المجد والخلود لعز (الشعر والموقف) لعز الدين المناصرة
الشهيد في شعر عزالدين المناصرة
بقلم الشاعر عز الدين المناصرة
* (كبری روشنفكر، خليل پرويني، علي گنجيان، أمير فرهنگنيا) – (إيران)
الملخص
إن الشهادة اصطفاء واختيار وتكريم من الله تعالی للمخلصين من عباده، ويعتبر (الشهيد والشهادة) من أعظم أركان شعر المقاومة، ومن أوسع الأبواب الشعرية التي يدور الشعراء في رحابها. فالشاعر المقاوم عليه أن يصنع مصيره بيده ويكون داعيا إلى التحرر والاستقلال وملتزما بقضايا مجتمعه. الشاعر الفلسطيني المعاصر (عزالدين المناصرة) من الشعراء المقاومين والمهتمين بالشهيد والشهادة؛ بحيث كان شديد الإيمان بحرية الاختيار ومسؤولاً أمام مجتمعه الذي ينتمي إليه، مسايراً شعبه وأبناء قومه، ومقاوماً للظلم والطغيان، مناصرا ضد الظالم، رافضا المصالحة مع الواقع الاجتماعي الذي يعيشه شعبه، متغنيا بأمجاد شعبه وبسالته وبطولاته وتضحياته، وما تقدم به الشهداء من إقدام وإحجام وما تسببوا في التأثير علی الآخرين. يهدف هذا البحث ضمن (المنهج الوصفي – التحليلي) إلی دراسة دور الشهيد في شعر المناصرة وقصائده التي تحكي قصة المجاهدين والشهداء وذلك في إطار النقد، كما يهدف إلی إلقاء نظرة عابرة علی حياة الشاعر وشخصيته وثقافته، ثم التعرف علی أدبه المقاوم، ودراسة موضوع الشهيد في جميع مجموعاته الشعرية؛ ومن النتائج التي توصل إليها المقال، تأثر الشاعر بالمنهج الإسلامي، حيث وظف الشخصيات الإسلامية والقرآنية في شعره، دلالة علی الدور الرسالي الذي يقوم به الشهيد في حياته وضمن مماته.
الكلمات الرئيسة: الشهيد، المقاومة، فلسطين، عزالدين المناصرة.
1. المقدمة
لا شك أن أدب المقاومة أو الأدب المقاوم بنوعيه الشعر والنثر يعد نوعا من التصدي لكل أنواع الاستعمار والاستبداد؛ كما لا يخفی أن شعراء المقاومة يعبرون عن مشاعرهم الدفينة الصادقة من حب وغضب وحرمان بأجمل وأدق الصور؛ والشاعر المقاوم يجمع بين مصيره ومصير أمته ويتحمل التشرد والغربة والحرمان، إلی أن يجابه أعداء شعبه ولينفض عن أمته غبار التخلف والعذاب والتوتر؛ انطلاقا من هذا، فإن الشهيد والشهادة من أبرز وأهم وأوسع المجالات التي تناولها شعراء المقاومة؛ ذلك لأن الشهادة مقرونة بالجهاد، ومعلقة به كالرأس من الجسد؛ بحيث لا يذهب دم الشهيد الذي سال في المعركة أو الحرب هدرا، بل كان له خير جزاء عند الله سبحانه وتعالی، لأنه في سبيل إعلاء كلمة التوحيد والعبودية لله، ثم الفوز برفيع الدرجات ورضوانه عز وجل، إن المنزلة العظيمة التي أعد الله للشهداء، وبينها ورغب فيها النبي صلی الله عليه وآله، كان حافزا ودافعا قويا للشعراء المسلمين الذين وجدوا في هذه المنزلة سلاحا قويا يجاهدون به الأعداء والمحتلين، وأنشدوا الشعر في حب البطولة والفداء والتضحية والإقدام؛ فالشاعر المقاوم يريد الحرية والاستقلال لشعبه ويرفض الاحتلال ويعتز بوطنه ويحن إليه ويعبر عن رفضه للواقع المرير الذي يعانيه الشعب داعيا إلى النضال من أجل العدل والاستقرار. من هذا المنطلق يعتبر الشاعر الفلسطيني المعاصر عزالدين المناصرة، من أولئك المقاومين الذين يعرف بأعمال البسالة والإقدام؛ ومجدت قصائده بطولات الشهداء وخلّدت مواقفهم الرائعة، وهو من الذين تمثلت معالم المقاومة في شعرهم؛ ويحاول هذا البحث بيان ملامح الشهيد والشهادة في شعره مستعينا بالمنهج الوصفي – التحليلي.
1.1 خلفية البحث
من أبرز الدراسات التي تناولت موضوع الشهيد والشهادة في الشعر العربي، هي:
1. مقالة مطروحة في المؤتمر العلمي الثاني للغة العربية وآدابها، تحت عنوان «إسلامية الدراسات اللغوية والأدبية وتطبيقاتها»، سنة 2009، في ماليزيا؛ وعنوان المقالة: الشهيد والشهادة في الشعر الإسلامي لكبری روشن فكر، حيث تعرضت الكاتبة لقضية الشهيد لغة وأشارت إلی إحصائية تفيد بتكرار مادة شهد حوالي 160 مرة في القرآن الكريم، وذكرت بأن الشهيد من أسماء الله تعالی وله دلالة تختلف عما اصطلح عليه في المجتمع الإسلامي بعد وقوع الحروب؛ كما قامت بدراسة الشهيد والشهادة ضمن نماذج شعرية في العصر الذي شهد الحضور النبوي؛ وتطرقت إلی موضوع الشهيد والشهادة في الآيات والروايات الإسلامية، ومن ثم في الشعر الإسلامي، وبالتالي تناولت الخصائص الفنية لهذا النوع من الشعر
2. الشهادة والشهيد في الشعر العربي المعاصر، لأمير مقدم متقي، مجلة آفاق الحضارة الإسلامية، السنة الرابعة عشرة، حيث تعرض المؤلف لقضية الشهادة والشهيد في الأدب العربي، نظراً لأهميتها، وبدأ بالحديث عن الحسان بن ثابت، الشاعر الإسلامي الذي رثي سيد الشهداء حمزة، عم النبي الذي استشهد في معركة أحد، ثم قام بالحديث عن أبي تمام، وصوره الشعرية الملحمية الرائعة، تعظيما وتكريما لشهداء الحروب، ومن الشعراء الأندلسيين ذكر ابن الجياب وتناول الحديث عن لوحاته الشعرية المليئة بتعظيم الأبطال والشهداء الأندلسيين، ثم قام بتعريف الشهادة والشهيد لغة واصطلاحا، وتطرق لموضوع الشهيد عند المعاصرين، كإبراهيم طوقان، وأبي شادي والشاعر القروي؛ وهناك مقالة بعنوان «شهيد وجانباز در شعر إبراهيم طوقان، شاعر المقاومة الفلسطينية» لحسين كياني وسيد فضل الله ميرقادري؛ نشر في مجلة أدب المقاومة، حيث اعتبر المؤلفان طوقان من الشعراء الفلسطينيين المقاومين، وتطرقا لخصائص الشهيد والمعوّق «جانباز» في شعره، كالهدوء النفسي والمعنوية، والابتعاد عن الضغوط بشتى أنواعها، والامتلاك لعاطفة صادقة، والاتباع من منهجية حسين بن علي (ع)، وعدم الخوف إلا منه عز وجل.
كما يمكننا الإشارة إلى كتاب الشهادة والشهيد في الشعر العربي في صدر الإسلام والعصر الأموي لعبدالرحمن مرضي، حيث تناول المؤلف في مقدمة الكتاب الشهادة والشهيد في اللغة وفي الاصطلاح، والقرآن الكريم والحديث النبوي الشريف؛ وفي الفصل الأول تطرق إلی الشهيد والشهادة في شعر صدر الإسلام والعصر الأموي، وبواعث الشهادة كرسوخ العقيدة الإسلامية، تحريض قادة جيوش المسلمين، الجهاد في سبيل الله والفوز بالجنة؛ ثم تناول صفات الشهيد كالشجاعة والصبر والإقدام والكرم؛ وفي الفصل الثالث قام بدراسة فنية كبناء القصائد والمقطعات والمعجم الشعري الإسلامي والاقتباس من القرآن الكريم والحديث النبوي الشريف والصورة الشعرية والإيقاع.
جدير بالذكر أن أبرز الدراسات التي تطرقت لتجربة عزالدين المناصرة الشعرية: التناص المعرفي في شعر عزالدين المناصرة، لليديا وعدالله، وبنية القصيدة في شعر عزالدين المناصرة، لفيصل صالح القصيري، والتناص المعرفي في شعر عزالدين المناصرة لصادق عيسي الخضور؛ ومن أبرز المقالات في هذا المجال: «أساطير المقاومة في شعر المناصرة، لفرامرز ميزائي، فالمناصرة (علی رأي الباحث) يهدف إلی الالتفات إلی الروح الوطنية والبحث عن جذور الوطن الفلسطيني، وذلك عبر توظيف الأساطير العربية كامرئ القيس وكنعان والأساطير اليونيانية القديمة كأدونيس وحورس ليرسم أصالة العرب ويقول أن العرب يغترفون من المقاومة والأمل في الأساطير الإغريقية، وتجليات المكان في شعر عزالدين المناصرة، للباحثة رقية رستم بور، وقناع امرئ القيس في شعر المناصرة للكاتبة نفسها؛ بناء على هذا، تعد هذه أول دراسة من نوعها تتناول قضية الشهيد والشهادة في شعر المناصرة؛ حيث يقوم المقال بالإجابة عن هذين السؤالين والأعمال الكاملة للمناصرة بجزئيها الأول والثاني، هي محل دراسة الباحث لموضوع الشهيد:
1. ما هو موقف عزالدين المناصرة من الشهيد والشهادة في دواوينه الشعرية؟
2. ما هي خصائص الشهداء وروافدهم الفكرية في مجموعات عزالدين المناصرة الشعرية؟
2. تعاريف
ننتقل الآن إلی الشهيد في الشعر العربي والتعرف علی المناصرة ودواوينه وثقافته الشعرية.
1.2 الشهيد في الشعر العربي
من الألفاظ التي وردت بمعناها الجديد في أشعار شعراء الإسلام، الشهادة والشهيد، فكما تبين سابقا فإن العرب قبل الإسلام ما عرفوا الشهيد إلا بمعناه اللغوي الذي يدور حول الحضور أو العلم أو الشهادة، أما في الإسلام فإن الشهادة أصبحت هم المجاهد المسلم غايته في حياته الدنيا (مرضي، 2005:265). إن من أهم الدوافع التي حثت الشعراء الإسلاميين في أن ينشدوا أشعارا حول الشهداء والإشادة ببطولاتهم وتضحياتهم، هو الدفاع عن العقيدة الإسلامية التي هي ضمانة لوصوله إلی رضوان الله عز وجل؛ فنعتبر أهم بواعث الشهادة في العصر الإسلامي فيما يلي:
«الأول العقيدة الإسلامية التي رسخت فيهم حب الشهادة،
الثاني فكان الأثر القيادي المهم الذي تبناه قادة جيوش المسلمين في تحريض جنودهم علی الفوز بالشهادة،
الجهاد في سبيل الله تعالی ثالث هذه البواعث وذلك لحب مجاهدي هذا العصر للجهاد، لأنهم وجدوا فيه طريقا سريعا يقودهم إلی الجنة» (المصدر نفسه: 352).
إن الشهيد والشهادة لهما جذور إسلامية ظهرت مع ظهور الدين الإلهي وتزامنت مع موضوعات غير مسبوقة عليها كالجهاد والكفاح والدفاع عن العقيدة والفوز برضوان الله. كما نلاحظ في العصر الإسلامي، حسان بن ثابت، شاعر النبي في قصيدة دالية أولها أنا الفارس الحامي الذمار يقول:
ومنا قتيل ِّ الشعب أَوس بن ثابتٍ
شهيدا وأسني الذكر ِّمني المشاهدُ
ومن جده الأدني أبي وابن أمه
لام أبي ذاك الشهيد المجاهد
(حسان بن ثابت، 1994:76)
تتجلی ملامح البطولة والجهاد في هذا المقطع الشعري، والتي أخذها حسان من الدين الإلهي؛ وهي مضامين تجري في خدمة الدعوة الإسلامية، وأصبح فخرا على الشعراء الإسلاميين أن يلتزموا بهذه المبادئ الخالصة النابعة من شريعة الله وأن يدافعوا عن المجاهدين والصابرين وأن يجابهوا أعداءهم؛ إذن وكما لاحظنا في شعر حسان، يقول الشاعر في رثاء هذا الشهيد: إنه كان مجاهد كما وصفه بأنه هو قتيل الشِّعب، وهو الذي فضل القرح والشدائد لكي يصل برضوان الله تعالی، كما قال عز وجل: «فرحين بما آتاهم الله عليهم ولا من فضله ويستبشرون بالذين لم يلحقوا بهم مِن خلفهم ألا خوف عليهم ولا هم يحزنون / يستبشرون بنعمة من الله وفضل وأن الله لا يضيع أجرا المؤمنين) (آل عمران 170 -171)؛ كأن الشاعر يستشهد بهاتين الآيتين عندما يؤكد علی أنه قتيل الشعب، ولكنه فاز بنعمة وفضل من الله ورضوانه، وهكذا كثر الاقتباس من آيات القرآن الكريم عند شعراء صدر الإسلام في مجابهة الأعداء والكفار والخصوم وتحريض المجاهدين علی التضحية والفداء والبطولة.
أما في العصر الأموي نری (أبا الصخر الهذلي) يرثي ابنه الشهيد قائلا:
سألت مليكي إذ بلاني بفقده وفاة بأيدي الروم بين المقانب
(السكري، د.ت: ج 2،923)
كما لاحظنا، يسأل الشاعر المولی عز أن يشرح صدره ويلهمه الصبر والسلوان علی فقد ابنه الشهيد؛ واستخدم أبو صخر أسلوب الدعاء، وهو كان أسلوبا شائعا عند شعراء صدر الإسلام امتثله الشعراء الأمويون وقلّدوها.
لم يكن الشعراء العباسيون بعيدين عن قضية الشهيد والشهادة؛ كما نلاحظ دعبل الخزاعي وهو يعتز بالإمام الشهيد حسين بن علي (ع) وتضحياته، حيث يقول:
أفاطم لو خلت الحسين مجدلاً
وقد مات عطشانا بشط فراتِ
إذا للطمت الخد فاطمُ عنده
وأجزيت دمع العين في الوجنات
أفاطم قومي يا ابنة الخير واندبي
نجوم سماوات بأرض فلاة
قبور بكوفان، وأخري بطيبة
وأخرى بفخ نالها صلواتي
(الخزاعي، (135:1972
رأينا كيف يقول الشاعر لحبيبته: إنها إذا حقيقة مأساة الحسين وهو ساقط علی الأرض وقتل ظمآن قرب فرات، فهذا المشهد الجنائزي المأساوي الكارثي يجعلها تلطم خد وتجري الدمع وتصبها وتتأوه علی الإمام وابن الإمام، قتيل العبرات، حفيد النبي الذي استشهد راضيا بقضاء الله ومرضيا؛ إذن يرثي الشاعر حسين بن علي (ع) وذلك بعاطفة صادقة ومشاعر حزينة تدفع المتلقي علی هذه الكارثة العظيمة التي لم يسبق مثلها في التاريخ.
وفي الشعر المعاصر علی سبيل المثال تناول (عمر أبو ريشة) في أشعاره موضوع الشهيد والشهادة، له قصيدة بعنوان «شهيد» قالها في الحفلة التذكارية في حماة ودمشق (1937م) للشهيد البطل «سعيد العاص» الذي استشهد في بيت لحم في فلسطين، إنه يقول:
نام غيب الزمان الماحي
جبل المجد والندي والسماح
أسكرته أجيال نعمته البكر
بفيض الأعراس والأفراح
حين أنفاسه تموج علی الكون
بعبق النبوة الفواح
فتهاوت تلك النسور وأزرت
بالمنايا، علی اللظى المجتاح
يا دماء ِ النسور تجري سخاء
بغرامة البطولة الفضاح
يا شهيد الجهاد يا صرخة الهول
إذا الخيل حمحمت في الساح
جبل النار لن تنام كما نمت
جريح العلى كسيح الطماح
لك حب في قاسيون وصنّينَ
وسيناء ماله من براح
(أبو ريشة، 2005: ج1، 406-414)
وسعيد العاص هذا فارس عربي سوري، عرفته البيداء، حفظت ذكرياته ولوحته الشمس بسمرة عربية أصيلة وكم شهدته ساحات دمشق وهو يختال بسلاحه أو يمتطي صهوة جواده، يستحثه على الإقدام، مسرعا إلى ميادين ِ القتال، واثقاً بالنصر مستحقاً أكاليل الغار تزين جبينه، وما عاد مرة من معركة إلا وجد الصبايا بانتظار عودته مبتهجات له، مزغردات لانتصاره لأنه كتلة نخوة ومروءة، ما تستنجد به مكروب يوم معركة إلا ولبى دعوته بقلب عامر بالإيمان» (دندي، 1988، 21)
إن عمر قد أراد أن يوفي الشهداء حقهم في أبو ريشة التخليد. إن الشهداء ْوإن لفظوا أنفاسهم ولكن عمر يريد أن يأخذ ثأرهم. فإنه وصف “سعيدا العاص” وإنه فتى بالنسر المجد والمناداة للعرب، ووصف فضله وشأنه في سبيل العزة والقومية والاستقلال والتحرير. بل هناك في هذه المراثي صرخة الثأر، لأن لا ينجلي غبار بطولات هؤلاء الشعراء وما كان لها من آيات التضحية والفداء والخلود. فكانت هذه المراثي خير وقود للعزمات والمشاعر والقرائح النازعة نحو التحرر. لأن روح المقاومة قد جرت في نفوس العرب بواسطة دماء هؤلاء الشهداء، وأخذت تبعث الرعب بين المستعمرين.
إذن وبعد ما تعرضنا لقضية الشهيد في الشعر العربي وإن كان بصورة عابرة وبسيطة، يمكننا تلخيص أهم ظاهرة تتجلي فيما يخص بأشعار الشهداء في الأدب العربي وبمختلف عصوره هو الدعوة إلی استمرارية الحياة بعد الموت للشهيد، باعتبار أن موت الشهيدِ عنى انتهاء مرحلة وبداية مرحلة أخری؛ فموت الشهيد ليس بمعني نهاية الحياة أو إيقافه، بل هو الدفع إلی الأمام، وهو الفوز برضوان الله؛ وأنه هو نفسه ثمن ما يدفعه الشهيد من فداء النفس والتضحية في سبيل الوطن والحرية والحياة.
3. التعريف بالشاعر وثقافته الشعرية
عزالدين المناصرة من مواليد (11/4/1946)، بمحافظة الخليل الفلسطينية؛ حصل على شهادة «الليسانس» في «اللغة العربية، والعلوم الإسلامية»، عام 1968،ودبلوم الدراسات العليا، في النقد والبلاغة، والأدب المقارن، عام 1969، في كلية دار العلوم، بجامعة القاهرة؛ ثم أكمل دراساته العليا لاحقا، وحصل على شهادة التخصص في الأدب البلغاري الحديث، وحصل على «درجة الدكتوراه» في النقد الحديث والأدب المقارن في جامعة صوفيا، 1981، وكانت أطروحته، تحت عنوان: «شعرية المقاومة في الشعر العالمي الحديث»: (إبراهيم طوقان – نيكولا فابتساروف – ناظم حكمت – مايا كوفسكي) – باللغة البلغارية، محفوظة في مكتبة كيريل وميتودي، بصوفيا؛ كذلك حصل لاحقا على رتبة الأستاذية (بروفيسور) في جامعة فيلادلفيا، بعمّان 2005. عزالدين المناصرة شاعر إشكالي لا تتأتی إشكاليته من تكوينه الأدبي والمعرفي لكونه شاعرا وناقدا وأكاديميا حسب، بل من طبيعة شعره وكيفيته الفنية، لكنه حين تنجح القراءة بصبرها الضروري في الانتماء إلی فضاء هذا الشعر وتقاليده ورؤاه والانشغال الحميمي بخصوصيته الإشكالية، ستكشف بسهولة ورحابة خطابه وفرادته وسيبادر بمتعة لذائذه قبل أن يبادره باحتمالاتها وتأويلاتها (محمد صابر عبيد، 2006:6)؛ إذن يمكننا أن نعتبر شعره سهلا ممتنعا، تراه سهلا مع مفردات بسيطة، ولكنها في الوقت نفسه تحتاج إلی إمعان النظر لفهم محتواها؛ ينشد المناصرة الشعر وكأنه راوي الحدث وبطله؛ يروي أحداث المشهد كأنه جرب مأساة الوطن والمواطنين بنفسه ورأی بأم عينيه وأحس الفقر والجوع والحرمان وانتهاكات حقوق شعبه بحاسته وشامّته، فصور المأساة بعاطفة صادقة نابعة عن حب مسقط الرأس والوطن.
لعل أهم ما يميز الشاعر عزالدين المناصرة عن نظرائه الشعراء الفلسطينيين، هو أنه عني عناية فائقة بالتواصل مع التراث العربي والفلسطيني بأنواعه المختلفة، منذ منتصف الستينات (1964 تقريباً)، فقد ارتبط الشاعر مذ قصائده الأولی في ديوانه «يا عنب الخليل»، 1968، عني بتاريخ أمته وتراثها وارتبط به ارتباطا وجدانيا وفكريا وثقافيا، واندغم بالتراث الشعبي الفلسطيني، انطلاقا من قناعاته الفكرية وتوجهاته السياسية، وإيماناً منه بأن الاندغام بالتراث الأدبي، هو الطريق المؤدي للادغام والتوحد مع الأرض والوطن (رزوقة، 2008: 301) 2008:301)
4. الشهيد في شعر المناصرة
نتناول في هذا القسم من المقالة أهم المضامين المرتبطة بالشهيد في مجموعات عزالدين المناصرة الشعرية، حيث نبدأ الحديث عن الشهيد والوطن أو موقف الشهيد من الوطن عند الشاعر؛ ثم نتعرض لموضوع الشهيد والتراث بأنواعه المختلفة كآليات لإبراز أهم ما ينويه الشاعر المقاوم بما فيها الديني «القرآني» والأسطوري.
1.4 الشهيد والوطن
لا يختلف إثنان علی وجه الأرض يشكان في قدسية «الاستشهاد» في سبيل قضية واقعية. إنه اختيار يتخطى بمعانيه الوجود الحسي ليسمو في (أعلى درجات النبل والإيثار)، أصحابه أناس فضلوا الشهادة على العيش في ذل وخنوع، واختاروا التضحية سبيلا لنحيا ونعيش في شرف وعز وكرامة، هم أناس آمنوا بقضيتهم فازدادوا حبا للفداء بالنفس في سبيلها. لم تمنعهم صورة «الموت» عن النضال حتى الرمق الأخير، فجهادهم جزء من ثقافة «حياة» أبدية؛ نظرا لأن المناصرة من كبار شعراء المقاومة الفلسطينية، فتابع أخبار الوطن ومعاناة المواطنين، وتعرف علی الأبطال والفدائيين الباسلين، بل هو واحدٌ منهم. وتناول قضية الشهيد والشهداء، وتعرض في مجموعاته الشعرية لبطولاتهم وتضحياتهم، ورسم أروع الصور وأجملها فيما بذلوه من جهدهم سعيا إلی الوصول إلی أغراضهم، هذا المقطع من أجمل ما رسمه علی لسان واحد من الشهداء الفلسطينيين:
في زمان الندی والسماح/ كنت أكثرهم في السماح / ولما وقعت حصانا جريحا وحيدا شهيدا فريدا / علی صخرة في الظلام/ فجأة… طوقتني سكاكينهم… والسهام / وصرت يتيما علی طاولات اللئام / هل أميط اللثام / عن أكاذيبهم، / هل أميط اللِّثام؟!!
(المناصرة، 2005: ج1، 80)
يرسم الشاعر في هذا المقطع مجال الحلم الذي يستدرج الواقع إلی دراميته بين «الندی» و«السماح» و«الظلام» و«السكاكين» و«السهام» » و«طاولات اللئام» و«الأكاذيب»؛ ويشكل المجال الحلمي «بؤرة» فنية تنفتح فيها حواس اللحظة علی ما تفترضه المخيلة، هادفا من ميلها نحو الغياب إنجاز مسافة تتناثر فيها الأنا الشاعرة المكتسية بـ«أنا» القارئ؛ فكما نلاحظ في هذا المقطع، استخدم الشاعر تكنيك القناع ليسرد مشهدا مأساويا وفي النهاية تختزل ذاك الشهيد الشاعر الذي يكثف دلالاته بضمير المتكلم للوحدة ويصور نفسه بطلا في ذلك المشهد، كما هو ٍراو لتلك الأحداث؛ فالقناع يستخدم لاعتباره مدا لجسور التواصل مع المتلقي، ولا تصل رسالة الشاعر عن طريق المباشرة كما عهده المتلقي، بل من خلال وسيط هو شخصية القناع التي تمثل الموضوع في التجربة القناعية.
تزهو معاني الحماسة والفخر فوق الألفاظ وتلمع في سطور هذه الأنشودة الجهادية، وتزدهر فيها الجرأة والإقدام، ويندفع في معظم مضامينها حب الاستشهاد؛ يصور المناصرة في هذا المقطع نفسه، حيث كان أجود وأسمح وأكثر قومه عطاء وهبة، حينما ساد زمن الجود والعطاء؛ ولكن الزمن تغير؛ وانقلب الدهر علی ظهره، ومع مرور الزمن أصبح شاعرا كحصان جريح وشهيد وفريد واقع علی صخرة في ظلام الوحدة والابتعاد عن الآخرين، أو البعد عن مواطنيه، أو الافتراق عمن يفهمه، أو يسايره، أو يشاطره في الأتراح أو ما عاناه، ما كان هناك من يمرضه ويعالجه ويزيل عنه آلام الجروح والقروح والإصابات؛ بغتة أحاطت الشاعر سكاكين الظلم والبخل والحرمان ونكران الجميل، وسهام العقوبة والجزاء، وصار الشاعر يتيم الأب والأم والصديق الحنون علی طاولات اللئام الجبارين الظالمين؛ هنا يتساءل المناصرة نفسه، حيث يقول: هل أفشي سرهم وأخبر الآخرين بأقاويلهم الكاذبة ودفائنهم وخفايا وجدانهم وأنهم يظهرون ما لا يبطنون؟؛ ثم يكرر التساؤل لكي يؤكد علی ما يبطنه وما يخفيه.
كما يخاطب الشاعر مقبرة الشهداء ويقول في هذا المقطع:
قولوا لمقبرة الشهداء… ألا يكفيك!! /غنَّينا أغنية حارقة، لم يألفها محمود / -الآن نقول لمقبرة الشهداء المختفية في أحراش الدار / يا مقبرة الشهداء المغمورين الجبارين، أغيثيني / أ… و… لا، تكفيك أكاليل الغار!!!/ أ… و… لا، تكفيك مئات قرابيني!!! (المصدر نفسه: ج1، 431)
ليست ظاهرة التكرار غريبة علی الشعر العربي قديمه وجديده؛ حيث نجدها تمثل في كل نص شعري، «تسهم طبيعة الشعر العربي في إحداث التكرار علی نحو ملحوظ؛ فبنيان الشعر نفسه قائم علی نمطية منه، وليست بحور الشعر، والتفاعيل المكونة لها، ثم حرف الروي الذي يجب التزامه إلا تكرارا واجب الالتزام، بل إن الخروج علی نسقها المتكرر يخرج القصيدة من باب الشعر الذي جرت عليه أساليب العرب، إن المهاد الذي بني عليه وزن البيت وموسيقاه، وهو الإيقاع متكرر وجوبا» (عاشور، 2004:32).
لاحظنا في هذا المقطع (تكرار الحروف والفعل) كما يلي: «أ… و… لا، تكفيك» وبعده بت «أ… و… لا، لا تكفيك»، إن الباعث النفسي هو من أهم العوامل التي تسببت في تكرار هذه العبارة المتشكلة من الحروف والفعل المكرر، كما يخاطب الشاعر مقبرة الشهداء، ويقوم بإعادة الأثر الواقع علی القلب واستقراره في النفس، وذلك بواسطة التكرار الذي يجعل معنی السياق يقوم في كثير من الأحيان عليها، وبهذا التصور يعد عنصرا مركزيا في بناء النص الشعري ولتوسيع دلالته داخل السياق؛ كما أن نوعية الاستفهام في هذا السياق هي استفهام إنكاري، يزيد في الإخبار عنه بأن أكاليل الغار ومئات القرابين لن تكفي مقبرة الشهداء، أو لن تعادل ما بذلوه من قصاری جهد حتی ضحوا بأرواحهم ولقوا حتفهم؛ فاللافت للنظر هو أن تكرار حرف الاستفهام وما تلاه من فعل “يكفيك” يأتي بتفاصيل رؤية الشاعر ويؤكد علی فكرة يريد إيصالها إلی القارئ وهو الدفاع عن حرمة الشهداء وحقوقهم.
من زاوية أخری تكرار «مقبرة الشهداء» وهو عبارة عنوان القصيدة، يدل علی وحدة الإحساس والانفعال العاطفي، وأن الفكرة الكلية الرئيسة لهذه القصيدة هو الحديث عن مقبرة الشعراء وذلك بأساليب متنوعة بما فيها الأمر: «قولوا لمقبرة الشهداء»، والخبر «نقول لمقبرة الشهداء»، والنداء «يا مقبرة الشهداء»؛ بحيث يومئ إلی تعلق الشاعر بها، ويهدف الشاعر من خلالها إلی الإسهام في تحقيق التواصل بين الأجيال، كي يقرأ القارئ والمواطن والشباب الصفحات المجيدة لرواد عظام تقدموا في الطريق ببسالة وفدائية واقتدار،كما تلازم أداؤهم مع النداء «الدعوة إلی الجهاد»، وجادوا بأرواحهم الطاهرة تلبية لنداء الواجب الوطني والقومي المقدس.
كما يحكي (المناصرة) قصة أسر الضحايا والشهداء في القتال ويقول غنينا أنشودة ترسم حرقة أكبادنا؛ أغنية لم يعهدها أي شخص، فنخاطب (مقبرة الشهداء المجهولين) في زوايا الدار، هم الشهداء الذين لم يعرف حتى الآن نسبهم وجذورهم الأسرية؛ الذين استشهدوا ولم تعرف مكانتهم؛ يطرح المناصرة السؤال؛ كأنه تقدم بمئات القرابين تكريما لمقبرة الشهداء، ويسأل ألا تكفيك؟ من الممكن أنه يطرح السؤال علی سبيل الاستفهام الإنكاري، بمعنی أنه لا تكافأ مجهودات الشهداء بالأكاليل والقرابين وما شابهها؛ بل إن ما بذلوه في سبيل تحرير الوطن، من مال ونفس وروح، لا يعادله أفضل ما يكون في الأرض.
يستمر (المناصرة) في رسمه صورة الشهيد والشهادة بأروع الكلمات والجمل، حيث يقول:
(يقع البحر الميت بين برية كنعان، وجبال قلبي التي تصل الأرض بالسماء،/ ِ منكسر الروح / مسجي/ كشهيد قديم، جرحه أخضر، حين تدفقت الينابيع، هاربة باتجاه الجبال، / ثم عادت، يوم جنازته ِ للقاع، بهدوء الحوريات، حتى لا تنزعج الجنيات، بثيابهن المزركشة (المناصرة، 2005: ج1، 330)
يذكر المناصرة (أمكنة كثيرة في شعره)، كما رأينا إن تلازم مفردات كالبحر الميت وكنعان وجبال قلبي يشير إلی منتهي علاقته بوطنه وحبه له؛ يقول الشاعر عن شعرية الأمكنة: “الأمكنة جزء من عذاباتي الشخصية، فأنا لست من زوار الأمكنة، بل أجبرت علی التفاعل معها سلبا وإيجابا، كما يقول عن السبب الرئيس في هيمنة شعرية المكان علی شعره، أنني بدأت من ظاهرة «عذابات الفقد والمنع القسري»، ولو كان مسموحا لي أن أعيش في «مريام الشمالية»، لما كتبت عنها أية قصيدة، لأن الحياة أجمل من قصيدة؛ لقد فجرت ذاكرة المكان، عندما حرموني منه، وعندما تنقلت بين أمكنة العالم، عشت فيها، وتفاعلت معها مجبرا، لأنني لم أكن من زوار هذه الأمكنة» (شعرية الجذور، 2006: 190).
تسببت قضية فلسطين الرازحة تحت نير الاحتلال ومن ثم عدم السماح بالشاعر لحضوره مرة أخری في مسقط رأسه في نشوء الاغتراب كقلق إنساني بسبب ما يعيشه من ظروف متطورة يمر بها شعبه، نتيجة للحروب والصراعات الطويلة في سبيل تحريره؛ كما قد اعترت الظاهرة «الاغتراب» هذه الآخرين من المفكرين وأدباء القرن العشرين الذين باتوا يعانون من اليأس والقلق.
لكنعان دلالة علی أرض الفلسطيني، فالحديث دائر حول الوطن؛ وحبال قلبه تربط الوطن بالسماء، فلا فصل ولا نسيان للوطن، تعبر الكلمات عن العاطفة الصادقة والشعور الروحي إزاء الوطن؛ قد يشير الشاعر إلی نفسه ويقول إنه منكسر الروح؛ أي جريحة الروح إثر رؤيته ومساسه بمعاناة الشعب؛ هنا يرسم الشاعر شهيدا عليه الزمن، جرحه أخضر، فيه دلالة إلی أن الشهداء لا يؤثر في أبدانهم الدودة والتلاشي والفساد، بل هم الطاهرة أجسادهم إلی يوم يبعثون؛ عندما تفجرت الينابيع، وجاشت نحو الجبال، وعادت يوم تشييع جنازة الشهيد؛ وتتسم عودته بهدوء الحوريات، بثياب مزخرفة؛ «تدل اجتماع اللون الأخضر، والهدوء والزينة الموجودة في الثياب، بأن الشهيد ويوم جنازته تشمل أجواء إيجابية؛ قد غلب اقتران اللون الأخضر بالطبيعة الخضراء، وإن أهمية هذا اللون تبرز من خلال ارتباطه غالبا بالأمل والتفاؤل والعطاء والجمال والبهجة؛ وهو اللون الوحيد الذي إذا ما طغي علی الألوان الأخری فإن الإنسان لا يحس بأي ضيق أو ملل. فاللون الأخضر يفضي إلی دلات متعددة، فيعني الأمل والاستبشار والجمال، ويعني الحياة والخصب، والبعث والنهضة والتجدد، كما يدل علی الزمن، وارتبط كثيرا في الدلالة علی الشهادة والشهداء، وجاءت ألفاظ الخضرة والفرح سهلة بسيطة، وذلك لأنها تعبر عن ابتهاج النفس” (الزواهرة، 2008: 42)
يعتبر المناصرة الشهيد ذا صوت وروح واهتزاز، حيثما قال:،
ذات يوم يجيئك صوتي، وتهتز روحي، كما الماء في سفح ِ عيبال،/ يخترق الرمل والريح، ينشر عطر حبيبي علی مدن الحب،/ هذي البراكين يوما تثور، ويصبح هذا الرماد حجر/ إنه ديمة سمحة، سوف تجبر غيلانها أن توقع فوق جواز السفر / ذات يوم يجيئك صوتي، وتعترفين بأنني تمرمرت من أجل عينيك / من أجل هذا المطر (المناصرة، 1974: 270).
إن الشهيد الفلسطيني يعلم وطنه وأهله بأنه سيعود ويرفع صوته وتتحرك روحه، ويخترق الجغرافيا البعيدة، لكي يكون قريبا من وهج النضال، ويخبر بتحوال البراكين إلی ثورة والرماد إلی حجر يسقط علی المحتل، في مشهد أسطوري، وكأن الرماد مطر ينزل في سكون علی الغيلان/ المحتل، لقد كان غياب أبطال فلسطين لأجل أن يحيا وطنهم، والمناصرة يستعين برمزية المطر ليتحدث عن حياة فلسطين، وعندما يتحدث الشهيد بإيحاء المطر، فلكي يذهب بعيدا بعشقه وتمسكه بالأرض (بوعديلة، 2009:308).
يری الشاعر أنه من المستحيل تحرير الوطن وشم رائحة الحرية والاحتفاظ بالهوية الفلسطينية إلا بالمقاومة، وليس هناك ختاما خيرا وإيجابيا للمقاومة، إلا عندما يكون هناك من يشري نفسه ابتغاء مرضاة الله، من غير أن يتوقع ثمنا بخسا من الحياة الدنيا؛ ألا وهو الشهيد الذي ينظر إلی وجه الله، ويترك كل شيء سواه؛ فالشاعر ينحو منحی إنسانيا واجتماعيا عندما أدرك واقع المجتمع بأحسن الوجوه، وجمع بين بطولات الشهداء والأبسال وبين ألوان الطبيعة وعناصرها وذلك في عبارات رائعة وجميلة؛ بحيث يصور الشهيد في صورة حية في فضاء الوطن؛ فعلی الرغم من أنه واراه الثری، ولكن يتدفق دمه الحار في كل شبر من تراب الوطن ويبعث رسالة البطولة والشجاعة والحيوية.
كان في الرحم يسير/ وعلی درب الحياة/ بعد أن ثار علی الكهف الصغير/ وارتوی من لبن الدفلي/ ومن عذب المياه/ أمطرته الحكمةَ البيضاء أسرابُ اليمام/ فانحنی يوما وصاح/ لحمك المنثور فوق التلة الخضراء/ يرميني لظاه/ يا بعيدا تسبر الرمل خطاه (المناصرة، 2001: 70-71)
في هذا الصدد، توجه الشاعر إلی قضية الشهيد، واصفا المشهد بعناصره وتفاصيله من الأشجار والأرصفة وشجرة الزيتون المباركة؛ كما يصف أم الشهيد، ورفاقه من الشهداء والمسجونين، عندما يقول علی لسان الشهيد الفلسطيني:
للأشجار العاشقة أغني/ للأرصفة الصلبة للحب أغني / للسيدة الحاملة الأسرار الثورية / أغني/ تركض عبر الجسر الممنوع علينا،/ تحمل أشواق المنفيين إلی شجر الزيتون، أغني/ لرفاق لي في القبر أغني/ لرفاق لي في السجن أغني/ ولجفرا، سأغني/ جفرا أمي، ْ إن ْ غابت أمي/ جفرا، الوطن المسبي / للعاصفة الحمراء أغني (المناصرة، 2005: 209)
“الجفرا لغة واصطلاحا، هي الفتاة الجميلة في ريعان شبابها، وهي أيضا الماعز الذي لم يبلغ حولا، لكنها تحولت إلی رمز كنعاني، يعني أرض فلسطين في الشعر العربي الحديث.
(المناصرة، 2009: 30)، كما يشكل الزيتون أحد مقومات هوية الإنسان الفلسطيني. يرمز هذا النبات باخضراره الدائم إلی الصمود والمقاومة المستمرة؛ كما «يمتلك من الرموز، كالصلح والخصب، والزكاء، والقوة والفوز، والجزاء؛ وقد اتخذه الشاعر الفلسطيني رمزا للوطن والمقاومة والصلح (روشنفكر وآخرون، 1390: 51)؛ فالزيتون شجرة مباركة أقسم بها الله سبحانه وتعالی في القرآن الكريم؛ وورد ذكره سبع مرات في المصحف الشريف إشارة إلی قيمتها ومكانتها؛ و«يجسد الزيتون في الأديان السماوية الثلاثة رمزا للحكمة والخصوبة وللسلام» (حسونة، 2007:23).
يحتل حب الوطن والتواصل معه مكانة عظيمة في شعر المناصرة كغيره من الشعراء المقاومين؛ وهنا يوحي هذا الاقتران والتلازم بين المفردات كالزيتون والأشجار العاشقة والأرصفة الصلبة والسيدة الحاملة لأسرار الثورة والمنفيين والرفاق الشهداء والمسجونين بأن المناصرة لم يترك أي شيء موجود في هذه اللقطة الدرامية، التي يصورها؛ بحيث أنه جعلت الأشجار عاشقة، لعلها تعشق التضحية والفداء، أو تعشق البقاء في هذا المشهد الدرامي، كما لاحظ الأرصفة، وهي صلبة صامدة تقاوم مشي المارين والمتشردين والمنفيين وكل موجود يمشي عليها، أما اللافت للنظر في هذا المشهد، هو السيدة الحاملة للأسرار، قد يقصد الشاعر (أم الشهيد) التي تحمل أسرار الثورة، وهي تركض عبر الجسر الممنوع، وهذا يدل علی أن المرأة الفلسطينية لها دور فاعل ونشيط في شعر المناصرة، بحيث لم يقل الشاعر: السيدة تمشي أو تمر، بل قال تركض، والركض هو الدال علی الحركية والفاعلية للمرأة المتوافرة في المشهد، وهي تحمل في صدرها أشواق المنفيين والبعيدين عن الوطن إلی رمز الصمود والبقاء والمقاومة؛ هكذا ولما سبق ذكره، يغني المناصرة ويستمر بالقول ويغني للأطراف الأساسيين في هذا المشهد وهم الشهداء أولا، ثم يتلوهم الأسرى، ويختم القول بأنه يغني للعاصفة الحمراء وهي رمز للانتفاضة أو القوة الصارمة التي تدمر المحتلين وتدفعهم إلی الدرك الأسفل من النار؛ هذا من جهة ومن جهة أخرى نشاهد توظيف الشاعر اللون كوسيلة للتعبير عن القضية؛ وقد اتخذت «قيمة الصورة بمدى أدائها لدورها البنائي عندما يصبح اللون ذا أهمية تفرضه عضويته في تشكيل الظاهرة الفنية وهذه الصفة اللونية لدى الشاعر المعاصر تكتسب جزءا لا يستهان به من سياقها؛ ويمنح “متعة عقلية” يرتبط إدراكها بقدرة الشاعر المعاصر على كيفية تشكيلها من حيث الكشف عن شعوره في حالات التوتر وهنا يصبح اللون لبنة بنائية في جسد القصيدة المعاصرة وبناء فنيا جديدا؛ وهذا البناء الفني الذي تعد الصورة وهو الذي يبرز الطبيعة الدرامية في القصيدة المعاصرة بأبعاده النفسية والشعورية والفكرية” (علي عشري زايد، 1978:20)؛ لعل تجربة السجن الذي يعيشها الفلسطينيون تعد من أقسی التجارب البشرية المعاصرة لما تتركه من أبعاد نفسية وإنسانية (بلاوي، 1437:2). إضافة علی هذا فاللون الأحمر دائما يرتبط لدی الشاعر المعاصر بكل صفات الظاهرة النارية ولئن كانت النار بالغة التضليل وبالغة الغموض معا، إلا أنها ذات دلالة نفسية ترتبط بالذات بما لها من امتياز، كما أن هذا اللون يتحول عند المناصرة إلی الطابع التأملي أو الحكمي في هذا المقطع؛ فالصاعقة الحمراء تلازم النار في وجه الاحتلال. إن القارئ لهذه الأبيات يعايش تجربة شعرية متميزة وأصيلة للشاعر الفلسطيني الذي لا ينسی الوطن كما لا ينسی رفاقه الشهداء الذين قتلوا في سبيل الحرية، والسجناء الذين فضلوا تحرير الوطن واحتمال المشاق والحرمان علی نعماء الحياة والرفاهية.
كما نراه يعرف نفسه متحدثا علی لسان الشهيد، حيث يقول:
أنا عزالدين المناصرة/ سليل الكنعانيين/ قبطان سفن الزجاج المحملة بالحروف/ أنا الذي زرعت القنبلة/ جفرا التي ماتت عند شاطئ عكا/ هي أختي/ وهم يتبرعون – والحق يقال بالملايين/ لكي تستمر الثورة!!! / دمي هو الراكض كالشلال/ في جروح الأرض/ ولا – أشكو/ فالشكوی لغير بني نعيم مذلة (المناصرة، 2005:356).
وقد وظف الشاعر الجفرا، «لم تعرف الجفرا كنوع من الغناء الشعبي في الأردن ولبنان وسوريا «أرض كنعان» قبل عام 1948، ودليلنا علی ذلك، هو عدم ورودها في الدراسات والبحوث التي تناولت الأدبين الشعبيين اللبناني والسوري، قبل عام 1948،في حين ذكرت نصوص منها في وقت متأخر من مصادر أردنية؛ والنصوص المذكورة نصوص منسوجة علی منوال جفرا التراثية الأصلية، وقد ساعد علی وصولها بالذات، الوجود الفلسطيني السكاني في الأردن بعد نكبة 1948، مما يؤكد أن أغنية جفرا، عرفت ونشأت في وقت ليس ببعيد، لأن انتشارها يحتاج إلی وقت طويل» (المناصرة، 2009:35-36.)
يحاصر الشاعر الواقع بكل أشكاله السياسية والاجتماعية والفكرية، وتشغله قضية الإنسان العربي المقهور أو المسجون والمحاصر الذي لا حيلة له إلا بالثورة واستمرارها، وذلك بواسطة نزيف الدم الذي يتسم في الشدة والسيلان كالشلال؛ تنظر المناصرة إلی مأساة الإنسان الفلسطيني من منظور فكري؛ وبناء علی هذا يصور المشهد المأساوي الفلسطيني في حالة وكأنه هو البطل الشهيد الذي يضمد جروح أرض الوطن ويعالجه؛ كما نلاحظ إن تشبيه الدم الجاري بالشلال أعطی صورة جمالية رائعة وجعلتها متمايزة، كأن دمه يزيل ما يكون في طريقه ويمهد الطريق لنجاح الثورة؛ كما أن هذه العبارات توحي بأن دم الشهيد ضمان لإيجاد الأمل والثقة والتفاؤل عند أسر الشهداء والضحايا والآخرين؛ كما أنه يذكر من سمات الشهداء وميزاتهم، وهو الرضا والابتعاد عن الشكوی، فنراه يقول علی لسان المقاتل الذي بذل قصارى جهده في سبيل الحرية: «لا أشكو»، فكأنه تيقن بأن أجره علی الله، ولم ينبس ببنت شفة، وذلك لأن الشكوى وصمة عار ومذلة؛ إذن تأخذ صورة الدم «دم الشهيد» في هذه القطعة بعدا إنسانيا عميقاً وتتحول إلی هاجس رئيس للشاعر وهو الثورة.
2.4 الشهيد والتراث
يعكس استدعاء التراث، في الأعمال الشعرية، مدى القدرات الفنية والإبداعية للشاعر أو صاحب العمل الأدبي؛ «ليس الشاعر المعاصر من يعبر عن عصره وحسب، بل هو الشاعر الأصيل الذي يستمد من الماضي ما يمنح حاضره خلودا كخلود الماضي، وما يمنحه النظرة الصائبة لاستشراف المستقبل والتحرك صوبه» (حداد، 1986:29)؛ وعزالدين المناصرة واحد من الشعراء العرب الذين يضربون بجذورهم الفكرية والوجدانية والفنية في أرض تراث شديد الغنى والخصوبة؛ ويمتاحون من ينابيع هذا التراث وكنوزه السخية ما يغنون به تجاربهم ورؤاهم المعاصرة من وسائل وأطر فنية، متوسلين إلی وجدانيات جماهيرهم بمعطيات التراث من قداسة في نفوس هذه الجماهير ولصوق بوجدانيتهم، مستغلين كل ما اكتسبته هذه المعطيات على مر العصور من طاقات إيحائية وما ارتبط بها من دلالات نفسية وفكرية ووجدانية )علي عشري زايد، 1999:43).
نهدف من وراء العنوان «الشهيد والتراث» إلی دراسة قضية الشهيد من خلال استدعاء الشاعر للتراث الديني؛ وذلك عندما يستلهم الشاعر في هذا المقطع من قوله تعالی، عندما يقول:
في هذا الصباح المبكر جدا،/ زرت الأموات الأحياء / الجبل الأزرق،/ كبحيرة السماء الرمادية الخضراء/ الأرزة عالية، جذرها في الأغوار / بدأ البحر يصحو،/ كعروس في الصبحية الأولی، / غازلت الحبق المتناثر في مقبرة الشهداء/ اتعظت قليلا بالذين ذاقوا التجربة قبلي (المناصرة، 2005:ج 1،290-291).
فليس المقصود بالتشكيل اللوني ذاك التكون المرتكز علی اللون فقط، بل يستغرق في مساحاته ألوانا أخری تنفصل عن لون التضاد وتتصل به كـ«عالية»، و«الأغوار»، و«الجبل»، و«السماء»، وتلتف هذه البنائية علی بنائية ثانية تتعادل معها تقابليا، وتختزلها أيضا كونها النقاط التي يتشكل منها التوتر، وترمز هذه البنائية بـ«الأموات/ الأحياء»، ووقوعهما بجانب «الصباح المبكر جدا» إلی نوعية توظيف الموروث الديني بجمالية لا يمكن التغافل عنها، كما تتناوب إيقاعات والجزر في هذا المقطع بمفردات المد كـ«عروس/ الصبحية الأولی/ غازلت/ اتعظت».
ويستمر الشاعر في استلهام روح الحدث من القصص القرآني، حيث نجد تطورا في دلالة الأثر من بعده المباشر إلی البعد الإيحائي، فقد أصبح الحدث – في القصة القرآنية – رمزا له إيحاءاته ودلالته الشعرية في النص الشعري». بناء علی هذا نلاحظ في هذا المقطع الشعري للمناصرة، أنه يوحي الصباح المبكر إلی زمن ملیء بالمعنوية والروحانية؛ زار الأموات الأحياء، وهم الشهداء دون أدنی شك، واستلهم الشاعر من قوله عز وجل: “ولا تقولوا لمن يقتل في سبيل الله أمواتا بل أحياء عند ربهم يرزقون» (البقرة: 154)؛ أما الجبل الأزرق، فاللون الأزرق من الألوان الباردة، وهو لون السماء والبحر والتفاؤل، إنه لون الامتداد الذي لا نهاية له، لكنه يعطي للون قيمة رمزية، فجاء كل لون يحمل إشارة رمزية دالة علی صورة ذهنية معادلة للواقع، الذي يمثل مادة لونية ثرية تقوم برسم صورة عالمه الشعري الغني بألوان الحياة؛ يختم الشعر قوله بهذه العبارة: “اتعظت قليلا بالذين ذاقوا التجربة قبلي”، فالتجربة هي تجربة مريرة وصعبة، وفي نفس الوقت حلوة، يفهمها من ذاقها وجربها.
5. النتائج
1. تنفتح تجربة الشاعر (عزالدين المناصرة) علی فضاءات رحبة، ويتوزع خطابه الشعري بين قضايا الوطن والعروبة وتجليات العشق والتضحية والبطولة والفداء، وكما لاحظنا في هذا المقال ينسج الشاعر تفاصيل عالمه الشعري من خلال كلمات موحية وعبارات رامزة إلی أغوار تجربته الشعرية؛ وفيما يتعلق بقضية الشهيد والشهادة، رأينا شعره مليئا بالدلالات والإيحاءات، كما رسم المناصرة كفنان أو رسام أجمل صور الفداء والتضحية للشهداء، ونظرا لأنه من أشهر شعراء المقاومة الفلسطينية، فتناوله لقضية الشهيد والشهادة يتسبب في إثارة حمية الآخرين للأخذ بثأر الشهداء والمصابين والجرحی من العدو الصهيوني الغاصب المحتل.
2. يشير اتكاء (المناصرة) علی الموروث الديني والتعامل مع الموروثات الحضارية وذلك بغرض إيجاد التواصل مع جذورنا وأرضنا وتاريخنا؛ من الممكن اعتبار عزالدين المناصرة من الشعراء المهتمين بالشهيد والشهادة، نظرا لأنه ابن القضية الفلسطينية، وتجرع آلام الهزيمة والحرمان والنهب والخراب، بحيث لم يكن شاعرا يعيش أجواء إيجابية عالية بعيدا عن هموم الشعب الفلسطيني وآلامهم، ولم يكن شاعرا ينظر إلی الشعب وهو يعيش في الأبراج العاجية، بل عاش معاناة الشعب، وأدرك بالمعنی الكامل للكلمة معاني البطولة والبسالة والشهادة.
3. يعتبر الشهيد عند المناصرة رمزا من رموز الكفاح والمقاومة، فبواسطة التذكير بأمجاد الشهداء وبطولاتهم، يثير الشاعر الأمل والتفاؤل والبهجة في قلوب المقاتلين؛ فالشهيد عنده هو الطاقة الخفية التي تجعل للشعب الخلود والمجلد، وتظله بسحائب الخير والرحمة والرخاء، وهو الذي يرفع راية الجهاد والعز والشرف والفخر والكرامة مكافحا.
المصادر
القرآن الكريم.
ابن فارس (1994م). معجم مقاييس اللغة، ط 1،بيروت: دار الفكر العربي للطباعة والنشر.
أبو ريشة، عمر (2005م). الأعمال الشعرية الكاملة، المجلدان، ط 1، بيروت: دار العودة.
بلاوي، رسول (1437م). «صورة السجين الفلسطيني في ديوان «وردة علی جبين القدس» لهارون هاشم الرشيد»، مجلة آفاق الحضارة الإسلامية، السنة التاسعة عشرة، العدد الثاني.
بوعديلة، وليد (2009م). شعرية الكنعنة، ط 1،الأردن: دار مجدلاوي للنشر والتوزيع.
الجالوس، محمد (2008م). المؤقت الأبدي وآخر الناجين، ضمن كتاب عزالدين المناصرة شاعر المكان الفلسطيني الأول، إعداد وتقديم يوسف رزوقة، ط 1،الأردن: دار مجدلاوي للنشر.
حداد، علي (1986م). أثر التراث في الشعر العراقي الحديث، ط 1،بغداد: دار الشؤون الثقافية العامة. ا، ط 2،بيروت: دار الكتب العلمية.
حسان بن ثابت (1994م). ديوان، شرحه وقدم له عبدالله مهن حسني، حداد (1995م).
أناشيد البعل «قراءة جديدة للأساطير الأوغاريتية»، ترجمة وتقديم سليم مجاعص، ط 1،بيروت: أمواج للنشر والتوزيع.
حسونة، فكتوريا (2007م). زيت الزيتون البكر، ط 1، ألمانيا: مكتب إقليم بفاريا.
دعبل الخزاعي (1972م). ديوان، ط 2،بيروت: دار الكتاب اللبناني.
دندي، محمد اسماعيل (1988م). عمر أبوريشة، الطبعة الأولی، دمشق: دار المعرفة.
رزقة، يوسف موسي (2008م). مقاربة أسلوبية لديوان «جفرا»، ضمن كتاب عزالدين المناصرة شاعر المكان الفلسطيني الأول، ط 1،الأردن: دار مجدلاوي للنشر.
روشنفكر، كبری، حسين علي قبادي، و مرتضي زارع برمي (1390 ه.ش). «گسترهي عناصر نماد و اسطوره در اشعار سميح القاسم و حسن حسيني»، فصلنامه جستارهاي زباني، دوره 2، ع 2.
الزواهرة، محمد هزاع (2008م). ظاهرة اللون ودلالاته في الشعر، ط 1،الأردن: دار الحامد.
السكري، أبو سعيد (د.ت). شرح أشعار الهذليين، اج، حق 3 أجزاء، د.ط، القاهرة: قه عبدالستار أحمد فر مكتبة دار العروبة.
عاشور، فهد (2004م). التكرار في شعر محمود درويش، بيروت: المؤسسة العربية للدراسات والنشر.
عبيد، محمد صابر (2006م). حركية التعبير الشعري في شعر المناصرة، ط 1،عمان: دار مجدلاوي.
(2006م). شعرية الجذور، قراءات في شعر عزالدين المناصرة، ط 1،عمان: دار مجدلاوي.
عشري زايد، علي (1999م). امرؤ القيس الكنعاني، إعداد عبدالله رضوان، ط 1،بيروت: المؤسسة العربية للدراسات والنشر.
القاسم، سميح (1987م). ديوان، د.ط، بيروت: دار العودة.
القصيري، فيصل (2005م). بنية القصيدة في شعر المناصرة، الأردن: دار مجدلاوي.
القضاة، عبدالحميد (2004م). وكرامات الشهيد والشهداء، ط 2،الأردن: دائرة المكتبة الوطنية.
مرضي، عبدالرحمن (2005م). الشهادة والشهيد في الشعر العربي في صدر الإسلام والعصر الأموي، ط 1، مصر: مكتبة الثقافة الدينية.
مطلوب، أحمد (1987م). الشعر في زمن الحرب، ط 1،بغداد: دار الشؤون الثقافية العامة.
المناصرة، عزالدين (2001م). الأعمال الشعرية، ط 5،بيروت: المؤسسة العربية للدراسات والنشر.
المناصرة، عزالدين (2006م). الأعمال الشعرية، المجلدان، ط 6،الأردن: دار مجدلاوي.
المناصرة، عزالدين (2009م). جفرا الشهيدة، وجفرا التراث، ط 3،الأردن: الصايل للنشر والتوزيع.
وعد الله، ليديا (2004م). التناص المعرفي في شعر عزالدين المناصرة، ط 1،الأردن: دار مجدلاوي للنشر والتوزيع
* ملاحظة: لم يكن المناصرة، مثقفاً ومبدعاً فقط، بل كان فدائياً، خاض في المرحلة اللبنانية للثورة الفلسطينية، معارك فعلية هي: (معركة كفر شوبا، يناير 1976)، و(معركة المطاحن، حزيران 1976)، و(معركة المتحف، 1982) – ضد “إسرائيل” والمتأسرلين، فهو شهيد ما زال حيا.