الرجوب .. الابن البار لـ ” خطيئة اوسلو”..!! – عادل أبو هاشم
الذين استهجنوا الموقف المخجل والمخزي لرئيس الاتحاد الفلسطيني لكرة القدم جبريل الرجوب بسحب الطلب الفلسطيني من الاتحاد الدولي لكرة القدم ( الفيفا ) بتجميد عضوية العدو الصهيوني لم يستوعبوا التاريخ الفلسطيني في عهد محمود عباس ..!!
( ألم يسحب عباس في عام 2009 من مجلس حقوق الانسان تقرير غولدستون الذي يطالب بمحاسبة العدو الصهيوني على جرائمه في غزة ، وعطل مشروع قرار تقدمت به قطر الى مجلس الأمن عام 2008 كان يهدف لانهاء حصار غزة ..!! )
والذين شعروا بالغرابة من عدم تصويت الرجوب للامير علي بن الحسين في رئاسة الاتحاد الدولي لكرة القدم هؤلاء لم يدركوا الى الان ما جنته “خطيئة اوسلو” على الشعب الفلسطيني ..!!
عندما قال القائد الشهيد صلاح خلف ” أبو إياد ” مقولته الشهيرة ( أخشى أن تصبح الخيانة وجهة نظر ) قالها على قاعدة أنها قد تكون ضرب من المستحيل والخيال .
و لم يخطر بباله أن يتحقق ما كان يخشاه ، بل تجاوز الأمرذلك لتصبح الخيانة في زمن أوسلو آيديولوجيا وليس فقط وجهة نظر .!
آيديولوجيا يفاخر بها ليلا ونهارا وعلى مرآى ومسمع من الجميع أبناء ” خطيئة اوسلو “.!!
لقد دفعت” خطيئة أوسلو ” بالكثيرين من ابناء حركة فتح ممن لم يكن لهم تاريخ نضالي سواء من الناحية العسكرية أو السياسية إلي القفز على السطح للانقضاض على كعكة اوسلو وهي التي يمثلها في هذه الحالة أجهزة السلطة الفلسطينية ..!!
وأصبحنا نرى أشخاص – لم نسمع بأسمائهم في مسيرة الثورة – يتباهون ويفاخرون ببطولات غير موجودة لديهم ولا يعلمون هم أنفسهم شيئاً عنها..!! كل شخص ينسب إلي نفسه أعمالاً وبطولات وعمليات عسكرية لم يقم بها ولم يحلم في يوم من الأيام القيام بها ، وظهرت طبقة جديدة من المنتفعين والمتسلقين الذين احتلوا مناصب ليسوا أهلا لها ، وإعتبروا أنفسهم فوق القانون ، وفوق الضوابط والحسابات ، وحجة كل واحد فيهم أنه محرر الأوطان وقاهر الأعداء ، وأخذت تتشكل الكتل المتجانسة مصلحياً أو مناطقياً ، وحتى عائلياً وجماعياً “نسبة إلي جماعة أبو فلان وأبو علان” ، وجميعهم لا يربطهم إلا رابط مصلحي يقوم على الفوز بنصيب الأسد من كعكة اوسلو..!!
أحد الذين ظهروا بعد إتفاقية أوسلو ونال حصته من كعكة السلطة دون أن يعرف عنه تاريخ نضالي سوى سنوات من الإعتقال في السجون الإسرائيلية العقيد جبريل الرجوب قائد الأمن الوقائي في الضفة الغربية سابقا ورئيس الاتحاد الفلسطيني لكرة القدم حاليا .!
خرج الرجوب من السجون الإسرائيلية ، ليصبح أشهر سجان عرفته السلطة الفلسطينية .!
لقد فقدت البندقية في يد جبريل الرجوب بوصلتها ، وأصبحت هذه البندقية موجهة في خدمة الجانب الإسرائيلي- إن لم نقل في صدور أبناء الوطن- .!
وصفه قيادي في حركة فتح بأنه أخطر رجل في حاشية ياسر عرفات ، وبأنه قنبلة موقوتة قابلة للإنفجار في الوقت الذي يريده الإسرائيليون ، فيما ترى بعض الأوساط الفلسطينية بأنه حصل وعن جدارة على لقب ” أنطوان لحد السلطة الفلسطينية ” وبخاصة بعد تسليمه لمعتقلي حماس أبطال خلية صوريف عبد الرحمن غنيمات وإبراهيم غنيمات وجمال الهور عام 1997م للإسرائيليين في مسرحية مكشوفة دفعت الفلسطينيين للخروج إلى الشوارع وإطلاق الهتافات ضده وإتهامه بالعمالة ، حيث إعتقل الرجوب أعضاء خلية صوريف من حركة حماس التي نفذت عدة عمليات موجعة ضد العدو الإسرائيلي ووضعهم في سجن الأمن الوقائي بالخليل طالبـًا منهم بضرورة تسليم خارطة حول مكان جثة جندي إسرائيلي كانت حركة حماس قد اختطفته من أجل مبادلته بمعتقلين فلسطينيين في السجون الإسرائيلية ، وعند رفض أعضاء الخلية لطلبه قال لهم : أقول لكم وبصراحة ليس أمامي سوى تسليمكم لإسرائيل وأنتم تتفاهمون معهم..!! وبالفعل فقد قام الرجوب بتسليم أعضاء الخلية إلى الإسرائيليين .!
حكمت المحكمة الإسرائيلية على أعضاء خلية صوريف بالسجن لمدة 520 عامـًا فقط ..!!
ويرى الكثير من الفلسطينيين أن مؤامرة تسليم مجاهدي خلية صوريف مؤشر على طبيعة المؤامرة التي نفذت لاحقـًا وهي تصفية قائد كتائب عز الدين القسام محيي الدين الشريف في مارس 1998م ومن ثم تصفية الشقيقين عماد وعادل عوض الله في سبتمبر من نفس العام .!
قاد الرجوب أول محاولة تمرد ضد السلطة الفلسطينية في مارس 1996م ، وكانت بداية هذا التمرد الذي وصل إلى حدود رفض الإنصياع الرئيس الفلسطيني ياسر عرفات عندما امتنع عن الإلتزام بتعليمات القائد العسكري للضفة الغربية اللواء الحاج اسماعيل جبر ورفض حضور أي إجتماعات برئاسته واعتصم فيما يشبه العصيان المسلح في مقار قيادة الأمن الوقائي في مدينة أريحا ، ففي أحد الإجتماعات التي عقدها كبار العسكريين الفلسطينيين مع نظرائهم الإسرائيليين في مدينة رام الله إعترض اللواء الحاج إسماعيل على القرار الإسرائيلي بابعاد طلبة قطاع غزة عن الضفة الغربية وفصلهم من الجامعات هناك وإجبارهم على العودة إلى القطاع المحاصر ، فما كان من جبريل الرجوب الذي كان يحضر ذلك الإجتماع إلا أن أبدى سخرية من الأمر طالت أهالي غزة وذلك في حضور الضباط الإسرائيليين !
حينها اتخذ الرئيس عرفات قرارًا بـتنحية الرجوب من منصبه كمسؤول للأمن الوقائي ، وإختار نائبه المقدم حسين الشيخ بديلا له ، رفض الرجوب تنفيذ الأمر ، وأيده في ذلك الإسرائيليون، حيث أمر الرجوب ضباط وأفراد جهاز الأمن الوقائي بألا ينفذوا أي أوامر غير أوامره ، وأن يقوموا بإعتقال نائبه حسين الشيخ ، وأعلن الرجوب أن ما قام به لم يكن يقصد التمرد أو القيام بحركة إنقلابية وإنما كان كل هدفه إشعار الرئيس الفلسطيني بأنه مركز قوة وأنه لا غنى له عنه ، وبالفعل تراجع الرئيس عرفات عن قراراه على مضض .!
يعتبر العقيد جبريل الرجوب من أكثر الشخصيات التي تثير الجدل في أوساط السلطة ، وحينما أثيرت معركة خلافة عرفات في أوائل عام 1998م كان اسم الرجوب الأبرز بعد اسم محمود عباس ” أبو مازن ” الذي قالت معلومات إن عرفات أبلغ الإسرائيليين رسميـًا بأنه سيكون خليفته ، ولكن ذلك لم يمنع الرجوب من المضي قدمـًا في ترسيخ أقدامه وبسط نفوذه .
في تلك الفترة زار الرجوب الولايات المتحدة وعقد هناك لقاءات مطولة مع مسئولي المخابرات الأمريكية ومع الأعضاء اليهود في الكونجرس ، وقد أثير لغط كثير حول تلك الزيارة ، وإعتبرت الأوساط المناوئة للرجوب- وبخاصة داخل اللجنة المركزية لحركة فتح- الزيارة المشبوهة محاولة لقياس قدرات الرجوب وإستعداداته في حال التفكير به كأحد البدائل المطروحة لخلافة عرفات .
في إنتفاضة الأقصى المباركة التي شارك فيها جميع أبناء الشعب الفلسطيني بجانب فصائل المقاومة وأفراد الأجهزة الأمنية ، جاءت الفرصة على طبق من ذهب للرجوب ليمحو كل ما علق في تاريخه من شوائب وذلك بالوقوف إلى جانب أبناء شعبه في مقاومة المحتل ، ولكنه رفض شرف المقاومة ووقف موقف المتفرج على الجرائم الإسرائيلية بحق أبناء شعبه الذين يقتلون يوميـًا برصاص الغدر الإسرائيلي ، وكان يدعو أفراد جهازه إلى عدم مواجهة قوات العدو الإسرائيلي مهما كانت جرائم الإحتلال بإعتبار أن هذه المواجهة ستؤدي إلى تجريده من مكتسباته ، وحصر دور جهازه الأمني في جمع التقارير عن المناضلين من كتائب شهداء الأقصى والقسام وسرايا القدس ونشطاء فصائل المقاومة ، والغريب أنه ترك هذه التقارير في مقره في بيتونيا حيث إستلمتها المخابرات الإسرائلية ونشرتها على صفحة الإنترنت الخاصة بالجيش الإسرائيلي ، وهو ما دعا الحكومة الإسرائيلية إلى عدم تدمير مقار الأمن الوقائي في الضفة الغربية في الوقت الذي دمرت فيه جميع مقار الأمن الوقائي في قطاع غزة وجميع مقار الأجهزة الأمنية في الضفة والقطاع ، وهو الأمر الذي ذكرته الصحف الإسرائيلية للرجوب حيث قالت : ” إنه بينما شرع الكثير من أعضاء الأجهزة الأمنية المختلفة في المشاركة في العمليات ، كان الحال مختلفـًا عند جبريل الرجوب ، فأتباعه إنصاعوا لأوامر قادتهم ولم تحدث حادثة واحدة شارك فيها عناصر الأمن الوقائي في عمليات ، وعلى هذه الخلفية أحجم الجيش الصهيوني على مهاجمة منشآت الرجوب ” .
أدى ذلك الموقف من الرجوب ورجاله إلى حمل القادة الميدانيين لحركة فتح على توجيه إنتقادات عنيفة له ، وإتهم حسام خضر أحد قادة فتح في نابلس- على خلفية عملية إغتيال صهيونية لأربعة من قادة حماس بنابلس- ” أناسـًا في السلطة الفلسطينية بأنهم ما زالوا يصرون على لعب دور الشرطي لـ ” إسرائيل ” والسهر على أمنها والغدر بالمواطنين والشرفاء من أبناء شعبهم والإغراق في التنسيق الأمني ، والإستمرار في إعتقال المناضلين والشرفاء وملاحقتهم ” .
واتهمت ” حركة فتح ” في بيان لها الرجوب وجهازه بأن دوره ” لم يقف عند عدم المشاركة فيما يجري بل تعداه إلى لعب دور مواز ومرادف لدور الإحتلال عندما تم تحويل إخوتـنا في الجهاز إلى مجرد حراس على أمن الصهاينة وإلى مجرد مرددين إلى دعاية نفسية قاتلة حول عدم جدوى المواجهة والمقاومة ” بحسب البيان ، واصفة مقر جهاز الأمن الوقائي في بيتونيا بأنه ” وكر تتم فيه مؤامرات خطيرة حيث يتردد عليه ضباط المخابرات الصهيونية والأمريكية ” .
وجاءت عملية إستسلام مقر الأمن الوقائي في بيتونيا بأمر من الرجوب وتسليم 23 مناضلا من نشطاء المقاومة المعتقلين في مقر الأمن الوقائي في بيتونيا لقوات الإحتلال لتلقي مزيدًا من الضوء على دور العقيد الرجوب .!
حتى قضية إعتقال أحمد سعدات الأمين العام للجبهة الشعبية لتحرير فلسطين أراد منها الرجوب توريط الرئيس والسلطة الفلسطينية ..!!
فبعد إعتقال جهاز الأمن الوقائي بقيادة الرجوب للمناضل أحمد سعدات ، اتصل الرجوب بالرئيس عرفات تلفونيـًا ليخبره بإعتقال سعدات وهو يعلم تمامـًا أن جميع الهواتف مراقبة من قبل الأجهزة الأمنية الإسرائيلية ، فأمره الرئيس عرفات بإحضاره إلى المقاطعة حيث أعلن بأن سعدات ضيف على السلطة ، وقد انتهت قضية سعدات كما أراد لها الرجوب أن تنتهي بإحراج الرئيس والسلطة .!
ويبقى عزاؤنا وعزاء كل فلسطيني وعربي بأن أرض فلسطين … أرض الشهداء الذين سقطوا جيلا بعد جيل منذ بداية القرن … أرض أطفال الانتفاضة الذين واجهوا الدبابات الإسرائيلية بصدورهم العارية ، هذه الأرض التي تجسدت بالمرأة الفلسطينية التي تودع ولدها وتقبله وتطلب منه ألا يعود إلا شهيدًا وعندما تستقبل خبر إستشهاده تبدأ بالزغاريد معلنة اعتزازها وفخرها بأبنائها … هذه الأرض لن ترض أن تداس كرامة أبنائها من شرذمة قليلة من ابناء ” خطيئة اوسلو ” انبهرت بأضواء جلادها ، شرذمة تمسحت بلباس الوطنية وعاثت فسادًا بين أبناء شعبها وأصبحت خنجرًا مسمومـًا في ظهر القضية .!