الشاعر محمد احمد السويدي صوت الذين يدينون بدين الحب
خلال زيارتي الاخيرة الى ابو ظبي تعرفت عن قرب بالشاعر الاماراتي النبيل محمد احمد السويدي وهو بنفس الوقت كاتب مطلع و مثقف رائع و باحث في التاريخ والحضارات يعشق البحث عن كل جديد فيما يخص من سبقونا وبالذات الأوائل من طليعة البشر الذين تركوا ارثا حضاريا ومعماريا وثقافيا وفلسفيا في عالمنا. وهو ذو معرفة جيدة بعلم الفلك، كما أنه يعشق القراءة والكتابة، مما جعله يؤسس اهم دار نشر عربية تهتم بادب الرحلات وهي دارة السويدي الشهيرة. كما انه مهتم بالتنقيب عن الكتابات الفلسفية العميقة التي تعقم الروح وتعطر الفكر. له مؤلفات عديدة سواء بالشعر او بالنثر ليس آخرها ديوان قصائد الحب الشهيرة بعنوان لخولة وهي 365 قصيدة حب بعدد ايام السنة اعدها وجمعها بعناية فائقة. عنوان كلمته المقدمة للديوان الذي اعده وجمعه هي نفس كلمات شاعر الحب الكبير محيي الدين بن عربي: أدين بدين الحب .. وفي قصائده التي سمعتها منه شخصيا تأكدت من أن السويدي يدين فعلا بدين الحب…
اربع من قصائده غناها الفنان اللبناني مارسيل خليفة احداها في اسطوانته كونسرتو الاندلس. وهي قصيدة (سبع رسالات إلى فينوس)، اي الى افروديت آلهة الجمال لدى الرومان. كما انشد له مارسيل خليفة قصيدة بعنوان – علليني – وأخرى بعنوان – يسقي وطنهم سيل -. كما انشد مارسل خليفة اغنية (يا ساري) وهي ايضا من شعر السويدي. وجدير بالذكر ان هناك 22 قصيدة للشاعر محمد السويدي لحنها وغناها عدد من الفنانين العرب.
صدرت له خمسة دواوين شعرية باللغة العربية، هي:
1- موانئ السحر 1986م.
2- أحلام وردية – 1988م.
3- أساور في ذراع القمر – 1990م.
4- دقاقة الطار – 1993م.
5- رفيق الليل – 1996م.
وترجمت الكثير من قصائده إلى اللغات الإنجليزية والفرنسية والإسبانية، وله مجموعة شعرية باللغة الإنجليزية، هي: 6- Pathways of Dawn, 1997.
كما صدر له مؤخرا كتاب بعنوان: لخولة 365 انشودة حب
و كتاب آخر بعنوان : لبيك اللهم لبيك 365 صور ومشاهد من الحج.
تشرفت بالكتابين اللذين اهداني اياهما الشاعر السويدي مع اهداء جميل منه.
محمد السويدي من عشاق التاريخ والأزمنة التي سبقت وتلت الاندلس. لذا فهو كثير السفر بين ايطاليا واسبانيا. ويقول عن ايطاليا انها بلد مليء بالامكنة التاريخية، ولا يكاد الانسان يزور مكان فيها سواء كان قرية نائية او مدينة كبيرة الا ويجد هناك شيئا من التاريخ الايطالي العريق. ولا يمكن الحديث عن الشاعر السويدي دون ذكر ولعه بالشاعر الاسطورة وعشقه لشعر المتنبي حيث انه اصبح من الشعراء المختصين في المتنبي وشعر المتنبي.
يعتبر محمد أحمد خليفة السويدي من الادباء والشعراء المجددين في الشعر المحكي. اثناء بحثي عن المعلومات الاضافية عن الشاعر السويدي وجدت و قرأت في سيرته على موقع ويكيبيديا الموسوعي التالي :
” أعطى القصيدة المحلية بعداً جديداً تجلى في الصياغة الشعرية والصنعة الفنية وإضفاء وإقحام المفردة العميقة، استطاع أن يمزج في قصائده بين المفردة العامية القحة لبدو المنطقة مع مفردات فصيحة في إطار ما يسمى تفصيح العامية مع الحداثة بلون وقالب شعري تقليدي، يرتكز على أهم مقومات القصيدة خاصة الإحساس و الخيال والصور البلاغية وطريقة السبك والحبك والعناصر اللغوية كأدوات وأسلوب التشبيه والاستعارة والكناية. قال عنه غسان الحسن أنه من الشعراء الذين أدركوا أيضاً الفصل القائم بين الشعر النبطي والشعر الفصيح, فحافظ على كيان كل نوع فإذا دخل إلى الفصيح دخل وهو يملك زمامه, وإذا جال في مضمار النبطي ارتقى به ضمن حدوده, وأعطاه بريقاً كبريق الشعر الفصيح دون إخلال بكيانه.”.
كل من يجلس مع السويدي ويقرأ له يعي ويعلم كم هو مولع بالشعر الذي سبق الاسلام او الشعر الجاهلي وبالشعراء الكبار من امرئ القيس الى طرفة بن العبد و زهير ولبيد. كما يحظى الشعر العالمي باهتمامه البالغ، حيث درس أشعار أوفيد و باتشو و جوته وأريتينو و طاغور وآخرين غيرهم. من شعر وادب هؤلاء التهم الشعر و الابداع وعرف كيف يمزج بين هؤلاء كلهم في شعره الجميل والعذب.
واقتطف من جديد هذه الفقرة مما كتب عنه في الموسوعة العالمية :
” محمد السويدي واسع الاطلاع متعدد الاهتمامات، نهل من مدارس أدبية عدة، له إسهامات كثيرة في خدمة الثقافة العربية. الثقافة بالنسبة له بمختلف مجالاتها هي شغله الشاغل، يأسر قلبه ووجدانه الشعر والأدب العربي وتاريخه. درس المتنبي سيرته وعصره وله اجتهادات ظهرت في يوميات دير العاقول، و المعلقات لا تغيب عن ناظره، ولا أصحابها، عندما يحدثك عن امرئ القيس أو زهير أو لبيد أو طرفة يشعرك كأنه يعيش معهم. يحظى الشعر العالمي باهتمامه البالغ، حيث درس أشعار أوفيد و باتشو و جوته وأريتينو و طاغور وغيرهم. كما تحظى باهتمامه أيضاً الآداب والفنون كالرواية واالسينما و الأوبرا و الموسيقى والفن التشكيلي و النحت. ومحمد السويدي شغوف كذلك بالحضارات وأحوال الأمم وثقافاتها ومقارنات الأديان وتاريخ الفن. كما يهتم كثيراً بالجغرافيا وأدب الرحلات ويحرص دوماً على اكتشاف الحكايات المرتبطة بالمكان. دعا خلال عمله بالمجمع الثقافي الدول المتعددة عبر سفاراتها إلى إقامة أنشطة وأسابيع ثقافية واسعة في الإمارات. قام برحلات حول العالم وخاصة إلى إيطاليا و بريطانيا و أسبانيا واستكشف فنون عصر النهضة وآثار الثورة الصناعية والفنون الإسلامبة في الأندلس. محمد السويدي عرف عنه أيضاً اهتمامه المبكر بـ تكنولوجيا المعلومات وتوظيفها لخدمة الثقافة، فكان له ومازال إسهامات عديدة في هذا المجال.”.
بعد لقاءي الأول والذي لم يكن ولن يكون الأخير لانني اطمح بالتواصل البناء مع شاعرنا الجميل والنبيل، واطمع بان انشر يوما ما سيرة او رحلة حياتي من المخيم الى العالم عبر دار السويدي. في مجلس الشاعر السويدي كتبت تعليقا سريعا في موقع التواصل الاجتماعي فيسبوك جاء فيه :
جلسة واحدة في مجلس الشاعر المثقف والانسان النبيل محمد احمد السويدي تجعل الانسان بشوق لجلسة اخرى. زرت الامارات مرات عديدة وكثيرة ولكنها المرة الأولى التي ارى فيها مالم أره في زياراتي السابقة. رأيت هذا الرجل الشهم الذي يحمل هم الثقافة والبحث والتنقيب عن التاريخ من الشعر الى العمارة والديانات والحضارات والثقافات .. يغوص في بحره الخاص ضمن المحيط العام ليشاهد بأم العين ماذا ترك الأولون للذين جاءوا من بعدهم،وليرى ماذا فعل الذين جاءوا فيما بعد للأولين.
تشرفت بمعرفة الشاعر السويدي عن قرب وباللقاء به والاستماع لشعره العذب، والحديث اليه ومعه في همومنا الانسانية والثقافية والمصيرية. الشاعر ابو احمد أو ابو جاسم كما سمعتهم ينادونه في المجلس هو الامين العام الاسبق لمجلس ابو ظبي الثقافي، الذي في ظل امانته عرف عنه بانه مجلس ثقافة الانتماء لقضية الأمة العربية الأولى قضية فلسطين. وهو صاحب اهم دار نشر عربية تنشر ادب الرحلات وقد اصدرت عشرات الاصدارات التي أثرت وأغنت وسوف تثري وتغني الثقافة العربية وتبقى مرجعا للاجيال القادمة.
تحية للشاعر السويدي الذي اعتز بمعرفته وصداقته… وللطاقم المحيط به من مثقفين وكتاب وادباء وشعراء وبالذات مدير مكتبه صديقي الكاتب الفلسطيني محمود خضر…
وفي الختام اقول: رب أهل لنا لم يلدهم اهالينا.
نضال حمد – اوسلو