الصهاينة يخططون لتغيير صورتهم في العالم
نضال حمد
ذكرت وسائل الاعلام أن الصهاينة يعترفون بسوء صورتهم في العالم لأنها ترتبط بالعنف والاحتلال والحروب والقمع. وبناء على تلك الصورة السيئة قرروا العمل لتغييرها.
الكيان الصهيوني هو بالأصل سيء ودموي وهمجي، أقيم على أرض الشعب الفلسطيني بالقوة والدماء والنار والإرهاب، من خلال عملية استئصال واقتلاع وترانسفير منتظمة واظبت عليها جميع المنظمات والعصابات الصهيونية المسلحة. تلك العصابات التي عبر تحالفها مع قوى القرار في اوروبا والعالم وعبر تنسيقها السري مع النازية الألمانية، وبتسهيلات بريطانية استولت على أرض فلسطين سنة 1948. لتتم نكبة مئات آلاف الفلسطينيين عبر تشريدهم عن ديارهم، وارتكاب المذابح والمجازر وعمليات التطهير العرقي، والاغتصاب والسلب والنهب والنسف والتدمير بحقهم. ولتتمكن العصابات اليهودية الصهيونية بعد ذلك من احتلال جزء كبير من أرض فلسطين التاريخية. ثم أتمت عصبة الأمم والأمم المتحدة عملية تغييب فلسطين عبر قرارها الدولي رقم 181 وتقسيم فلسطين الانتدابية الى دولتين إحداها يهودية والأخرى عربية.
الصهاينة لم يكتفوا بالمساحة المحددة لهم من قبل الأمم المتحدة فاستولوا على عدة مدن وبلدات ومناطق كانت تابعة وفق قرار التقسيم للدولة العربية . وبعد ذلك أكملوا اغتصابهم لكل فلسطين سنة 1967 حين احتلوا الضفة الغربية وقطاع غزة.كل ذلك جرى أمام عجز عربي رسمي كامل وشامل ووعود كاذبة بتحرير فلسطين وعودة اللاجئين الفلسطينيين. رغم النكبة بقيت الى مجموعة كبيرة من الفلسطينيين في أرضها المحتلة ترزح تحت نير الحكم العسكري في الجليل والمثلث والنقب والساحل. ثم مارس الاحتلال أبشع صوره الإرهابية والفاشية المستحدثة في الضفة الغربية وقطاع غزة على مر سنوات طويلة. و مازال يفعل ذلك حتى يومنا هذا ولو بشكل مغاير يعتبر أكثر بشاعة ودموية وهمجية. إذ صادر الاحتلال أراضي الفلسطينيين وأقام مئات المستوطنات عليها بتمويل يهودي عالمي وأمريكي، وبمشاركة شركات غربية. كما باشر عملية تهويد للقدس الشرقية بغية تغيير واقعها الديمغرافي بعدما كان فعل ذلك في الجليل. وتبع ذلك بتشييد جدار الفصل ملتهماً أراضي الفلسطينيين ومقسماً بينهم وبين عائلاتهم وأملاكهم ومصادر رزقهم ومزارعهم وبساتينهم وكرومهم ومدارسهم وجامعاتهم ومصانعهم وأماكن شغلهم وحتى دور عبادتهم الاسلامية والمسيحية. فالاحتلال يفرق بين فلسطيني وفلسطيني بسبب الدين ويكره جميع الفلسطينيين.
سنة 1987 جاءت الانتفاضة الفلسطينية الأولى لتكشف زيف الديمقراطية الصهيونية… لتعريها وتفضح الاحتلال وتسقط القناع الزائف الذين كان يستخدمه. حيث شاهد الملايين في العالم القمع الصهيوني لشعب مارس العصيان المدني والشعبي لعدة سنوات. ثم تحقق العالم من دموية الاحتلال حين شاهد الجنود الصهاينة وهم يكسرون أيدي الشبان والفتية الفلسطينية بالحجارة بناء على تعليمات الجنرال رابين مبتدع هذا الأسلوب الوحشي.
بعد ذلك جاءت هبة البراق أو النفق وأظهرت الصهيونية وجهها الحقيقي من جديد حيث قمعت بعنف وبقوة الفلسطينيين وقتلت وجرحت منهم العشرات. وأظهر المقدسيون من أبناء فلسطين مدى تمسكهم ودفاعهم عن عاصمتهم.
أما في الانتفاضة الثانية، انتفاضة الأقصى والاستقلال فقد أشهرت الصهيونية آخر ما أبتكرته من إستخدامات وأسلحة وعمليات تنكيل وقمع وقتل واغتيالات وتصفيات ومجازر ومذابح واجتياحات وتدمير لكل شيء من الشجر والحجر الى البشر والخبر. عشرات آلاف الفلسطينيين جرحوا، حوالي ستة آلاف شهيد، آلاف الأسرى والمعتقلين، إغلاق وحصار وتجويع، إعدامات للمرضى على الحواجز والمعابر نتيجة عدم السماح لهم بالعبور الى المستشفيات لتلقي العلاج اللازم. وإطلاق النار على المعتقلين و الأسرى في الميدان وفي حالات لا تشكل خطراً على الجنود. كذلك قتل الأطفال وطلبة المدارس في الضفة الغربية وقطاع غزة. حصار وعزل واغلاق مدن ومناطق فلسطينية لسنوات وأشهر… وأبعد من ذلك اطلاق الرصاص وقتل المتظاهرين من فلسطينيي الخط الأخضر في مناطق فلسطين ال48 كما حصل في هبة أكتوبر سنة 2000. ولغاية اليوم لم يقم الصهاينة بمحاسبة أي شخص مسؤول عن تلك الجرائم. وتعمل المؤسسة الحاكمة على حماية كل مجرم من المحاسبة الداخلية هذا إن وجدت وكذلك من المحاكم الدولية. كما حصل في قضية مقاضاة شارون في بلجيكا وبعض الضباط الصهاينة في بريطانيا واسبانيا مؤخراً.
تعلم ” إسرائيل” علم اليقين أن استطلاع الرأي الأوروبي الذي أجري قبل أقل من سنتين ووضعها مع الولايات المتحدة الأمريكية في قمة الدول التي تشكل خطراً على السلم والأمن العالميين يعتبر كارثة بالنسبة لها ولصورتها. لذا جاءت فكرة إعادة تغيير صورة الصهاينة في العالم. ولذا فأن وزراه الخارجية الصهيونية تدأب وبكل جدية وجهد على تغيير تلك الصورة. ولهذا الغرض قامت الوزارة المذكورة بتوقيع عقداً مع شركة ” أكاتشي” البريطانية قبل نحو شهر ونصف. سبقه قيام مجموعة من خبراء تلك الشركة بإجراء بحوث حول صورة كيان ” إسرائيل” في العالم. ويعكف هؤلاء الخبراء على اجراء بحوث تقضي الى تغيير تلك الصورة عبر وضع استراتيجية تظهر الكيان بصورة مختلفة في العالم. ولأجل هذا الغرض أجرت المؤسسة المذكورة زيارة ميدانية وألتقت قبل أسبوع مع رجال أعمال وأكاديميين ونشطاء في مجال جودة البيئة، بهدف العمل على بلورة خطة لخلق صورة جديدة للكيان الصهيوني من خلال محاولة ربطه بالإنجازات العلمية وبحياة ثقافية منفصلة عن الصراع في الشرق الأوسط. لكن هل ينجح هذا الشيء خاصة إذا ما عرف العالم الخارجي بحقيقة قائمة وهي أن ” إسرائيل” ديمقراطية لليهود فقط. فهذا ما أكدته مؤخراً قرارات محكمة الصلح في حيفا حيث بُرأت ساحة ثلاثة متطرفين يهود من تهمة نشر ملصقات تحرض على الانتقام من أهالي بلدة شفاعمرو الفلسطينية. فقد أتخذ القاضي في المحكمة قراره: “هذه هي الديمقراطية وهذه هي طبيعة حرية التعبير عن الرأي……”! .
وهذا بالضبط هو الذي قصدناه وعنيناه بديمقراطية المغتصبين…
الصهاينة يعدون الخطط لتغيير صورتهم في العالم
نضال حمد
Thursday 09-10 -2008