الشهيد نزار صالح حجاج 1957-1976 – نضال حمد
ولد الشهيد نزار صالح حجاج في مخيم عين الحلوة للاجئين الفلسطينيين في لبنان سنة 1957. مما يعني أنه كان يكبرني بست سنوات يوم استشهاده في مواجهات التصدي للقوات السورية التي هاجمت الفلسطينيين في ذلك الوقت في مدينة صيدا اللبنانية يوم 5 حزيران – يونيو 1976.
أذكر أنه في ذلك الوقت كان بعض الشباب الأكبر سناً منه ومني، الذين كانوا يقطنون في حارة عرب زبيد بالمخيم وهم من أهالي بلدة عرب زبيد والناعمة وبلدات أخرى في فلسطين المحتلة، كان البعض منهم ينتمون لنفس الفصيل أي لجبهة النضال مع استثناءات قليلة مثل انتماء بعضهم الى الجبهة الشعبية وجبهة التحرير الفلسطينية وفتح. هذا ليس بالشيء الغريب على الفلسطينيين ففي البيت الواحد قد تجد منتسبون ومنتسبات لفصائل فلسطينية متعددة. انها الديمقراطية الفدائية الفلسطينية التي في بعض الأوقات تحولت الى ديكتاتورية فصائلية وصراع عنيف بين الفصائل.
أذكر أن الشهيد نزار كان فتىً قوياً، صلباً، شاباً متحمساً، مندفعاً، وطنياً، فلسطينياً أصيلاً. حمل السلاح لأجل التحرير الكامل والعودة الى فلسطين، لكن الحرب الأهلية اللبنانية التي جَرّت الفلسطينيين والسوريين الى آتونها أوقفت مسيرة حياته الشابة في ذلك اليوم. وكم من الشباب العرب والفلسطينيين بالذات أوقفت تلك الحروب اللعينة حيواتهم واندفاعهم نحو تحرير فلسطين. كم من الأخوة والرفاق والأصدقاء والأصحاب وأبناء الحارة والمدرسة والمخيم فقدنا في تلك الحرب الهمجية، التي لازلنا ندفع ثمنها حتى اليوم في مخيماتنا الفلسطينية. فمخيم عين الحلوة وهو مخيم الشهيد نزار حجاج وآلاف الشهداء الآخرين، أصبح مثل مدينة قلقيلية في فلسطين المحتلة مطوقاً ومحاصراً ومغلقاً بجدار العار. ولا يخجل بُناة الجدار من العار الذي سيلازمهم حتى الأبد.
الشهيد نزار صالح حجاج أستشهد في نفس العام الذي استشهد فيه أيضا الشهيد منذر فتحي الخطيب من نفس حارته بالمخيم. استشهد منذر في مواجهة مع الانعزاليين والقوات السورية في جبل لبنان سنة 1976. فيما استشهد نزار في مواجهة مع القوات السورية الغازية لمدينة صيدا، اثناء التصادم المؤسف الذي وضعنا في مواجهة التدخل السوري في لبنان، هذا التدخل الذي أنقذ الانعزاليين من هزيمة مؤكدة. الانعزاليون سرعان ما انقلبوا على السوريين بعد وقت قصير من انقاذهم، ثم أشهروا تحالفهم مع العدو الصهيوني. بعد ذلك عادت العلاقات السورية الفلسطينية الى سابق عهدها واكتشف السوريون والفلسطينيون لكن بعد فوات الأوان أنهم وقعوا في فخ كان على ما يبدو أكبر منهم. منذ ذلك الوقت تغيرت أمور كثيرة في لبنان وتوجت بالاجتياح الصهيوني سنة 1978 ثم بالغزو الصهيوني سنة 1982 الذي انتهى بحصار بيروت ومن ثم احتلالها بعد انسحاب الفلسطينيين وبعض الوحدات السورية منها. أعقب ذلك عودة التصادم بين القيادة السورية والقيادة المتنفذة في منظمة التحرير الفلسطينية، انشقاق حركة فتح وغالبية الفصائل الفلسطينية. ثم التحاق قيادة المنظمة (عرفات) بالرجعيات العربية ونظام كمب ديفيد والنظام الأردني ومحميات الخليج، وصولاً الى مؤتمر مدريد ثم اتفاقية – كارثة – أوسلو وما تلاها من كوارث ونكبات وسقوط واستسلام فلسطيني رسمي وعلني لأصحاب بدعة القرار الفلسطيني المستقل، الذي دفعنا ثمنه حروباً عديدة ضد المخيمات الفلسطينية في لبنان ولازلنا ندفع.
خلال بحثي على الانترنت عن أسماء شهداء الثورة الفلسطينية عثرت على بعض السجلات وبعد مطالعتها تيقنت أنها غير كاملة.. وأن بعض المعلومات المنشورة فيها غير دقيقة، هذا فيما يخص بعض الشهداء. ضمن شهداء جبهة النضال الشعبي الفلسطيني عثرث على إسمين للشهيدين نزار صالح حجاج وأسمه الحركي “محمد أبو طارق”، الذي استشهد في مواجهة الغزو السوري لمدينة صيدا يوم 5 حزيران يونيو 1976. كما وعثرت على اسم الشهيد الصفصافي حسن حسين كردية الذي استشهد في الجليل الفلسطيني المحتل في 15-10-1969 خلال تنفيذه عملية فدائية. الشهيد حسين كردية من مواليد سنة 1942 في الصفصاف وهو من أوائل شهداء مخيم عين الحلوة وجبهة النضال الشعبي الفلسطيني في لبنان وبشكل عام.
يوم استشهد نزار ذهبنا نحن فتية الحارة والمخيم للتأكد من أنه استشهد بالفعل. فشاهدنا جثمانه مسجى في براد مستشفى الحكومي عند مدخل مخيم عين الحلوة الفوقاني. وبحسب الصديق أبو شادي الخطيب رفيق الشهيد نزار حجاج آنذاك، وبعد معاينة جسد الشهيد تبين أنه كان مصاباً بطلقة واحدة في القلب. مما تسبب في أسى وحزن وألم قلوب كثيرة أولها قلوب أهله وأقاربه وكذلك رفاقه وأصحابه وأبناء حارته ومخيمه وجبهته وقضيته. في نفس المستشفى شاهدنا جثامين لجنودٍ سوريين كانت ممزقة بالرصاص والشظايا. كم هو صعب أن نموت ويموت غيرنا من العرب برصاص عربي وفي معارك جانبية بدلاً من توجيه الرصاص العربي الى العدو الصهيوني.
المجد والخلود للشهيد نزار صالح حجاج ولكل شهداء الدفاع عن قضية فلسطين.
نضال حمد
1-4-2021
الشهيد نزار صالح حجاج 1957-1976 – نضال حمد