الشيخ الأسير يأسر صيدا ويقود لبنان نحو الهاوية – نضال حمد
بعد أيام من تصريحاته الخطيرة عبر قناة الجديد والتي هاجم فيها زعيم المقاومة السيد حسن نصرالله عمد الشيخ الأسير الى النزول مع أتباعه الى الشارع والى قطع الطريق الدولية الرابط بين بيروت والجنوب في صيدا عند مكسر العبد، حيث افترش أنصاره الأرض وأقاموا أمسيات دينية في المكان (وقد يكون الفنان التائب فضل شاكر منشد جماعة الشيخ الأسير هو الذي ينشد في مكسر العبد)، محذرين “من التصعيد” وملوحين بقطع الطريق البحري إذا لم تتم الاستجابة إلى مطالبهم، مؤكدين أن “التحرك يهدف الى استعادة الكرامة أو تحويل المكان الى مقبرة للكرامة”.
لا بد لنا أولا أن نقول بأن ظاهرة الشيح الأسير في صيدا عاصمة جنوب لبنان هي تكريس لواقع لبناني وصل الى حد التفجر والهبوط الى الهاوية. فيما تهديده بتحويل مكان الاعتصام الى مقبرة للكرامة هو دعوة للحرب الأهلية والطائفية. لأن الذي قام ويقوم به الشيخ الأسير من تحركات عديدة منذ فترة طويلة يدل على أن هذا التوجه سيقود البلد الى معركة هو أصلا في غنى عنها. ويعود سبب اعتقادنا هذا للشعارات السياسية والمذهبية التي يطلقها الشيخ الأسير ومن معه من الأتباع ، حيث أنها شعارات واضحة في توجهها ضد المقاومة ورأس حربتها حزب الله. واتسمت الشعارات التي أطلقها مؤخرا الشيخ الأسير بالمباشرة في مخاطبة السيد حسن نصرالله و كذلك رئيس حركة أمل نبيه بري على اعتبار أنهما قائدا الشيعة في لبنان. وذكر الشيخ الأسير السيد حسن نصرالله بخطابته في ذكرى عاشوراء وحديثه عن موضوع الذلة. وجاءت كلمات الأسير تحمل نبرة تهديد واضحة لا يمكن أن يستخدمها إنسان سويّ وعاقل يحرص على مصير البلد ووحدته.
توجه الشيخ الأسير هو بالأساس توجه مذهبي لجماعته التي برزت مؤخرا والتي لا نعرف من يقف وراءها ومن يمولها ومن أين لها هذه القوة لتقوم بتهديد حزب الله وحسن نصرالله وكذلك نبيه بري وأيضا بدعوة الجيش اللبناني لاقتحام المخيمات الفلسطينية وفرض سيطرته عليها. بالرغم من الانعكاسات الخطيرة لمثل هذه الدعوة التي تنم عن عدوانية الشيخ الأسير للمخيمات الفلسطينية (كما عدوانيته اتجاه حزب الله والشيعة) وسلاحها الذي لطالما صان وحمى المخيمات وسكانها من اعتداءات الطائفيين في لبنان بشكل عام. تصريحات الشيخ الأسير وتصرفاته تنم إما عن جهله ولا وعيه أو عن قوة خفية تقف خلفه وتحركه وتمده بالدعم والإسناد والقوة.
ترى أين كانت كرامة هؤلاء (الأسرى – من الأسير) يوم كانت المدفعية و الطائرات الصهيونية تدك لبنان كله من الجنوب الى الشمال ومن الشرق الى الغرب؟
أين كان أمثال الشيخ الأسير والمعتصمين معه في مكسر العبد، من مقاومة العدو الصهيوني والدفاع عن لبنان وطنا وشعبا وأرضا وكرامة… كرامة كانت حتى وقت قريب تدوسها بساطير الصهاينة وأعوانهم اللحديين… وكانت تخترقها الطائرات الصهيونية في كل وقت وتقصف وتقنص وتفعل ما تريد دونما محاسب أو رقيب؟؟؟
أين كان هؤلاء يوم كان رجال المقاومة في الميادين يعلمون الصهاينة دروسا في القتال والانتصار ويسجلون ويدونون بالدماء الطاهرة ملحمة شعب يحب الحياة ويعشق الحرية ويحترم نفسه ويعتز بكرامته.
أين كان هؤلاء القوم وزعيمهم الأسير في الوقت الذي كان مقاتلو المقاومة بقيادة حزب الله يحررون جنوب لبنان كله من الاحتلال الصهيوني والعملاء ويفرضون توازنا للرعب لا يجرؤ الصهاينة على خرقه منذ صيف سنة 2006؟
يطالب الشيخ الأسير ومن معه بالدعوة لسحب سلاح المقاومة واعتباره كأسلحة العصابات الطائفية المنتشرة في كل لبنان. ويتناسى الشيخ الأسير أن سلاح حزب الله لم يوجه ولو لمرة واحدة الى غير مكانه الصحيح، فقد ظل دائما موجها ومازال كذلك الى صدور العدو الصهيوني ونحو جنوب الجنوب وشمال فلسطين المحتلة. هكذا هو سلاح المقاومة التي تعرف من هو عدوها ولا تنجر لمعارك جانبية يحاول الكثيرون منذ سنين جرها إليها. أما سلاح المزايدة والمغامرة والمقامرة الذي يستخدمه الشيخ الأسير لن يكون أكثر من سلاح للفتنة قد يذهب بالبلد الى الهاوية، وذلك عبر تفجير حرب سنية – شيعية لبنانية، طبعا المستفيد منها هو العدو الصهيوني ومعه أعداء عروبة ووحدة لبنان.
تقول جريدة اللواء اللبنانية عبر مصادر مطلعة ” أن يتم قطع الطريق البحرية يوم الأحد، وبالتالي فصل الجنوب عن العاصمة بيروت، باستثناء بعض الطرق الفرعية، الأمر الذي سيؤدي الى مضاعفات وأزمة سير خانقة… وألقى الشيخ الأسير خطبة الجمعة في مكان الاعتصام فأكد “أن الطريق لن تفتح إلا بعد أن يأتي شخص مصدر ثقة من لجنة الحوار، ويقول إن هذا السلاح سيكون في أمرة الدولة”… وأضاف:” نقول لمن يطلب فك الاعتصام، ما البديل الذي يقدمه لهيمنة السلاح علينا وعلى لبنان؟، فقالوا لنا الحوار هو الحل، ونحن لم نجد أي نتيجة من هذا الحوار، فما الجدوى من طاولة الحوار، فأعطونا أمراً ايجابياً واحداً سوى الاعتداء على وسائل الإعلام وقطع الطرق وحرق الأعصاب”؟.
كلام الشيخ الأسير إعلان حرب واضح على سلاح المقاومة فالشيخ الطالع والصاعد نجمه في هذه الأزمة التي تعصف بلبنان وطنا وشعبا يعرف بأنه يتحدث عن سلاح المقاومة وليس عن سلاح الزعران والاستعراضيين في بعض أزقة وشوارع بيروت وطرابلس… وهو يتحدث من ناحية مذهبية وليس من ناحية سياسية .إذ يفترض المذهبيون في لبنان أن عدوهم الأساسي هو حزب الله “الشيعي” وليس الكيان الصهيوني ولا العصابات المحلية التي تتعاون معه ولا تؤمن بعروبة البلد.
حديث الشيخ الأسير عن هيمنة السلاح على الناس والبلد حديث حق يراد به باطل، لأن الحق يكون حيث يكون الحديث عن سلاح العصابات والمرتزقة الذي لا يستخدم إلا في تخريب البلد وتهديد أمن المواطنين. فيما العكس أي اللاحق والباطل يكون في أن يعني الشيخ الأسير سلاح المقاومة، هذا السلاح الذي ذاد عن لبنان طوال سنوات ما بعد 1982 فيما المذهبيون كانوا طوال تلك السنين نائمين في العسل أو يقضون الليالي في نتف لحاهم.
إن تحركات الشيخ الأسير وأعوانه وأتباعه في صيدا، والتهديدات والشعارات التي يطلقها باتجاه السيد حسن نصرالله والمقاومة لا يمكن أن تبشر بالخير للبنان، بل على العكس فقد تكون بمثابة الشرارة التي ستشعل فتيل حرب أهلية طائفية جديدة في البلد . هذا في حال لم يتمكن العقلاء من تداركها واحتواءها أو القضاء عليها في مهدها. وعلينا أن نتذكر دائما أنه في حال تحتم على الحزب خوض معركة جانبية وأجبرته الجماعات المذهبية مثل جماعة الشيخ الأسير عليها سوف يضطر الحزب لخوضها مجبرا ودفاعا عن النفس وعن البلد والمقاومة… ولا نعتقد أنه سوف يتهاون في تعامله مع هذه الظاهرة التي لا نعرف مدى قوتها أو قدرتها على الصمود والبقاء والمواجهة مع حزب مقاوم مدرب ومجرب.
نضال حمد