الشهيد أيمن محمود بلعوس – إعداد نضال حمد وموقع الصفصاف
في الأيام والأسابيع والأشهر التي أعقبت احتلال لبنان سنة 1982 وفي أعقاب سقوط المدن والبلدات والقرى اللبنانية والمخيمات الفلسطينية تباعاً في جنوبي لبنان. ثم الصدمة التي تلقيناها بسبب الاندفاعة الصهيونية التي فاجأتنا والتي كشفت جبن ووهن وخسة بعض قياداتنا في الجنوب، خاصة الذين فروا تباعا مع فرار الحاج اسماعيل من صيدا. في أعقاب ذلك انتشرت مجموعات تابعة لعصابات القوات الفاشية اللبنانية بقيادة المقبور بشير الجميل، وقامت على مدار أكثر من سنتين باختطاف وتصفية عشرات وربما مئات الفلسطينيين ومنهم فلسطينيين من سكان منطقة صيدا. من هؤلاء الشهداء هناكلأستاذ علي أبو خرج وماجد بليبل وأحمد السباعي ونبيل الشرقاوي وعفو فاعور وخضر ابو عرب وخضر الدنان وشهيرة خريبي وآخرين كثيرين، لا أعرف أسماءهم كلهم، لكن من بينهم هناك أيضا شهيد حكايتنا لهذا اليوم أيمن محمود بلعوس، ابن مخيم عين الحلوة، وابن قائد سياسي وشعبي مناضل هو الاستاذ محمود بلعوس (جبهة شعبية) الذي لجأت عائلته سنة 1948 من بلدة سعسع في فلسطين المحتلة الى المخيم في لبنان.
الشهيد أيمن محمود بلعوس هو النجل الأكبر للقائد الراحل محمود بلعوس، الذي بدروه كان من قيادات الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين في لبنان، بالذات في مدينة صيدا ومخيم عين الحلوة. والذي توفي قبل أعوام في لبنان بعد رحلة طويلة من النضال لأجل فلسطين كل فلسطين. في هذا الصدد يقول الرفيق والصديق عبدالله الدنان أحد قادة الجبهة الشعبية في لبنان عن موقف الراحل أبو أيمن بلعوس، أن الرجل عندما علم باختطاف نجله أيمن، بقي صامداً وسجل موقفاً صلباً مَثلَ حالة ثورية صلبة بمواجهة الاحتلال والسجانين. فقد كان يومها معتقلاً في سجن أنصار، الذي أقامته قوات الغزو الصهيوني في الجنوب اللبناني لتجميع آلاف المعتقلين الفلسطينيين واللبنانيين.
في مخيم عين الحلوة في الجنوب اللبناني ولد الراحل الشهيد أيمن بلعوس وترعرع في حارات العين الحلوة كما درس وتعلم في مدارس المخيم وأصبح شبلاً من أشبال الثورة فشهيداً من شهدائها. أقول الشهيد لأنني مقتنع تماماً بأن كل الفلسطينيين الذين تم اختطافهم من قبل الفاشيين الانعزاليين اللبنانيين في ذلك الوقت، قد تمت تصفيتهم ودفنهم في أماكن مجهولة لا يعرفها إلا القتلة أنفسهم. لذا فإنه من واجب الدولة اللبنانية الأخلاقي، هذا لو كانت تتصرف كدولة بحق، ولم يكن للمجرمين فيها حماية وحصانة، أن تجبر القتلة ومنهم مجموعة كبيرة ومعروفة للجميع على الإفصاح عن أماكن المقابر الجماعية والفردية، تلك التي تنتشر فوق الأراضي اللبنانية وبالذات في المناطق التي كانت تسيطر عليها ميليشيات الانعزاليين المتحالفة مع الصهاينة.
في طفولتي جمعتني صداقة لفترة قصيرة مع أيمن وشقيقه الأصغر منه سناً المرحوم أيسر. كنا معاً كفتية ننتسب لمنظمة الشبيبة الفلسطينية (الشعبية) في مخيم عين الحلوة، والتي ضمت في صفوفها مجموعة كبيرة من الصبية والفتية في المخيم. فيما بعد تعرض الصديق أيسر لحادثة مؤسفة أدت الى اصابته بإعاقة مستديمة وبعد ذلك بفترة من الزمن توفي في المخيم، لا أدري في أي سنة ولا في أي تاريخ.
بالنسبة لأيمن فقد عمل لدى مؤسسة عنتر للكهرباء في مدينة صيدا… وفي فترة الغزو 1982 واحتلال صيدا من قبل الصهاينة وانتشار عصابات الفاشيين الانعزاليين اللبنانيين في المنطقة، جاءت مجموعة من القوات اللبنانية التابعة للمجرمين إيلي حبيقة وسمير جعحع واقتادته الى جهة مجهولة. منذ ذلك اليوم اختفت آثاره ولم يعد الى بيته ولا الى عائلته، بقيت الجهة التي قادوه إليها مجهولة ولاتزال مجهولة، ولن يتم التعرف على مكان دفنه مادام لبنان يساوي بين الضحية والجلاد. لقد تم خطفه من المؤسسة الكهربائية التي كان موقعها قرب ساحة النجمة شرقاً يعني بين شركة الكهرباء وساحة النجمة في مدينة صيدا اللبنانية لينضم الى قافلة طويلة من الشهداء الذين اختطفوا ولم يعدوا.
الشهيد أيمن محمود بلعوس هو أيضاً قريب الدكتور جمال بلعوس في الهلال الأحمر الفلسطيني في مستشفى الهمشري. كذلك هو قريب المرحومة الخالة أم محمد السيد والدة الرفيق المناضل عبد القادر السيد والرفيق الجريح المناضل الأستاذ محمد السيد “أبو ابراهيم”، الرجل العصامي والانسان الفلسطيني المثالي. للراحلين أيمن وأيسر شقيقتان واحدة منهم طبيبة كما لهما شقيق أصغر منهما سناً.
جرائم المتصهينين الفاشيين الانعزاليين اللبنانيين لا تسقط بالتقادم. فمهما طال الزمن يجب ملاحقتهم وجلبهم الى قفص العدالة. ويجب العمل من أجل كشف مصيرهم ومكان دفنهم بعد تصفيتهم.
أعداد نضال حمد وموقع الصفصاف
في الأول من شباط – فبراير 2022