الطفلة الفلسطينية هبة مهنا.
نضال حمد:
هذه الطفلة (هبة مهنا) البالغة من العمر 9 سنوات، نازحة في خيمة تحت المطر، في البرد والريح، وتحت القنابل وطيور الموت والإبادة. هي واحدة من ضحايا جيش الاحتلال “الإسرائيلي” الذي يبيد الأطفال والمدنيين في غزة كما يبيد الحشرات.
هبة هي إحدى ضحايا القنابل الأمريكية والبريطانية والفرنسية والألمانية، قنابل ما بعد النازية في عصر الصهيونية. وهي واحدة من آلاف الأطفال في غزة الذين فقدوا أطرافهم؛ إما سيقانهم أو أياديهم. ورغم ذلك، تعتبر هبة من الأطفال المحظوظين قليلاً مقارنة بحوالي 18 ألف طفل آخرين أبادتهم تلك القنابل وجيش الاحتلال “الإسرائيلي” في غزة.
هبة فقدت ساقها، لكنها بقيت حية ولم تفقد الأمل بمستقبل مشرق ومشرف لشعبه الذي يستحق الحياة، لأنه يدافع عنها بكل ما أوتي من قوة. وقدّم على مذبح الحرية أغلى وأقدس التضحيات. وحسب الإحصائيات المعلنة اليوم 31 ديسمبر 2024، فقد قدم قطاع غزة 6% من سكانه شهداء من أجل الحياة بكرامة وحرية، دون احتلال أو استعمار أو إرهاب أو عنصرية.
هبة مهنا، مثلها مثل عشرات آلاف الفلسطينيين في غزة، الذين أصابتهم الحرب وجعلتهم ذوي إعاقة جسدية، تعيش ألم الجسد، وألم الروح، وألم الفراق، وألم ما بعد بتر الساق. هذا الأخير هو الألم الأهم، لأنها إن تجاوزته بسرعة وتعايشت مع وضعها الجديد، فسوف تمضي نحو حياة مزهرة وأفضل. حياة تتفوق فيها علمياً ومعرفياً وإبداعياً، وتتجاوز فيها الإصابة والإعاقة والألم والحزن والرعب والحرب والحصار. ستحلق كطائر فلسطيني يحمل هم غزة إلى العالم أجمع، لتخرج من الحصار إلى الحرية ومن الإعاقة الجسدية إلى التفوق في جميع مناحي الحياة.
أنا كلني ثقة بشعبي وبأطفال غزة وفلسطين كلها ولي تجربة مشابهة لتجربة هبة مهنا، فقد عشت في صباي نفس المحنة، حين فقدت ساقي إثر قذيفة دبابة “إسرائيلية” في اليوم الثاني من مجزرة صبرا وشاتيلا في بيروت، في منتصف أيلول – سبتمبر 1982.
نضال حمد
٣١/١٢/٢٠٢٤
موقع الصفصاف – وقفة عز