السيد حسن نصر الله يعبّر في رؤيته بشأن مواجهة (إسرائيل)، عن ضعف (إسرائيل) الوجودي
كيف بدّد نصر الله نشوة (إسرائيل) بيوم النكبة؟
((( في محاولة لتسويق احتفال زعماء الدول المارقة في يوم النكبة، تسابق نتانياهو وممثلو ترامب على التعبير عن الجهل الطفولي ببديهيات التاريخ والحضارة أملاً بالإيحاء أن إسرائيل تحقق المعجزات في تفوقها على البرابرة. واللافت أن هذا القوم من محور الشرّ المعادي للإنسانية لم يشرْ إلى ما كانت تتباهى به إسرائيل في التفوق العسكري. لكن السيد حسن نصرالله يبدّد في رؤيته للمعادلات الواقعية بين الخير والشر أحلام الدول المارقة في القدرة على تزوير التاريخ، والقدرة على فرض الاستسلام بالقوة العسكرية. ولهذا التبديد أصداؤه في إسرائيل والعالم.
مثير للسخرية والإزدراء تزوير نتانياهو في حديثه عن وجود اليهود في فلسطين منذ أكثر من 2500 عام. فالمؤرخون الكبار في أوروبا والعالم يضعون على مثل هذا القول الخط الفاصل بين التاريخ والأساطير، وإذ تتعمّم مثل هذه الأساطير في إعادة كتابة التاريخ لا تبقى أميركا البيضاء وأوروبا بمعزل عن التشكيك بشرعية وجودها الحديث.
التزوير الإسرائيلي في اختراع الأساطير، يلقى هوى أمثال ترامب وجاريد كوشنير اللذان تشبّعوا بسفاسف الحضارة الإنسانية في تقديس القشور المالية. لكن هذا الإسفاف في التزوير تحاول إسرائيل تسويقه في سوق الزركشة الرخيصة، على أنه ثقافة راقية للحياة، كما يزعم أحد صقور العنصرية اليهودية، أفيغدور ليبرمان. فهو يصف المحرقة التي يتعرّض لها الشبان الفلسطينيون بأنها ثقافة الموت التي تختلف عن ثقافة الذين اجتمعوا في ساحة رابين للغناء والموسيقى.
على طريق الإطاحة بهذه الأقاويل، يوجه السيد حسن نصرالله “رسالة بسيطة جداً لكنها لاذعة جداً” كما يصفها محلل الشؤون العربية في القناة 12 الإسرائيلية، إيهود يعري؛ فالسيد نصر الله دخل بمفرده كجهة موازية على الضفة المقابلة لحفل الأشرار، في تصويب تاريخ بناء الدول وتشكّل المجتمعات والشعوب بحسب ما يتفق عليه المؤرخون وعلماء التاريخ. وفي تأكيده أيضاً على انتهاء تفوّق إسرائيل العسكري وتفوّق طيرانها، وهو الأساس في استمرار احتلال فلسطين وخضوع النظام العربي للسيطرة الإسرائيلية.
السيد نصر الله يقرأ المعادلات الواقعية بين المعسكر الذي يواجه معسكر الشرّ، في إشارته إلى لجوء ترامب وإسرائيل للكذب والتزوير دلالة على الضعف، وفي إشارته إلى التهويل دلالة على عدم جهوزية إسرائيل للحرب.
بعض المحللين في إسرائيل يؤكد الدلالات التي يقرأها السيد نصر الله في إشارته إلى تضعضع ثقة الإسرائيليين بدولة الاحتلال. ففي مقاله في صحيفة “هآرتس” الإسرائيلية يشير حيمي شاليف إلى خطورة الحلف المسيحاني الذي يسيطر على إسرائيل بما وصفه “الديماغوجيا والكذب الذي يعبّر عنه القس المعمداني الآتي مع ترامب والمسمى جيفرس”.
أمام احتفالية تزوير تاريخ فلسطين في يوم النكبة، وأمام الكذب الإسرائيلي والأميركي في الاحتفاء باحتلال إسرائيل، تستفز الاحتفالية معظم كبريات الإعلام الأوروبي والأميركي. وتستفز كذلك معظم الدول الأوروبية التي أصدرت بيانات الإدانة والتحذير. ولم تثلج هذه الاحتفالية سوى صدور السعودية والإمارات والبحرين.
صحيفة “الغارديان” البريطانية دعت إلى وقف قتل المدنيين. وفيما سمته “لوموند” الفرنسية “مجزرة يوم السفارة” دعت إلى وقف حمام الدم في غزة والأراضي المحتلة. وفي هذا السياق أوضحت “نيويورك تايمز” الأميركية فشل ترامب في القدس. ونفت وزارة الخارجية الفيتنامية مزاعم إسرائيل في حضور الاحتفال مع 32 دولة، ونددت بالادعاءات الكاذبة.
إسرائيل التي يزعم ترامب ونتانياهو بأنها تتفوّق أخلاقياً على ما يصفانه بـ “البرابرة”، تتعرّض أكثر فأكثر لانحطاط داخلي، تشير إليه “يديعوت أحرونوت” في ملحقها الاقتصادي بشأن تزايد هروب الأدمغة الصناعية من 16% عام 2005 إلى 28% عام 2018. بموازة هذا الانحطاط تتزايد نقمة عالمية لمقاطعة إسرائيل، كما يدعو عمدة دبلن، مايك دونشا، للتضامن مع المحنة الفلسطينية وفق تجربة التضامن مع جنوبي أفريقيا ضد التمييز العنصري.
السيد حسن نصر الله يعبّر في رؤيته بشأن مواجهة إسرائيل، عن ضعفها الوجودي.فهو يدعو إلى عدم التوقيع مع إسرائيل وإلى رفض الشعوب الخضوع والاستسلام وإلى تكاتف أحرار العالم ضد الظلم وقتل المدنيين. ففي يوم النكبة تكشف إسرائيل في قتل الشبان والأطفال الفلسطينيين، عن وجه الاحتلال في دولة مارقة، لكنها تكشف أنها تفقد قدرتها على استمرار احتلالها في الحرب التي يواجهها حزب الله ومحور المقاومة.))).
الميادين نت