الشيخ عمر سليم الموعد – اعداد نضال حمد وموقع الصفصاف
إن أبناء الجيل الأكبر مني سناً أي جيل النكبة وسنوات الخمسينات وأبناء جيلي أي جيل الستينيات ثم جيل السبعينيات والثمانينيات لازالوا يتذكرون الرجل الهيبة، الشيخ الجليل، الوطني الكبير، والمجاهد العتيق، أحد وجهاء مخيم عين الحلوة وبلدة صفورية في مخيمنا وفي لبنان والشتات. فمن ينسى رجل الاصلاح والخير والوحدة والتسامح والتعايش والتكامل بين أهالي المخيم والجوار.
ولد شيخنا سنة 1909 في بلدة صفورية وقرب قلعتها التاريخية في قضاء الناصرة. هناك عاش طفولته وشبابه ليخرج وينزح منها عقب النكبة سنة 1948. نزح هو وعائلته وأهالي بلدته نحو لبنان وسوريا ومنهم من أصبحوا لاجئين قرب صفورية في الناصرة، داخل فلسطين المحتلة. كان نصيب عائلة الشيخ عمر اللجوء في مخيم عين الحلوة بلبنان. حيث عاش هناك الى أن توفاه الله في الخامس عشرة من رمضان 1416 هجرية الموافق الرابع من شباط سنة 1996 م.
كتب الأخ مصطفى عمر موعد نجل الشيخ: ” رحمه الله المغفور له بإذن الله تعالى الوالد المجاهد الشيخ عمر موعد. أشهر من أن يُعرف، رجل البرّ والتقوى، مؤسس وخادم أول مسجد للصلاة والعباده في مخيم عين الحلوه منذ عام 1948 في حي صفورية، منطقة الجميزة “مسمى بإسمه”، مقداما لعمل الخير ونصرة المظلوم و النضال والاصلاح الاجتماعي وحب الوطن، على أمل العوده الى فلسطين كسائر أبناء شعبه من أبناء المخيم الصامد”.
كلنا نتذكره رجل هيبة وشيخ جليل وانسان طيب بقلب كبير. نحن نتحدث عن رجل راحل وزعيم أصيل كان يعرفه المخيم من أوله الى آخره ويجله ويحترمه كل من عاش في زمنه. إنه الشيخ عمر سليم الموعد – أبو محمد- إمام وخطيب جامع الجميزة أو جامع الشيخ عمر. لقد سمي المسجد أيضا على اسمه ونسبة له لأنه كان من مؤسسيه ومشيديه وبُناته الأوائل منذ تم تأسيس مخيم عين الحلوة بعد النكبة الفلسطينية الكبرى سنة 1948.
منذ البدء كان شيخنا كما قال حفيده موعد الموعد: “سيدي الشيخ عمر موعد من رجالات صفورية والمخيمات رجل الإصلاح وعمل الخير رحمه الله تعالى واسكنه فسيح جناته ورحم امواتكم واسكنهم فسيح جناته.”.
أخي وصديقي خالد النصر كان علق على صورة سبق وأن نشرناها للشيخ الراحل في مجموعة ذاكرة مخيم عين الحلوة وأهل الصفصاف فكتب: “كان الشيخ عمر من كبار المجاهدين في فلسطين وفي الشتات”. فيما اخر من أبناء المخيم قال: ” كان يسكن بالقرب من الجميزة وكان هو الذي شيد المسجد وسمي بإسمه مسجد الشيخ عمر”.
لقد تأثرت كثيراً بمواقف عديدة شهدتها في المخيم للشيخ عمر لكن أكثر ما أثر في وأثار أحاسيسي ومشاعري الوطنية والانسانية هذه الكلمات عن واقعة شهدها أحد الأصدقاء وكان بطلها الشيخ عمر، فقد روى لي أخي عمر العلي من مخيم عين الحلوة والمقيم حالياً في السويد: (الله يرحمه ويغفر له ويجعل مثواه الجنة، اثناء الاجتياح عام 1982 أتت بعض دبابات العدو وبدأ الجنود يوزعون الحلوى على الأطفال. حين رأى الشيخ عمر موعد ذلك، حزن وبكى وانتشل من جيبه رزمةً من الفلوس ورماها للأطفال، وقال لهم خذوا هذه ولا تأخذوا من هذا العدو أي شئ..).
عرف عن الشيخ الراحل هيبته كرجل اصلاح فرض احترامه على الجميع كبيرا وصغيراً لذا كان الشيخ من أعظم رجالات المخيم، وكما قال أحد الأصدقاء: “كان أكبر إشكال في المخيم يُحَل بأقل من ساعة في أعقاب تدخل الشيخ المجاهد عمر سليم الموعد”.
فيما أضاف آخر من أبناء المخيم: “حين نتحدث عن صفورية ومخيم عين الحلوة وآل موعد لا يمكن أن لا نذكره فقد كان رجلاً برجال.”. وهناك الأخ ابو شادي شريدي الذي علق بقوله أن ” الشيخ عمر موعد رحمه الله تعالى. كان ينتمي الى فتح. كما كان أول من حمل كلاشنكوف في شوارع مخيم عين الحلوة…”.
الشيخ عمر موعد كان رجل دين واصلاح ومحبة بين الناس ورجل كفاح وسلاح. كان يتمتع بالجرأة والإقدام والاستقامة والتواضع. قال أحد أحفاده معلقاً: “كان سيدي الشيخ عمر من رجالات مخيمنا المناضلين… وكان له صيت في كل لبنان، من تدخل في صلح بين الناس من المشاكل حتى في حوادث القتل… كان بالمرصاد لأنهاء تلك الحوادث على خير… أذكر كثير من المشاكل والاشكالات التي حصلت وكان له الفضل من بعد الله في حلها كلها”.
أما الأخ أبو ماجد رباح فكتب معلقاً في مجموعة ذاكرة المخيم وأهل الصفصاف: “رحم الله الشيخ المجاهد عمر موعد.. لقد كان لباكورته فعل أضعاف أضعاف وقع بنادق اليوم”.
نعم وهذا صحيح لأن المخيم يفتقر اليوم لشخصيات ورجالات بحجم وهيبة ومكانة الشيخ عمر موعد واخوانه من ختايرية ووجهاء المخيم بعد النكبة. وهذا ما يؤكده الأخ موسى الموعد حين يكتب: ” نعم الرجال كان قائداً ومصلحاً ورجل الشهامة. أذكر في عام 1972 حصل خلاف بين الديمقراطية والقيادة العامة تطور الى اشتباك مسلح بين الفصيلين… وجاء الشيخ عمر ومعه بعض الأولاد ودخلوا بين الفصيلين فتوقف اطلاق النار. كان رجل الاصلاح في المخيم”.
عن مكانة الشيخ عمر يقول الأخ خليل الشيخ: ” الله يرحمه الشيخ عمر الموعد كان مجاهداً و(قبضاي) بالحق، وأكبر مشكلة بالمخيم كان يحلها ويصلح بين الناس. إنه زعيم بكل معنى الكلمه وكان له كلمته وهيبته واحترامه بين الناس”.
نشر مؤخراً الصديق بلال طالب مدير صفحة قرية منشية عكا صورة تاريخية للشيخ عمر الموعد مع تعليق عن الصورة جاء فيه: ” رحم الله الشيخ عمر سليم الموعد ايقونة من ايقونات مخيم عين الحلوة منذ الأيام الاولى.. يظهر الشيخ في هذه اللقطة يسير ضمن مجموعة متظاهرين على مدخل صيدا الشمالي، استقبلت تظاهرة لمجموعة من الاميركان المقيمين في لبنان والآتين من بيروت سيراً على الأقدام الى مدينة صيدا في بداية السبعينات دعماً و تأييداً لحقوق الشعب الفلسطيني وحقه في العودة.”.
نضال حمد – موقع الصفصاف
السبت في 30-4-2022