الشهيد القائد أبو ناصر البوريني – كمال مقبول
من سجل الخالدين …
المرحوم الشهيد القائد أبو ناصر البوريني ..
لا أظن ان أحداً ممن دخلوا السجون بعد الاحتلال عام ٦٧ وفي فترة السبعينات والثمانينات لا يعرفون هذا المناضل الصلب والقائد المتواضع والإنسان المعطاء أبو ناصر من مؤسسي حركة القوميين العرب ومن قيادة الجبهة الشعبية في الوطن المحتل ، هذا الرفيق الذي دخل المعتقل مرات عديدة بدون ان تثبت عليه تهمة واحدة ، يعتقل لشهور ليفرج عنه ثم يعاد اعتقاله .
كان علماً معروفاً في مدينة نابلس وقراها ومن رجال الإصلاح الذي نال احترام وتقدير ومحبة كل من عرفه او سمع به .
تعرفت عليه في سجن نابلس المركزي في نهاية عام ٧٣ ، كان اول من استقبلني وسمع منّي ما حصل بالتحقيق ، عاملني كمائن له ولم يمر يوماً إلاّ وتأبط ذراعي لساعة أو أكثر كل مساء ذهاباً وإياباً في الغرفة ، حدّثني عن فلسطين وعن الأعداء ، عن الصهيونية عن حركة القوميين العرب والجبهة بلغة بسيطة ومفهومة ، وكان يختار لي بعض الكتب المتوفرة لقراءتها ، وبعد حوالي شهر اختارني لتسلّم صندوق الغرفة وكنت الأصغر عمراً في غرفة فيها ما يزيد عن ٣٥ معتقلاً ، وهو من أعطاني اسمي الحركي حسام عندما وجدني حازماً في توزيع حصص المعتقلين وخاصة السجائر ، هذا ألأسم الذي لم أتخلى عنه وأسميته لابني حسام .
وفي احد الأيام حصلت حادثة ما زلت أتذكرها جيداً ، كان لنا رفيقاً أسيراً اسمه فوزي الزعبي ، هذا الرفيق وهو اردني الجنسية نزل في عملية فدائية للأرض المحتلة ( عملية بيت فوريك )وأصيب فيها وتم اعتقاله واستشهد باقي أفراد المجموعة ، وحكم بعدة مؤبدات ( تم تحريره لاحقاً) ، كان هذا الرفيق يعمل في المطبخ وربطتنا علاقة صداقة وكنت احترمه وأقدره كثيراً ، وحدث ان مجموعة من أبناء فتح استفردت به وضربته ، ووصل الخبر لغرفتنا ، يومها ثارت ثائرتي ووقفت في الغرفة وطالبت بالاقتصاص من ابناء فتح في غرفتنا وكانوا مجموعة لا تتجاوز العشرة وأغلبية المعتقلين في الغرفة جبهة شعبية ، يومها وقف المرحوم ابو ناصر الى جانبهم ومنعنا من الاقتراب منهم ، ولم انسى كلماته لهذا اليوم ، يومها صرخ فينا وهو يقول هل نسيتم اننا في معتقل وهؤلاء هم إخوتنا في نضالنا ضد الاحتلال ، اليس هذا ما يريده السجَّان وهو يقف متفرجاً فرحاً ، سنأخذ حق رفيقنا ونحاسب من قام بذلك ، ما ذنب هؤلاء الاخوة وما الفرق بيننا وبين من ضرب رفيقنا لو قمنا بضربهم …!
تواصل معي الرفيق بعد خروجي من السجن ومغادرتي للعراق بغرض الدراسة الجامعية ، وكان يرسل الرفاق للاتصال بي والاهتمام بهم .
ولكن فرحتي الكبيره كانت عندما زار ابني حسام الوطن المحتل وقام بتصوير فيلم عن الاحتلال ومستوطناته( تم عرضه في السويد بغالبية المدن السويدية) والتقى ابني حسام مع ابو ناصر الذي ارسل لي رسالة مصوّرة يهديني تحياته ويعبر فيها عن فرحته بلقاء ابني ومن معه وسعادته بانه يحمل اسم حسام الذي اسماني به .
لروحك الرحمة رفيقنا المناضل والقائد ابو ناصر البوريني ولن ننسى .
كمال مقبول
الصورة لرسالة الحكيم جورج حبش معزياً بوفاة الشهيد ابو ناصر البوريني