجل من الرايات الخفاقة في مخيم عين الحلوة إذ عرف بالحكيم أبو أحمد وأنا مثلاً لغاية هذه اللحظة لا أعرف اسمه.. كل ما أعرفه عنه أنه أبو أحمد الحكيم، ابن الكابري وعين الحلوة وكل فلسطين.. حكيم اللاجئين والمشحرين في المخيم الذي عاش فيه عشرون سنة منذ النكبة سنة ١٩٤٨ حتى وفاته سنة ١٩٦٨.
رحمه الله كان من أوائل الممرضين في مخيمي المية ومية وعين الحلوة حين تأسيسهما بعد النكبة مباشرة هذا يوم وجد أهلنا أنفسهم بلا وطن وبلا سقف يأويهم..
بحسب نجله محمود حلواني سترالله فإن الحكيم أبو أحمد كان أساساً يعمل ممرضاً في مستشفى العيون في القدس قبل النكبة… ولاحقا في مدينة حيفا قبل اللجوء إلى لبنان..
هذا وأكد لي الأخ محمود أن والده الراحل مواليد بلدة الكابري سنة ١٩٠٢ وتوفي في مخيم عين الحلوة يوم ١٦-٥-١٩٦٨يوم كان أخينا محمود لازال في سن العاشرة من عمره وأنا يومها كنت في سن الخامسة من عمري..
المرحوم أبو أحمد الحكيم عندما انتقل عمله إلى حيفا اشترى قطعة أرض وشيّد عليها بيتاً لعائلته… حيث كان انتقل للسكن هناك مع العائلة الكبيرة. كان الرجل عصامياً ولتكملة بناء البيت حصل على قرض من جمعية المقاصد في القدس… وبعد النكبة بقي يسدد القرض بطريقة او بأخرى، مع العلم أنه أصبح لاجئاً في لبنان ووضعه المادي لم يكن مثاليا وجيداً كما كان في فلسطين يوم اقترض المال من جمعية المقاصد.
المرحوم أبو أحمد الحكيم كان رجلاً شديد التدين والالتزام. حتى أنه بعد أن أحيل الى التقاعد في المخيم واصل مساعدته ومعالجته للفقراء والمحتاجين وللمرضى بشكل عام، فبقي بيته في المخيم، قرب الجسر التحتاني غير بعيد عن نادي فلسطين الثقافي ومقهى أبو مازن مقصداً للمرضى، خصوصاً فيما يخص العيون لأنه كان لأبي أحمد باعٌ طويل في هذا المجال.
حرص المرحوم وهو الرجل الزاهد، العابد والمتعبد على التنقل يومياً عدة مرات ما بين المنزل والمسجد، فكان من رواد المسجد التحتاني الذي يسمى اليوم مسجد النور… ربما تردده على هذا المسجد بالذات لقربه من البيت. كما عرف عن الحكيم قلة الكلام وحسن الضيافة وكان رجلاً خدوماً يعمل لوجه الله تعالى. إضافة إلى أنه كان شديد الاهتمام بالتعليم حيث أن أولاده وأحفاده نهلوا من العلم ونجحوا في التعليم وكبروا متعلمين.
يقول الأخ محمود: “عقب و فاته كانت جنازته الحاشدة تعبيراً عن الوفاء لهذا الرجل” .
– في الصورة أبو أحمد الحكيم مع الطفل “أبو غسان” شقيق الأخ محمود وهي صورة قديمة جداً التقطت في القدس عاصمة فلسطين وبالتحديد في مستشفى العيون وبحسب الأخ محمود يعود تاريح التقاطها الى سنة ١٩٣٨.
رحم الله أبو أحمد الحكيم وأيام البساطة والطيبة والشهامة في مخيمنا.
نضال حمد
٢٤-١-٢٠٢٣