الصحفي العربي الفلسطيني محمود معروف
في ذكرى وفاته الثالثة
قبل ثلاث سنوات في مثل هذا اليوم 3-9-2020 في العاصمة المغربية الرباط توفي الاعلامي الفلسطيني المخضرم محمود معروف ابن بلدة دير القاسي في الجليل الفلسطيني المحتل. تهجرت عائلته اثر النكبة سنة ١٩٤٨ لتستقر في مخيمات اللاجئين الفلسطينيين في لبنان. هناك بالذات في نهاية سبعينيات وبداية ثمانينيات القرن الفائت ربطتني علاقة صداقة طيبة مع محمود حيث تعرفت عليه من خلال شقيقاته وعائلته التي كانت تقيم في صيدا بلبنان… وهي عائلة مناضلة التزمت فلسطين فعلاً وقولاً.
للأسف لم نلتق أنا ومحمود ولو حتى مرة واحدة بسبب اقامة كل منا في بلد آخر والظروف السياسية آنذاك. تواعدنا على لقاء في المغرب لكنني وبالرغم من حماستي الشديدة لزيارة بلد أصدقاء وصديقات كثيرين وكثيرات لي، لم تتم الزيارة ويبدو انها لن تتم في المستقبل القريب. كان لي صديقين فلسطينيين في الرباط محمود ووليد، لكنهما توفيا تباعاً، ففي العام الفائت توفي واحد من أعز أصدقائي الفلسطينيين الذين تزوجوا وأقاموا وعملوا بنجاح في المغرب، إنه رفيقي وأخي المهندس وليد أبو جاموس، ابن عمقا في فلسطين المحتلة وابن مخيم عين الحلوة في لبنان ودفن أيضاً في الرباط.
كانت معرفتنا أنا ومحمود تتكرس بالمراسلة والكتابة وبالنشر في صحيفة القدس العربي بالذات، أيام كانت لازالت عنواناً لكتاب ثقافة المقاومة في فلسطين والوطن العربي، وقبل أن تصفر ومن ثم تباع للحكام القطريين، أول الخليجيين المطبعين مع الاحتلال هم وفضائيتهم.
اليوم في الذكرى الثالثة لرحيله كتب شقيقه – صديقي- الكاتب الفلسطيني عبد معروف:
(أخي محمود .. في ذكرى رحيلك لا نملك إلا الدمع والذكريات
لم تكن وفاته في مثل هذا اليوم، قبل ثلاث سنوات، حدثا عاديا في حياتي، فقد كان رحيل أخي الصحفي القدير محمود معروف، يوم 3 أيلول2020، حدثا صاعقا على المستوى الشخصي والعائلي والمهني والوطني العام، فقد استطاع محمود طوال سنوات عمره أن يصنع تجربتة المميزة في ميادين العلم والعمل الوطني والمهني، واستطاع أن يحفر طريقا تميز بالنقاء والوفاء والاخلاص. كان طوال سنوات عمره الـ67، أخا طيبا ينبض قلبه محبة، وصديقا صادقا، ورفيقا مخلصا في ميادين النضال، وزميلا صحفيا محترفا.).
محمود معروف أسس نفسه بنفسه وصنع مجده بفكره وقلمه ورأيه الحر، فلم يخضع للضغوطات التي كان يتعرض لها من قبل الأجهزة الأمنية والرقابة على المطبوعات. خرص على المهنة ورسالتها وعلى الدقة فكان يرسل التقارير المحكمة عن البلد وأوضاعه الديمقراطية والاقتصادية والسياسية والخ.
مارس الفلسطيني بقلب مغربي محمود معروف المهنة باحتراف وفسح المجال للرأي والرأي الآخر. خلال عشرات السنين من عمله وإقامته في المغرب. كما ونسج الراحل علاقات عميقة مع المثقفين والصحفيين والسياسيين والأدباء والكتاب في المملكة ليغدو خبيراً مخضرماً في الشأنين المغربي والفلسطيني..
يوم وفاته الصادمة احتشد محبوه ورفاقه ليشيعوه في الرباط، فحملوا النعش الذي فيه جثمان محمود وكان حتى تلك اللحظات رئيساً لاتحاد الكتاب والأدباء الفلسطينيين فرع المغرب، ومديراً لمكتب صحيفة القدس العربي في الرباط. للأسف غادرنا هادئاً وجليلاً وبلا ضجيج، واثقاً من نفسه، وترك خلفه سجل كبير جداً من العمل الاعلامي المميز والحضور الثقافي الجميل. كما ترك لنا كتابه الشيّق (حيث لا نسيان) وكتاب شيق كتاب عن فلسطين ودير القاسي وماقاسه في حياته من أجل العودة إلى الدير والجليل وكل فلسطين العربية الحرة.
من هو هذا الاعلامي الذي كان ينبض كتابة وحرية:
((تعود أصول محمود معروف لقرية دير القاسي المهجّرة في الجليل، فيما درس في العراق، وعمل في بداية مشواره الإعلامي لفترة قصيرة بالمركز العربيّ للمعلومات/ قسم الدراسات والأرشيف بصحيفة “السفير”، وكان يديره الصحافي المصري مصطفى الحسيني، ثم التحلق بوكالة “القدس برس” التي كان يملكها الشهيد حنّا مقبل أحدُ مؤسسي الاتحاد العام للكتاب والصحافيين الفلسطينيين، حيث عمل مراسلًا لها في المغرب، وبعد استشهاد مقبل في قبرص العام 1984، أغلقت الوكالة وبقي محمود معروف في المغرب، حيث عمل مراسلًا لأسبوعّية “الأفق” في قبرص، وأسبوعيّة “الحوادث” اللبنانية التي كانت تصدر في لندن. وفي العام 1989 ساهم في تأسيس صحيفة “القدس العربي”، وعيّن مديرًا لمكتبها في المغرب حتّى وفاته اليوم)).
في ختام هذه الاطلالة السريعة على شخصية عربية فلسطينية غابت سريعاً وأبكر مما يجب أقول للقراء أن محمود معروف هو فقيد الوطن العربي الكبير من المحيط الى الخليج ومن الخليج الى المحيط. أيضاً هو فقيد فلسطين كلها من رأس الناقورة شمال بلدته دير القاسي إلى أم الرشراش في أقصى الجنوب، فهذه فلسطين التي كان ينتمي إليها محمود معروف كما إنتمت ولازالت تنتمي إليها عائلته المناضلة.
نضال حمد
٣-٩-٢٠٢٣
موقع الصفصاف – وقفة عز