الشاعر جورج جريس فرح يحاور الشاعرة امال رضوان عواد
آمال عوّاد رضوان؛ ظاهرةٌ مُميّزةٌ في أدبِنا المَحلّيّ، بل إنّها اقتحمَتْ حدودَهُ وتَجاوزتْ مَجالاتِهِ، لتنطلِقَ إلى العالمِ العربيِّ الواسع، وجوازُ سَفرِها الكلمة الّتي بَرَعَتْ آمال بتكييفِها وتَرويضِها، فانصاعَتْ لها مُطيعةً منقادَةً، تنسابُ بلطفِ انسيابِ الماءِ، لتعكسَ أبهى ألوانِ الأطيافِ الأدبيّةِ شِعرًا ونثرًا. تعالَ بنا أخي القارئ، في هذا اللقاء القصير، نستجلي بعضَ ملامح آمال عوّاد رضوان الإبداعيّة، مِن خلالِ رُدودِها على ما وجَّهنا إليها من أسئلة:
ما الّذي يَدعو آمال عوّاد رضوان إلى الكتابة؟
هناكَ دوافع خفيّة تجتاحُني وتُحرّكُني، ولا أُدركُ كنهَها أو تفسيرَها، تقلقني ولا فَكاكَ لي منها، ودون إذنٍ منّي، تظلُّ تنكأ بجروحي حتّى تُدميها، ولا يهدأ لها بال، إلّا إذا خضعتُ لها واستسلمتُ لجموحِها. هكذا هو حالي، أظلُّ مسكونةً بعلةِ الحرفِ المُزمنة، ومتورّطةً أبدًا باقترافِ فِعل الكتابة، وكأنّي في حالةِ تنويم مغناطيسيّ، مُسيَّرةٌ شعريًّا ووجدانيًّا، ومُخيّرةٌ في التحاليل والتقارير والمقالة!
الكتابةُ بالنسبةِ لي، هي ملاذي المُثقَلُ بأحمالِ خيولٍ تنزفُ حُرقتَها، وتتزاحمُ ظامئةً لرشفةِ كرامةٍ عارمةٍ بالعدالة الكونيّة. الكتابةُ صهيلُ روحٍ تترقّبُ سلامًا، وقد أتعبَها وأنهكَها امتهانُ الإنسانيّةِ، روحٍ غصّتْ بصورٍ ضبابيّةٍ، تعجُّ بغبارٍ طازج بالوحشيّة. الكتابةُ يقظةُ وجدانٍ، تستنهضُ الضمائرَ قبلَ أن تغطّ في سباتِ الدمويّة، وتطفحُ بروائحِ الحربِ والموْتِ!
هل تفكّرين بتأثير كتابتك في القارئ أثناء الكتابة؟
عندَ كتابةِ التّقاريرِ والمقالةِ والحوارات، أُوجِّهُ بوصلةَ حرفي كيفما أرُيد وأينما أُريدُ ولمَن أُريد، وبكامل الإدراك والوعي، ولا بدّ لي أنْ أستحضرَ القارئ أوّلاً، لأنّي أوجّه حرفي لهُ مُباشرةً، بما تَحملُهُ الرّسالةُ مِن أبعادٍ قريبة بعيدةٍ وهادفة، تَصبُّ في قضايا حياتيّةٍ تَهُمُّ مُعظمَ النّسيج الاجتماعيِّ بشرائحِهِ وتشكيلاتِهِ، ولا بدّ مِن استخدامِ فنونِ اللّغةِ السّليمةِ، وأسلوبِ الإقناعِ، ودبلوماسيّةِ الطّرح.
لكن بالنّسبةِ لحرفي الشّعريِّ فمُوجّهٌ إلى روحي ومِن عالمي الوجدانيِّ الخاصّ بي، وقارئي حينَها يكونُ مُغيّبًا تمامًا، فإنّ بوصَلةَ حرفي الشِّعريِّ تتعطّلُ تمامًا في لجّة وجدانٍ غامضٍ يَتكتّمُ بالآهاتِ، ويَتخبّطُ بالقلقِ والشّكِّ واليَقين، فيَمتدُّ حرفي مارِدًا مُتمرّدًا في شساعةِ فضائِهِ المَجنونِ المُتلبّس بي، وأَنقادُ إليهِ مُستباحةً في سَكرتي، يَجرُفُني مسلوبةَ الوعي مَنهوبةَ الوقتِ، إلى أحضان سماواتٍ بعيدةٍ تعصِفُني، تُزوبعُني، لِتغسلَني مِن إثمي، ولألوذَ إلى صومعةِ اعترافي المُقدَّسِ المُتأنّق بالوجعِ المُعتمِ، حيثُ روحي تَتجلّى بشغفِها، وتُشرّعُ نوافذَها للنّورِ وللحبِّ والحياة، ولتُذيعَ صدى صمتي لنوارسَ تَتلقّفُ حروفي بمَناقيرِها، فتُحلّقُ بها عاليًا، وتُلقي بها في سماواتِ ومحيطاتِ الإبداع، حيث تتذوّقُها الأطيارُ والأسماكُ والحيتانُ، وقد يَعسُرُ هضمُها على الأسماكِ الصّغيرةِ، وقد تَغُصُّ بها، ولكن أبدًا، ما غاصَ أيُّ نصٍّ منها عميقًا دونَ اكتراثٍ.
لمستُ ذلكَ مِن خلالِ النّشرِ، فرغمَ علاقاتي الصّامتةِ المَحدودةِ جدًّا، إلّا أنّ حرفيَ انتشرَ وبشكلٍ واسعٍ، ولقيَ رواجَهُ على غيرِ توقُّعي، واهتمَّ بهِ نقّادٌ مِنَ العالمِ العربيّ، فحَظيَ بالتّرجمةِ، وبجوائزَ عالميّةٍ مُتعدّدةٍ، وهذا هو إرثي الحقيقيِّ في دربِ آلامي، وأتمنّاهُ يكونُ خالدًا، كأيّ إرثٍ ثقافيٍّ حيٍّ يَستحقُّ الحياةَ والدّيمومةَ.
وإذ إنّي أومنُ بحرفِ المُبدع الّذي يحتكُّ بجراحِهِ، ويُشعلُ أوجاعَهُ، ويُلهبُ تأوُّهاتِهِ، فهذا التّأثيرُ المُكتنِزُ بنسيجِهِ الجَماليّ، والمُؤنَّقُ بثراءِ صمْتِهِ وإيحاءاتِهِ، حتمًا سينتقلُ للقارئِ وللمُتلقّي، وقد يُحرّكُ بعضَهُ، وقد يَهزُّهُ، وقد يُبهرُهُ، وقد.. وقد.. فالتّأثُّرُ والتذوُّقُ تتفاوتُ درجاتُهُ من قارئٍ لمُتلقٍّ، فالأمرُ مُتعلّقٌ بثقافةِ المُتلقّي، وإجادتِهِ لقراءةِ الإبداعِ بكلِّ أشكالِهِ وأبعادِهِ وتأويلاتِهِ!
عرفتُ آمال عوّاد رضوان منذ حوالي أكثرَ مِن عقدٍ مِنَ الزّمنِ، مُستترةً وراءَ “سحر الكلمات” في قوقعةٍ، سرعانَ ما انطلقتْ منها عبيرًا أدبيًا فوّاحًا يملأ الآفاق، فكيفَ كان ذلك؟
أكذوبتي الجميلةُ كانت “سحرُ الكلمات”، حينَ لبستُ قبّعةَ الإخفاءِ منذُ أواخرِ التّسعيناتِ، وكتبتُ بثقةٍ عارمةٍ، ولكن على استحياءٍ ووجلٍ، إذ كنتُ أرهبُ أنْ أجترحَ الحرفَ بهمْسي، وأخشى أنْ أمسُسَ أوردةَ الكلمةِ بخيالي الطّافحِ بالجُنونِ، وما خطرَ ببالي يومًا أنّي قد أتجرّعُ مَرارةَ هذهِ الكأسِ وحَلاوتِها في آنٍ.
كنتُ في “منتدى الكلمة نغم” مَسؤولةً رئيسةً عن كلِّ الصّوامعِ الأدبيِّة بأصْنافِها والفنّيّةِ والتّراثيّةِ، وقد صمّمتُهُ معَ الشّاعرِ المِصريِّ يحيى معوّض المُكنّى بـ (الأرز)، وذلكَ بَعدَما سمِعَني لأكثر مِن مرّةٍ أُلقي نصوصي الشّعريّةِ في إحدى غُرَفِ البالتوك الشّعريّةِ المُكنّاة “الكلمة نغم”، والّتي لاقتْ اهتمامَ الشّعراءِ وسامِعيها وإقبالِهم عليها، فكتبَ لي رسائلَ كي نُوثّقَ الكلمةَ الصّوتيّةَ المسموعةَ بالكلمةِ المَكتوبةِ، وأقمْنا معًا “منتدى الكلمة نغم”، حيثُ وفدَ إليهِ كبارُ الشّعراءِ والنّقّادِ مِنَ العالمِ العربيِّ والمَهجَرِ، وحَظِيَ برَواجٍ عالٍ، وكنتُ أُصِرُّ على الرّدودِ الشّعريّةِ ودونَ مُجاملةٍ، وقد اهتمّ النُّقّاد د. جمال قبّاني بحرْفي (مِن سوريا)، ود. إبراهيم الدّين (مِن مصر) وآخرون، مُنبئينَ بمِيلاد شاعرة.
كانَ لبيتِ الشّعرِ الفلسطينيّ دوْرٌ في إقناعي بوُجوبِ البَوْحِ باسمي الحقيقيّ، وأنّي لا أُمثّلُ نفسي فقط، وإنّما أُمثِّلُ بلدي، وكانَ إصدارُ مجموعتي الشّعريّةِ الأولى عامَ 2005 “بسمةٌ لوزيّةٌ تتوهّجُ”، وقد كانَ للمجموعةِ صدًى كبيرًا في العالمِ العربيِّ، ففازَ الشّاعرُ النّاقدُ اللّبنانيُّ سامح كعوش بالجائزةِ الأولى في نقدِهِ لمجموعتي الشعريّةِ عام 2006، وتوالت الدّراساتُ النّقديّةُ مِنَ الأردن، والعراق، وسوريا، ومصر، وفلسطين، لتُرسِّخَ خطوتي الشّعريّةَ الأولى على صخرةِ تاريخي الأدبيِّ، ولِتتّسعَ حلقةُ علاقاتي الثّقافيّةِ، وتتوالى نتاجاتي الأدبيّةُ بأصنافِها، ولكن بحِرصي الشّديدِ على التّأنّي والتواضع ورفضِ الألقاب، والبُعدِ عن الأضواءِ.
ما هي القضايا الّتي تُحاولُ آمال عوّاد رضوان مُعالجتَها في كتاباتِها دونَ سِواها؟
قضايا العدالةِ الإنسانيّةِ معَ الإنسانِ والبَشرِ هي ما تَشغَلُ فِكري وهَواجسي، قضايا تبدأُ مِنَ الفرْدِ ككَيانٍ كاملٍ مُتكامِلٍ روحًا وجسَدًا، دونَ فوارقَ جنسويّةٍ أو عِرْقيّةٍ أو قوميّةٍ وغيرها، ودونَ أنْ نتخطّى أيّةَ مَرحلةٍ مِن مَراحلِ عُمرِهِ، مَهْما كانتْ خافتةً، كي يَكونَ مُؤهّلًا بالمُساهمةِ السّليمةِ البنّاءةِ، في تكوينِ وخِدمةِ مُجتمَعِهِ الصّغيرِ والأكبرِ والأَعمِّ؛ فقضايا الطفولةِ وقضايا المَرأةِ، هي أكثرُ القضايا والجَوانبِ المُعتمةِ في مُجتمعاتِنا على مرِّ العُصورِ، وإصلاحُها حتمًا يقودُ إلى رِفعةِ ورِقيِّ المُجتمعِ الصّالحِ بأَسْرِهِ!
اللُّغةُ الشّعريّةُ هي إحدى وسائلِ الإبداعِ المُتعدّدةِ، والّتي لها أَواصِرُ مَتينةٌ معَ الرّوح ِالرّقيقةِ، والّتي قد تَخدشُها أيّةُ همسةٍ أو لمسةٍ، لذا أُحاولُ أنْ أنحَتَ مَعالمَ روحي بمُنتهى الحذَرِ الشّديدِ، وأُبرِزَ جَماليّاتِها، وأُلامِسَ شفافيّتَها، لأنّها نعمةٌ إنْ أتْـقــنّـا استخدامَها، وأَجَدْنا التّعامُلَ معَها، هذهِ النّعمةُ الّتي خصَّنا بها الباري، وفَجَّرَها في كلِّ إنسانٍ، لكن، مِنّا مَن يَغفلُ عنِ اكتشافِها ولا يَكترِثُ بها، ومِنّا مَن يَقمَعُها أو يُهمِلُها، وباعتقادي المُتواضعِ، أنّ روحَ الإبداعِ هي أكبَرُ مُقوِّماتِ التّهذيبِ لكلّ إنسانٍ ومُفكّرٍ وسياسيٍّ وتاجرٍ وإلخ، تدعوهُ إلى التأمُّلِ والتّروّي وضبْطِ النّفسِ، لتَسْمُوَ بأفكارِهِ إلى درجاتِ الحِكمةِ، والإنسانيّةِ، والعطفِ، والمُصالحةِ معَ الذّاتِ ومعَ الآخَرينَ.
هل يجبُ أنْ يَكونَ الأدبُ هادِفًا ومُلتزمًا، أم أنَّ الالتزامَ يُفقِدُ الأدبَ الفنّيَّةَ والإبداعَ؟
كلمةُ “أَدَب” تحمِلُ مَعناها، فلا بُدَّ للأدبِ أنْ يكونَ هادفًا، يَهدفُ إلى الإبداعِ في الدّرجةِ الأولى، وإلى الإصلاحِ والبِناءِ الجَميلِ، وأنْ يَكونَ مُلتزمًا بقواعدَ أساسيّةٍ لا تَخدشُ الحَياءَ الإنسانيّ، وأنْ يَترفّعَ عمّا يُسيءُ للبَشريّةِ وللإنسانيّةِ. ولكن، وبما أنّ القِيمَ تتراوحُ على سُلّمِ النّسبيّةِ والتّفاوُتِ بينَ مُجتمَعٍ وآخَرَ، فلا بُدَّ أنْ يَتوخّى المُبدعُ كاملَ المَسؤوليّةِ البنّاءةِ، في إخراجِ إبداعِهِ سِلمِيًّا، بشكلٍ يَليقُ بالإنسانيّةِ كافّةً وليسَ لفئةٍ دونَ سِواها، كي يُخاطِبَ العالَمَ والكوْنَ، ويُؤثّرَ في طرْحِهِ وحِوارِهِ السِّلميِّ بلغةٍ مُقنِعةٍ ودبلوماسيّة.
أمّا القوالبُ الأدبيّةُ المَرسومةُ الّتي عهِدْناها، والّتي يَلتزِمُ بها كثيرونَ، فباعتقادي أنّها قد تُفقِدُ الأدبَ فنّيّتَهُ وإبداعَهُ في كثيرٍ مِنَ الأحيانِ، فنرى كثيرينَ يَلتزمونَ بالقوافي ويَلْحَنون، أو بالعَروضِ فيَكسرونَ، أو يَبدو بناؤُهُم مَصفوفًا مَنظومًا خاليًا مِنَ الشّعرِ. ويَتدرَّجُ هذا في جَميعِ تَصنيفاتِ الأدبِ، فالمُبدعونَ الحقيقيّونَ لهُم أساليب تُميِّزُهم، وقواميس لغويّةٌ خاصّة بهم، لا يَخضعونَ للتّقليدِ أو الرّوتينِ والتّكرارِ، إنّما يأتونَ بإبداعٍ جديدٍ وتجديدٍ في كلِّ جديد. هذا الخَلْقُ هو ما أعتبرُهُ إبداعًا غيرَ مَكرورٍ. مُهمٌّ جدًّا للمُبدعِ أنْ تَتمتّعَ روحُهُ بالمَوهبةِ والإبداعِ أوَّلًا، وأنْ يَمتلِكَ أدواتِهِ اللّغويّةَ والنّحويّةَ، ويُجيدَ استخدامَها بلباقةٍ وليونةٍ ومُرونةٍ.
هل تُؤمِنُ آمال عوّاد رضوان أنَّ ثمّةَ ما يُمكِنُ أنْ يُسَمّى “الأدبُ النّسائيّ”؟
لا أومِنُ أنّ هناكَ ما يُسمّى بالأدبِ النّسويِّ أو الذّكوريِّ، رغمَ ما يَدورُ مِن جدَلٍ يَحتدِمُ ويَتوَعَّرُ منذ الخمسيناتِ، لأنَّ المَرأةَ إنسانٌ وكيانٌ لها حضورٌ كبيرٌ، رغمَ أنّها هُمِّشتْ في شِبهِ سُباتٍ خلالَ عصورٍ طويلةٍ. هذا المُصطلَحُ أُطلِقَ حينَ تمرّدَتِ المَرأةُ المُضطهَدَةُ في الخمسينات، وثارتْ على عاداتِ المُجتمعِ الذّكوريِّ وعلى المَفاهيمِ الذُّكوريّةِ، فاسترْعَتِ انتباهَ النُّقّادِ والإعلامِ، وصَوّرَتِ الواقعَ السّائدَ، فانتشَرَ مُصطلَحُ الأدبِ النّسويِّ ما بعدَ الحداثة، وظهرَتِ المَرأةُ في المَركزِ مُناضِلةً مُناهِضةً مُبدِعةً، تَعتني بذاتِها الأُنثويّةِ وبجَسدِها، وترفضُ التّبعيّةَ، وتخترقُ الثّالوثَ المُحَرَّمَ: الجنسَ والدّينَ والسّياسةَ، واستخدَمتْ حبكةً غيرَ تقليديّةٍ، بتداخُلِ أجناسٍ وآليّاتٍ فنّيّةٍ كثيرةٍ كمثل؛ التّصويرِ، والرّسمِ، والسّينما، والصّحافةِ، والأخبارِ، وإلخ.. والمرأةُ أظهَرَتِ الرّجُلَ قاسيًا مُهشّمًا وضعيفًا، مُستغِلًّا لها مغتصِبًا وعاجزًا جنسيًّا. كانتْ فترةٌ انتقاليّةٌ وانتهَتْ، واليومَ هناكَ كاتباتٌ مَشهوراتٌ يَستأهِلْنَ تخليدَ أدَبِهِنَّ، فلا ينبغي إصدارَ أحكامٍ تَعسُّفيَّةٍ سَطحيَّةٍ مُعمَّمةٍ، بل علينا إنصافُهُنّ في المَيادينِ المُختلفةِ، فالإبداعُ يَحتاجُ إلى لغةٍ سليمةٍ، وأفكارٍ خلّاقةٍ ومُبدِعةٍ، تُجاري العصرَ وتَخدمَ المجتمعَ، فهل نَزُجُّ أدبَ رجالٍ كتبوا عنِ المرأةِ وبلسانِ المرأةِ، في خانةِ الأدبِ النّسائيّ؟
هل المرأةُ قاصرةٌ على الإبداع؟ فلنطّلِعْ على آخِرِ الأبحاثِ العِلميّةِ إذن؛
سيكولوجيًّا: هل للكتابةِ خصوصيّةٌ تنبُعُ مِن الجنسويّة؟
ثقافيًّا، هل للمَرأةِ أساليبٌ وطُرُقُ تعبيرٍ تُميّزُها، ولها علاقةٌ ببيئتِها الثّقافيّةِ؟
لُغويًّا: هل للمرأةِ لغةٌ أنثويّةٌ وخطابٌ، وضميرٌ، وسردٌ أنثويٌ رومانسيّ خاصٌّ مُختلفٌ عن الرّجل؟
وهل الفرْقُ التّكوينيُّ بينَ الجنسيْنِ مِن حيث تكوين المُخ، يَنعكسُ في إبداعاتِهما؟
تُبيِّنُ الأبحاثُ وتُؤكِّدُ بأنَّ المُخَّ يَنقسِمُ إلى قسمَيْنِ، القسمُ الأيْسَرُ عندَ المرأةِ أكبَرُ حجمًا، وأقوى فاعليّةً ممّا لدى الرَّجُلِ، يَشمَلُ مَراكِزَ اللّغةِ، وظائفُهُ الأساسيَّةُ لفظيَّةٌ ومَنطقيّةٌ ومُلتصِقةٌ بالحقائقِ، بينما القِسمُ الأيمنُ الّذي يَتعلّقُ بالمَجالِ البَصريِّ والخَيالِ والأحلامِ، هو أكبَرُ حجْمًا عندَ الذُّكورِ، مَسؤولٌ عنِ الخَيالِ والأساطيرِ والتّفكيرِ الاستعاريِّ والرّمزيِّ، فهل حقًّا الرّجُلُ أكثرَ ميْلًا للأساطيرِ والخيالِ، والمَرأةُ أكثرُ واقعيّةً
أجرى الحوار: الشاعر جورج جريس فرح